أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-03
912
التاريخ: 8-9-2020
1494
التاريخ: 24-3-2022
4794
التاريخ: 20-7-2020
1204
|
يحتوي الكون القابل للرصد على حوالي 1050 طن من المادة المرئية على صورة نجوم وغازات وغبار، تتحد جميعها لتخلق مجال جاذبية قويًّا. ولأن الجاذبية تسبب انحناء هندسة الفضاء، يتداعى إلى الذهن على الفور السؤال الآتي المثير للاهتمام ما الشكل الكلي للكون؟ لا أعني بهذا كيف تتوزع المجرات في الكون، بل إنني أشير إلى شكل الفضاء نفسه، في ضوء الشكل الأعظم للكون. هذه هي المشكلة التي عزم أينشتاين على حلها عام 1918، بعد عامين من تقديمه لنظرية النسبية العامة وبتطبيق فكرة الفضاء المنحني على علم الكونيات أمكن بناء نموذج رياضي للكون بأكمله. ومع أنه قد اتضح فيما بعد عدم صحة هذا النموذج، فإنه قدم لعلم الكونيات عددًا من الملامح المهمة.
كما أوضحت تسبب الشمس بعض الاضطراب البسيط في الفضاء حولها. أيضًا تسبب النجوم الأخرى اضطرابات مشابهة في مواضعها. والسؤال الذي أفكر فيه حاليا يختص بكيفية تجمع هذه الاضطرابات معًا. هل سيكون الانحناء تراكميا، بحيث حين نضع في الاعتبار عناقيد المجرات سنجد أن انحناء الفضاء يصير كبيرًا للغاية، أم أن هذه الاضطرابات يلغي بعضها بعضًا؟ في نموذج أينشتاين الرياضي للكون تتراكم معدلات الانحناء حتى إنه، بتوزيعها على مليارات السنوات الضوئية، يشبه شكل الكون نسخة ثلاثية الأبعاد من سطح كرة، يشار إليها بالكرة الفائقة، لا تقلق إذا لم تستطع تخيل شكل الكرة الفائقة. النقطة المهمة هنا هو أنها منطقية للغاية من الناحية الرياضية، ويسهل حساب خصائصها عن طريق تعميم نظرية الأسطح الكروية ثنائية الأبعاد المألوفة.
هناك خاصية مهمة تتعلق بحجم الفضاء، في كون أينشتاين الكروي الفائق يكون الفضاء متناهيًا (تمامًا مثلما يكون السطح الكروي للأرض متناهيا). هذا يعني أن الفضاء (في نموذج أينشتاين) لا يمتد إلى ما لا نهاية، وبهذا يتناقض مع ما علمني والدي إياه من الخصائص الأخرى المهمة لكون أينشتاين هي أنه متطابق الشكل (في المتوسط). يصح نفس الشيء، بالطبع، على سطح أي كرة؛ فلا توجد أي خصائص مميزة تتفرد بها أي نقطة بعينها على السطح الكروي؛ فلا يوجد مركز أو حد نهائي. (الكرة الأرضية لها مركز بالطبع، لكن «سطح» الكرة الأرضية ليس له مركز). وعلى هذا سيبدو كون أينشتاين بنفس الشكل من أي مجرة، تماما كما يرصده علماء الفلك. وبهذا يصير الكون متناهيا لكن غير محدود، غير محدود بمعنى أنه لا توجد به حافة أو حد نهائي يمنع أي جسم من التحرك من أي مكان لآخر في الكون. ومع ذلك فهناك عدد محدود من الأماكن التي يمكن الذهاب إليها بنفس المعنى الذي نقصده حين نقول إن هناك عددًا محدودًا من الأماكن التي يمكن أن نقصدها على سطح كوكب الأرض. وتماما مثلما يستطيع الشخص الدوران حول كوكب الأرض بالمضي قدمًا في خط مستقيم، بحيث يعود إلى مكانه الأصلي لكن من الجهة المعاكسة، يستطيع أي شخص بشكل نظري أن يدور حول كون أينشتاين، بالسير في خط مستقيم، مع عدم الانحراف قط، ومن ثم العودة إلى نفس المكان الذي انطلق منه. وفي الواقع يمكنك باستخدام تلسكوب قوي بما يكفي أن تنظر عبر كون أينشتاين إلى أن ترى مؤخرة رأسك.
من الصعوبات التي يواجهها الناس عند تخيل شكل الكرة الفائقة تلك الفكرة المقلقة «ماذا يقع في قلبها؟ إنهم يفكرون في سطح كروي ثنائي الأبعاد، كالبالون المستدير، ثم يقولون: «حسن، يوجد هواء داخل البالون.» إن مسألة ما «يحتويه» كون أينشتاين ليست بالقضية ذات الأهمية. إننا كبشر، والكون الذي ندركه (على الأقل تلك الأجزاء التي رصدناها بالفعل)، منحصرون في ثلاثة أبعاد من الفضاء، ولهذا تصير قضية ما يوجد «داخل» فضاء أينشتاين الكروي الفائق ثلاثي الأبعاد أمرًا غير ذي أهمية. يمكنك، لو كان هذا سيساعدك، أن تتخيل هذه المنطقة «الداخلية» كبعد رابع للفضاء (فارغ أو حتى مليء بالجبن الطازج)، لكن لأننا حبيسو «السطح» الكروي الفائق ثلاثي الأبعاد، فلا يهمنا في شيء ما إذا كانت تلك المنطقة الداخلية موجودة أم لا، ناهيك عما تحويه. ونفس الأمر ينطبق على المنطقة الخارجية، التي تشبه في مثالنا الفضاء المحيط ببالون الهواء.12
لاستيعاب هذه النقطة، بما أنه يصعب على الكثيرين فهمها، حاول أن تتخيل نفسك في مكان مخلوق مسطح حياته محصورة على سطح بالون مستدير. قد يصل هذا المخلوق لفكرة عما يوجد داخل البالون (هواء، فراغ جبن طازج ...)، لكن أيا ما هو موجود هناك لا يؤثر البتة على خبرات هذا المخلوق المسطح لأنه عاجز عن الوصول إلى داخل البالون أو حتى الحصول على معلومات عنه. إضافة إلى هذا ليس من الضروري أن يكون داخل البالون أي شيء من الأساس (حتى الفراغ) كي يستطيع قاطنو السطح استنتاج كرويته. بمعنى أن المخلوقات المسطحة ليست بحاجة للنظر من أعلى إلى البالون لاستنتاج أن عالمها كروي - مغلق ومتناه، لكن دون حدود - إذ يستطيع أحدهم أن يستنتج كل هذا من خلال الملاحظات المستقاة من السطح الكروي ذاته؛ بمعنى أن سمة الكروية «متأصلة» في السطح ولا تعتمد على كونه مدمجاً في فضاء ثلاثي الأبعاد محيط به. كيف يمكن للمخلوقات المسطحة معرفة ذلك؟ حسنًا، على سبيل المثال عن طريق وقياس زواياه ومعرفة هل مجموعها سيتجاوز 180 درجة. أو بمقدور المخلوق المسطح أن يدور حول عالمه دورة كاملة بنفس المنطق تمكن البشر من استنتاج أننا نعيش في فضاء أينشتايني كروي فائق مغلق محدود دون الحاجة إلى فضاء آخر ذي أبعاد أعلى يغلف أو يطوق كوننا؛ فقط بالقيام ببعض الحسابات الهندسية داخل فضائنا. وعلى هذا فإن وجود أو عدم وجود نطاق «داخلي» أو «خارجي» على كون أينشتاين، ناهيك عما يتكون منه، هو ببساطة أمر غير ذي صلة. لكن إذا وددت أن تتخيل وجود فضاء فارغ لا يمكن الوصول إليه فقط كي يسهل عليك تصور الأمر، فافعل، فهذا لن يحدث أي فارق.
هوامش
(12) This won’t apply if theories about “branes” turn out to be correct— see Hiding Dimensions of Space.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|