المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

طرق اكثار الباباظ
12-7-2016
تحديـد عوامـل النجاح الحاكمـة للاستراتيجيـة
25-4-2019
Substitution
28-1-2022
الاخلاص
2024-09-20
Chimpanzees and language
8-1-2022
ترتيب الموقع الثابت Fixed Position Layout
18-2-2021


الاحتياجات المهمة للأطفال / الحاجة الى البكاء  
  
1080   10:20 صباحاً   التاريخ: 29-12-2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص237 ــ 250
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

من المعلوم لدينا ان الطفل يلد الى هذه الدنيا بالدموع والبكاء والآه والدليل الاول على ولادة الطفل هو بكاؤه. بعض الدراسات اشارت الى أن بعض الاطفال يبكون في الفترة ما قبل الولادة وفى المرحلة الجنينية داخل رحم الأم، وذلك عندما يصاب كيس الماء بالتمزق وينفذ الهواء الى داخل حضرة الرحم.

البكاء امر ملازم لنا في جميع مراحل العمر، ولكن يختلف بين الشدة والضعف والقلة والكثرة. اساس البكاء دليل على الحاجة أو الألم، ولكن لدينا بعض الموارد التي يتشبع فيها الانسان بالألم ولم يعد بحاجة الى البكاء. وبعد أن تنتابه فترة من الهدوء والسكينة يستأنف البكاء تارة أخرى وبهذا الاسلوب ينال شيئاً من الهدوء والراحة. وكلما تقدم عمر الانسان يزداد شعوره بالرياء والغرور تدريجياً فيعرض عن البكاء أو يقلل من نسبته وعدد دفعاته.

انواع البكاء:

ان انواع البكاء لا تدل في كل الاوقات على مبتغى وهدف واحد، بل ان لها اهدافاً ومقاصد مختلفة، وهي عبارة عن بكاء الفراق، وبكاء الخوف، وبكاء الشوق والفرح، وبكاء الألم والجوع.

كما يتفاوت الافراد فيما بينهم من حيث مقدار وحدود البكاء. وعلى سبيل المثال فان بكاء الاطفال المتخلفون قليل أو انهم يتأخرون في البكاء امام المسائل المؤلمة. في حين ان بعض الاطفال يتسمون بكثرة البكاء.

من الممكن أحياناً ان يعبر البكاء عن الألم أو الحاجة وأحياناً أخرئ عن الاختيار إذ غالباً ما يلاحظ ذلك بالنسبة للأطفال في عمر٦-١٢ شهراً وقبل لحظات من نومهم إذ يريدون مثلا ان يختبروا أمهاتهم وهل انها تبقى الى جانبه أم لا.

ومن الممكن أيضاً ان يكون البكاء هادئاً بل وحتى خفياً، بحيث يعتصر القلب ألماً وتسيل معه الدموع وأحياناً اخرى يمكن ان يكون علنياً جداً وشديدا، والذي يدل على قلة فعالية غدة التيروئيد الوراثية ، إذ ينقطع هذا النوع من البكاء في حالة معالجته أيضاً.

وعلى أي حال سيصل اليوم الذي ينقطع فيه البكاء لدى الافراد تقريباً، ويفصح الانسان عن ألمه وحاجته بأسلوب آخر في المستقبل.

اسباب وعوامل البكاء :

ان البكاء يرسم دائماً علامة استفهام في ذهن المشاهد والسامع ، فيسألون انفسهم لماذا يبكي اطفل ؟ هل هو جائع؟ أم مريض؟ أم لغرض لفت الانظار إليه والدلال ؟ ام يشعر بألم ما؟ هل يشعر بالتعب والانزعاج ؟ ام لماذا؟ و...الخ.

ومن المسلم به أن البكاء يدل دائماً على التحول والتغير؛ إذ ان اساس ذلك ومنشأه لا يكون معروفاً في بعض الأحيان حتى للشخص نفسه. وبمرور الوقت وفي ظل المعايشة والمراقبة يمكن التعرف على طبيعة بكاء الطفل والوقوف على اساسه ومنشأه.

ولو تفحصنا الأمر بدقة سنكتشف ان البكاء أحياناً يدل على الاضطراب، واخرى علامة على الغضب، وفي بعض الموارد علامة على الألم، أو الافصاح عن الجوع، والعطش و... الخ. ولغرض توضيح القضية نحاول فيما يلي ان نصنف اسباب ذلك وعوامله:

الف - الاسباب الحياتية - البدنية:

وهنا يمكننا التطرق الى ذكر مجموعة من الاسباب والعوامل وأهمها مايلي:

١- التنفس الحر:

البكاء حين الولادة دليل على أول استخدام لعملية التنفس، وقبل أن يحظى بأهمية نفسية ، يمتلك اهمية فسيولوجية ودليل على التنفس الحر للطفل.

2- الافصاح عن الجوع:

أحياناً يلجأ الطفل الى البكاء لكونه جائع، أو بسبب طول الفترة الفاصلة بين وجبتي إطعامه ولا يطيق الانتظار والهدوه. ولو أطعم في هذه الحالة في هذه الحالة يهدأ وهذا بحد ذاته يعد انذاراً.

٣- الافصاح عن الألم:

وأحياناً يبكي الطفل من الألم، كأن يعاني من المغص المعوي، سواء بسبب الاصابة بالبرد أو بسبب التخمة أو عدم هضم الغذاء .

ان الأمهات الواعيات يمتلكن القدرة على سرعة الحدس، ومعرفة السبب الذي يبكي الطفل، وكيف ينبغي علاجه.

4- الانزعاج:

أحياناً ينجم بكاء الطفل بسبب الانزعاج من طبيعة الملابس، مثلاً قد يبلل ثيابه أو يشعر بعدم الارتياح لتعكر مزاجه. ثم ما يلبث ان يهدأ ويسكن بعد تغيير ملابسه. كما يمكن ان تكون ملابسه قليلة أو كثيرة، إذ إنه ينزعج ويتألم في الحرارة والبرودة الشديدتين.

٥- مقدمة لمرض:

من الممكن أحياناً ان يكون البكاء مقدمة لظهور المرض. كأن يكون بكاؤه بسبب تألمه الناجم عن ظهور بثور أو حبيبات الجدري أو لإصابته بحمى شديدة أو أنه في حالة معاناة من الألم.

٦- الشعور بالتعب:

وهذا العامل يعتبر أيضاً من اكثر الاسباب والدلائل شيوعاً على البكاء؛ إذ ان الطفل لا يميل الى النوم بسبب ممارسته اللعب قليلاً، واستحواذ التعب عليه. ان الأرق وعدم النوم يعد بحد ذاته عاملاً متعباً جداً، ويتحول فيه وضع الطفل من سيء الى أسوأ.

٧- تغيير الحالة:

ان تغيير الوضع أو الحالة يمثل احدى اسباب بكاء الطفل. كتغيير محل نوم الطفل، أو طبيعة نومه كالحركة من اليمين الى اليسار وبالعكس، أو تغيير ملابسه لغرض الاستحمام، أو إلباسه ملابس ضيقة.

٨- عدم الشبع :

أحياناً يرضع الطفل ثدي أمه أو يرضع الحليب من العلبة، وبسبب قلة حليب الأم أو ضيق مجاري الثدي، يقوم الطفل بمص الثدي لفترة من الوقت ثم يتعب، دون ان يشبع. وهذا الأمر يؤلمه جداً ، ويجري دموعه ويمثل بالنسبة للطفل نوع من الحرمان.

وهناك موارد أخرى في هذا المجال تستحق الاشارة لها واهمها عبارة عن: الطعم الغير لذيذ، الرائحة الكريهة، التقيء، الصوت المرتفع، الانعكاس المباشر لضوء المصباح أو الشمس، تنظيف الأذن أو الانف، عدم انسجام الجهاز العصبي مع الجهاز الدموي.

ب- الاسباب النفسية :

المجموعة الثانية من الاسباب التي يمكن ذكرها حول بكاء الطفل هي الاسباب النفسية، ويمكننا بهذا الصدد ان نذكر مسائل واسباب عديدة نشير فيما يلي الى بعضها:

١- الشعور بفقدان الامن:

أحياناً يلجأ الطفل الى البكاء لأنه يرى ان أمنَه معرض للخطر. ان ظروف نموه وحياته تتوجب ان يعيش دائماً في محيط بعيد عن الضوضاء والخطر. فعندما يعلو الصراخ او يصل الى الاسماع صوت الانفجار فانه يشعر ان وضعه غير آمن فيبكي.

٢- عدم الرضا عن الاوضاع:

انه يشعر بحاجة ما ولديه طلب معين ويريد أن ينفذ طلبه بالشكل الفلاني. فعندما يرى المسألة بخلاف ما يريد يشرع بالتأوه والعويل. انه لم يرغب مثلاً بأن يُمنع عن عمل معين أو ان يتسبب له بمشكله معينة.

٣- العقدة النفسية:

أحياناً يصدر البكاء للتعبير عن نوع من تفريغ العقد وحلها. كأن يتذكر الطفل ان أمه ضربته قبل ساعة أو أهملته ولم تعتن به والآن يشعر بعدم الارتياح من تلك الاوضاع فتنهمر دموعه ويخفف عن نفسه بهذا الاسلوب.

٤- عدم الرضا عن نفسه :

ويلاحظ أحياناً ان الطفل يتجه الى انجاز عمل معين ولكن لا يفلح في ذلك. كأن يحاول ان يدخل علبتين في بعضهما ولكن لا يتيسر له ذلك. ولهذا السبب لا يرضى عن نفسه فتجري دموعه بل وحتى من الممكن في السنوات اللاحقة ان يتذكر هذا الامر ويبكي.

ج- الاسباب العاطفية:

في الكثير من الموارد توجد بواعث عاطفية للبكاء، وفي هذا الصدد يمكننا ان نذكر بعض الجوانب المتعلقة بذلك، واهمها عبارة عن:

١- الشعور بالوحدة وفقدان الملاذ :

انه يبكي لأنه لا يرى والدته الى جواره. ولأنه يأنس بوالدته فلا يطيق فراقها. ففي مثل هذه الحالة لو حضرت والدته عنده فانه يهدأ ويسكن ولو لاعبه شخص آخر فانه يسكت.

٢- الحاجة الى الملاطفة والحنان:

انه يبكي لأنه يفتقر الى الحنان والعواطف، ويريد من الآخرين ان يلاطفوه ويلاعبوه، ويستميلوا قلبه. وفي هذه الحالات من الممكن أحياناً ان يعمد الطفل الى الدلال ويدلل نفسه إلا انه لا معنى لهذا الأمر بخصوص الاطفال تحت عمر ثلاثة أشهر.

٣- علائم الغضب:

أحياناً ينم البكاء على الغضب والعصبية، سواء أكان بسبب كونه عصبي المزاج أو بسبب كونه منزعج. ففي الحالة الأولى يصدر البكاء بعد الاستيقاظ من النوم ويستغرق فترات طويلة، إذ يتسبب في خلق اجواء غير مريحة بحيث يفقد معها الانسان صبره.

٤- الخيبة واليأس:

من الممكن ان يكون بكاء الطفل بسبب شعوره بالخيبة واليأس. كأن يتمنى تأمين شيء ما ولم يفلح في ذلك. كالرغبة في ان تؤدي له والدته مسألة معينة ولم يوفق في ذلك.

٥- تفريغ ثروته:

أحياناً يلجأ الطفل الى البكاء ليفرغ شحناته وثورته. وعادة ما تحدث هذه الحالات من البكاء عند وقت الغروب، وقد يكون للإرهاق اليومي دور استثنائي في هذا البكاء.

وقد ذكروا لذلك دوافع أخرى منها الهيجانات الدورية للجهاز العصبي، حملات الآلام المعوية و... ومن الممكن أحياناً ان يستمر هذا البكاء لفترة ساعة أو ساعتين.

٦- الخوف:

ومن الممكن أحياناً ان يصدر البكاء عن الخوف. سواء الخوف من شخص غريب ، أو رؤية الاحلام المرعبة إذ تتجلى هذه الحالة عادة في حالة الامراض الشديدة والحمى المرتفعة.

د- الاسباب الاجتماعية:

تتصف حالات البكاء أحياناً بان ها منشأ وجذوراً اجتماعية، وفي هذ الصدد بوسعنا ان نشير الى جوانب متعددة أهمها ما يلي:

١- التقليد:

من الممكن أحياناً ان يصدر بكاء الاطفال عن حالة التأسي. وعلى سبيل المثال قد يبكي الطفل لسماعه صوت بكاء طفل آخر أو يبكي عندما يرى ان والدته أو والده أو غيرهما يبكون.

٢- التمرن على الصوت :

انه يعمل خلال بكائه على اصلاح مجرى الصوت، ويقلد اداء الآخرين عند البكاء وبين هذا المزاح وتلك الحقيقة يبكي هو الآخر تدريجيا ويسكب دموعه.

٣- الاخبار عن اضطرابه:

أحياناً ينجم بكائه للأخبار عن حضور شخص غريب لم يألفه فهو لم يألف هيئة الشخص الغريب ، وليست له علاقة صميمة به، وبكاؤه في هذه الحالة يمثل نوعاً من الافصاح عن عدم الارتياح هذه الاوضاع. تجدر الاشارة الى ان هذا النوع من البكاء يعود لمرحلة ما بعد الثلاثة اشهر من العمر.

تبرير البكاء :

وبناءً على اساس التبرير المتقدم فان البكاء يعبر عادة على علامة معينة أو امارة معينة للأطفال الصغار ويمثل رسالة لأولئك الذين لا يتملكون القدرة على بيان آلامهم الداخلية وما يشعرون به. أجل علامة ورسالة للتعبير عن الحاجة، والافصاح عن عدم الارتياح، وجرس للتنبيه وعلامة على فقدان التحمل، وبلوغ الألم ذروته و...

وعلى هذا الاساس يمكن ان يصبح البكاء عاملاً للارتباط ولكن ليس كذلك دائماً. لأننا نلاحظ ان الاطفال الصغار يبكون اكثر أحياناً في فترة العادة الشهرية للأم. انه يعرب عن ميله الى النوم، وزيادة الطعام، وتحمله للألم عن هذا الطريق.

وفي كل الاحوال فالبكاء يعبر عن ضعف الطفل. ولو كان بوسع الطفل ان يعلن عن حاجته بأسلوب آخر للجأ إليه. ولكن لا يستبعد ان يستغل ذلك الاسلوب أحياناً لغرض تقوية مكانته. ونقول انه يجب على الوالدين ان يتخذوا موقفا سليما في هذا المجال.

فوائد وأهمية البكاء :

البكاء امر مفيد ومهم بالنسبة للأطفال، ذلك انه يبعث على سلامة البدن من الناحية الجسمية ونمو الجهاز التنفسي والاوتار الصوتية ، ويؤثر كذلك على سلامة العينين.

يقول الامام الصادق عليه السلام في توحيد المفضل: ان في دماغ الطفل رطوبة يؤدي بقاؤها في الجسم الى نشوء آلام عظيمة يجليها البكاء.

ومن الناحية العاطفية والنفسية يعتبر البكاء عاملاً لتفريغ الشحنات، وحل المشكلات أو كما يعبر عنه بالمصطلح العامي، بانه سبب في تخفيف العظام، إذ أنه عامل مؤثر على سلامة الطفل النفسية. كما انه ضروري لإدامة الحياة، حيث انه يبكي ليعلن عن حاجته. ذلك انه لا يملك قدرة البيان والنطق للإفصاح عن آلامه واحتياجاته.

ولهذا السبب فقد اوصى الأئمة عليهم السلام بان لا نمنع الطفل عن البكاء، ولكن يجب عدم السماح بإطالة البكاء، أو جعله وسيلة لبلوغ اهدافه، وكذلك يجب عدم السماح له بان يرفع من حدة بكائه لدرجة يفقد معها قدرته وقوته.

موقف الآباء تجاه البكاء:

يظهر الآباء عادة حساسية معينة تجاه بكاء الاطفال، خاصة الأمهات، وبالأخص عندما لا يملكون سواه أو يكون وليدهم الأول. ان بكاء الطفل يقلق قلب الأم بشدة، لئلا يكون قد ألم بالطفل خطر ما أو يتسبب طول البكاء بإيذائه.

ولهذا السبب فانهم سرعان ما يقومون بتهدئته واسكاته بشتى السبل، بل وحتى من الممكن ان يأخذوه الى مخدعهم أو يعودوه على عادات سيئة ويلقنوه بعض التصرفات التي يصعب فيما بعد صرفه عنها.

ضرورة المواساة بسبب البكاء :

الاساس في التعامل يستند الى ضرورة مواساة الطفل وتطييب خاطره وتهدئته، إلا انه لا ينبغي ان يحصل هذا الأمر لكل مسألة صغيرة أو لكل حالة من البكاء. أحياناً يتطلب الأمر ان لا نعير أهمية لبكائه وندعه يبكي قليلاً ويخفف عن نفسه. ولكن في الموارد المذكورة ادناه تعتبر مواساته ضرورية :

١- عندما يتجرع الطفل الألم نتيجة لإصابته بمرض مجهول أو معروف.

٢- عندما يبكي بشدة نتيجة الخوف ويبحث عن ملاذ آمن .

٣- عندما يرى أحلاماً مرعبة ، ويبكي بشدة اثناء النوم ويصرخ ويستنجد.

٤- لغرض حالات البكاء الشديدة والحادة والتي تصدر عادة بسبب الآلام المعوية الحادة (كوليك) أو الانتفاخ الشديد.

٥- عندما يستغرق البكاء وقتاً طويلاً ولا يهدأ الطفل .

٦- لحالات البكاء الفورية والمفاجأة، كأن يكون الطفل هادئاً ثم يبكي فجأة.

٧ـ وأخيرا في حالة وجود خطر من التطبع بعادة سيئة في هذا المجال.

مخاطر عدم الاهتمام بالبكاء :

بالرغم من اهتمامنا الفائق بالطفل ومراقبتنا له لئلا يسيء الفهم ويستغل مسألة البكاء، لابد لنا من الاهتمام ببكائه أيضاً، وان لا نكون غير مبالين ببكائه في كل الاوقات. طبعاً يجب ان ينصب اهتمامنا حول مسألة عدم السماح للطفل بأن يتخذ البكاء وسيلة لتحقيق اهدافه الغير مشروعة، ولا يجعله حالة طبيعية. ولا يصبح سبباً لدلاله وتملقه، ولا يتخذ البكاء طريقة منتظمة، ولا يصدر بصورة أمر أو الحاح. وان لا يتحول الطفل الى فرد متطبع على الحمل والاحتضان وكلما نضعه على الارض يشرع بالبكاء. وحتى لو بكى أحياناً لمدة ١٥-٣٠ دقيقة فليس ذلك مهماً بالنسبة لنا، ولكن لابد من الالتفات والحذر لئلا يتبادر له هذا التصور؛ وهو ان الأم والأب لا يبالون به ولا يعيرونه أهمية تذكر، إذ ان الخطر في ذلك يكمن هنا :

سيشعر الطفل بفقدان الملاذ، ويفقد الأمل بالحياة تدريجياً، ثم يتحول فيما بعد الى فرد حاد المزاج، تابع لغيره، يسيء الظن بالآخرين، وأحياناً يعيش منزوياً أيضاً ، وذو سلوك غير اعتيادي ، مضطرب، عصبي و...الخ.

وفي بعض الموارد قد يتسبب عدم القيام بالحؤول دون البكاء أو عدم الاهتمام به الى خلق المخاطر للطفل. فمثلاً من الممكن ان يكون زنبور قد دخل بين ثيابه أو ان يكون في حالة الاختناق وانقطاع النفس. ناهيك عن ان الأطفال أحياناً وبسبب البكاء وبلع الهواء يتقيؤون بشدة ويمكننا قبل ذلك ان نكتشف اتساع معدتهم.

تهدئة الطفل من البكاء :

من خلال الاهتمام بالموضوع اعلاه من الضروري ان نعمل على تهدئة الطفل من البكاء. وتختلف اساليب التهدئة حسب الحالات الموجودة :

* أحياناً يمكن تهدئة الطفل بواسطة احتضانه .

* وأحياناً يمكن مرافقته وابعاده عن ذلك المحيط وملاطفته بصوت هادئ.

* وأحياناً يستلزم الامر أن نظهر للطفل مقدار مواساتنا له .

* بعض الأمهات يلجأن في هذه الحالة الى وضع الثدي في فمه أو اعطائه الملهية (الحلمة البلاستيكية).

* وأحياناً يهدؤون الطفل من خلال الترنيمات وهز الطفل وتحريكه.

* ولكي يهدأ الطفل العصبي فان بعض الأمهات يقمن بوضعه على بطنه أو ضغطه بشكل محكم في الحضن...

التحذيرات :

الموارد التي مر ذكرها صحيحة، وكل منها ضروري في محله، ولكن من الضروري أيضاً الالتفات الى الملاحظات ادناه.

١- ان لا يكون اسلوبنا المستخدم بالشكل الذي يصبح معه الطفل غوغائياً، ويتخذ بكائه طابع العادة.

٢- منذ ان يبدأ الطفل بالقدرة على الكلام والنطق، يجب أن نحاول معه على تبيان ما يريد بالكلام لا بالبكاء.

٣- لا تضربوه بسبب بكائه؛ لأن ذلك لا يؤدي الى حل المسألة، وحاولوا ان تثنوه عن البكاء بالدلال أو الاهمال.

٤- لا يحبذ استخدام الأدوية المانعة للبكاء دون ترخيص الطبيب.

٥- من الضروري مراجعة الطبيب في حالات البكاء الشديد، والبكاء المصحوب بالعصبية والفوران. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.