المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01
المختلعة كيف يكون خلعها ؟
2024-11-01
المحكم والمتشابه
2024-11-01

اسطورة الغرانيق
4-5-2017
الوصف المورفولوجي للفستق
1-1-2016
سُرعة دوران الأرض حول الشّمس
13-12-2019
مبدأ عدم تجزئة الاقرار القضائي
27-2-2017
منح الذكور صورة ذاتية إيجابية
2023-03-26
مرض ذبول (شلل) القطن (امراض القطن)
15-5-2016


حاجة الطفل الى العلم  
  
1386   08:32 صباحاً   التاريخ: 7-1-2023
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص467 ــ 478
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

يقول الخواجه نصير الدين الطوسي بشأن الانسان مستلهماً ذلك من الرؤية الكونية للإسلام: الانسان جاهل بلحاظ أصل الخلقة.

وهذا كلام صحيح؛ لأنه لو غضضنا الطرف عن كلا المعلومات الفطرية والغريزية التي ترافق الانسان بصورة الهام في بداية ولادته اذن يجب ان نذعن وبكل صراحة الى أنه لا يعلم شيئاً على الاطلاق.

ويفلح الانسان فيما بعد وفى ظل الاستفادة من البصر والاذن وبقية الحواس الاخرى في اكتشاف عالمه ويصبح عالماً ومحيطاً به، وينتقل من مرحلة الجهل الى مرحلة العلم ولكن العلم القليل والمحدود ، حتى ولو أنفق عشرات السنين من عمره على التعلم وكسب العلوم. وكلما اضيف شيء جديد الى معلوماتنا سنتعرف اكثر فاكثر بجهلنا وسنكتشف اكثر من ذي قبل بأننا لا نعلم شيئاً. ان ما نجهله بالقياس الى ما نعلمه كالجبل الى الكرة دائماً اذ ان هذا المقياس قد لا يكون مصيباً أيضاً.

حاجة الطفل الى العلم:

وعلى أي حال فان هذا المولود الجاهل بحاجة الى ان يصبح عالماً وليس عالماً مجرداً فحسب بل يمتلك القدرة على الاستدلال والمنطق المتفوق والقاطع لكي ينقل علومه الى الآخرين ويدافع عن قيمتها ومكانتها. ان الطفل بحاجة للحصول على المعلومات التي يحتاجها في حياته الفردية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وان يعرف محيطه واطرافه ، ويفهم كنه الظواهر كما هي ويتعرف على حقيقة العالم بالصورة التي هو عليها.

انه بحاجة الى المنطق والاستدلال ايضاً في هذا المجال. ومرادنا بالاستدلال الجهد الذي يبذله الذهن لينقل نفسه من الموقع الذي يجهله الى الموقع الذي يعلمه كما انه يفلح في ظل المنطق والاستدلال في حل المشاكل والمعضلات التي لا يتيسر حلها بدون استخدمها.

يأتي الطفل الى هذا الوجود وهو جاهل ولكن لو درسنا وضعه وحالته وسلوكه بشكل جيد سنكتشف انه عدو الجهل ويبدي غضبه وانزعاجه ازاء الجهل، ويحتقن غضباً وحقداً عليه ويريد تمزيق أستار الجهل ويزيحه من امام ناظريه ويرمي به بعيداً. ان محاولات ومساعي الطفل وتفحصاته المستمرة تمثل دليلاً على اثبات هذه الدعوى .

مساحة العلم :

ولغرض الوقوف على مدى سعة حدود هذه الحاجة ومقدار حاجة الطفل الى المعلومات ومستواها لا بد من القول بأن هذا الامر يرتبط بالمسألة التالية، وهي ان الطفل كيف يريد ان يعيش في هذه الدنيا وبأي هدف. ولو أردنا بسط المسألة بشكل أوضح لا بدلنا من القول:

ـ انه بحاجة الى معرفة ذاته، ومعرفة مكامن قوته وضعفه، والوقوف على امكانياته، ومعرفة قيمته واعتباره، وبواجبه والتعهد الذي اخذه على نفسه لحياته ومماته في هذا العالم.

ـ انه بحاجة الى معرفة عالم الطبيعة وظواهره وكيفية الاستفادة من هذه الامر.

ـ بحاجة الى معرفة القوانين والضوابط الحاكمة على هذا العالم أو معرفة سنة الله تعالى وكيفية وضع نفسه في مسار هذه السنن .

ـ بحاجة الى معرفة المحيطين به، من الوالدين والاقرباء وافراد المجتمع والمسؤولين وجميع الذين يرتبط به بنحو أو آخر.

ـ بحاجة الى معرفة كيفية اقامة الروابط والعلاقات الاجتماعية والاخلاقية مع الافراد والمحيطين به او الذين عليه ان يقيم معهم علاقات معينة بشكل او آخر.

ـ بحاجة الى معرفة الوقائع والاحداث ومجريات الامور البناءة أو المخربة الموجودة في المجتمع والظروف الاجتماعية ، والسياسية ، والاقتصادية ، والثقافية للمجتمع .

ـ بحاجة الى استيعاب الزمان، والمكان وتأثيراتها على الانسان وكل ما له علاقة بالإنسان في هذا المجال.

ـ بحاجة الى الالمام بفلسفة واضحة عن الحياة، والعلاقات الحقة في حياته اليومية.

ـ بحاجة الى معرفة طرق الحصول على لقمة العيش والامكانيات والظروف الضرورة للحياة .

ـ بحاجة الى معرفة الامكانيات للاستفادة منها في اوقات الفراغ ، وللمحافظة على سلامته وصحته والمجتمع كذلك.

ـ بحاجة الى معرفة القراءة والكتابة والتدبير لقضاء امور حياته.

ـ بحاجة الى معرفة الصديق من العدو، والواجبات والالتزامات المتبادلة في هذا المجال وحل وازالة المشاكل.

ـ واخيراً فانه بحاجة الى الالمام ومعرفة كافة الامور والمسائل والوقائع التي لها دخل في الحياة بنحو أو آخر.

ضرورة وأهمية العلم :

ان حصول الطفل على الوعي أمر مهم وخاصة في سني الحياة الأولى التي تمثل مرحلة التكوين والتأسيس كما ان الطفل في نفس الوقت الذي سيمتلك فيه ذهنية وقادة وذاكرة حية فانه سيحظى ايضاً بهدوء البال والامكانيات والفرص الملائمة. وبامكانه استغلال الوقت واستثمار الفرص للحصول على المعلومات اللازمة.

ان مستوى وعي الفرد له تأثير بالغ في نوع المواقف التي يتخذها قبال الامور والمسائل وسيتوصل الطفل في ظل الوعي كيف يمكنه مواجهة المشاكل والمعضلات كما ينبغي وبأي الوسائل يبادر الى حلها. كما ينبغي له الاطلاع على الظواهر الكونية ومعرفتها لكي يتسنى له اتخاذ الموقف المناسب ازائها واكتساب هذه المعرفة يستلزم اكتساب الوعي.

كما ان اهمية المنطق والاستدلال لا تقل عن أهمية الوعي أيضاً ، وخاصة وان هناك - من الافراد الذين يمتلكون معلومات معينة إلا أنهم لا يملكون القابلية على استخدام تلك المعلومات والاستفادة منها. وعندما يواجهون مشكلة معينة لن يكون بمقدورهم عملياً اتخاذ الموقف السليم تجاهها لان أذهانهم لها القابلية على فهم ابعاد ذلك وجوانبه.

مخاطر الجهل:

ان قيمة وأهمية الوعي تتضح اكثر عندما يقوم الفرد بإجراء مقارنة ولو بشكل مجمل بين فردين احدهما جاهل والآخر عالم. وفي هذه الحالة سيرى ان امكانيات الجاهل في تحقيق حياة انسانية طيبة ممزوجة بالمزيد من الصعوبات والمشقة. وما اكثر الاحباطات والايام الحالكة السواد التي تعترض الانسان وهي ناجمة عن جهله بالأمور وما اكثر الانحرافات والشذوذ والفشل والجرائم التي تستحوذ على الانسان بسبب الجهل.

وبصراحة يمكن القول انه من كان جاهلاً لن يكون قادراً على اتخاذ الموقف السليم تجاه الامور، والاشياء والحوادث، ولن يكون قادراً على حل مشاكله أو ان يقدم على عمل فيه المصلحة والخير له وللمجتمع. وهؤلاء الافراد سينجرون مستقبلاً الى الطريق الذي تكون عاقبته الضياع والتعاسة.

وحتى ان نقص الوعي حول المسائل التي يحتاجها الفرد تؤدي الى عدم تحقيق نجاح الانسان كما ينبغي في أمر من الامور. او ان نقص المعلومات في احدى المجالات يؤدي الى عدم تقدير الانسان لمشاكله بشكل جيد. وهؤلاء الجهال يبتلون بالخوف والتعصب، ويصدرون احكامهم بدون مسوغ، ويعمدون الى التعميم. ويحكمون دون اكتراث أو تفحص ويعولون على بعض المسائل الخاصة دون مبرر.

العلم، المنطق، ادراك المفاهيم :

هناك علاقة قائمة بين العلم والاستدلال، والعلم والمنطق والعلم وادراك المفاهيم ، إذ يتحقق الاستدلال عندما يواجه الانسان بعض المشاكل ويقوم بدراسة ابعاد وجوانب تلك المشاكل استناداً الى ما بين يديه من المعلومات ويتوصل الى كشف النقاب عن الروابط الموجودة بينها. ويتجلى منطق الفرد عندما يمتلك الانسان القدرة على الاستنباط استناداً الى معلومات بشأن الاشياء المحيطة ويحصل على بعض المعلومات من خلال هذا الطريق.

وهناك علاقة بين العلم ونضوج المعاني والمفاهيم ايضاً والاساس في ذلك ان يدرك الانسان ما يعرف من الامور، ويدرك مغزى الكلام، ويفهم ما يقول وما يضع. وان يكون هناك تطابق ما بين الذهنيات والوقعيات. وعلى هذا الاساس سيكون قادراً على ان يعطي مفهوماً ومعنى لجميع ابعاد الحياة. وان يفهم المسائل المتعلقة برأي ووجهة نظر الآخرين وان لا يكون مفهوم كلامه سطحياً وظاهرياً. ومرد نجاح الطفل بتكوين وبلورة العقيدة وحصوله على الادراك والرأي انما يحصل في ظل ادراك المفاهيم وهذا الامر بحد ذاته له تأثير بالغ في تحقيق نجاحاته اللاحقة في حقل التجارب.

بداية اكتساب العلم لدى الطفل :

يحاول الطفل ومنذ الاسابيع الأولى من الولادة ان يرى العالم المحيط به بنظرة أعمق وأوضح وان يتلمس فيما بعد الاشياء والظواهر ، ويدخل بعض الاشياء الى فمه، ويتذوقها، ويصغي الى بعض الاصوات لكي يهتدي الى الكشف والمعرفة.

وعندما يقوى الطفل على السير فيما بعد يحاول الوصول الى كل مكان يتمكن الوصول إليه لكي يكتشف الاشياء التي تبدو له بعيدة المنال وعندما يقوى على النطق والكلام يشرع بالسؤال ومن خلال ذلك يفلح في إصطياد المعلومات الواسعة نسبياً.

وبحدود السنة الثانية الى الرابعة من العمر يؤكد الطفل ومن خلال سلوكه انه قادر على القيام بالتعميم البسيط بشأن الاشخاص والاشياء المتعلقة به ويضيف شيئاً جديداً على معلوماته من خلال ذلك وهذا الامر يعد بحد ذاته نقطة ايجابية لحياة الطفل وسيمكنه من خلال ذلك توسيع دائرة معلوماته.

وعندما يكبر الطفل تدريجياً سيصبح قادراً على اكتساب المزيد من المعلومات وسيفلح في ظل هذا الوضع بحل المزيد من المشاكل والمعضلات. وفي السنوات من ٦-٧ من العمر ستتجلى لدى الطفل القدرة على الاستدلال بشكل متزامن مع التفكير المنطقي ايضاً والذي يمثل ذاته عاملاً مهماً جداً لتوسيع دائرة المعلومات والالمام بكافة جوانبها وابعادها.

فوائد توسيع ذلك لدى الطفل :

كلما أفلح الطفل باكتساب المزيد من المعلومات واتسعت دائرة معلوماته بشكل اكبر سيهتدي الى حل المشاكل والمعضلات وازالتها بشكل أفضل واكثر نجاحاً وسيوفق في حياته بشكل اكبر؛ إذ يمنح العلم خطوة أوثق للإنسان واكثر رسوخاً بحيث يصبح بإمكانه الاندفاع للأمام بشكل أفضل وأوثق وان يتحلى بالمزيد من الثقة بالنفس في هذا الاندفاع.

ان الوعي العالي يبعث على ان يتواجد الفرد قبل وقوع الحوادث دائما لا ان يسير ورائها. ومن هذا المنطق قبل ان توقعه الحوادث ومجريات الامور تحت تأثيرها سيتمكن ان ينجو بنفسه من مخاطرها ومضارها. وان يزيل المعضلات بالعقل والتدبير ويسخر الأمور لمصلحة ومنفعته.

الوعي الكافي والمتناسب مع حاجة الفرد يصبح السبب في ان يرى العالم من زاوية اكثر وضوحاً وانفتاحاً وان يحظى بالمزيد من الفكر السليم. ولو اقترن هذا الامر بالاستدلال والمنطق أيضاً لكان أوفر حظاً في امكانية تحقيق النجاح والفلاح وان ينعم بأخلاق وروحية أسمى في حالة ترشيد الوعي وتوجيهه لديه.

ضرورة تنمية الاستدلال :

بعد ان يتم الحصول على بعض المقدمات الاولية عن المعلومات تدريجياً من الضروري آنذاك العمل على تنمية القدرة على الاستدلال لدى الافراد وتوجيهها نحو ادراك وفهم الروابط بين العلة والمعلول؛ إذ لا بد من معرفة العلاقة العلمية بين الاشياء ولا بد من تعليم الطفل كيفية هذا الاكتشاف وهذه المعرفة وحمله على دراسة هذه المسألة ويأتي بالاستدلالات بشأن كيفية هذه الرابطة.

ومسألة تنمية الاستدلال تستلزم ثلاثة شروط أساسية لا بد من العمل على ايجادها لدى الطفل، والاهتمام بتنميتها.

١- المحافظة على المعلومة بعد تعلمها في الذهن وتبرز الحاجة لهذا الامر بعد التعلم في الحقيقة.

٢ـ تذّكر ما تم تعلمه من المعلومات ويرتبط هذا الأمر بقدرة الافراد على الحفظ.

٣- القدرة على تركيب المسائل والمعلومات وما تم اكتسابه والذي يمثل في الحقيقية عملية مونتاج للمعلومات.

والمهم ايضاً في مسألة تنمية الاستدلال تنمية مسألة التداعي لأن الفرد في هذه الحالة يصبح قادراً على استذكار المسائل في ذهنه ويقوم كذلك بتركيب المسائل وبلورتها. وتبنى هذه التنمية استناداً على مسألة التدريج والقدرة على تعميم المسائل والذي يجب ان تتبلور لدى الفرد تدريجياً.

ضرورة التجربة والعمل:

ولغرض توسيع دائرة المعرفة وتنمية المنطق والاستدلال من الضروري كذلك حمل الطفل على التجربة والعمل. إذ من الخطأ قيام بعض الآباء والأمهات اتخاذ موقف سلبي ازاء قيام الطفل بلمس الاشياء وتداولها ومنعه عن هذه الأمور. وتبقى مسألة مراقبة الطفل لئلا يتعرض الى خطر ما امر ضروري ومن حقوق الطفل على والديه. ولكن يجب ان لا يصبح هذا الامر سبباً يحول دون قدرة الطفل على اللمس والتداول وقدرته على إدراك كنه الاشياء وكيفيتها.

ان حجم المعرفة، وتنميتها وكذلك مقدار الاستدلال وقوة المنطق لدى الطفل يرتبط بحجم التجارب التي حصل عليها الطفل خلال مسار حياته وكذلك بتعدد وتواتر التجارب. ويتبلور منطق الطفل في ظل التجارب والمعرفة ويصبح الطفل قادراً على اثبات معتقداته بل وحتى منهمكاً في الدفاع عن نفسه وبشكل متطرف لئلا في ما صدر عنه من أعمال.

العمل على اكتساب المعرفة :

لا بد من اكتساب المعارف والآباء مكلفون بايجاد الاجواء اللازمة لاكتسابها ووضعها بين يدي الطفل. ومنها :

ـ توفير الكتب ، والصور، والمجلات، والمؤلفات التي اما ان يكون الطفل قادراً على فهمها واستيعابها أو نقوم نحن بتوضيحها له.

ـ ذكر القصص والمسائل التي تضع بين يدي الطفل مسائل معينة بشكل أو آخر.

ـ حمل الطفل على اكتساب التجارب والمعرفة عن طريق الاختبار ، والتداول ، ولمس الاشياء.

ـ اشراك الطفل في المناقشات الحرة والذهاب الى الاجتماعات والمحافل التي تقدم بعض المعارف والمعلومات في المجالات الدينية، الاخلاقية أو الاجتماعية أو السياسية...

ـ التوجيه نحو الاستفادة من برامج الاذاعة والتلفزيون، والسفرات العلمية، وزيارة المؤسسات، والمعامل و...

ـ حمله على التساؤلات المدروسة والمدققة والتي تعمل الاجابة عليها على حل احدى عقد المشاكل التي يعاني منها.

ـ يجب العمل على مضاعفة تجاربه خارج المنزل وتوجيهها والاخذ بيده ليندفع في مسيرته نحو الامام. كالذهاب الى الجبال، والبساتين، والمزارع، والمكتبات، والى الشارع، والمعمل، و...

ـ واخيراً حمل الطفل على سبر أغوار المسائل والتعمق فيها والسعي الى اكتشاف علتها وكيفياتها.

طرق عرض المسائل :

من الاساليب التي تساعد الابوين على اضافة المزيد من المعارف الى معلومات الطفل وبشكل أفضل وأوسع هو طريقة عرض الحقائق والواقعات. وتوضيح ذلك انه ولغرض اكتساب المعارف ومضاعفتها وتوسيعها ينبغي ان يتعلم الطفل مسائل الحياة المختلفة عن طريق نمط حياة الابوين وبقية افراد المجتمع. وان يتمكن على سبيل المثال ان يستخرج بعض الاصول والقواعد في مجال المعاشرة من خلال انماط التعامل، وعن طريق زيارة المنطقة، والتعرف على اجوائها المناخية، وملبسها، ومأكلها، و... ويصبح بامكانه ان يبدي وجهة نظره تجاه أمر ما.

ومن الممكن احياناً ان نوصل الى الطفل مفهوم كتاب معين او قضية معينة في اطار قصة أو شعر، او تمثيلية معينة ويمكن تعليم الطفل ايضاً حقائق واسعة عن جهاز معين من جسم الانسان من خلال عرض فيلم معين بحيث لو أريد ايصال هذه المعلومة الى الطفل من خلال الكتب والدروس للزمنا لذلك وقت طويل وامكانيات واسعة.

لا شك في ان الامور والوقائع التي تعرض على الطفل او نحيط الطفل علماً بها تُعد من المسائل التي نأخذ فيها بنظر الاعتبار استعداد الطفل الفكري، والروحي، ايضاً. ويجب ان لا تتسم بالإطالة والارهاق بحيث يسأمها الطفل، وغير معقدة ومبهمة بحيث يعجز الطفل عن ادراكها، وان تكون على اي حال قابلة للتفسير والتحليل حسب قدرة الطفل وقابليته على ذلك.

التوصيات اللازمة في هذا المجال :

وفي ختام هذا البحث نرى من الضروري ان نتطرق الى ذكر بعض الملاحظات التي ينبغي للآباء والمربين مراعاتها والانتباه لها :

١- ذهن الطفل عبارة عن مخزن ثمين ، فاودعوا فيه الاشياء الثمينة .

٢- تجنبوا نقل المعلومات والمفاهيم التي تحتاج الى ازالتها وغسلها من ذهن الطفل.

٣- خذوا بعين الاعتبار مسألة الاهم والمهم في اعطاء المعارف اذ ان الأعمار أقصر من أن نتعلم فيها اموراً غير مفيدة.

٤- أقرنوا المعرفة بالمنطق والدليل وليس بافتعال الادلة اذ ان ذلك يشكل صدمة للطفل.

٥- يقوم الافراد بحل مشاكلهم عندما يتقدم بهم العمر بنفس الاسلوب الذي تعلموه في مرحلة الطفولة. اذن يجب تتعلموا كل ما هو متين وسليم.

٦- التعليم والعلم انما يتسمان بالفائدة والتأثير عندما يكونان مقرونين بالعمل اذ لا فائدة بالعلم بدون العمل.

٧- يجب ان يكون الدافع الى تحصيل العلم والمعرفة حل المشاكل والمعضلات وليس التباهي والغرور والتكبر، فاعملوا على خلق هذا المفهوم لدى الطفل منذ البداية.

٨- فهّموا الطفل قيمة واعتبار ما تعلموه إياه ايضاً ليدرك أنه يحمل شيئاً ثميناً.

٩- أقرنوا العلوم بالدليل والقدرة الدفاعية وضعوا لبنات ذلك منذ مرحلة الطفولة.

10- واخيراً ركزوا على ان نجعل الطفل يملك افضل واسمى مصدر ثقافي. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.