أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-3-2016
3556
التاريخ: 27-1-2016
3248
التاريخ: 11-3-2016
1992
التاريخ: 28-06-2015
2320
|
هو ابو الهيثم العبّاس بن مرداس بن أبي
عامر بن حارثة بن عبد قيس من بني سليم بن منصور، وأمه زنجيّة. وكان العباس فارسا
شجاعا سيدا في قومه، وشاعرا مشهورا. وقد هاجى في الجاهلية ابن عمه خفاف بن ندبة،
ثم تمادى الهجاء بينهما حتى احتربا وكثر القتلى من أنصارهما.
لما اتسعت الدعوة في بلاد العرب سار العباس
بن مرداس في تسعمائة رجل من قومه ليفد على الرسول، فعلم أن الرسول قد توجّه إلى
فتح مكّة فلحق به وأدركه في كديد، وهو ماء في منتصف الطريق بين المدينة ومكة،
فأسلم ومن معه وانضموا إلى جيش الرسول واشتركوا في فتح مكّة. ويبدو أن إسلام
العباس كان، في أول الأمر، سياسيا فإنه بقي مدة في عداد المؤلّفة قلوبهم، ثم حسن
إسلامه.
وريع المشركون بعد فتح مكّة وساروا لقتال
المسلمين برئاسة بني هوازن، هوازن ثقيف أهل مدينة الطائف، ثم لقوا المسلمين، في
وادي حنين وهم راجعون من فتح مكة. وكان المشركون أكثر عددا وقد سبقوا إلى الوادي وهيّئوا
فيه أماكنهم للقتال. ولمّا توسّط المسلمون الوادي باغتهم المشركون من كل مكان وهزموهم.
ولكن الرسول استطاع أن يثبّت المسلمين ويردهم إلى ميدان المعركة، فانهزم المشركون
هزيمة منكرة (8 ه-630 م).
وانقلب المشركون المنهزمون إلى مدينة
الطائف واستعدوا فيها للقتال من وراء الجدران. ولم يضع الرسول وقتا، بل لحق
بالمشركون إلى الطائف وحاصرهم فيها نحو عشرين يوما ورمى جدارها بالمنجنيق حتى
خرقه. ولكن المسلمين لم يستطيعوا فتح الطائف فعادوا عنها.
وتوقّف الرسول في الجعرانة، بين الطائف ومكة،
ليقسم الغنائم، ووافق ذلك وصول وفد من هوازن يستشفع إلى الرسول ويرجو رد السبي والغنائم
عليهم. ورجا الرسول أن يكون في ذلك تأليفا لقلوبهم فيسلموا فاستجاب لهم. فأطاع
المهاجرون والانصار وبنو سليم إلاّ العباس بن مرداس. وكذلك أبي الاقرع بن حابس وعيينة
بن حصن ومن كان معهما من بني تميم ومن بني فزارة. غير أن الرسول أمضى رأيه فردّ
السبي والغنائم على بني هوازن ثم عوّض على نفر من المؤلّفة قلوبهم: أعطى أبا سفيان
بن حرب وابنه معاوية والحارث بن كلدة وسهيل بن عمرو وعيينة بن حصن والاقرع بن حابس
وسواهم مائة مائة من الإبل، «وأعطى العباس بن مرداس أباعر فسخطها» (1).
فعاتب العباس الرسول عتابا قاسيا فأمر الرسول بأن يعطى العباس ما يرضيه، فأعطوه
حتى رضي.
وكانت وفاة العباس بن مرداس في نحو سنة 18 ه
(639 م).
العباس بن مرداس شاعر مخضرم محسن شهر
بالهجاء، وله شيء من
الحماسة والفخر والحكمة. وأشعاره في يوم
حنين خاصة كثيرة. وهو في سلوكه وشعره بدوي جاف.
-المختار من شعره:
قال العباس بن مرداس يجيب خفاف بن ندبة، في
الجاهلية؛ وفي قوله هجاء وفخر وحماسة:
أ تهدي لي الوعيد على التنائي... وما مثلي
يخوّف بالقوافي
فلست لحاصن ان لم تروها... تثير النقع من
ظهر النعاف (2)
سواهم كالقداح مسوّمات...وكمتا لونها
كالورس صاف (3)
فسائل في قبائل جذم قيس... بنا عند العظائم
والجحاف (4)
تخبّر أنّنا أولى بمجد...توارثه طراف عن
طراف (5)
وأندى عند جدب الناس راحا...وأنفع للأرامل والضعاف
(6)
وقال بعد غزوة حنين يعاتب الرسول على قلة الإبل
التي أعطيت له:
كانت نهابا تلافيتها...بكرّي على المهر في
الأجرع (7)
وإيقاظي القوم أن يرقدوا... إذا هجع الناس
لم أهجع
فأصبح نهبي ونهب العبيد... بين عيينة والاقرع
(8)
وقد كنت في الحرب ذا تدرأ... فلم أعط شيئا ولم
أمنع (9)
الا أفايل أعطيتها...عديد قوائمه الاربع (10)
وما كان حصن ولا حابس... يفوقان مرداس في
المجمع (11)
وما كنت دون امرئ منهما... ومن تضع اليوم
لا يرفع (12)
_________________________
1) أباعر (عددا يسيرا من البعران: الإبل)
سخطها: لم ترضه فأثارت سخطه.
2) فلست لحاصن: لست إذن ابن امرأة محصنة
(شريفة، أمينة على غيبة زوجها). الضمير في «تروها «يرجع إلى الخيل. النقع: غبار
الحرب. النعاف جمع نعف: أعلى الوادي، جانب الجبل.
3) سواهم: جمع ساهم وساهمة: فرس نحيلة.
القداح (جمع قدح بكسر القاف): خشبة السهم (كناية عن النحول). مسومة: مهيأة، ممرنة
(على الحرب). كمتا: حمراء اللون. الورس: زهر أحمر يصبغ به.
4) اسأل جميع قبائل قيس (جميع عرب الشمال،
جميع العرب) عنا في العظائم (الأحداث العظيمة). الحجاف: الموت أو السيل الذي يأتي
على كل شيء.
5) طراف: الأمر الطريف الجديد. ان مجدنا ما
زال قائما ولم يصبح تليدا (قديما).
6) الراح جمع راحة: باطن اليد. أندى راحا:
أكثر كرما.
7) كانت هذه الغنائم قد نهبها بنو هوازن
فتلافيتها أنا (تلافيت ضياعها-استرددتها)، بهجومي على ظهر مهري في الاجرع (الأرض
القاسية، يمتزج فيها الرمل بالحصى لا تنبت شيئا ويصعب السلوك فيها).
8) العبيد: فرس العباس بن مرداس. -أعطي حقي
وحق مهري لعيينة بن حصن والاقرع بن حابس.
9) وقد كنت في حرب حنين ذا تدرأ (ذا دفاع وعزة
ومنعة) فلم أعط (حقي من الغنائم) ...
10) . . . الا أفايل (أبلا نحيلة، لا فائدة
منها) عديد قوائمه الأربع (عدد قوائم مهري عبيد، أي أربعة جمال فقط).
11) ما كان حصن (والد عيينة) ولا حابس
(والد الاقرع) أفضل من مرداس (والدي). المجمع: نادي القوم.
12) ولم أكن أنا أدنى منهما. ومن تخفض
منزلته اليوم، يا رسول اللّه، فلن ترتفع منزلته غدا.