المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

التصنيف العلمي للصبار (التين الشوكي)
2023-11-12
حركة التاريخ بحرية الفرد
23-4-2019
التربة Soils
2024-06-15
الاستعانة الصادقة والكاذبة
2023-05-16
التعجب
20-10-2014
ميثاق الشرف الصحفي في مملكة البحرين
19-1-2023


الإبهام  
  
2398   12:39 صباحاً   التاريخ: 23-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص132-133
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2015 3925
التاريخ: 25-03-2015 8577
التاريخ: 24-09-2015 3044
التاريخ: 24-09-2015 1683

وهو أن يقول المتكلم كلاما يحتمل معنيين متضادين، لا يتميز أحدهما على الآخر، ولا يأتي في كلامه بما يحصل به التمييز فيما بعد ذلك، بل يقصد إبهام الأمر فيهما قصداً، والفرق بينه وبين الاشتراك المعيب أن الاشتراك لا يقع إلا في لفظة مفردة لها مفهومان، لا يعلم أيهما أراد المتكلم، والإبهام لا يكون إلا في الجمل المركبة المفيدة، ويختص بالفنون كالمديح، والهجاء، وغيرهما، ولا كذلك الاشتراك، والفرق بينه وبين الإيضاح أن البيت الملتبس الذي يفتقر إلى الإيضاح يتضمن ألفاظ المديح الصريح والهجاء البين فيكون فيه مدح وهجاء، والإبهام لا يفهم من ألفاظه مدح ولا هجاء البتة، بل يكون لفظه صالحاً للأمرين، وإن لم يكن فيه من لفظ المدح والهجاء شيء.
ومثاله ما حكى أن بعض الشعراء هنأ الحسن بن سهيل بصهر المأمون مع من هنأه، فأثاب الناس كلهم وحرمه، فكتب إليه: إن أنت تماديت على حرماني عملت فيك بيتاً لا يعلم أحد مدحتك فيه أم هجوتك؟ فاستحضره وسأله عن قوله، فاعترف، فقال: لا أعطيك أو تفعل، فقال [مجزوء الخفيف]:
بارك الله للحسن ... ولبوران في الختن
يا إمام الهدى ظفر ... ت ولكن ببنت من؟
فلم يعلم أراد بقوله: ببنت من في الرفعة أو في الضعة، فاستحسن الحسن منه ذلك، وناشده، أسمعت هذا المعنى أم ابتكرته؟ فقال: لا والله، إلا نقلته من شعر شاعر مطبوع كان بعث به، ففصل قباء عند خياط أعور اسمه زيد، قال له الخياط على طريق العبث به: سآتيك به لا يدري أٌباء هو أم دواج فقال الشاعر: لئن فعلت لأعلمن فيك بيتاً لا يعلم أحد ممن سمعه أدعوت لك فيه أم دعوت عليك؟ ففعل الخياط، فقال الشاعر مجزوء الرمل:
جاء من زيد قباء ... ليت عينيه سواء
فما علم أحد هل أراد أن الصحيحة تساوي السقيمة أو العكس، قال: فاستحسن الحسن صدقه، أضعاف استحسانه حذقه، وأضعف جائزته.
ومن إبهام العرب قول رجل من بني عبد شمس بن سعد بن تميم [طويل]:
تضيفني وهنا فقلت أسابقي ... إلى الزاد شلت من يدي الأصابع
ولم تلق للسعدي ضيفاً بقفرة ... من الأرض إلا وهو صديان جائع
فإن ظاهر الشعر مبهم معناه، فيظن سامعه أنه أراد ضيفاً من البشر، فيكون قد هجا به نفسه، وإنما هو يصف ذئباً غشى رحله في الليل وهو بالقمر وهو فخر محض، والله أعلم.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.