المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

الضغط في الفيزياء
18-9-2019
مرة اخرى يجب ان نكون خائفين
4-5-2019
nucleophilic addition reaction of α, β–unsaturated carbonyl compounds
22-9-2020
العقوبات الجسمية والروحية
25-09-2014
الأكاروس المفترس Phytoseiulus persimilis
21-12-2015
إنتاج البطاطس البلية أو البطاطس الجديدة
17-9-2020


التفحص عند الاطفال  
  
1302   11:18 صباحاً   التاريخ: 13-1-2023
المؤلف : علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص343ــ356
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2021 2614
التاريخ: 12/9/2022 4874
التاريخ: 28-6-2017 2707
التاريخ: 18-1-2016 2121

من الخصائص المميزة لشخصية الانسان هي خاصية التفحص؛ إذ ان جزء من نشاط الانسان يبذل في سبيل اشباع هذه الخاصية.

الانسان موجود متفحص، ويريد ان يطلع على اسرار وجوده واسرار الكائنات الأخرى، ويكشف النقاب عما موجود خلف الاستار، ويبذل جهوداً عظيمة وواسعة لكى يعي خفايا الأمور ويطلع على ماهية الاشياء.

وهذا الأمر موجود في الحيوانات أيضاً ولكن مع الفارق التالي إذ ان تفحص الحيوانات يحمل صورة غريزية تماماً، وعلى اساس طبيعة الظواهر، في حين ان هذا الأمر في الانسان يحمل في الغالب صورة ارادية. صحيح اننا نسعى احياناً ودون ان نعي ذلك بأن نطلع على كنه الامور، وعلى المحاورة التي تتم فيما بين شخصين، إلا ان هذه الحالة الاستثنائية، تتم غالباً على اساس العادة. وهناك بعض الموارد الأخرى وهي تشكل الجزء الاعظم من جهودنا في الاطلاع على كنه الأمور، وتنقلنا من مرحلة الجهل إلى مرحلة العلم، ومن مرحلة الستر الى الكشف.

التفحص عند الاطفال:

ان الطفل عندما يلد في هذه الدنيا يكون كل شيء بالنسبة له مبهماً وغير معلوماً، حتى انه لا يميز بين الاشكال والالوان، ولا يتمكن من معرفة والدته أو أن يميز بين والده وغيره. وبعد مضي مدة من الزمن وفي ظل التفحص والمتابعات يجد طريقه في الحصول على بعض المعلومات ولو بشكل مختصر وبسيط ويتعرف على الاشياء والظواهر.

وقد ظهرت بعض التحقيقات والتجارب التي قام بها علماء النفس انه لو أرينا طفلاً بعمر ٦ أسابيع وجهنا، ومن ثم اخفينا وجهنا عنه سيبدأ بعد ذلك بتفحص ذلك الوجه لمدة خمس ثواني تقريباً حتى يمكنه التعرف عليه ثانية ، أو إذا عرض امامه وجه غريب سيحملق فيه قليلاً وكأنه بصدد الكشف عنه .

وعندما يبدأ الاطفال بالنمو تدريجياً يهتمون اكثر بالتفحص. ويمثلون في هذا الصدد مكتشفون كباراً، ويستطلعون كل زاوية ومكان . ويدخلون اصابعهم في كل حجر، ويعقبون كل شيء متحرك بأبصارهم، ويتسلقون كل جدار وحائط لكي يكتشفوا ماهيته وما يضم من اسرار ، ويتطاولون بأعناقهم امام كل مسألة أو مشكلة تعرض لهم لكي يجدوا لها مخرجاً ويسألون عن كل موضوع مجهول لكي يفهموه ويعرفوه والخ.

مظاهر التفحص المهمة لدى الاطفال :

ان ما ذكرناه واشرنا اليه آنفاً يعبر عن تفحص الطفل وعن مظاهره المهمة، ونلاحظ مظاهر اكثر أهمية في هذا الامر عند الاطفال، تتجسد احداها في اسئلة واستفسارات الأطفال.

والذين لهم اطفال حديثي العهد بالنطق او بعمر ٣-٤ سنوات يعلمون كيف ان الطفل يمثل مستودعاً كبيراً من الاسئلة والاستفسارات وكم ان اسئلته تتسم بالتنوع والسعة .

ولعل المرء يصاب بالحيرة لكثرة عدد اسئلة الطفل، ويتعجب كيف انه يستوعب كل هذه الالغاز والمسائل بداخله وكيف تمكن لحد الآن ان ينسجم معها. انه يسأل والدته أو والده أو من كل شخص يصادفه، بحيث انه يتعب الطرف المقابل ويزعجه. وتدور اسئلته حول العلاقة بين العلة والمعلول، وعن اسماء الاشياء، وكيفية عملها، وعن دلائل حركتها، وعن اسرارها وخفاياها.

وغالباً ما تكون هذه الاسئلة مقرونة بالتعطش الى المعرفة. ويريد ان يعرف لماذا أو كيف ومتى عن كل الامور والظواهر وكيفية عملها، وطبيعة العلاقة بينها وبين الظواهر الأخرى. واحياناً يلجأ الى الاطلاع على الظواهر بدلاً من السؤال عنها، والى التذوق والشم بدلاً عن لمس الاشياء وتداولها ، حتى يتمكن اخيراً ان يطلع على ماهية الأمور.

منشأ وعوامل اثارة التفحص :

وفيما يتعلق بجذور ومنشأ التفحص في الاطفال وبشكل عام في الانسان لابد من القول بأن منشأوه يتمثل بالفطرة وان الله تعالى قد أودع ذلك في الانسان وحمله بهذا الاسلوب على ان يقوم باكتشاف نفسه والطبيعة المحيطة به لكي يطلع على الاسرار، ويضع نفسه على مسار الرشد والكمال.

والدليل على كونه امر فطري انه موجود في جمع الافراد على اختلاف اجناسهم، وكان موجودا في جميع العصور التاريخية، وان جذوره واساسه غير قابلين للزوال في الانسان بالرغم عن اتجاهه نحو الافول احياناً، وبتعرضه للتضعيف، وهذا الأمر ناجم طبعاً عن سوء التربية أو انحرافات الانسان.

ان كل شيء في هذا الوجود يعد من عوامل اثارة التفحص حتى حالات ارتداء الملابس، والوجوه، الأطوال والهياكل، واعضاء الانسان، والنباتات، والحيوانات، والجمادات و...

فعالم الطفل هو عالم العجائب، والتفحص يحمل الطفل على معرفة العجائب ويوفر الارضية اللازمة لنموه.

أهمية التفحص :

ان ايداع دافع التفحص في باطن الانسان وحمله بالتالي على كشف الاسرار يعد من اعظم النعم الالهية على الانسان؛ إذ ان ايداع كلمة لماذا وذهنية التساؤل في ذهن الانسان يعتبر من اهم الالطاف الالهية، لأنه في ظل هذا الواقع تتهيئ الارضية امام الكشف وتحديد المسار اكثر.

وفي ظل التفحص يتلهف الانسان في الحقيقة لمعرفة الوجود وكشف اسراره، ويعزم جازماً على الاطلاع وكشف جميع الاسرار، ويخلق في نفسه موجبات الاستفادة السليمة من الطبيعة ويخطو في طريق رقيه وتقدمه.

والتفحص وسيلة تمكن الطفل من معرفة الاشياء المتعلقة بنفسه ليتخذ موقفاً معينا تجاهها.

يقدم الانسان على اثر ذلك بالتجسس حول المسائل ، ويحرك فكره يتوصل في كل يوم وفي كل ساعة الى اكتشاف جديد. ويتعرف على الطبيعة وظواهرها، ويتجه صوب الابداع والاكتشافات ويصوغ حياته بشكل أفضل وأكثر ترفيهاً.

وهناك ارتباط وثيق بين التفحص والبحث عن الحقيقة. ويتوجهون نحو معرفة واستطلاع الأمور بشكل واقعي ويدركوا بشكل جيد أي موقفٍ ينبغي عليهم اتخاذه في هذا المجال، واي اسلوب عليهم اختياره.

اضرار عدم التفحص :

التفحص من ضرورات حياة الانسان وجزء لا يتجزأ من شخصيتنا وانسانيتنا. فلو كنا نعرف شيئاً ما، ونعرف كيف نتعامل مع الامور والاحداث، فان الفضل في ذلك انما يعود الى استخدامنا لأسلوب الرغبة في المعرفة والتفحص في هذا المجال.

ولو لم يكن التفحص موجوداً فينا لما كنا قادرين على فهم خواص الاشياء وموارد استعمالها. ولو لم يكن التفحص موجوداً لما ظهر علم من العلوم ولما تبلورت العلوم والفلسفات، ولم يتحقق اي ابداع أو اختراع ولم يحصل الانسان على اي رشد أو نضوج . ان ما نملكه اليوم من الرفاه واعطاء الحياة معنى ومفهوماً انما يستمد جذوره من التفحص والتأمل.

ان الطفل الذي لا يتسم بالتفحص يعتبر طفلا راكداً ابكما. وليس قادرا على ادارة حياته الشخصية، ولا يستطيع تنظيم أوضاعه. ولا يمتلك القدرة على الدفاع، ولا يميز بين الصديق والعدو، ولا يعرف المفيد من المضر. واساس حياته مبني على الضياع وتشتت الافكار.

سني ومراحل التفحص:

قلنا ان علماء النفس قاموا وبالاستناد على تفحص الطفل بإجراء بعض التجارب على الاطفال بعمر ٦ أسابيع، ويقول هؤلاء بأن الاطفال في تلك السن يحاولون ان يطلعوا على حقائق الاشياء. وكلما ازداد عمر الطفل بمقدار معين يزداد تفحصه بذلك المقدار أيضاً.

كما ان احتياجاته تزداد اكثر بازدياد سنه ونموه طردياً ومن الطبيعي ان تشتد دوافعه للتجسس في خواص الاشياء والظواهر تبعاً لذلك ويبدي ميله الى هذا الأمر اكثر.

ان السنوات من ٣-٥ سنوات تمثل سني التفحص ويزداد هذا الأمر شدة لدى الاطفال. إذ يصر الطفل في هذه المرحلة ان يفهم ما هي طبيعة القضية؟ لماذا الشيء الفلاني بالحالة والصورة الفلانية؟ ومن هذا المنطق فهو دائماً في صدد السؤال ولمس الاشياء وتداولها ومن هذه الزاوية يسمون هذا السن بسن الخطر. انه يندهش ويتعجب تجاه جميع الاشياء الشاخصة امامه ، فهو يلمسها بل وحتى يتذوقها ويشمها.

وبعد هذه السن حيث يمتلك الطفل تقريباً معرفة ووعياً اجمالياً عن الاشياء والظواهر، فقد يبدو لنا ان تفحصه قد فتر، بينما ان القضية ليست كذلك؛ اذ ان تفحصه اتجه نحو وجهة اخرى، وبصدد كشف الغازٍ اخرى، وفي الحقيقة فان ذهنه قد تخلى عن ظواهر الاشياء تدريجياً واتجه أكثر نحو الاسرار والرموز الداخلية.

التفحص والعلم والاعجاب :

ان ارسطو وهو من الفلاسفة القدماء يرى ان وجود حس التفحص هو السبب في ظهور العلم؛ إذ يقول بان هذا الامر يتسم بطابع فطري في الاطفال. لأن التفحص يدفعه الى ان يهتم بدراسة الاشياء وتمييزها ويسعى الى كشف جوانبها وابعادها. وبالرغم من ان هذا الأمر يحصل بصورة تدريجية إلا انه في نهاية المطاف سيؤول الى الحصول على نتيجة قيمة.

والمعارف كذلك عبارة عن مخزن من الماء يتجمع قطرة قطرة فتشكل مخزناً من الماء. ولا ترد المعلومات عن العالم الخارجي الى ذهن الطفل دفعة واحدة؛ إذ انه في كل يوم يتوصل الى بعد آخر عن حقائق الاشياء، وشيئاً فشيئاً يصل الى مرحلة يجب ان نسميه معها عالماً، وان ننظر اليه على انه يمتلك فلسفة ونظرة كونية خاصة.

ان اساس العلم يبدأ من كلمة لماذا والبحث عن الاسباب. والعلماء بصدد ان يعرفوا ويدركوا لماذا الأمر كذلك؟ وما السبب في ان يعمل الشيء الفلاني بالطريقة الفلانية؟ وبعض الافراد يكتفون بهذه المراحل الابتدائية والبعض الآخر يسعون الى متابعة وتعقيب الامور لكي يصلوا الى نتيجة معينة. وعادة ما يكون التفحص مقروناً بالإعجاب، وهذا الاعجاب يمنحهم طاقة جديدة لكي يكتسبوا قوة وقدرة على مواصلة طريقهم.

التفحص والخطر.

قلنا ان التفحص يحمل للطفل احياناً بعض المخاطر، ومن الممكن ان يكون هذا الخطر جسمياً، أو نفسياً، أو اخلاقياً و... ويحصل ذلك عادة في الحالات التي لا يتناسب فيها التفحص مع عمر الطفل ومستوى ادراكه وفهمه وامكانياته الطبيعية أو عندما يكون بعيداً عن ضوابط الاخلاق والادب.

ومن الممكن احياناً ان يتسب التفحص بالحاق الاذى والضرر الجسمي كالتفحص في الكهرباء، وماكنة الخياطة، وبقية الوسائل الخطرة التي يجهل الطفل مخاطرها وطريقة استعمالها، ولعلكم تعرفون الكثير من الاطفال الذين فقدوا حياتهم على اثر بعض الحوادث بسبب غفلة الابوين عن مراقبتهم.

واحياناً من الممكن ان يؤدي التفحص الى ايجاد حادثة معينة ويتسبب في حصول التخريب واندلاع الحرائق ولغرض ان يطلع الطفل على أمر ما يقضي على كل ما تملكه العائلة فقد لوحظ مثلاً ان طفلا وخلال سعيه في كشف واقع معين يدور في خلده، يتسبب في احراق بيت وتدميره كاملاً.

ويدور التفحص احياناً حول جسمه واعضائه إذ ان هذا الامر ان يكون احياناً سبباً ومنشأ للانحرافات الغريزية كحالة ارضاء النفس، أو ان التفحص في مجال العلاقات بين الابوين يصبح سبباً في خلق موجبات الكثير من حالات الوعي السابق لأوانه لدى الطفل وهذه ملاحظة مهمة ينبغي للآباء ان يكونوا حذرين تجاهها.

التفحص ومعرفة الطفل :

التفحص وسيلة جيدة لمعرفة الطفل ومن خلال مقدار ودرجة تفحص الطفل بإمكانكم الوقوف على درجة ذكائه ومستواه. وهل انه طفل متخلف أم ذكي؟ كما ان نوعية التفحص والاسئلة التي تصدر عن الاطفال تحكي عن عمق أو سطحية تفكير الطفل .

ومن خلال تفحص وتأملات الاطفال يمكن الوقوف حتى على نوع العلائق ورغبات الطفل، وتفهم الحالة والوضع اللذان يمكن ان يكون عليهما الطفل في المستقبل. وفي أي مجال يمكنه ان يتطور ويندفع، وفي أي اتجاه يجب ان يوجهه الابوين والمربين وهذه المسألة بحد ذاتها تعد نقطة ايجابية بشأن ارشاد الأولياء لغرض التخطيط للأطفال.

كما يمكن عن طريق المطالعة في انواع التفحص لدى الاطفال الوقوف على الخصائص السلوكية للأطفال والاطلاع على جوانب الخير والشر لديهم، وبأي اتجاه يتحرك، وهل ان عبثه وتخريبه أكثر أم بناؤه واعماره؟ وهل يسلك اسلوب التعاون أم الايذاء؟ واخيراً هل ان تعلقه بالخطيئة والسوء اكثر أم بالشرف والكرامة ولماذا؟

مسؤولية الوالدين في هذا المجال :

يتحمل الآباء مسؤولية عظيمة في مجال تفحص ودقة الاطفال، سنشير فيما يلي الى بعض الموارد من هذا الأمر:

١- التمهيد للتفحص:

ليس من الواجب على الآباء ان يعملوا على إخماد شعلة التفحص لدى الأطفال، بل يجب عليهم ان يخلقوا الواجبات التي تدفعهم الى الاهتمام بالتفحص اكثر فأكثر ويشعرون باللذة في هذا الطريق. ويجب عليهم ان ينظروا الى مسألة استقلال الاطفال في مجال تفحصهم وحريتهم بعين الاحترام طالما لم يتسبب ذلك بالحاق الاذى بهم أو تشكيل خطر عليهم . وعليهم ان يحملوه على معرفة العوالم المحيطة به من خلال جهوده ومساعيه وان يدرك لطائف هذه العوالم واسرارها ويتخذ موقفاً سليماً امام الوقائع والاحداث والظواهر.

٢- توجيه التفحص:

وهذه أيضاً مسألة مهمة بأن يسعى الآباء احياناً الى العمل على توجيه تفحص الطفل وارشاده . ويتجنبوا مسألة التعويل المؤقت بشأن التفحص على بعض الامور التي لا تعود بالنفع على الطفل ولا أثر لها لصالحه، وان يسوقوا اسلوب عمل الطفل بالاتجاه الذين تكون حصيلته الوصول الى نتائج قيمة وصحيحة. وما اكثر حالات التفحص التي فضلاً عن كونها لا تعود بأي نفع أو فائدة على الطفل في تلك المرحلة من العمر فحسب بل انها تتسبب في خلق موجبات الاذى والضرر له أيضاً وممهداً لظهور الشذوذ والانحرافات واحياناً المخاطر والعواقب الوخيمة للطفل؛ إذ سبق وان اشرنا في هذا الفصل الى موارد من هذا الأمر.

وتجدر الاشارة هنا الى هذه النقطة، وهي ان التفحص يجب أن يصب في جانب نمو وبناء الطفل ، لكي يتسنى له مواصلة طريقه بشكل سليم في هذا المجال.

٣- في الاجابة على اسئلة الطفل:

ان الابوين، وخاصة الأمهات يتعرضن الى اسئلة متعددة من قبل الطفل. إذ انه عندما يعثر على فرد متفرغ وحميم سيسأل عن كل ما يخطر ببالكم وعن كل مسألة ملحة في ذهنه. فهو يسأل عن دورة الكائنات وعن كيفية ولادته، وعن اسرار وخفايا الزواج، وعن طريقة عمل الظواهر و... ومن الضروري هنا للآباء وخاصة الأمهات ان:

* يعملوا على توعية وتثقيف انفسهم بالمعلومات اللازمة في هذا المجال لكي يتسنى لهم اعطاء الطفل جواباً مناسباً ومقنعاً .

* يجيبوا على اسئلة الطفل بطريقة تساعد على اقناعه أولاً ولا تحتاج فيما بعد للجوء الى غسل ذهنه ثانياً .

* يأخذوا بعين الاعتبار ظروف السن ومقتضيات ادراك وفهم الطفل ويعلموا بانهم يتعاملون مع الاطفال وليس مع طالب جامعي.

* يمتنعوا عن صياغة الجواب على اسئلة الطفل بشكل غير صحيح وان يقولوا بانا لا نعرف جواب هذا السؤال عندما لا يعرفون جواب ذلك السؤال فعلاً، وسوف أبين لك الجواب لاحقاً وعندما لا يرون المصلحة في اعطاء الجواب والافصاح عنه عليهم ان يقولوا لو كبرت قليلاً سوف اوضح لك الجواب بشكل أفضل أو إذا لوحظ وجود الانحراف في السؤال عليهم ان يعطوا للطفل جواباً مناسباً آخراً.

٤- اشباع تفحص الطفل:

بمعنى ان تعطى الاجوبة بالشكل الذي يعمل على اشباع ذهن الطفل المتفحص، ويضيف على معلوماته، ويضع بين يدي الطفل المعلومات التي يحتاجها ويذيق الطفل طعم التجسس والتفحص.

وفي سبيل اقناع الطفل بإمكان الابوين ان يوفروا للطفل احياناً الوسائل والادوات اللازمة ويسمحوا له ان يشرع باستخدامها بشكل يشعر معه بالحرية والاستقلال. وان يستصحبوه معهم احياناً الى المعارض أو الملاعب أو التفسح في الحدائق والمزارع. ويزجوه في المسابقات، ويأخذوه لمشاهدة المناظر والوقائع المتنوعة. ويمكن للسينما والتلفزيون والراديو، والمجلات والصحف ان تقدم خدمات قيمة للطفل في هذا المجال.

كما ان حمل الطفل على مطالعة الكتب المصورة الخاصة، واستصحابه في الاسفار وزيارة الاماكن المختلفة يمكن ان يكون مفيداً جداً ومؤثراً في هذا المجال. كما يمكن ان ينطوي ذكر القصص الهادفة والالعاب الخاصة على فوائد جمة في هذا المجال.

اخماد التفحص :

من الممكن ان يتعرض التجسس لدى الاطفال الى الاخماد احياناً إذ لا بد من القول عندها بانها تعد خسارة كبرى على تربية الطفل. بل يجب علينا ان لا نقبل بأي ثمن للتقليل من مقدار ودرجة تجسس الطفل وفي حالة بروز هذه المسألة أمامه يجب ان نهتم بالبحث عن علل ذلك ودوافعه وعن طريقة المعالجة وايجاد الحل اللازم.

ومظهر خمود التجسس يتجلى بصورة عدم الرغبة في التجسس، وعدم مسائلة الابوين أو تقليل المسائلة اذ تكون حصيلة هذا الامر ايجاد التوقف والركود في كسب الوعي واطلاع الاطفال واستمرار ذلك يتسبب بإيجاد الخسائر في.

ومن الممكن ان ينجم هذا الخمود بسبب الشعور بالفشل في الحصول على نتيجة من السؤال، والاسلوب السيء والفض للأبوين عند الاجابة على الاسئلة، بروز الحالات الفكرية والعملية المزعجة للطفل، والمعاناة وفقدان الأناة والتحمل، الانزعاج والقلق من وضع البيت ومحيط الحياة، الاضطرار في تأييد القوالب الانضباطية المتشددة ، تغلب اليأس على الطفل، عدم اشباع حاجته للمحبة واللطف، شعوره بالتمييز في محيط البيت وعدم اهتمام الابوين به و... إذ يجب ان نكون في صدد النهوض الى ازالتها واصلاحها.

تربية التفحص :

واخيراً لا بد من الالتفات الى هذه الملاحظة إذ يجب العمل على تربية وتنمية التفحص لدى الطفل وفي سبيل تربيته من الضروري ان يلتفت الآباء والمربون الى الملاحظات التالية:

* ايجاد الدافع والهدف للطفل على التفحص وتقوية ذلك وتحريكه بشكل يشعر معه انه بحاجة الى التفحص.

* تعلم اساليب التفحص ومساعدة الطفل على النجاح في ذلك.

* تعليم اسلوب المشاهدة وتقويته لدى الطفل بشكل يؤدي الى ان يكون في أمن من مخاطره.

* ابعاد الطفل عن حالات التجسس الغير مثمرة والتي لا مبرر لها لكي لا يشكل صدمة قوية طيلة العمر أو لئلا يؤدي به الى مخالفة الاخلاق.

* ايجاد الارضية اللازمة لتعجب الطفل واندهاشه إذ ان الاعجاب بحد ذاته يعد من عوامل تأجيج التجسس.

* تشجيعه على الاستفسار والسؤال من الابوين والتقليل من مسائلة الآخرين واعطائه الاجوبة المناسبة.

* التحفظ والامتناع عن اعطاء الاجوبة التافهة أو ارجاعه الى من لا يعلم امتلاكه حرص الابوين في اعطاء الاجوبة. 

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.