أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-4-2016
10808
التاريخ: 21-11-2020
1091
التاريخ: 2023-06-25
1415
التاريخ: 27-4-2016
3401
|
رأينا كيف تتسبب السرعة النسبية في كل من الإبطاء الزمني وتقلص الأطوال، لكن ثمة طريقة أخرى يتأثر بها الزمن. ذكرنا من قبل التجربة التي أطلقت فيها نبضة من الضوء في اتجاه عمودي على اتجاه حركة المركبة الفضائية، وأنها وصلت إلى هدفها في سقف المركبة في الزمن المحدد. لنتصور الآن تجربة مختلفة؛ هذه المرة يصطحب رائد الفضاء مصدرين من الضوء النابض. يوضع كلا المصدرين في منتصف المركبة؛ بحيث يوجه أحدهما صوب مقدمة المركبة فيما يوجه الآخر صوب مؤخرتها. يشير المصدران صوب هدفين موضوعين على مسافات متساوية من مصدري الضوء. يطلق مصدرا الضوء نبضتي ضوء في اللحظة ذاتها (انظر الشكل 1-6(أ)). متى تصل النبضتان إلى هدفيهما؟ الإجابة بديهية: تقطع النبضتان مسافتين متماثلتين، وكلتاهما تتحركان بسرعة الضوء الطبيعية c؛ ومن ثم تكون النتيجة أنهما تصلان إلى وجهتيهما في الوقت عينه، أو على نحو متزامن (انظر الشكل 1-6 (ب)). هذا هو الموقف كما يراه رائد الفضاء.
شكل 1-6: من منظور رائد الفضاء، النبضتان المنطلقتان في الآن عينه من منتصف المركبة تصلان إلى طرفي المركبة على نحو متزامن.
لكن ما الذي يراه مسؤول المراقبة حين يرصد ما يجري على المركبة بينما تندفع المركبة مارة به؟ يوضح الشكل 1-7 هذا الموقف. شأن رائد الفضاء، يرى مسؤول المراقبة النبضتين وهما تغادران مصدريهما في الآن ذاته؛ أي على نحو متزامن (الشكل 1-7(أ)). بعد ذلك يرى النبضة المتجهة صوب مؤخرة المركبة وهي تصل إلى هدفها. ماذا عن النبضة المتجهة صوب مقدمة المركبة؟ من منظور مسؤول المراقبة، لم تصل هذه النبضة بعد إلى هدفها، بل لا يزال ثمة مسافة عليها أن تقطعها (الشكل 7-1(ب)). ما سبب هذا التباين؟ من منظور مسؤول المراقبة، أمام نبضة الضوء المتجهة صوب المؤخرة مسافة أقل كي تقطعها؛ لأن الهدف الموضوع في مؤخرة المركبة يتحرك إلى الأمام ليقابل النبضة. وعلى النقيض، على النبضة المتجهة صوب المقدمة مطاردة هدفها، الذي يتحرك مبتعدا عنها. كلتا النبضتين تتحركان بالسرعة عينها؛ سرعة الضوء؛ ومن ثم، ستصل النبضة المتجهة صوب المؤخرة إلى وجهتها في وقت أقصر، فيما ستصل النبضة المتجهة صوب المقدمة في وقت متأخر عن قرينتها (الشكل 1-7(ج)).
شکل 1-7: من منظور مسؤول المراقبة، النبضتان المنطلقتان في الوقت عينه من منتصف المركبة لا تصلان إلى طرفي المركبة على نحو متزامن.
وهكذا نجد أنه بينما كلا الراصدين متفقان على تزامن حدثين يقعان في نقطة ما من الفضاء (مغادرة النبضتين من منتصف المركبة)، فإنهما لا يتفقان بشأن تزامن الحدثين اللذين تفصلهما مسافة؛ ونعني بهذا وصول النبضتين إلى طرفي المركبة. من منظور رائد الفضاء كان الحدثان متزامنين، لكن من منظور مسؤول المراقبة وصلت النبضة المتجهة صوب مؤخرة المركبة أولا. في الواقع، لنا أن نضيف أنه من منظور راصد موجود في إطار قصوري ثالث على متن مركبة تتحرك على نحو أسرع من المركبة الأصلية (ومن ثم من منظوره ستبدو المركبة الأصلية وكأنها تتحرك إلى الوراء)، سيبدو أن النبضة المتجهة صوب مقدمة المركبة قد وصلت أولا – قبل النبضة الموجهة صوب المؤخرة – وهو بطبيعة الحال عکس ما رآه مسؤول المراقبة الموجود على الأرض.
يبدو أن هذا من شأنه أن يثير مشكلة مقلقة؛ ونعني بهذا وجود حدثين يختلف الراصدون حول أيهما وقع أولًا. لنفترض، على سبيل المثال، أن الحدثين يتكونان من (1) صبي يلقي بحجر، و(2) نافذة تتحطم. هل من الممكن أن يوجد منظور ما من خلاله تتحطم النافذة قبل أن يلقى الحجر؟! لحسن الحظ، هذا السيناريو المتناقض ليس ممكنا. سبب هذا هو أن ترتيب أي حدثين مرتبطين بعلاقة سببية يستحيل أن يعكس؛ فجميع الراصدين سيجدون أن السبب حدث أولا بغض النظر عن حركتهم نسبة إلى الحدث. وكما سمعت على الأرجح، لا شيء يمكنه التحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء. ولكي يتسبب الحدث (أ) في الحدث (ب)، يجب أن تكون إشارة ما – أو أي نوع آخر من التأثيرات – قادرا على التحرك بينهما بسرعة لا تتجاوز سرعة الضوء. وفي هذه الحالة، رغم أن الراصدين قد يختلفون حول مقدار الوقت المنقضي بين الحدثين، فإنهم جميعا سيتفقون على الترتيب الذي وقع وفقه الحدثان. فقط حين نكون بصدد حدثين منفصلين ليس لأحدهما تأثير على الآخر، يمكن أن ينشأ خلاف حول الترتيب الذي وقعا به؛ لذا، باختصار، في حالة السببية، لا وجود لأي تناقض.
لكن يبدو أن هذا يتركنا في مواجهة السؤال: أي الراصدين هو المحق؟ هل حدثا وصول النبضتين إلى وجهتيهما في المركبة «متزامنان بالفعل» أم لا؟ من المستحيل تحديد هذا، فالسؤال لا معنى له. وهو في نفس عبثية التساؤل عن الوقت «الفعلي» الذي استغرقته الرحلة من الأرض إلى الكوكب، أو الطول «الفعلي» للمركبة. إن مفاهيم الزمان والمكان والتزامن تأخذ معنى فقط في سياق راصد بعينه؛ راصد تحددت حركته نسبة إلى الشيء محل الرصد.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|