المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دين الله ولاية المهدي
2024-11-02
الميثاق على الانبياء الايمان والنصرة
2024-11-02
ما ادعى نبي قط الربوبية
2024-11-02
وقت العشاء
2024-11-02
نوافل شهر رمضان
2024-11-02
مواقيت الصلاة
2024-11-02

إصدار المواصفات.
27-6-2016
إلكترون زائد excess electron
23-2-2019
الإمام العسكري ( عليه السّلام ) ومتطلّبات الجماعة الصالحة
2023-05-15
انواع الينابيع الحارة
12-5-2016
حساسات النانو في خدمة رحلات الفضاء الخارجي
2023-12-21
Enzyme Cofactors and Vitamins
17-12-2019


رسالة الحقوق  
  
1403   05:44 مساءً   التاريخ: 1/11/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 6، ص193-204
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / التراث السجّاديّ الشريف /

تكفّلت رسالة الحقوق تنظيم أنواع العلاقات الفردية والاجتماعية للإنسان في هذه الحياة بنحو يحقّق للفرد والمجتمع سلامة العلاقات ، ويجمع لهما عوامل الاستقرار والرقيّ والازدهار .

« لقد نظر الإمام الحكيم ( عليه السّلام ) بعمق وشمول للإنسان ، ودرس جميع أبعاد حياته وعلاقاته مع خالقه ونفسه وأسرته ومجتمعه وحكومته ومعلّمه »[1] وكلّ من يرتبط به أدنى ارتباط .

ويمكن أن نقول : إنّ تنظيم العلاقات الاجتماعية على أساس تعيين مجموعة الحقوق بشكل دقيق هو الرصيد الأول للنظام الاجتماعي الإسلامي ، وهو المبنى المعقول للتشريعات الإسلامية عامّة ، فإنّ الذي يفهم بعمق هذه الرسالة ويدرس بدقّة حقوق الخالق وحقوق المخلوقين بعضهم تجاه بعض يتسنّى له أن يفهم أسرار التشريع الإسلامي وفلسفة الأحكام التي جاءت بها الشريعة الإسلامية لتنظيم حياة الإنسان فردا ومجتمعا .

إنّ العدالة الاجتماعية أو الاقتصادية أو الإدارية لن تتحقّق ما لم يطبّق نظام الحقوق بشكل دقيق أوّلا ، وتنظّم الأحكام والتشريعات على أساس تلك الحقوق ، وفيما نعلم أنّ الإمام ( عليه السّلام ) قد سبق العلماء والقانونيين جميعا في دنيا الإسلام بل في دنيا الإنسان في هذا المضمار الذي على أساسه ترتكز أصول الأخلاق والتربية ونظم الاجتماع .

وقد كتب الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) هذه الرسالة العظيمة واتحف بها بعض أصحابه ، ورواها العالم الكبير ثقة الإسلام ثابت بن أبي صفيّة المعروف بأبي حمزة الثمالي تلميذ الإمام ( عليه السّلام ) كما رواها عنه بسنده المحدّث الصدوق في كتابه « الخصال » وثقة الإسلام الكليني في « الكافي » والحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّاني في « تحف العقول » وهي من المصادر القديمة الموثوقة .

والإمام ( عليه السّلام ) قبل بيانه للحقوق يشير إلى أنّ هناك حقوقا محيطة بالإنسان ، ولا بد له من معرفتها ، ثمّ يبيّن أكبر الحقوق وهو ما يرتبط باللّه سبحانه بالنسبة لعبده ، ثمّ يفرّع عليها حقوق الإنسان المفروضة من اللّه تجاه نفس الإنسان ، فيبيّن أنواع علاقة الإنسان بنفسه من خلال المنظار الآلهي ، ثمّ ينتهي إلى أنواع العلاقة بين الإنسان وبيئته التي تشتمل على قيادة ومقودين ورعاة ورعية ، مع بيانه لأنواع الأئمّة والمأمورين ودرجاتهم ، ثمّ يبيّن سائر العلاقات مع الأرحام والأسرة وأعضائها ، ثمّ من تشتمل عليه الأسرة من الموالي والجواري ، ثمّ سائر ذوي الحقوق كالمؤذّن والإمام في الصلاة والجليس والشريك والغريم والخصم والمستشير والمشير والمستنصح والناصح والسائل والمسؤول والصغير والكبير . . حتى ينتهي إلى من يشترك مع الإنسان في دينه من بني الإنسان ، ثمّ حقوق من يشترك مع الإنسان في الإنسانية وفي النظام السياسي الذي يخضع له وإن لم يكن من أهل ملّته ودينه .

وفيما يلي نصّ الرسالة كما وردت في الخصال[2]:

عرض إجماليّ للحقوق :

« اعلم ، أنّ للّه عزّ وجلّ عليك حقوقا محيطة بك في كلّ حركة تحرّكتها ، أو سكنة سكنتها ، أو حال حلتها ، أو منزلة نزلتها ، أو جارحة قلّبتها ، أو آلة تصرّفت فيها ، فأكبر حقوق اللّه تبارك وتعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقّه الذي هو أصل الحقوق ، ثمّ ما أوجب اللّه عز وجل عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك ، فجعل عزّ وجلّ للسانك عليك حقّا ، ولسمعك عليك حقّا ، ولبصرك عليك حقا ، وليدك عليك حقّا ، ولرجلك عليك حقّا ، ولبطنك عليك حقّا ، ولفرجك عليك حقا ، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال ، ثمّ جعل عزّ وجلّ لأفعالك عليك حقوقا ، فجعل لصلاتك عليك حقّا ، ولصومك عليك حقّا ، ولصدقتك عليك حقّا ، ولهديك عليك حقّا ، ولأفعالك عليك حقّا .

ثمّ تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك ، فأوجبها عليك حقوق أئمّتك ، ثمّ حقوق رعيّتك ، ثمّ حقوق رحمك ، فهذه حقوق تتشعّب منها حقوق ، فحقوق أئمّتك ثلاثة ، أوجبها عليك حقّ سائسك بالسلطان ، ثمّ حقّ سائسك بالعلم ، ثمّ حقّ سائسك بالملك ، وكلّ سائس إمام .

وحقوق رعيتك ثلاثة ، أوجبها عليك حقّ رعيتك بالسلطان ، ثمّ حقّ رعيتك بالعلم ، فإنّ الجاهل رعية العالم ، ثمّ حقّ رعيّتك بالملك من الأزواج وما ملكت الأيمان ، وحقوق رعيّتك كثيرة متّصلة بقدر اتّصال الرحم في القرابة ، وأوجبها عليك حقّ امّك ، ثمّ حقّ أبيك ، ثمّ حقّ ولدك ، ثمّ حقّ أخيك ، ثمّ الأقرب فالأقرب والأولى فالأولى ، ثمّ حقّ مولاك المنعم عليك ، ثمّ حقّ مولاك الجارية نعمته عليك[3] ، ثمّ حقّ ذوي المعروف لديك ، ثمّ حقّ مؤذّنك لصلاتك ، ثمّ حقّ إمامك في صلاتك ، ثمّ حقّ جليسك ، ثمّ حقّ جارك ، ثمّ حقّ صاحبك ، ثمّ حقّ شريكك ، ثمّ حقّ مالك ، ثمّ حقّ غريمك الذي تطالبه ؟ ثمّ حقّ غريمك الذي يطالبك ، ثمّ حقّ خليطك ، ثمّ حقّ خصمك المدّعي عليك ، ثمّ حقّ خصمك الذي تدّعي عليه ، ثمّ حقّ مستشيرك ، ثمّ حقّ المشير عليك ، ثمّ حقّ مستنصحك ، ثمّ حقّ الناصح لك ، ثمّ حقّ من هو أكبر منك ، ثمّ حقّ من هو أصغر منك ، ثمّ حقّ سائلك ، ثمّ حقّ من سألته ، ثمّ حقّ من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل عن تعمّد أو غير تعمّد ، ثمّ حقّ أهل ملّتك عليك ، ثمّ حقّ أهل ذمّتك ، ثمّ الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال وتصرّف الأسباب .

فطوبى لمن أعانه اللّه على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ، ووفّقه لذلك وسدّده .

تفصيل الحقوق :

حق اللّه :

فأمّا حقّ اللّه الأكبر عليك : فأن تعبده لا تشرك به شيئا ، فإذا فعلت بالإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة .

حقّ النفس :

وحقّ نفسك عليك : أن تستعملها بطاعة اللّه عزّ وجلّ .

حقوق الأعضاء :

1 - وحقّ اللسان : إكرامه عن الخنى ، وتعويده على الخير ، وترك الفضول التي لا فائدة لها ، والبرّ بالناس ، وحسن القول فيهم .

2 - وحقّ السمع : تنزيهه عن سماع الغيبة ، وسماع ما لا يحلّ سماعه .

3 - وحقّ البصر : أن تغضّه عمّا لا يحلّ لك وتعتبر بالنظر به .

4 - وحقّ يدك : أن لا تبسطها إلى ما لا يحلّ لك .

5 - وحقّ رجليك : أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحلّ إليك ، فبهما تقف على الصراط ، فانظر أن لا تزلّ بك فتردى في النار .

6 - وحقّ بطنك : أن لا تجعله وعاء للحرام ، ولا تزيد على الشبع .

7 - وحقّ فرجك : أن تحصنه عن الزنا ، وتحفظه من أن ينظر إليه .

حقوق الأفعال :

1 - وحقّ الصلاة : أن تعلم أنّها وفادة إلى اللّه عزّ وجلّ وأنت فيها قائم بين يدي اللّه عزّ وجلّ ، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرّع المعظّم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار ، وتقبل عليها بقلبك ، وتقيمها بحدودها وحقوقها .

2 - وحقّ الحجّ : أن تعلم أنّه وفادة إلى ربّك ، وفرار إليه من ذنوبك ، وبه قبول توبتك ، وقضاء الفرض الذي أوجبه اللّه عليك .

3 - وحقّ الصوم : أن تعلم أنّه حجاب ضربه اللّه على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ليسترك به من النار ، فإن تركت الصوم خرقت ستر اللّه عليك .

4 - وحقّ الصدقة : أن تعلم أنّها ذخرك عند ربّك عزّ وجلّ ، ووديعتك التي لا تحتاج الإشهاد عليها ، فإذا علمت ذلك كنت بما تستودعه سرّا أوثق منك بما تستودعه علانية ، وتعلم أنّها تدفع البلايا والأسقام عنك في الدنيا ، وتدفع عنك النار في الآخرة .

5 - وحقّ الهدى : أن تريد به وجه اللّه عزّ وجلّ ، ولا تريد به خلقه ، ولا تريد به إلّا التعرض لرحمة اللّه ونجاة روحك يوم تلقاه .

حقوق الأئمّة :

1 - وحقّ السلطان : أن تعلم أنّك جعلت له فتنة ، وأنّه مبتل فيك بما جعله اللّه عزّ وجلّ له عليك من السلطان ، وأنّ عليك أن لا تتعرّض لسخطه فتلقى بيدك إلى التهلكة ، وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء .

2 - وحقّ سائسك بالعلم : التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه ، والإقبال عليه ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، وأن لا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدّث في مجلسه أحدا ، ولا تغتاب عنده أحدا ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه ، وتظهر مناقبه ، ولا تجالس له عدوّا ، ولا تعادي له وليّا ، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة اللّه بأنّك قصدته وتعلّمت علمه للّه جلّ اسمه لا للناس .

3 - وأمّا حقّ سائسك بالملك : فأن تطيعه ولا تعصيه إلّا فيما يسخط اللّه عزّ وجلّ ، فإنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

حقوق الرعيّة :

1 - وأمّا حقّ رعيّتك بالسلطان : فأن تعلم أنّهم صاروا رعيّتك لضعفهم وقوّتك ، فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر اللّه عزّ وجلّ على ما آتاك من القوّة عليهم .

2 - وأمّا حقّ رعيّتك بالعلم : فأن تعلم أنّ اللّه عز وجل إنّما جعلك قيّما لهم فيما آتاك من العلم ، وفتح لك من خزائنه ، فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تفجر عليهم زادك اللّه من فضله ، وإن أنت منعت النّاس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقّا على اللّه عزّ وجلّ أن يسلبك العلم وبهاءه ، ويسقط من القلوب محلّك .

3 - وأمّا حقّ الزوجة : فأن تعلم أنّ اللّه عزّ وجلّ جعلها لك سكنا وانسا ، فتعلم أنّ ذلك نعمة من اللّه عليك ، فتكرمها وترفق بها ، وإن كان حقّك عليها أوجب فإنّ لها عليك أن ترحمها ، لأنّها أسيرك وتطعمها وتكسوها ، فإذا جهلت عفوت عنها .

4 - وأمّا حقّ مملوكك : فأن تعلم أنّه خلق ربّك وابن أبيك وامّك ولحمك ودمك ، لم تملكه لأنّك صنعته دون اللّه ، ولا خلقت شيئا من جوارحه ولا أخرجت له رزقا ، ولكنّ اللّه عزّ وجلّ كفاك ذلك ، ثمّ سخّره لك وائتمنك عليه واستودعك إيّاه ، ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فأحسن إليه كما أحسن اللّه إليك ، وإن كرهته استبدلت به ، ولم تعذّب خلق اللّه عزّ وجلّ ، ولا قوّة إلّا باللّه .

حقوق الرحم :

1 - وحقّ امّك : أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبال أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحى وتظلّك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقتك الحرّ والبرد لتكون لها ، فإنّك لا تطيق شكرها إلّا بعون اللّه تعالى وتوفيقه .

2 - وأمّا حقّ أبيك : فأن تعلم أنّه أصلك ، وأنّه لو لاه لم تكن ، فمهما رأيت في نفسك ممّا يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه ، فاحمد اللّه واشكره على قدر ذلك ، ولا قوّة إلّا باللّه .

3 - وأمّا حقّ ولدك : فأن تعلم أنّه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا وليته من حسن الأدب ، والدلالة على ربّه عزّ وجلّ ، والمعونة له على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه .

4 - وأمّا حقّ أخيك : فأن تعلم أنّه يدك وعزّك وقوّتك ، فلا تتّخذه سلاحا على معصية اللّه ، ولا عدّة للظالم لخلق اللّه ، ولا تدع نصرته على عدوّه والنصيحة له ، فإن أطاع اللّه وإلّا فليكن اللّه أكرم عليك منه ، ولا قوّة إلّا باللّه .

5 - وأمّا حقّ مولاك المنعم عليك : فأن تعلم أنّه أنفق فيك ماله ، وأخرجك من ذلّ الرقّ ووحشته إلى عزّ الحرية وانسها ، فأطلقك من أسر الملكة ، وفكّ عنك قيد العبودية ، وأخرجك من السجن ، وملكك نفسك ، وفرّغك لعبادة ربّك ، وتعلم أنّه أولى الخلق بك في حياتك وموتك ، وأنّ نصرته عليك واجبة بنفسك وما احتاج إليه منك ، ولا قوّة إلّا باللّه .

6 - وأمّا حقّ مولاك الذي أنعمت عليه : فأن تعلم أنّ اللّه عزّ وجلّ جعل عتقك له وسيلة إليه ، وحجابا لك من النار ، وأنّ ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة بما أنفقت من مالك وفي الآجل الجنّة .

حقوق عامّة الناس والأشياء :

1 - وأمّا حقّ ذي المعروف عليك : فأن تشكره وتذكر معروفه وتكسبه المقالة الحسنة وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين اللّه عز وجل ، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرّا وعلانية ، ثمّ إن قدرت على مكافأته يوما كافيته .

2 - وأمّا حقّ المؤذّن : أن تعلم أنّه مذكّر لك ربّك عزّ وجلّ ، وداع لك إلى حظّك ، وعونك على قضاء فرض اللّه عليك ، فاشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك .

3 - وأمّا حقّ إمامك في صلاتك : فأن تعلم أنّه قد تقلّد السفارة فيما بينك وبين ربّك عزّ وجلّ ، وتكلّم عنك ولم تتكلّم عنه ، ودعا لك ولم تدع له ، وكفاك هول المقام بين يدي اللّه عزّ وجلّ ، فإن كان به نقص كان به دونك ، وإن كان تماما كنت شريكه ، ولم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه وصلاتك بصلاته فتشكّر له على قدر ذلك .

4 - وأمّا حقّ جليسك : فأن تلين له جانبك ، وتنصفه في مجازاة اللفظ ، ولا تقوم من مجلسك إلّا بإذنه ، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك ، وتنسى زلّاته ، وتحفظ خيراته ، ولا تسمعه إلّا خيرا .

5 - وأمّا حقّ جارك : فحفظه غائبا ، وإكرامه شاهدا ، ونصرته إذا كان مظلوما ، ولا تتّبع له عورة ، فإن علمت عليه سوءا سترته عليه ، وإن علمت أنّه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه ، ولا تسلّمه عن شديدة ، وتقيل عثرته ، وتغفر ذنبه ، وتعاشره معاشرة كريمة ، ولا قوّة إلّا باللّه .

6 - وأمّا حقّ الصاحب : فأن تصحبه بالتفضّل والإنصاف ، وتكرمه كما يكرمك ، وكن عليه رحمة ، ولا تكن عليه عذابا ، ولا قوّة إلّا باللّه .

7 - وأمّا حقّ الشريك : فإن غاب كفيته ، وإن حضر رعيته ، ولا تحكم دون حكمه ، ولا تعمل رأيك دون مناظرته ، وتحفظ عليه ماله ، ولا تخونه فيما عزّ أو هان من أمره ، فإنّ يد اللّه تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا ، ولا قوّة إلّا باللّه .

8 - وأمّا حقّ مالك : فأن لا تأخذه إلّا من حلّه ، ولا تنفقه إلّا في وجهه ، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك ، فاعمل فيه بطاعة ربّك ، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع السعة ، ولا قوّة إلّا باللّه .

9 - وأمّا حقّ غريمك الذي يطالبك : فإن كنت موسرا أعطيته ، وإن كنت معسرا لرضيته بحسن القول ، ورددته عن نفسك ردّا لطيفا .

10 - وحقّ الخليط : أن لا تغرّه ، ولا تغشّه ولا تخدعه ، وتتّقي اللّه تبارك وتعالى في أمره .

11 - وحقّ الخصم المدّعي عليك : فإن كان ما يدّعي عليك حقّا كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه ، وأوفيته حقّه ، وإن كان ما يدّعي باطلا رفقت به ، ولم تأت في أمره غير الرفق ، ولم تسخط ربّك في أمره ، ولا قوّة إلّا باللّه .

12 - وحقّ خصمك الذي تدّعي عليه : إن كنت محقّا في دعوتك أجملت مقاولته ولم تجحد حقّه ، وإن كنت مبطلا في دعوتك اتّقيت اللّه عزّ وجلّ وتبت إليه وتركت الدعوى .

13 - وحقّ المستشير : إن علمت أنّ له رأيا أشرت عليه ، وإن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم .

14 - وحقّ المشير عليك : أن لا تتّهمه فيما لا يوافقك من رأيه ، فإن وافقك حمدت اللّه عزّ وجلّ .

15 - وحقّ المستنصح : أن تؤدّي إليه النصيحة وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به .

16 - وحقّ الناصح : أن تلين له جناحك ، وتصغي إليه بسمعك ، فإن أتى الصواب حمدت اللّه عزّ وجلّ ، وإن لم يوافق رحمته ولم تتّهمه ، وعلمت أنّه أخطأ ، ولم تؤاخذه بذلك إلّا أن يكون مستحقّا للتهمة فلا تعبأ بشيء من أمره على حال ، ولا قوّة إلّا باللّه .

17 - وحقّ الكبير : توقيره لسنّه ، وإجلاله لتقدّمه في الإسلام قبلك ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه إلى طريق ولا تتقدّمه ، ولا تستجهله ، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحقّ الإسلام وحرمته .

18 - وحقّ الصغير : رحمته في تعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له .

19 - وحقّ السائل : إعطاؤه على قدر حاجته .

20 - وحقّ المسؤول : إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله ، وإن منع فاقبل عذره .

21 - وحقّ من سرّك للّه تعالى ذكره : أن تحمد اللّه عزّ وجلّ أوّلا ثمّ تشكره .

22 - وحقّ من أساءك : أن تعفو عنه ، وإن علمت أنّ العفو عنه يضرّ انتصرت ، قال اللّه تبارك وتعالى : ( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ[4].

23 - وحقّ أهل ملّتك : إضمار السلامة والرحمة لهم ، والرفق بمسيئهم ، وتألّفهم واستصلاحهم ، وشكر محسنهم ، وكفّ الأذى عنهم ، وتحبّ لهم ما تحبّ لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبّانهم بمنزلة إخوتك ، وعجائزهم بمنزلة امّك ، والصغار بمنزلة أولادك .

24 - وحقّ أهل الذمّة : أن تقبل منهم ما قبل اللّه عزّ وجلّ ، ولا تظلمهم ما وفوا للّه عزّ وجلّ بعهده .

وقد تصدّى جملة من العلماء[5] والقانونيّين لشرح هذه الرسالة الفريدة وبشتّى اللغات وعلى مختلف المستويات ، وإن شئت التفصيل والاستضاءة بأنوارها - أكثر ممّا مرّ - فراجعها .

 


[1] حياة الإمام زين العابدين : 477 .

[2] الخصال : 564 ط . مؤسسة النشر الإسلامي .

[3] والظاهر تصحيفه ، والصواب كما سيأتي في تفصيله ( عليه السّلام ) هذه الحقوق ( حقّ مولاك الجارية نعمتك عليه ) .

[4] الشورى ( 42 ) : 41 .

[5] منهم العلّامة السيد حسن القبانچي فقد شرحها في جزئين كبيرين باسم : شرح رسالة الحقوق .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.