أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-3-2016
1244
التاريخ: 17-3-2016
1358
التاريخ: 31-1-2021
1553
التاريخ: 22-1-2021
1157
|
مع أن الأمر تطلَّب رئيس طهاة متمكّن مثل ديراك ليكتشف وصفات تحضير جسيمات جديدة في مطبخ الكم، فإن العمليات النووية تُفهَم بأمورٍ أقل اكتمالا من نموذج بور للذرة. ومن ثم لعله من غير المستغرب إلى حدٍّ كبير أن نجد أن نموذج بور لا يزال له استخداماته. ومن الممكن فهم واحد من أكثر التطورات العلمية الحديثة غرابة وإثارة، وهو الليزر، عن طريق أي طاه للوجبات الكمية السريعة ذي خبرة يكون قد سمع بنموذج بور، ولا يتطلب الأمر عبقرية كبيرة لفهمه. (يُقصد بالعبقرية هنا تكنولوجيا تصميم الليزر، ولكن لذلك قصة أخرى.)؛ ومن ثَم فإننا مع فائق الاعتذار لكل من هايزنبرج وبورن وجوردان وديراك وشرود نجر، سنتجاهل كلَّ المهارات الكمية لوهلة، ونتجه للوراء إلى النموذج المنظم للإلكترونات التي تدور حول نواة الذرة. تذكر أن الذرة عندما تكتسب كما من الطاقة ينتقل أحد الإلكترونات لأعلى إلى مدار مختلف وفقًا لهذا التصور، وأنه إذا تُركت مثل هذه الذرة المثارة وحدَها فإن الإلكترون سيسقط عاجلا أو آجلا عائدًا إلى الحالة الأرضية، وسيطلق كما من الأشعة محدَّدًا بدقة بالغة وذا طول موجي. محدد. وتسمى هذه العملية بالانبعاث التلقائي وهي عكس الامتصاص.
عندما كان أينشتاين يفحص هذه العمليات سنة ۱۹۱٦ ويضع القواعد الإحصائية الأساسية لنظرية الكم، التي استاء بعد ذلك منها، أيقن أن هناك احتمالا آخر. فمن الممكن أن تُستحث ذرةٌ مثارة لتطلق الطاقة الفائضة وتعود إلى الحالة الأرضية - إن جاز التعبير- إذا وكزها إلكترون يمرُّ بها. وتُسمَّى هذه العملية الانبعاث المستحث، وهي لا تحدث إلا إذا كان الطول الموجي للفوتون المار مساويًا تمامًا للطول الموجي الذي تكون الذرة جاهزةً لإشعاعه. وعلى غرار سلسلة النيوترونات الداخلة في تفاعل انشطار نووي متسلسل، يمكننا أن نتخيل مصفوفة من الذرات المثارة التي يمر بها فوتون واحد بالطول الموجي المناسب فيستثير ذرةً واحدة لتشع، ويستثير الفوتون الأول مع الفوتون الجديد الذي انبعث من الذرة ذرتين أخريين لتشعًا، وتستثير الفوتوناتُ الأربعة معًا أربع ذرات أخرى، وهكذا. ويكون الناتج سلسلة من الإشعاعات التي لها جميعًا نفس التردد بالضبط. وعلاوة على ذلك، فإنه نظرا للطريقة التي يُستحث بها الانبعاث تتحرك كلُّ الموجات متوافقة تمامًا بعضها مع بعض؛ حيث ترتفع كل القمم معًا لأعلى وتنخفض كل القيعان معا «لأسفل» لينتج شعاع نقي تمامًا مما يُسمَّى الإشعاع المترابط. ونظرًا لأن القمم والقيعان لا يلغي أحدهما الآخر في مثل هذه الإشعاعات تظل كل الطاقة المنبعثة من الذرات موجودة في الشعاع، ويمكن إسقاطها على مساحة صغيرة من المادة التي يوجه إليها الشعاع.
عندما تثار مجموعة من الذرات أو الجزيئات بفعل الحرارة، فإنها تملأ نطاقا من مستويات الطاقة، وإذا تُركت لحالها فإنها تشع أطوالا موجية مختلفة من الطاقة بطريقة مضطربة وغير مترابطة، حاملةً بذلك طاقةً أقل فاعلية بكثير مما تطلقها الذرات والجزيئات. ولكن هناك حِيلٌ يمكن استخدامها لملء نطاق ضيق من مستويات الطاقة على أساس تفضيلي، ثم تحفيز عودة الذرات المثارة في هذا النطاق إلى حالتها الأرضية. ويكون الحافز لسلسلة الذرات هو إدخال إشعاع ضعيف بالتردد المناسب، ويكون الناتج هو شعاع مضخّم أقوى كثيرًا بالتردد نفسه. وُضِعَت هذه التقنيات لأول مرة في أواخر أربعينيات القرن العشرين على يد فريقين يعمل كلٌّ منهما على نحو مستقل من الآخر، في الولايات المتحدة وفي الاتحاد السوفييتي، وذلك باستخدام إشعاع في نطاق موجات الراديو من الطيف، التي يتراوح طولها الموجي بين 1سم و30 سم، فيما يُسمى بنطاق الموجات الميكروية، وحصل الرواد على جائزة نوبل عن أبحاثهم سنة 1954. ونظرًا لأن الإشعاع في هذا النطاق يُسمَّى بإشعاع الموجات الميكروية (أو إشعاع الموجات الصغرى)، ولأن العملية تتضمن تضخيم موجات الراديو بواسطة الانبعاث المستحث للإشعاع وفقًا لأفكار أينشتاين سنة ،1917، دمج الرواد بين مسمّى تضخيم الموجات الميكروية والانبعاث المستحث للإشعاع، ليقدموا اختصارًا لهذه العملية يحمل الأحرف الأولى للإجراءين في الإنجليزية وهو «ميزر».
وقد استغرق الأمر عشر سنوات قبل أن ينجح أحد في إيجاد طريقة لتطبيق هذه التقنية على الترددات الضوئية من الإشعاع، ثم حدث سنة 1957 أن طرأت الفكرة نفسها على ذهن شخصين في الوقت نفسه تقريباً. كان الشخص الأول الذي يبدو أنه أول من خطرت له هذه الفكرة هو جوردون جولد طالب الدراسات العليا وقتها بجامعة كولومبيا، أما الآخر فكان تشارلز تاونز، أحد رواد الميزر الذي اقتسم جائزة نوبل لسنة 1964. وقد ظلَّ الجدل حول ماهية كل اكتشاف ومَن اخترعه ومتى، خاضعا لمعركة قانونية بشأن حقوق براءات الاختراع؛ وذلك لأن الليزر، وهو المكافئ الضوئي للميزر (من تضخيم الضوء ... قد أصبح الآن مجالًا كبيرًا ومصدرًا للأموال الطائلة. واليوم، يوجد العديد من أنواع الليزر المختلفة، أبسطها الليزر الصلب بالضخ الضوئي.
في هذا التصميم، يُحضّر قضيب من المادة (مثل الياقوت) ويُصقل طرفاه المسطحان ويحاطان بمصدر وهج؛ أنبوب تفريغ غازي يومض بسرعة وينطفئ مولدا نبضات من الضوء بطاقة تكفي لإثارة الذرات في القضيب. ويُحافظ على الجهاز كله باردًا لضمان أقل تداخل من الإثارة الحرارية للذرات في القضيب، وتُستخدم الومضات الساطعة من المصباح لحث (أو ضخ الذرات إلى الحالة المثارة. وعند بدء تشغيل الليزر، تنطلق نبضة من ضوء الياقوت الخالص، حاملة معها كمياتٍ من الطاقة تبلغ آلاف الوحدات من الواط، من طرف الساق المسطّح. تتضمن أنواع الليزر الأخرى الليزر السائل، وليزر الصبغة الفلورسنتية، وليزر الغاز، وهكذا. وتشترك جميعها في السمات الأساسية نفسها، وهي إدخال طاقة غير مترابطة وخروج ضوء مترابط في صورة نبضة خالصة حاملا كمية كبيرة من الطاقة. تُنتج بعض أنواع الليزر، مثل ليزر الغاز، شعاعًا متصلاً نقياً من الضوء يمثل النهاية «الحافة المستقيمة» النهائية لأغراض المسح، ويُستخدَم هذا النوع على نطاق واسع في حفلات موسيقى الروك وفي مجال الإعلانات. وتُنتج أنواع أخرى نبضات قصيرة الأجل ولكنها قوية من الطاقة يمكن استخدامها لحفر الثقوب في الأجسام الصلبة (ولها استخدامات عسكرية). وتُستخدم أدوات القطع بالليزر في حالات متنوعة مثل صناعة الملابس والجراحات الدقيقة، ويمكن أن تُستخدم أشعة الليزر في نقل المعلومات بكفاءة أعلى من موجات الراديو؛ حيث تزداد كمية المعلومات التي يمكن تمريرها في الثانية الواحدة مع زيادة تردُّد الإشعاع المستخدم. ويُقرأ الباركود الموجود على كثير من منتجات المجمعات التجارية (وعلى غلاف هذا الكتاب) بواسطة ماسح ضوئي يعمل بالليزر، كما أن أقراص الفيديو وأقراص الصوت المدمجة التي ظهرت في الأسواق في بداية ثمانينيات القرن العشرين يُجرى لها مسح ضوئي باستخدام الليزر، كما يمكن إنتاج الصور الثلاثية الأبعاد أو الصورة المجسمة (الهولوجرام) بمساعدة الليزر، وهكذا.
والقائمة فعليًّا لا حصر لها حتى قبل إدخال تطبيقات الميزر في مجال تضخيم الإشارات الضعيفة من أقمار الاتصالات على سبيل المثال والرادار وغيرها، ولكنها جميعًا لا تنبع من نظرية الكم، وإنما من النسخة الأولى لفيزياء الكم. عندما تشتري كيسًا من رقائق الذرة ويُجرى له مسح ضوئي بشعاع الليزر في المتجر، أو عندما تذهب إلى حفل لموسيقى الروك بعروض الليزر الملونة المذهلة، أو عندما تشاهد حفلا موسيقيا في التليفزيون عبر رابط قمر صناعي ينقل الإشارات حول العالم، أو عندما تستمع إلى حفل لهذه الفرقة نفسها أو تشاهده على أحدث أنظمة الفيديو، أو تشاهد بإعجاب عرضًا ساحرًا لاستنساخ صور الهولوجرام المجسمة، وهو ما يرجع الفضل فيه جميعا إلى ألبرت أينشتاين ونيلز بور اللذين وضعا مبادئ الانبعاث المستحث منذ ما يزيد على تسعين عاما.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|