أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2016
4287
التاريخ: 5-4-2016
2478
التاريخ: 8-3-2021
2379
التاريخ: 18/11/2022
1426
|
إن خصوصية إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري أمام المحكمين يرجع بصفة أساسية إلى سببين: الأول: أن المحكمين ليس لهم قانون اختصاص "Lex Fori" وفقا للرأي الغالب في قضاء التحكيم الدولي المعاصر(1)، ونتيجة لذلك تكون القواعد ذات التطبيق الضروري لدى المحكمين أجنبية وتعامل على هذا الأساس، ومن ثم تفقد التفرقة بين القواعد ذات التطبيق الضروري في دولة القاضي وبين تلك التي توجد في القوانين الأجنبية أهميتها لدى المحكمين، ومن ثم وحسب رأي جانب من الفقه (2) فلا يتصور إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري أمام المحكمين إلا وفقا للمنهج الأحادي، مادام لا يوجد عندهم قانون اختصاص ينطوي على القواعد الخاصة التي تؤدي إلى الإعمال المزدوج لمثيلاتها في القانون الأجنبي. بل أن أصطدام القواعد ذات التطبيق الضروري بالنظام العام يتخذ صورة خاصة أمام المحكمين نتيجة لعدم توافر قانون اختصاص داخلي لهم(3). ومن ثم ينعدم وجود النظام العام وفقا للمعنى المحدد لهذه الفكرة في القانون الداخلي، وكل ما يقوم به المحكم هو احترام النظام العام الدولي(4)، فضلا عما يضطر إليه من احترام النظام العام في دولة مقر التحكيم (5) أو التي يتوقع تنفيذ حكمه فيها رعاية لمبدأ الفعالية(6). ومع أن المحكم ليس له قانون اختصاص إلا أن جانبا من الفقه (7) أراد الربط بين التحكيم الدولي والنظام القانوني لدولة معينة، فأكد أن المحكمين لهم قانون اختصاص داخلي، إلا أنهم اختلفوا في تحديد هذا القانون بين قانون دولة مقر التحكيم، أو قانون الدولة التي اختار الأطراف قانونها، أو قانون الدولة التي استبعد الأطراف اختصاص محاكمها بنظر الدعوى لوجود شرط التحكيم، أو الدولة التي اختار المحكمون الرجوع إلى قواعد الإسناد المقررة في قانونها(8)، ومقتضى هذا الرأي ضرورة رجوع المحكم إلى قواعد الإسناد في هذه الدولة أو تلك عند الفصل في النزاع بوصفه قانون اختصاص المحكم أسوة بقاضي هذه الدولة، وهو ما يقتضي إعمال ما يتضمنه قانونها من قواعد الإسناد، فضلا عما ينطوي عليه هذا القانون من قواعد ذات تطبيق ضروري(9).
إلا أن المحكم من وجهة نظر جانب آخر من الفقه (10) لا يتقيد في الغالب بأحكام القانون الدولي الخاص في دولة معينة، فهو يلجأ أحيانا إلى ما يسمى بالتطبيق الجامع الأنظمة القانون الدولي الخاص المحيطة بالنزاع، أو لمبادئ القانون الدولي الخاص بصفة عامة دون التقيد بنظام دولة محددة بالذات، أو للمبادئ التي استقر عليها العمل في التحكيم التجاري الدولي والمستقاة من العقود النموذجية، فضلا عن المبادئ العامة التي يمكن أن تعد في مجموعها جزءا من القانون الدولي المعاصر تقوم إلى جانب ما يتضمنه هذا القانون من أحكام موضوعية لتنظيم روابط التجارة الدولية، وتتضمن هذه المبادئ فضلا عن القواعد الموضوعية التي تطبق مباشرة على الروابط العقدية المطروحة، قواعد الإسناد المستقر عليها التي يفضل المحكمون اختيارها بوصفها قواعد الإسناد الملائمة لظروف التجارة الدولية، ومثل هذه المبادئ العابرة للحدود وأن تضمنت قواعد للإسناد فضلا عن الأحكام الموضوعية المستقرة في الأعراف الدولية والتي تعد من قبيل القواعد المادية في القانون الدولي الخاص من وجهة نظر هذا الرأي التي يمكن تطبيقها مباشرة على العلاقة المطروحة دون الالتجاء إلى منهج قاعدة الإسناد، إلا أنها لا تنطوي على القواعد ذات التطبيق الضروري لان الأخيرة بطبيعتها من قواعد القانون الداخلي لدولة معينة وتسري بصفة أساسية على العلاقات الداخلية و ان كان من المتصور تطبيقها في الروابط الدولية لتصبح على هذا النحو من القواعد الأمرة الدولية. ولما كان المحكم لا يملك قانون اختصاص داخلي لدولة معينة فمن المتعذر عليه هنا إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري في قانون القاضي ومن ثم تصبح القواعد ذات التطبيق الضروري كافة أجنبية، وتعامل على هذا الأساس أمام المحكم.
و السبب الثاني في خصوصية إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري أمام المحكمين يرجع إلى الطابع الاتفاقي للتحكيم، فالمحكم يستمد سلطاته من اتفاق الأطراف (11)، ومن ثم فهو لا يستطيع الخروج كمبدأ عام عن هذه الإرادة أو الإخلال بالتوقعات المشروعة للأطراف (12). وهذا ما يفسر اتجاه بعض أحكام التحكيم إلى إنزال نصوص القانون المختار منزلة الشروط التعاقدية مما يسمح للمتعاقدين بالتثبيت الزمني لأحكام هذا القانون (13) حتى لا يفاجأ بأي تعديلات تشريعية لاحقة على إبرام العقد، فضلا عن تجريد القانون المختار من القدرة على إبطال العقد خلافا لما يتوقعه الأطراف، وحتى أحكام المحكمين التي احتفظت بصفته الآمرة فقد منحت للمتعاقدين حرية واسعة في اختيار القانون حتى لو كان عديم الصلة بالعلاقة العقدية احتراما التوقعات الأطراف (14)، بل أن اتجاهات المحكمين في تطبيق عادات التجارة الدولية وأعرافها قد برره البعض (15) على أساس ارتياح المتعاقدين لقواعد القانون التجاري المشترك الذي اعتادوا على التعامل على أساسه. وإذا سكت المتعاقدون عن اختيار قانون العقد ولم يجد المحكم في الأعراف التجارية الدولية حكمة النزاع المطروح فانه يطبق في العادة قواعد الإسناد التي يراها ملائمة للبحث عن القانون واجب التطبيق، والملاحظ على غالبية أحكام المحكمين أنها تفضل تطبيق القانون الذي يتوقعه الأطراف وذلك من خ لال قواعد الإسناد في الدول المرتبطة بالنزاع باعتبارها القواعد المستقرة في المحيط الضيق للأطراف، أو في المبادئ العامة في القانون الدولي الخاص باعتبارها من القواعد المعترف بها دوليا ومن ثم تكون الأقرب إلى توقعات الأطراف.
لذلك فعدم توافر قانون اختصاص للمحكم من ناحية، في الوقت الذي يتعين فيه على هذا الأخير أن يحترم توقعات الأطراف من ناحية أخرى، هو الذي يضفي على حلول التنازع بین القواعد ذات التطبيق الضروري التي تريد الانطباق طابعها الخاص أمام المحكمين، إذ لا يتصور من ناحية التفصيل المسبق القواعد ذات التطبيق الضروري التي تنتمي إلى قانون القاضي لان المحكم ليس له قانون اختصاص، ومن ناحية أخرى يتوجب على المحكم احترام توقعات الأطراف ومن ثم تفضيل قواعد البوليس التي يتوقعها هؤلاء .
____________
1- د. حسني المصري، التحكيم التجاري الدولي، دراسة مقارنة، دار الكتب القانونية، مصر، من دون سنه نشر ، ص305؛ وينظر :
Helena Carlquist, Op., Cit., P33.
2- د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990، ص 75
3- د. أشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، دراسات في قضاء التحكيم، دار الكتب القانونية، مصر، 2009، ص919.
4- من الأمثلة على مخالفة النظام العام الدولي، العقود المتعلقة بالفساد، والاحتيال، والرشوة، والتمييز العنصري، وغسيل الأموال، والاتجار بالمخدرات و الرقيق والأطفال، والاتجار غير المشروع بالأسلحة، وخاصة أسلحة الدمار الشامل، وانتهاك حقوق الإنسان. ينظر: د. حمزة حداد، بطلان حكم التحكيم لمخالفته للنظام العام في القوانين العربية، ورقة عمل مقدمة لملتقى مكة الثاني للتحكيم للفترة من 20-21/5/2008 ، ص. 1-11. منشورة على الموقع الآتي:
http://www.aiadr.com/aiadr%20re/22.pdf
تاريخ الزيارة2011/12/7
5- ينظر في أحترام القواعد ذات التطبيق الضروري في دولة مقر التحكيم د. أياد محمود بردان، التحكيم والنظام العام ، دراسة مقارنة الطبعة الاولى منشورات الحلبي الحقوقية بيروت –لبنان 2004، ص17 4- 441 ویری جانب من الفقه أن للأطراف اختيار القانون الذي يحكم العقد مثار المنازعة مادام لا يصطدم بالقواعد الآمرة في النظم القانونية ذات الشأن كقانون الدولة التي أبرم فيها اتفاق التحكيم، و قانون مكان التحكيم، و قانون دولة التنفيذ. ينظر: د. أبو زيد رضوان، الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي، القاهرة، 1981، ص 44 و 129 - 130
6- ينظر في مبدا الفعالية د. طرح البحور علي حسن فرج، تدويل العقدة دراسة تحليلية على ضوء الاتفاقية الخاصة بالقانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية الموقعة في روما 19 يونيو 1980، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2000 ، ص 232
7- Yves Deirains, Les noms d'application immediate dans la jurisprudence arbitrale internationale, Etudes offerts, P32
نقلا عن د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990، ص 755 .
8- فقد يجد المحكم أن القانون الأكثر ارتباطا بالفزاع هو قانون مكان إبرام العقد، أو قانون مكان تنفيذه، أو قانون بلد المصدر، أو المستورد، أو قانون البلد الذي يجري فيه التحكيم... الخ. ينظر: د. محمود مختار أحمد بريري، ص 135
9- على الرغم من أن المحكم ليس له قانون اختصاص إلا أنه يطبق على النزاع في الغالب قواعد القانون التي يراها ملائمة للنزاع، قله الحرية مع قيد النظام العام- في تطبيق قانون وطني معين أو قانون أجنبي معين كما قد تكون له حرية التطبيق لهذا القانون أو ذاك وحده أو بالتزاوج بينهما، بل ليس هناك ما يمنعه من اختيار قاعدة إسناد معينة من قواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص للاهتداء إلى القانون الموضوعي و أجب التطبيق دون أن يتقيد بطريقة محددة أو ملزمة في اختيار هذه القاعدة، و النص الذي يعطي مثل هذه الحرية تجده في المادة (1496) من قانون المرافعات الفرنسي، و المادة (39/2) من قانون التحكيم المصري، إلا أن هذه الحرية الواسعة لا يتمتع بها المحكم كاملة إذا اقتصر المشرع على الاعتراف للمحكم باختيار القانون الذي يطبقه على النزاع عند عدم اتفاق الأطراف على هذا القانون إذا يطبق القانون الموضوعي الذي تسفر عنه قاعدة الإسناد التي أعملها باعتبارها القاعدة الأنسب للنزاع. ينظر: د. حسني المصري، التحكيم التجاري الدولي، دراسة مقارنة، دار الكتب القانونية، مصر، من دون سنه نشر ، ص 355-359؛ وينظر في القاعدة الأنسب التي يطيقها المحكم أحمد الورفلي، التحكيم الدولي، في القانون التونسي والقانون المقارن ، مطبعة الاطراش لنشر وتوزيع الكتاب المختص ، تونس 2006 ، ص 605.
10- د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990، ص756-757.
11-Louise Barrington, Law to Be Applied in Intemational Arbitration, P86. http://aculextransnational.com/pdfLB_2001_08_Law_to_Be_Applied in International_Arbitration.pdf
تاريخ الزيارة 2011/12/7
12- د. أشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، دراسات في قضاء التحكيم، دار الكتب القانونية، مصر، 2009 ، ص 120 .
13- يقصد بالتثبيت الزمني أو شرط الثبات التشريعي تجميد القانون الوطني للدولة المتعاقدة على الحالة التي كان عليها وقت إبرام العقدة بحيث يمتنع على الدولة إجراء أي تعديل أو تغيير على أحكام قانونها الوطني والتي من شأنها المساس بالعلاقة التعاقدية القائمة بينها وبين متعاقدها الخاص، ينظر لمزيد من التفاصيل حول هذا الشرط د. وليد محمد عباس، التحكيم في المنازعات الادارية ذات الطبعة التعقاقدية ، دراسة مقارنة في فرنسا ومصر ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي ، دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية ، 2010، ص 671.
14- لذلك يذهب جانب من الفقه إلى القول بأنه لا يوجد احد من المحكمين قد وضع جانية اختيار الأطراف الصريح تلقانون على أساس أنه غير متصل بنظام قانوني محدد وكثير من أحكام التحكيم أقرت اختيار الأطراف لقانون غير مرتبط بالعقد. ينظر في هذه الأحكام :
Lando, Ole, The Law Applicable to the Merits of the Dispute, in: Sarcevic (ed.), Essays on Interational Commercial Arbitration, Boston, London 1991, P135. http://trans-lex.org/114900
تاريخ الزيارة 2011/12/7
15- د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990 ، ص 766 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|