المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



فضائل الأندلس/ عن فرحة الأنفس  
  
1510   10:31 صباحاً   التاريخ: 21-1-2023
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج3، ص:150-151
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2022 2297
التاريخ: 2024-02-25 833
التاريخ: 2024-08-09 478
التاريخ: 9-5-2022 2259

 فضائل الأندلس/ عن فرحة الأنفس

اعلم أن فضل أهل الأندلس ظاهر ، كما أن حسن بلادهم باهر ، ولذلك ذكر ابن غالب في " فرحة الأنفس " لما أثنى على الأندلس وأهلها أن بطليموس جعل لهم – من أجل ولاية الزهرة لبلادهم - حسن" الهمة في الملبس والمطعم . والنظافة والطهارة ، والحب للهو والغناء ، وتوليد اللحون ، ومن أجل ولاية عطارد حسن التدبير ، والحرص على طلب العلم ، وحب الحكمة والفلسفة والعدل والإنصاف . وذكر ابن غالب أيضا ما خصوا به من تدبير المشتري والمريخ. وانتقد عليه بعضهم بأن أقاليم الأندلس الرابع والخامس والسادس في ساحلها الشمالي ، والسابع في جزائر المجوس، وللإقليم الرابع الشمس ؛ وللخامس الزهرة ، وللسادس عطارد ، وللسابع القمر، والمشتري للإقليم الثاني ، والمريخ للثالث ، ولا مدخل لهما في الأندلس ، انتهى .

ثم قال صاحب الفرحة(1): وأهل الأندلس عرب في الأنساب والعزة

 

١٥٠

والأنفة وعلو الهمم وفصاحة الألسن وطيب النفوس وإباء الضيم وقلة احتمال الذل والسماحة بما في أيديهم والنزاهة عن الخضوع وإتيان الدنية ، هنديون في إفراط عنايتهم بالعلوم وحبهم فيها وضبطهم لها وروايتهم ، بغداديون في ظرفهم ونظافتهم ورقة أخلاقهم ونباهتهم وذكائهم وحسن نظرهم وجـودة قرائحهم ولطافة أذهانهم وحدة أفكارهم ونفوذ خواطرهم ، يونانيون في استنباطهم للمياه ومعاناتهم لضروب الغراسات واختيارهم لأجناس الفواكه وتدبيرهم لتركيب الشجر وتحسينهم للبساتين بأنواع الخضر وصنوف (2) الزهر ، فهم أحكم الناس لأسباب الفلاحة ، ومنهم ابن بصال صاحب " كتاب الفلاحة " الذي شهدت له التجربة بفضله ، وهم أصبر الناس على مطاولة التعب في تجويد الأعمال ومقاساة النصب في تحسين الصنائع ، أحذق الناس بالفروسية ، وأبصرهم بالطعن والضرب.

وعد رحمه الله تعالى من فضائلهم اختراعهم للخطوط المخصوصة بهم ، قال : وكان خطهم أولا ً مشرقيا ، انتهى . قال ابن سعيد : أما أصول الخط المشرقي وما تجد له في القلب واللحظ من القبول فمستلم له ، لكن خط الأندلس الذي رأيته في مصاحف ابن غطوس الذي كان بشرق الأندلس وغيره من الخطوط المنسوبة عندهم له حسن فائق ، ورونق آخذ بالعقل ، وترتيب يشهد لصاحبه بكثرة الصبر والتجويد ، انتهى.

ونحو صدر كلام ابن غالب السابق مذكور في رسالة لابن حزم ، وقال فيها: إن أهل الأندلس صينيون في إتقان الصنائع العملية وإحكام المهن الصورية ، تركيون في معاناة الحروب ومعالجة آلاتها والنظر في مهماتها ، انتهى.

وعد ابن غالب من فضائلهم اختراعهم للموشحات التي قد(3) استحسنها

١٥١

أهل المشرق وصاروا يتزعون متزعها وأما نظمهم ونثرهم فلا يخفى على من وقف عليهما على طبقاتهم.

ثم قال ابن غالب : ولما نفذ قضاء الله تعالى على أهل الأندلس بخروج أكثرهم عنها في هذه الفتنة الأخيرة المسيرة تفرقوا ببلاد المغرب الأقصى من بر العدوة مع بلاد إفريقية ، فأما أهل البادية فمالوا في البوادي إلى ما اعتادوه ، وداخلوا أهلها وشاركوهم فيها فاستنبطوا المياه وغرسوا الأشجار ، وأحدثوا الأرحي الطاحنة بالماء وغير ذلك ، وعلموهم أشياء لم يكونوا يعلمونها ولا رأوها ، فشرفت بلادهم وصلحت أمورهم وكثرت مستغلاتهم وعمتهم الخيرات ، أشبه الناس باليونانيين فيما ذكرت ولأن اليونانيين سكنوا الأندلس فورثوا عنهم ذلك ، وأما أهل الحواضر فعالوا إلى الحواضر واستوطنوها فأما أهل الأدب فكان منهم الوزراء والكتاب والعمال وجباة الأموال والمستعملون في أمور المملكة ، ولا يستعمل بلدي ما وجد أندلسي ، وأما أهل الصنائع فإنهم فاقوا أهل البلاد ، وقطعوا معاشهم ، وأخملوا أعمالهم ، وصيروهم أتباعاً لهم ، ومتصرفين بين أيديهم ، ومتى دخلوا في شغل عملوه في أقرب مدة ، وأفرغوا فيه من أنواع الحذق والتجويد ما يميلون به النفوس إليهم ، ويصير الذكر لهم ، قال : ولا يدفع هذا عنهم إلا جاهل أو مبطل، انتهى .

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- م: ثم قال صاحب فرحة الأنفس.

2- م: وأصناف.

3- قد : سقطت من ب.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.