الحرب : عرف القائد العسكري کلاوزفتز الحرب على انها استمرار للسياسة بطرق عنيفة. وهي طريقة غير ودية لحل الصراعات بين الدول او المجموعات السياسية. فهي استمرار للسياسة التي قد تتبعها دولة ما، الا انها بحد ذاتها ليست سياسة, ويختلف الباحثون في تصنيف دراسات الحرب ضمن العلوم، او ضمن الفنون. ذلك ان ادراج الحرب ضمن الدراسات العلمية يجعلها خاضعة لقوانين واسس علمية ثابته يتابعها الجميع، مع بعض التعديلات التي تلائم الظروف الخاصة. وكون دراسات الحرب من الفنون يقصيها عن مجال البحث العلمي واستخلاص قوانين واسس علمية ثابته. وينطبق ذلك على كثير من مجالات البحث في العلوم الاجتماعية. ومدى إخضاع الظواهر الاجتماعية والسلوك البشري الى قوانين واسس ثابته تحكم نشؤها، تطورها، حرکتها، وزوالها هو موضوع واسع وشائك، الا اننا يمكننا القول ان الحرب هي علم وفن في آن واحد. ففي حين تشترك الحروب في عناصر محددة، يتميز بعضها مميزات فردية تجعل تطبيق تلك القوانين عليها أمرا صعبا. لذلك فان للحرب جانبين احدهما عام يمكن ان تشترك فيه الحروب ويخضع لقوانين العلم، واخر خاص، يمكن اعتباره فن الحرب الذي قد يتميز فيه أحد القادة عن غيرة، او هذا الميدان عن ذاك، او هذه الظروف عن تلك. فتطبيق قواعد وقوانين الحرب لا يمكن ان يتماثل في كل الحالات، لان الحروب لا تواجه نفس الظروف دائما.

وقد تغيرت الطبيعة الجغرافية للحروب، فقد منعت الأسلحة الذرية الصدام العسكري المباشر بين القوى العسكرية العالمية، وبدأت معظم الحروب في دول العالم الثالث النام، بين الدول الصغيرة بعضها مع بعض، وبين القوى المحلية المتصارعة على السلطة. ولذلك فانه يمكن وصف معظم الصراعات العسكرية العالية في الوقت الحالي أنها صراعات للسيطرة على السلطة، أو سيطرة الحكومات على الشعوب، والاقليات، والقوميات المختلفة.

وتتميز کثیر من الصراعات العسكرية في العالم على انها صراعات حول الاقاليم الجغرافية، او حول المصادر الطبيعية، او حول الشخصية والكيان القومي، وليس لتحقيق الأهداف السياسية للدول والامبراطوريات. فكثير من النزاعات العسكرية هي ذات اسس اقتصادية جغرافية عجزت الوحدات السياسية عن تحقيقها بالطرق السلمية. فقد ضمت كثير من الأراضي بقوة السلاح تحت شعار التطور الاقتصادي، واحتلت اراضي تحت شعار الوحدة الوطنية). وهذا الاتجاه في اسباب واهداف الحروب ليس حديثا حيث كتب افلاطون في كتاب الجمهورية يقول: اذا أردنا أن نحصل على ارض كافية للرعي والزراعة، فيجب علينا أن نقتطع جزء من اراضي جيراننا، وعليهم أن يفعلوا نفس الشيء اذا استطاعوا.