العوامل البشرية المؤثرة في النقل: تؤثر العوامل البشرية في جغرافية النقل من خلال ما يلي:

- توزيع السكان وكثافتهم: يعد النقل من العوامل الهامة الأساسية المؤثرة في توزيع سكان العالم، بحيث اسهم النقل لاسيما البحري في اكتشاف العالم الجديد واستحداث طرق جديدة تجارية رخيصة، مما أدى إلى نشوء عدة مدن بحرية وأصبحت حالياً من المدن الكبرى في العالم مثل كاب تاون، البندقية، مرسيليا جنوه، الإسكندرية، بور سعيد، الإسماعلية، بومباي، كلكتا وغيرها. وأصبحت المواصلات إحدى العوامل الرئيسة التي أدت إلى تركز السكان في أطراف القارات والدول بحيث أن الجغرافي المعاصر بيير جورج يقدر أن نسبة 65% من سكان الأقاليم المعتدلة يعيشون قرب البحار والمحيطات.

هناك علاقة وثيقة بين الكثافة السكانية وكثافة شبكات طرق النقل البري وتنوع وسائط ه فكلما ارتفعت الكثافة السكانية ازدادت شبكات النقل البري كثافة والعكس صحيح وهناك ارتباط وثيق الصلة بين كثافة السكان والنشاط الاقتصادي، حيث تتميز المناطق كثيفة السكان بوجود نشاط اقتصادي كثيف يعتمد بالدرجة الأولى على توافر عامل النقل ونشاط حركة التبادل التجاري والعكس صحيح بالنسبة للمناطق المخلخلة بالسكان، لذا فالارتباط طردي بين كثافة السكان وكثافة شبكات النقل.

ولوسائط النقل المائية أهمية كبيرة على تجمع السكان حول الأنهار أو على السواحل أو على جوانب الأقنية المائية الملاحية مثل معظم مدن العالم الكبرى على سواحل البحار أو المحيطات كمدن أوروبا وآسيا مثل باريس وآيسن و بوخوم وغيرهما وكذلك على جوانب أنهار ألمانيا الغربية الروهر) (والراين وموسكو على قناة موسكو (تربط بين نهري الفولغا وأوكا) والمدن المصرية الكبيرة الواقعة على شواطئ نهر النيل وقناة السويس مثل بور سعيد والإسماعيلية وغيرها. وتمثل شبكات النقل شرايين تنقل الحياة والحركة والازدهار البشرى والاقتصادي للأقاليم التي تمتد فيها، ولو تتبعنا خرائط العالم التي تهتم بالكثافة السكانية وشبكات النقل نجد ان ارتفاع شبكات النقل البري كالطرق او السكك الحديدية في المناطق التي ترتفع بها الكثافة السكانية وذلك لما تتطلبه مقتضيات الحياة وحاجة الانسان الى الانتقال والحركة من اجل الحصول على ما يستطيع ان يوفر له متطلبات استمرار وديمومة العيش ، ففي أسيا نلاحظ ارتفاع كثافة شبكات النقل بشكل كبير في اليابان وشبه جزيرة كوريا، اما شبكات النقل البري في الصين والهند ذات الكثافة السكانية المرتفعة أقل كثافة وتنوعاً من دول غرب أوروبا والولايات المتحدة وتكون اكثر ازدحاماً في اندونيسيا وحوض نهر الجانح، الا انها تنخفض في المناطق الجليدية او المناطق الصحراوية وما يلاحظ ايضا ارتفاع شبكات النقل شمال القارة الافريقية الا انها تنخفض وبشدة في المنطقة الصحراوية المسماة الصحراء الكبرى، حيث تتضاءل كثافة شبكات النقل بها حتى إن بعضها يكاد يخلو من الطرق لضآلة حجم السكان وانخفاض كثافتهم، وترتفع كثافة شبكات النقل في القسم الشمالي من ليبيا الا انها تنخفض في قسمها الجنوبي بسبب انخفاض كثافة السكان، وفي نفس الوقت ترتفع كثافة السكان في استراليا بشكل كبير في اقاليم سيدني وملبورن بيرث وفر يمنتلو هي نفسها نطاقات أكثف شبكات النقل في القارة الاسترالية شأنها في ذلك شأن النطاقات الساحلية في قارة أفريقيا خاصة في الشمال والجنوب.

ويرجع الارتباط الوثيق بين كثافة السكان وشبكات الطرق إلى وجود نشاط اقتصادي كبير شجع على التبادل التجاري والحركة سواء للسلع والمنتجات ام للأفراد اعتمادا على شبكات الطرق، ومن الطبيعي أن يتباين حجم حركة النقل وكثافة شبكات الطرق في مثل هذه الأقاليم تبعا لعدة معايير تأتي في مقدمتها معيار الانشطة الصناعية والزراعية ومدى تطور الدولة وقوتها الاقتصادية ونظامها السياسي الذي تتبعه مما يؤدي الى تباين كثافة شبكات النقل في الأقاليم الصناعية والأقاليم التي يسودها نشاط اقتصادي محدود.

وبين الأقاليم الصناعية والأقاليم الزراعية وبين أقاليم الزراعة الكثيفة وأقاليم الزراعة الواسعة. الى تنوع النشاط الاقتصادي وأنماطه ومستواه كما تزداد الحاجة في المجتمعات الصناعية كثيفة السكان إلى شبكات كثيفة من الطرق المختلفة لتربط مناطق الإنتاج بكل من مصادر الخامات وأسواق تصريف الإنتاج الداخلية والخارجية على حد سواء، لذا تفوق كثافة شبكات النقل هنا مثيلتها في الأقاليم الزراعية، وهذا يفسر الفرق في كثافة شبكات النقل بين أقاليم البحيرات العظمى في أمريكا الشمالية وجزيرة جاوه باندونيسيا.