المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



ظاهرة البكاء في حياة الإمام زين العابدين ( عليه السّلام )  
  
1792   05:28 مساءً   التاريخ: 27/10/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 6، ص150-153
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2016 17673
التاريخ: 11-04-2015 3194
التاريخ: 13/10/2022 2670
التاريخ: 1/10/2022 2587

تختلف دواعي البكاء عند الإنسان ، فقد يبكي شوقا إلى المحبوب ، وقد يبكي اعتراضا وصرخة في وجه النظام الغشوم ، ومن هنا يمكن تفسير وفهم ما جاء من : « أنّ البكاء على الإمام أبي عبد اللّه الحسين وسيّد الشهداء ( عليه السّلام ) من عوامل السعادة الخالدة والزلفى إلى المهيمن سبحانه » .

ولم يزل خاتم الأنبياء محمّد المصطفى ( صلّى اللّه عليه واله ) يبكيه في بيته وفي المسجد وحده تارة ومع أصحابه تارة أخرى ، ويجيب من يسأله قائلا :

« أخبرني جبرئيل بقتل ولدي الحسين في جماعة من أهل بيته وأراني التربة التي يقتل فيها »[1].

مضافا إلى ما في البكاء عليه من التعريف بالقساوة التي استعملها الأمويون ولفيفهم ، ومن هنا كان الأئمّة يحثّون شيعتهم على عقد المحافل لذكر حادثة الطفّ واستدرار الدموع لكارثتها المؤلمة ، وأكثروا من بيان الأجور المترتّبة عليه إلى حد بعيد .

وغير خفيّ أنّ إكثار الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) من البكاء على أبيه سيّد الشهداء طيلة حياته لم يكن لمحض الرقّة والعاطفة ، بل إنّه ( عليه السّلام ) لاحظ به غاية سامية وهي تعريف الأجيال المتعاقبة الواعية لهذا الخطب الجليل وهو ( عليه السّلام ) شاهد حال بما جاء به الامويّون من القساوة والفظاعة وخروجهم عن الدين والشريعة وتنمّرهم تجاه العدل والمروءة والإنسانية . . .

لقد بكى على أبيه المدّة التي عاش فيها حتى قال له مولاه : إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين ، فقال : إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ ، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلّا خنقتني العبرة »[2].

وقال له آخر : أما آن لحزنك أن ينقضي ؟ فقال ( عليه السّلام ) : « ويلك لقد شكا يعقوب إلى ربّه في أقلّ ممّا رأيت حين قال : يا أَسَفى ولم يفقد إلّا ابنا واحدا وهو حيّ في الدنيا وأنا رأيت أبي وجماعة أهل بيتي يذبّحون حولي »[3].

وكان ( عليه السّلام ) إذا أخذ الإناء ليشرب الماء تذكّر عطش أبيه ومن معه فيبكي حتى يمزجه من دموعه ، فإذا قيل له في ذلك يقول : « كيف لا أبكي وقد منع أبي من الماء الذي هو مطلق للوحوش والسباع »[4].

وكثيرا ما كان يحدّث أصحابه بفوائد الحزن في مصابهم والبكاء على ما انتابهم من المحن فيقول : « أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين حتى تسيل على خدّه ؛ بوّأه اللّه في الجنة غرفا »[5] فكان صلوات اللّه عليه بإدامته البكاء على أبيه يؤجّج في الأفئدة نارا لما ارتكبه أولئك الطغاة من الجرائم والمآثم ، يأبى الحنان البشري أن يكون صاحبها إنسانا فضلا عن أن يقود امّة أو يرأس رعيّة ، وفضلا عن أن يكون خليفة في دين أو متبعا في دنيا .

وحيث لم تسعه المجاهرة بموبقات من اغتصبهم الخلافة الإلهية وجرّ إليهم الويلات ونكّل بهم ؛ اتّخذ ( عليه السّلام ) البكاء طريقا لتنبيه الناس بتلكم الجرائم ، وهذا منه أكبر جهاد ناجع في تحطيم عرش من أهلك الحرث والنسل وعاث في البلاد فسادا وخبالا ، فكان بكاؤه متمّما للنهضة المقدسة .

وقد سبقته إلى هذا الجهاد الأكبر جدّته الصدّيقة الزهراء ( عليها السّلام ) وحاولوا إسكاتها معتذرين بأنّ نفوسهم لا تطيب بطعام ولا شراب وعزيزة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) تنوح الليل والنهار فلم تهدأ عن البكاء ، فاضطر سيّد الأوصياء ( عليه السّلام ) إلى إخراجها إلى البقيع بعد أن بنى لها بيتا من جريد النخل سمّاه « بيت الأحزان » ، فإنّ الغرض تعريف الامّة من كان مستحقا للخلافة الإلهية وقد اغتصبت منه .

فالبكاء يوجب إلفات نظر الناس إلى الأسباب الباعثة عليه ، وبهذا التفحّص تتجلى لهم الحقيقة ويسطع بصيص من ألق الحقّ المحجوب بظلم الجائرين . . .[6].

لقد كان البكاء واحدا من الأساليب التي جعلها الإمام السجّاد ( عليه السّلام ) وسيلة لإحياء ذكرى كربلاء ، كما استعمل أساليب أخرى :

منها : زيارة الحسين ( عليه السّلام ) والحثّ عليها .

قال أبو حمزة الثمالي : سألت عليّ بن الحسين عن زيارة الحسين ( عليه السّلام ) فقال : « زره كلّ يوم ، فإن لم تقدر فكلّ جمعة ، فإن لم تقدر فكلّ شهر ، فمن لم يزره فقد استخفّ بحقّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) »[7]!

ومنها : الاحتفاظ بتراب قبر الحسين ( عليه السّلام ) للسجود عليه[8].

ومنها : أنّه ( عليه السّلام ) كان يتختّم بخاتم أبيه الحسين ( عليه السّلام )[9].

 


[1] كشف الغمة : 2 / 7 - 12 .

[2] أعيان الشيعة : 1 / 636 ، سيرة علي بن الحسين ( عليه السّلام ) بكاءه على أبيه .

[3] المصدر السابق .

[4] بحار الأنوار : 46 / 108 عن مناقب آل أبي طالب : 4 / 179 و 180 وعن حلية الأولياء : 3 / 138 .

[5] راجع : ثواب الأعمال : 83 .

[6] الإمام زين العابدين للسيّد الموسوي المقرّم : 360 - 365 ، نشر دار الشبستري للمطبوعات . وفي النص مقاطع أخذها من مصادر أخرى ذكرها في الكتاب .

[7] جهاد الإمام السجاد : 220 .

[8] بحار الأنوار : 46 / 79 ، باب 5 ، ح 75 .

[9] نقش الخواتيم للسيد جعفر مرتضى : 11 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.