اثر السطح الجغرافي المفتوح على استخدام الاسلحة

تتيح المناطق السهلية المفتوحة للمهاجمين امكانية استخدام استراتيجية القوات المحمولة والاستخدام الكثيف للمدرعات الدبابات وناقلات الجنود وهي بما توفره من سهولة الحركة، فان السهول تسمح للمهاجم بالضغط السريع على القوات المدافعة وكشف مناطق ضعفها تمهيدا لاختراقها. وقد استخدم الجيش الاسرائيلي استراتيجية القوات المحمولة في حروبه عام ١٩٦٧ و ۱۹۷۳، وفي الايام الاولى لحرب ۱۹۸۲ غير ان طبيعة السطح الجغرافي الوعر في لبنان اثبتت فشل تلك الاستراتيجية وعدم ملائمتها للسطح الجغرافي الوعر، وضرورة اقتصار تطبيقها على السطوح السهلية المفتوحة، كتلك الموجودة في سيناء، والى حد ما في هضبة الجولان. وقد ادت الخسائر الكبيرة التي الحقتها قوات المقاومة الفلسطينية واللبنانية بين صفوف الدبابات الاسرائيلية، الى تغيير استراتيجية القوات المحمولة، التي اتبعها الجيش الاسرائيلي في اعقاب حرب عام ١٩٥٦ وقامت القوات الاسرائيلية المهاجمة للبنان، بنشر قوات المشاة امام الدروع، لحمايتها بدل ان يحتمي جند المشاة بالمدرعات والدبابات.

وتتيح المناطق السهلية المفتوحة للمهاجم فرص استخدام استراتيجية الالتفاف، او تطويق القوات المعادية. ويعود ذلك بالدرجة الاولى الى صعوبة حماية الجبهة السهلية، واحجام المدافع عن نشر قواته على طول الجبهة السهلية، حفظا لها من التدمير لانكشافها. وعليه فان المدافع يقوم بتعزيز نقاط محددة على طول الجبهة السهلية، ويعتمد في غالب الاحيان على الدفاع المتحرك اكثر من الدفاع الثابت، خاصة اذا زاد عرض جبهة القتال. ونظرا لما توفره التكنولوجيا الحديثة من وسائل الاستطلاع والاستكشاف، فقد يتم اكتشاف مواقع القوات واماكن تجميعها والالتفاف عليها، أو تطويقها. وتتفادى الجيوش احيانا الاشتباك مع عدوها في قتال جبهوي أو خطي للتقليل من الخسائر المحتملة.

وتتعرض خطوط الامداد والتزويد للمدافعين لخطر الانقطاع بسبب انكشافها، خاصة لطائرات سلاح الجو المعادي. وتوفر المناطق السهلية للمدافع فرص الرماية البعيدة والتغطية الواسعة لميدان الرمي والاستغلال الامثل لكفاءة الاسلحة والذخائر. كما تمنح المناطق السهلية المفتوحة للمدافعين فرص استخدام تنظيم تسليحي متكامل من حيث دمج الاسلحة المختلفة من دروع ومشاة ومدفعية بطريقة توفر الفعالية والكفاءة المثلى.

وتفرض ظروف البيئة الصحراوية على المدافعين انتهاج استراتيجية الدفاع المتحرك، ذلك أن الاعتماد على أسلوب الدفاع الثابت في البيئات الصحراوية المكشوفة، سيعرض الوحدات المدافعة للخسائر، نظرا لانشكافها امام العدو، وخاصة امام طائراته المقاتلة. ولذلك تعمد الجيوش الى اتباع استراتيجية تحطيم قوات العدو المهاجمة بدلا من الاحتفاظ بمواقع جغرافية محددة. غير أن بعض الصحاري لا تخلو من المواقع الطبيعية، التي تشكل بحد ذاتها موانع طبيعية تصلح لان تكون مواقع دفاعية ثابتة، يمكن تعزيزها واعتمادها كمراكز اتصال، قيادة ونقاط تموين وتزويد ومثال ذلك ممرات متلا والجدي والختمية في صحراء سيناء، وميناء طبرق في ليبيا، الذي اتخذه الحلفاء مركزا للتزويد في معركة العلمين في الحرب العالمية الثانية.