المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

العصر البرونزي المبكر (القديم 3200-2000 ق.م).
2023-04-01
التأثرات الكارهة للماء
29-3-2021
مونتاج المسح
26/9/2022
الأمانة
22-9-2016
تبايـن نـظم تـقييم جـدارة الائتـمان المؤسسـي وأثـرها فـي رصـد الشـركـات
2023-07-17
العمل بالخبرِ الموثَّق
31-8-2016


الطفل والحاجة الى المشاركة في الحياة الاجتماعية  
  
1576   11:01 صباحاً   التاريخ: 20/12/2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص401ــ412
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-1-2016 2360
التاريخ: 19-6-2016 2089
التاريخ: 16/9/2022 2269
التاريخ: 19-6-2016 2727

ان الانسان موجود اجتماعي، سواء بالذات وبالفطرة أو بالاكتساب. وعندما ينمو تدريجياً ويكبر سيكتشف بأن سعادته مرهونة بسعادة المجتمع وان نموه وتكامله وأمنه متعلق بهذا الامر. وبناء على هذا الاساس عليه ان ينظم حياته ووضعه بما يتناسب والحياة الاجتماعية.

ومن هذا المنطلق تتوفر هذه الأرضية والحالة لدى الافراد، حيث يصر الانسان على العيش بين الناس وعلى الانسجام مع الضوابط والمقررات الاجتماعية ومع ما يريده المجتمع أيضاً. وعلى هذا الاساس يرى نفسه بأنه محتاج الى مسألة مشاركته في الحياة الاجتماعية، وان تكون له مسؤولية معينة ازاء الخدمات التي يقدمها الآخرون.

حاجة الطفل ورغبته بالمشاركة :

ان الطفل بحاجة الى المساهمة في الحياة الاجتماعية من جهة ، وهو يحب هذا العمل ويميل اليه من جهة اخرى. ومقدار حاجته هذه تتمثل بمقدار مساهمته في الحياة الاجتماعية واحتياجه لتعاون الآخرين. ومقدار رغبته وميله في المساهمة يصل الى درجة يمكن القول معها بأنه متعطش للمساهمة، ومتلهف لها، إذ يريد من خلال ذلك يشغل نفسه من جهة ويعبر عن نفسه من جهة اخرى.

كما ان مطالبته بان يوكل إليه عمل معين في البيت ليتمكن من انجازه ويشعر من خلال ذلك بالرضا، انما يتعلق بمسألة اشباع هذه الحاجة. وبحدود السنة الثالثة فما فوق تجدون الاطفال بأنهم اكثر تفاعلاً من غيرهم في هذا المجال ويريدون خلق موجبات سعادتهم وسعادة الآخرين أيضاً.

جذور ومنشأ هذه الحاجة :

لقد قيل الكثير بشأن جذور واسباب هذه الحاجة، واهمها يتمثل بمشاعر التعلق. إذ يقولون بأن الطفل يريد ان ينظم الى الجماعة ويكون عضواً من اعضاء اسرته ولغرض تحقيق تقدمٍ ما في هذا المسار يرى نفسه ملزماً باداء عمل ما في محيط العائلة، وان يجد سبيلاً لاثبات هذه العضوية من خلال مساهمته في صنع القرار.

ومن ناحية أخرى فانه يطالب بالتماسك، والمطلوب في هذا التماسك المواساة والتعاون أيضاً. فعندما يساهم الطفل ويشارك في أمور العائلة فهو في الواقع يبين نفسه بعنوان المواسي والملازم لوالديه بالرغم من أنه لا يؤدي عملاً مهماً في محيط العائلة إلا انه يرضي ضميره بذلك على الاقل.

ومن جهة ثالثة فان التمهيد للاشتغال والانشغال، ومماثلة الأب والأم، وتقمصه دور والديه تعتبر من الامور التي تحمل الطفل على تنفيذ تلك الخطط. وفي كل الاحوال فان هذا الامر يتجلى في الاطفال كحاجة ويبدون من انفسهم جهداً حثيثاً لغرض الحصول على المسؤولية والتكليف.

ضرورة ذلك للأطفال :

ان المشاركة والمساهمة في الحياة لاجتماعية وممارسة ذلك يعد امراً ضرورياً للطفل، ليس فقط لسد احتياجاته المادية ، بل بهدف ايجاد العادات الملائمة في هذا المجال وايجاد روحية التعاون والعقلائية المدروسة والدؤوبة عند الطفل بحيث لا يشعر لاحقاً بالتعب والنصب ولا ينزعج من ادائها.

ويتوجب عليه ان يساهم في الامور، لكي يدخل تدريجياً الى عالم الآخرين والكبار، والنجاح في هذا الامر يحتاج الى الاقتراب من اعمال وخطط الكبار وهو مضطر الى تحتل المسؤوليات المطلوبة في هذا المجال ويدخل قدر المستطاع في الحياة الاجتماعية ويستفيد منها.

ومن جهة أخرى فان الطفل سيقع في المستقبل القريب وسط مجموعة من المسؤوليات والمشاكل الاجتماعية المتعددة ولغرض نجاحه في ذلك لا بد له ان يمتلك الاستعداد اللازم والممارسة اللازمة. وفضلاً عن ان المشاركة في الحياة الاجتماعية تمنح هذه الفرصة للطفل فإنها تحمله أيضاً على ان يعرف نفسه ومكانته تدريجياً ويتأقلم مع الموازين الاجتماعية.

واخيراً ومن زاوية أخرى فان تكامل اي شخص يرتبط بتكامل المحيطين به وتأمين احتياجاتهم. وعلى هذا الاساس لا يمكن توكيل أمر الطفل إلى نفسه أو التغافل ولو بشكل محدود عن مسألة عدم مشاركته في المجتمع - انه بأمس الحاجة لأن يشارك الآخرين ويعمل معهم على قدر استطاعته وقدرته على دفع الاهداف الجماعية في الحياة الى الامام.

فوائد ذلك للطفل:

بعد الاشارة الى ضرورة هذه المشاركة من الممكن التطرق أيضاً الى فوائدها ومزاياها فيما يتعلق بحياة الطفل التي يمكن اجمالها بما يلي :

ـ ادراك وتفهم مسؤولية الحياة الفردية والاجتماعية.

ـ ادراك مسألة كيفية مواصلة الحياة مع الجماعة وبأي الظروف وما هي الاصول والضوابط التي عليه قبولها.

ـ تمهيد الارضية الملائمة لقبوله وانسجامه اجتماعياً .

ـ رفع مستواه الاخلاقي ومستوى معاشرته في هذا المجال.

ـ تقوية وتطوير افكاره وتهيئة المقدمات اللازمة بحل المشاكل والمعضلات الحياتية الفردية والاجتماعية.

ـ امتلاك الجرأة والجسارة على خوض غمار العمل وبذل الجهد.

ـ تقوية ارادة الطفل وعزمه.

ـ ازالة قلق الطفل وتخوفه.

ـ تعليمه دروس العفو والتجاوز، والتحمل، والوفاء، والمساعدة، والطاعة، والتعاون، والشعور بالمسؤولية، والشعور بالترابط والملازمة والتعاون مع الآخرين، والنشاط في اداء الواجبات وتحمل المسؤولية خلال انجاز الأعمال والمنافسات.

ـ امتلاك الثقة بالنفس والقدرة على الاعتماد على النفس.

ـ وأخيراً التمهيد لبناء الطفل وتعويده على الاشتغال ، إذ انه يعد من ضروريات حياته في المستقبل.

اضرار فقدانها:

يمكن فهم أهمية وضرورة هذه المشاركة بشكل اكبر عندما نسلب من الطفل هذه الفرصة والامكانية. ففي تلك الحالة سنقف امام طفل تابع تماماً. ومستهلك، وعيناه ترجو من الآخرين، وبانتظار ان يقوم الآخرون بإنجاز عمل ما له لكي يشعر بالنجاح والتوفيق في هذا الامر.

ان الطفل الذي لا يمتلك الفرصة للمشاركة في الحياة الاجتماعية سيجد نفسه فيما بعد وحيداً ويتصور انه لا يملك الجدارة والقدرة على الحياة الاجتماعية ولا يستطيع ان يكون بين الآخرين ومعهم . وسوف يستحوذ عليه شعور عظيم بالصغر والضعة لدرجة لا يمكنه معها ان يشعر بشيء من الراحة إلا الاستسلام المطلق والخضوع لرأي الآخرين ووجهة نظرهم فقط.

كما ان الذين لم تكن لهم ادنى مشاركة اجتماعية سوف لن يكون بوسعهم فيما بعد ان يحصلوا على قبول الجماعة لهم وان يلفتوا انظار الآخرين نحوه. ولهذا السبب فان اغلبهم يعانون من ضعف واهتزاز الشخصية كما أن حياتهم الفردية ستكون مقرونة بالاضطراب والقلق والشعور بالخجل.

من اي سن تبدأ المشاركة ؟ :

ويمثل ذلك سؤالاً مطروحاً أمامنا، وهو من أي سن ينبغي علينا ان ندعو الطفل للمشاركة ؟ ومن أي مرحلة يجب ان نحمله على المشاركة في امور البيت أو في الخارج مع الابوين والآخرين ؟

الجواب ان يحصل ذلك ابتداء من الوقت الذي يجد الطفل ان لديه ادنى قدرة ممكنة على ذلك وبإمكانه ان يتحرك ويطوي مسيرة معينة.

وتوضيح ذلك ان الطفل يبدأ بالقدرة على السير بحدود الشهر الثامن عشر من عمره وفي السنة الثانية من عمره يقدر على السير دون الحاجة الى مساعدة الآخرين وينقل نفسه من مكان الى آخر. وفي هذه المرحلة ليس بمقدوره أن يتكلم ويتبادل وجهات النظر ولكن بإمكانه ان يفهم كلام الآخرين ويستوعب أوامر والديه ونواهيهم. ومن هذه المرحلة من العمر يلزم أن نشاركه في الأمور وحسب قدرته على ذلك.

ومن المعلوم لديكم أن اصغر الاطفال بإمكانهم مساعدة الابوين في جمع سفرة الطعام، وجلب الملاعق، والمنشفة، والاطباق، والملح و.... وقد لا تكون مسألة المساعدة هنا هي المنظورة ولكنها تمثل تمريناً للطفل على المشاركة على الاقل وتصبح السبب في اكتسابه اولى التجارب في هذا المجال.

وبإمكانكم في بعض الحالات ان توكلوا له امر الاهتمام بطفل صغير، واطلبوا منه ان يضع الحليب في فمه، وبوسعكم ان تطلبوا منه اطعام الطيور، واسقاء حاويات الازهار، ويجمع الاوراق الممزقة والمبعثرة في الغرفة ويساعدكم في تنشيف الاطباق البلاستيكية وغيرها.

وشجعوه في هذه المشاركات والمساهمات، وعلموه طريقة هذه المشاركة، وضعوا بين يديه الخطة والبرنامج في ذلك، وحددوا له نوعية نشاطه، وخذوا قدرته بنظر الاعتبار، ولا تغفلوا عن توجيهه وارشاده في كل الاحوال، وطبعاً لا تفرضوا عليه شيئاً في هذا المجال، ولا تخلقوا العراقيل امامه ولا تجعلوه يعاني من المشقة والمصاعب.. وعندها سيكون الامل قوياً بأن يعتاد على هذا الاسلوب.

التدريبات اللازمة في هذا المجال :

خلال التمرن على المشاركة في الامور الاجتماعية وحمل الطفل على تعلم ضوابط هذه المشاركة وأصولها من الضروري أيضاً ان يصار الى القيام بجهد معين في هذه الجوانب ومنها :

١- الالمام بالمجتمع واسلوب الحياة وتقاليده وآدابه ورسومه، ذلك انه بدون هذه المعرفة والالمام لا يتيسر اداء عمل وفقاً لما يتناسب مع مصالح المجتمع وينسجم مع طبيعته.

٢- الالمام بمفاهيم الحياة الاجتماعية مثل المرافقة. والتعاون، والمساعدة، وقيمة وأهمية كل منها في ميدان الحياة الاجتماعية والمسؤولية التي يتحملها الانسان ازاء المجتمع في هذا المجال.

٣- الالمام بالتغييرات والتحولات الاجتماعية والآثار التي تملكها هذه التحولات في مجال اتخاذ المواقف ومسؤولية الانسان ازائها والاجراءات البناءة والايجابية التي يمكن ان يمتلكها كل فرد في هذا المجال.

٤- الالمام بمقررات وضوابط المجتمع والوفاء لها واطاعة القوانين المدروسة واسلوب المحافظة على الأمن والمصالح ومتابعة السلوك الذي نتيجته تتمثل بخير وصلاح الآخرين وعلى اساس اتباع الحق.

٥- الالمام بواجبه ومسؤوليته في الظروف والاحوال المختلفة وتسخير العقل في هذا المجال ولا بد من مراعاتنا للالتزام والتعهد الذي اخذناه على انفسنا امام الله والناس في هذا المجال.

٦-التحرر من علائق النفس واهوائها والانضمام الى المسيرة التي تهدف الى الحق وليس الأنا. وان كنا نعطي الاهمية لميول وطلبات النفس يجب ان لا ننسى ما يحتاجه الآخرون.

٧- اداء المسؤوليات على اساس الادوار والهويات وبشأن الدور الذي يجب ان يتحمله الافراد في المستقبل القريب. والمساهمات الحالية يجب ان تمثل تمريناً وممارسة لإيفاء واجبات رجال ونساء الجيل القادم.

الادوات اللازمة في هذا الطريق:

في سبيل تربية الطفل على المشاركة في الحياة الاجتماعية من الضروري ان نجهزه بالأدوات والوسائل، وأيضاً بالقواعد والمقررات لكي لا يتعرض في حياته الحالية وفي المستقبل الى المعاناة والمشاكل. وتلك القواعد والوسائل كثيرة وبعضها كما يلي: التعاون والمزاملة، الصفاء والصدق، مراعاة الجوانب الاخلاقية، تحمل المسؤولية، احترام مشاعر ومعتقدات الآخرين ومراعاة توقعاتهم، الرغبة في العمل، مراعاة حقوق الآخرين، واحترام شخصية الافراد والابتعاد عن الخجل، الخروج من قوقعة الانزواء، الثبات والاخلاص، الابتعاد عن الرياء، المرافقة والانسجام، معرفة التكليف، مراعاة المصلحة العامة، التنازل عن جزء من اللذائذ والمنافع الشخصية لمصلحة المجتمع، نكران الذات لصالح خدمة الآخرين، الالمام بفنون المعاشرة والصحبة و...

ولا شك في ان ما ذكرناه يعد من المراتب العالية والسامية للمعاشرة والأنس، ولا يستحق الطفل ان تترجم كل هذه المسائل بشأنه، ولكن يجب ان لا ننسى، بأن الاسس والثوابت التي نغرسها فيه في المرحل الأولى من العمر ستبقى فيه للأبد بكل ثبات ورسوخ. ولهذا السبب فان مقدمات استعداده لتقبل الموارد اعلاه يجب ان تخلق فيه تدريجياً وبما يتناسب مع عمره وادراكه وفهمه.

مساهمات الابوين :

قلنا انه يجب تهيئة موجبات مشاركة الطفل في الحياة الاجتماعية منذ المراحل وسني عمره الأولى، وبالقدر الذي يتحمله. ويمثل ذلك احدى جوانب القضية، وفيما يتعلق بالبيت والاعمال البسيطة الموجودة في هذا المجال فقط . ولكن هناك مسائل أخرى في هذا المجال جديرة بالذكر.

والمفروض ان ينصبّ جزء من تربية الطفل على تعريفه بالعلم الخارج عن محيط البيت وعلى الوالدين ان يساهموا في تهيئة هذه المشاركة. وعلى سبيل المثال لا خير في ان يستصحب الأب طفله في بعض الاحيان ويأخذه معه الى محل عمله، أو الى الدائرة، أو الى المجتمع ويفهمه بعض المسؤوليات التي يتحملها الافراد بشأن المشاركة الاجتماعية أو ان يعرفه ببقال أو خباز المحله، ويطلب منهم ان يعطوه ما يريده لشرائه منهم متى ما اقبل عليهم. وعلى هذا الأساس يقوم الأب بنقل عالم مشاركة الطفل الى خارج محيط البيت.

كما يمكن للأب ان يعطي درساً عملياً بشأن المشاركات الاجتماعية من خلال سلوكه وتصرفاته. وعلى سبيل المثال لا الحصر لو رأى الاب حجراً أو قشر بطيخ على قارعة الطريق عليه ان يبعده عن طريق الناس، ولو رأى في المجالس والتجمعات التي يحضرها بعض الاوراق الممزقة والمبعثرة عليه ان يبادر الى جمعها والقائها في المزبلة.

وعلى الابوين أيضاً ان يعلّموا الاطفال عملياً وعن طريق الايحاء والتلقين أيضاً درس مواصلة العمل، والمقاومة والاستقامة ويفهمونهم أيضاً انه ومن اجل تطوير أهداف المجتمع فان ذلك بحاجة الى المثابرة والدأب. وعليه؛ يجب عليهم ان لا يشعروا بالتعب والسأم من اداء نشاط معين ولا يرون براءة ذمتهم بإنجازهم لواجب معين.

حدود التوقع، من الطفل

وهذه المسألة جديرة بالذكر أيضاً، إذ لا يمكن ان نتوقع منه الكثير من الفعل. فهو طفل ومشغول بعالمه الخاص. واداء الاعمال وبذل الجهد يشكلان بالنسبة له صفة العب والترفيه وليس صفة الاشتغال والواجب. ومرد حملنا اياه على العمل والمشاركة في أمور الاسرة والمجتمع قبل السن المعينة يعود الى اننا نريد له ان يتقن مقدمات العمل ويتمرن على المشاركة والعمل، وعلى هذا الاساس فإننا وبالرغم من حرصنا على ايجاد وخلق هذه العادات لدى الاطفال نسعى أيضاً الى ابعادهم عن اجواء الفرض والضغط التعامل الجدي مع المسائل وتحذيرهم منها.

والقاعدة التي يقول بها الاسلام ان الطفل يجب ان يترك حراً في السنوات السبع الأولى من عمره. حيث نقوم بتجديد وتعيين الواجب والتكليف له، ولكن في حالة الغفلة أو عدم النجاح لا نؤاخذه على ذلك.

ان الاطفال ليس بمقدورهم ان يتحملوا المزيد من المسؤولية على عاتقهم أو يقبلوا الاعمال الثقيلة والشاقة. ولكن بوسع الآباء ان يقبلوا منهم الاعمال البسيطة التي يقدرون على ادائها. ان مقدرتهم على اداء مساهماتهم الاجتماعية محدودة جداً ولكن لو شجعتموهم على ذلك فانهم سوف يبدون رغبتهم وحماسهم تجاه ذلك، وهذا بحد ذاته يؤثر في توسيع روح المساهمة والتعاون لدى الاطفال.

وفي حالة اناطة المسؤوليات الى الطفل يجب ان تأخذوا بنظر الاعتبار الظروف والاوضاع المحيطة. فعندما تتيسر للطفل فرص اللعب والترفيه والركض وخاصة مع الاقران والاصدقاء من الخطأ في تلك اللحظة اناطة مسؤولية معينة للطفل ونؤاخذه على ذلك، دعوه في تلك اللحظة مشغولاً بعالمه الخاص.

الممنوعات والمحاذير :

١- شجعوا الطفل على المشاركة، ولكن لا تدفعوه الى التسابق والتنافس، إذ من المحتمل ان تكمن الهزيمة في ذلك.

٢- ان اناطة العمل والمسؤولية لغرض المشاركة يعد امراً سليماً وصائباً ولكن استثمار الطفل امرٌ ممنوع.

٣- من الخطأ ان يحمل الآباء اطفالهم على اداء عمل معين بهدف حصولهم على الهدوء والراحة خاصة اذا فهم الاطفال ذلك.

٤- ليس من الصواب اناطة العمل الذي فشلتم في ادائه الى الطفل.

5ـ لو ارتكب خطأ ما خلال ادائه لعمل معين لا تعاقبوه على ذلك ولا تجيزوا توبيخه.

٦- لا تتوقعوا انجاز كافة الاعمال والامور المناطة بالطفل وعلى احسن وجه.

٧- لا تلجأوا مطلقاً الى اناطة عمل ما للطفل بدون ارشاده وتعريفه بكيفية ذلك العمل وجزئياته.

٨- احرصوا على ان لا تدعوا مطلقاً عمل الطفل الجيد والايجابي ان يمرّ بدون الثناء عليه وتكريمه. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.