أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-30
409
التاريخ: 2024-06-11
687
التاريخ: 28-9-2016
1994
التاريخ: 11-2-2022
2038
|
أهداف الدرس:
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يبيّن كيف تكون الذنوب والمعاصي حائلاً دون وصول الإنسان إلى الغاية.
2- يتعرّف إلى بعض الآثار السلبية للذنوب وتأثيرها على سلوك الإنسان المعنوي.
3- يطّلع على الطريق العملي للتخلّص من الذنوب والمعاصي.
حجاب الذنوب والمعاصي:
إذا كان الإنسان باحثاً عن الله بحكم فطرته، والأنبياء يسعون على الدوام إلى ربطه بخالقه وحثّه على التوجه إليه، فإنّ ما يحول بين الإنسان وبلوغ هذا الهدف السامي المنشود هو عصيانه لإرادة الله ومخالفته لحكمه. فالحقّ تعالى ولأجل إيصال الإنسان إلى مقام الخلافة الكبرى {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]، جعل له برنامج الشريعة الذي يضبط من خلاله شهواته ونزواته ويمكّنه من السيطرة على حاجاته، لتتفتح بعدها استعداداته الكامنة نحو الخير المطلق والجمال اللامتناهي. ففي الحديث القدسي أنّ الله عزّ وجلّ يقول: "يا ابن آدم: أنا غنيّ لا أفتقر، أطعني فيما أمرتك أجعلك غنياً لا تفتقر، يا ابن آدم أنا حيّ لا أموت أطعني فيما أمرتك أجعلك حياً لا تموت يا ابن آدم: أنا أقول للشيء كن فيكون أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشيء كن فيكون" (1).
هذا البرنامج الإلهي يهدف بالدرجة الأولى إلى تنظيم علاقة الإنسان بالملذّات والشهوات لأجل كفِّ النفس وكبح جماحها وانفلاتها، وبالدرجة الثانية إلى إبراز مكامن الجمال فيها من خلال العبادة والطاعة، لذا حذّر الباري جلّ وعلا من تعدّي هذه الحدود الإلهية فقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229]. لأنه عندما يخالف المرء هذا البرنامج، ويطلق العنان لشهواته، ويعصي خالقه، فإنّ الآثار السلبية لهذه المخالفة والعصيان ستبرز في النفس والقلب، وتلوّث باطن الإنسان، ما يمنع من بروز الجمال الحقيقيّ وسطوع أنوار الكمال فيه.
الآثار السلبية للذنوب:
من آثار الذنوب السلبية أنها سببٌ في:
1 ـ كدورة القلب وظلمته: وانسداد باب الفيض الإلهي عنه، فعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "في القلب نكتة بيضاء، فإذا أذنب العبد خرج من تلك النكتة نقطة سوداء، فإذا تاب العبد زال ذلك السواد، وإذا تمادى في الذنوب زاد السواد حتى يغطي القلب كله، وعندها لا يعود صاحبه إلى خير أبداً. ثمّ تلا قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]" (2).
2 ـ دخول النار: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 14].
3 ـ عدم تقبّل الحقائق الإلهية: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} [الروم: 10]..
4 ـ قسوة القلب: فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "ما جفّت الدموع إلَّا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلَّا لكثرة الذنوب" (3).
5 ـ الحرمان من الخيرات: فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "إنَّ الله قضى قضاء حتما ألَّا ينعم على عبد بنعمة فيسلبها إياه حتّى يحدث العبد ذنباً يستحقّ بذلك النقمة" (4).
6 ـ تسلّط الأعداء على الإنسان: فعن إمامنا الصادق عليه السلام: "يقول الله عزّ وجلّ: إذا عصاني من عرفني، سلّطت عليه من لا يعرفني" (5).
علاج الذنوب والمعاصي:
فالعاصي بمعصيته كأنّه يقول لله الذي بيده كلّ خير: أنا لا أريدك! ومن هنا نفهم لماذا كانت الذنوب حجاباً بين الإنسان المذنب وكماله.
ومن اللازم الالتفات إلى أنّ ترك الذنب هو أهون عملٍ يمكن أن يقوم به الإنسان. ولهذا جُعِل بالعموم على رأس المطالب الإلهية.
ولعلّ هذا المعنى متضمنٌ في حديث أمير المؤمنين عليه السلام حينما يقول: "إنَّ ترك الذنب أهون من طلب التوبة" (6)؛ لأنَّه عندما يصل الأمر بالإنسان من خلال التمادي في الذنوب إلى صيرورة المعصية ملكةً راسخة وعادةً مستحكمة في نفسه، فإنّ الإقلاع عنها يصبح أمراً في غاية الصعوبة. ولكن لا نقول مستحيلاً، لأنّ باب التوبة يبقى مفتوحاً أمام الإنسان، وعندما يقرّر الإنسان العودة إلى الله والرجوع إليه فسوف يجد رباً رحيماً تواباً غفوراً {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]، {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
حجاب الهوى وحبّ النفس:
الهوى هو حبّ الشيء والميل إليه والتعلّق به واشتهاؤه. وهوى النفس هو عبارة عن حبّ النفس وميل الإنسان إلى اتّباع الأوامر الصادرة عنها بدل اتّباع أوامر الله والالتزام بأحكامه.
فالأمر الصادر عن النفس إن كان خيراً ولم يكن في طاعة الله ولأهداف إلهية فهو مخالفٌ لإرادة الله وبالتالي باطل، وإن كان شراً فهو صادرٌ عن النفس الأمّارة بالسوء التي تأمر الإنسان بالسوء دائماً وتدفعه إلى معصية الرب ومخالفة أمره.
وقد تحدث الله تعالى عن هذه الحقيقة وأشار إلى أن المتّبع لهواه في الحقيقة عابدٌ لغير الله {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23]
الآثار السلبية لاتّباع الهوى:
المشكلة الكبرى في هذه التبعيّة للنفس تكمن في أنّها تضلّ الإنسان عن جادة الحقّ والصراط المستقيم، كما قال عزّ اسمه {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} [الأنعام: 119]. والأخطر من ذلك أن اتّباع الهوى يصدّ عن سبيل الحقّ، ويحول دون الوصول إليه، وهل بعد سبيل الحقّ إلّا الضلال!؟ فعن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: "إنَّما أَخاف عليكم اثنتين، اتّباع الهوى وطول الأَمل، أَما اتّباع الهوى، فإنه يصَّد عن الحق، وأَمّا طول الأَمل فينسي الآخرة" (7).
لذا كان أمر الله وحكمه واضحاً وصريحاً بضرورة تجنّب هوى النفس وطاعتها، لأنَّها لن تورث الإنسان إلَّا العذاب والضلال {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26].
علاج اتّباع الهوى:
المؤمن الواعي والصادق يكفيه أن يعرف الأضرار والمساوئ الناجمة عن اتّباع الهوى وحبّ النفس، وما وعد الله به الذين يخافونه في الغيب من الجنان، حتى يقلع عنه {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40، 41]. فإذا كان اتّباع الهوى دعوةً لاتّباع أوامر النفس على حساب أوامر الحق وإرادته، فإنّ العلاج يكمن في أمرٍ واحد هو مخالفة هذه الأوامر النابعة من النفس والاحتكام عوضاً عنها إلى أحكام الشريعة في كافّة شؤون حياتنا لأنه {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "خالف نفسك تستقم" (8).
فمخالفة النفس وإشغالها دائماً بالطاعات والواجبات الشرعيَّة بحيث لا يعود لها أي فرصةٍ لتلبية الأهواء والشهوات يشكّلان السبيل الوحيد للتكامل والرقيّ الإنساني، كما أنّ معاشرة الصالحين وترك صحبة رفاق السوء لها الأثر الأكبر في توجيه الإنسان نحو معالي الأخلاق وعدم التلوّث في مستنقع الرذائل.
المفاهيم الرئيسة:
1 ـ الأنبياء يسعون على الدوام إلى ربط الإنسان بخالقه وحثّه على التوجّه إليه، ولكن ما يحول بين الإنسان وبلوغ هذا الهدف السامي المنشود هو عصيانه لإرادة الله ومخالفته لحكمه.
2 ـ الشريعة الإلهية تهدف أوّلاً إلى تنظيم علاقة الإنسان بالملذّات والشهوات لأجل كفِّ النفس وكبح جماحها وانفلاتها، وثانياً إلى إبراز مكامن الجمال فيها من خلال العبادة والطاعة.
3 ـ للمعاصي آثار سلبية عديدة منها: قساوة القلب وكدورته، عدم تقبّل الحقائق والعلوم الإلهية، العذاب الأليم في النار، تسلط الأعداء.
4 ـ علاج الذنوب يكمن بالإقلاع عنها من خلال الالتزام التام بشريعة الله وأحكامه ونواهيه.
5 ـ الهوى هو حبّ الشيء والميل إليه والتعلق به واشتهاؤه. وهوى النفس هو عبارة عن حبّ النفس وميل الإنسان إلى اتّباع الأوامر الصادرة عنها بدل اتّباع أوامر الله والالتزام بأحكامه.
6 ـ المشكلة الكبرى في هذه التبعيّة للنفس تكمن في أنّها تضلّ الإنسان عن جادة الحق والصراط المستقيم، والأخطر من ذلك أنّ اتّباع الهوى يصدّ عن سبيل الحق.
7 ـ التخلّص من حجاب حب النفس يمكن بمخالفتها من خلال الالتزام التام بطاعة الله واتّباع شريعته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج90، ص376.
(2) الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص273.
(3) العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج67، ص 55.
(4) الشيخ الكليني، الكافي، ج2،ص273.
(5) المصدر نفسه، ج2، ص276.
(6) العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 7، ص 367.
(7) الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 355.
(8) الآمدي، غرر الحكم، ص 237.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|