أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2015
3335
التاريخ: 13/10/2022
2668
التاريخ: 1/10/2022
1388
التاريخ: 30-3-2016
8729
|
وكان يحثّ على الحج والعمرة بقوله : حجّوا واعتمروا تصح أجسادكم ، وتتّسع أرزاقكم ، ويصلح إيمانكم ، وتكفوا مؤونة الناس ومؤونة عيالكم »[1].
وقال ( عليه السّلام ) : « الحاج مغفور له ، وموجوب له الجنّة ، ومستأنف به العمل ، ومحفوظ في أهله وماله »[2].
وقال ( عليه السّلام ) : « الساعي بين الصفا والمروة تشفع له الملائكة »[3].
وكان ( عليه السّلام ) يدعو إلى تكريم الحجّاج إذا قدموا من بيت اللّه الحرام ويقول : « استبشروا بالحجّاج إذا قدموا وصافحوهم ، وعظّموهم تشاركوهم في الأجر قبل أن تخالطهم الذنوب »[4].
وحجّ ( عليه السّلام ) غير مرّة ماشيا كما حج أبوه وعمّه الحسن ( عليهم السّلام ) ، وحج على ناقته عشرين حجّة وكان يرفق بها كثيرا .
وقال إبراهيم بن عليّ : حججت مع عليّ بن الحسين فتلكّأت ناقته فأشار إليها بالقضيب ، ثم ردّ يده ، وقال : « آه من القصاص . . . »[5].
وكان الإمام ( عليه السّلام ) إذا أراد السفر إلى بيت اللّه الحرام احتفّ به القرّاء والعلماء ؛ لأنّهم كانوا يتزوّدون منه العلوم والمعارف والحكم والآداب ، وقال سعيد بن المسيب : إنّ القرّاء كانوا لا يخرجون إلى مكّة حتى يخرج عليّ بن الحسين ، فخرج وخرجنا معه ألف راكب[6].
وإذا انتهى الإمام إلى إحدى المواقيت التي يحرم منها ؛ يأخذ بعمل سنن الإحرام ، وإذا أراد التلبية عند عقد الإحرام اصفرّ لونه واضطرب ولم يستطع أن يلبّي ، فإذا قيل له : ما لك لا تلبّي ؟ قال : « أخشى أن أقول : لبيك ، فيقال لي : لا لبيك » .
وإذا لبّى غشي عليه من كثرة خوفه من اللّه تعالى ، ويسقط من راحلته ، ولا يزال يعتريه هذا الحال حتى يقضي حجّه[7].
وكان الإمام ( عليه السّلام ) إذا أدّى مناسكه في البيت الحرام ؛ أقبل على الصلاة تحت ميزاب الرحمة . ورآه طاووس اليماني في ذلك المكان قائما وهو يدعو اللّه ويبكي من خشية اللّه ، فلمّا فرغ من صلاته قال له طاووس : رأيتك على حالة من الخشوع ولك ثلاثة أمور ، أرجو أن تؤمنك من الخوف ، أحدها :
أنّك ابن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، الثاني : شفاعة جدّك ، الثالث : رحمة اللّه .
فأجابه الإمام ( عليه السّلام ) قائلا : « يا طاووس ، أمّا أنّي ابن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فلا يؤمنني وقد سمعت اللّه تعالى يقول : فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ [8] ، وأمّا شفاعه جدّي فلا تؤمنني ؛ لانّ اللّه تعالى يقول : وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى[9] وأمّا رحمة اللّه فاللّه يقول : إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ[10] ولا أعلم أنّي محسن »[11].
وقال طاووس : رأيت عليّ بن الحسين يطوف من العشاء إلى السحر ويتعبّد ، فإذا لم ير أحدا رمق السماء بطرفه وقال : « الهي ، غارت نجوم سماواتك ، وهجعت عيون أنامك ، وأبوابك مفتّحات للسائلين ، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) في عرصات القيامة » ثم بكى وقال : « أما وعزّتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك ، وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاكّ ، ولا بنكالك جاهل ، ولا لعقوبتك متعرّض ، ولكن سوّلت لي نفسي ، وأعانني على ذلك سترك المرخى به عليّ ، فأنا الآن من عذابك من يستنقذني ، وبحبل من اعتصم إن قطعت حبلك عنّي . . . » . ثم خرّ إلى الأرض ساجدا ، فدنوت منه ورفعت رأسه ووضعته في حجري ، فوقعت قطرات من دموعي على خدّه الشريف فاستوى جالسا ، وقال بصوت خافت : « من هذا الذي أشغلني عن ذكر ربي ؟ » .
فأجابه طاووس بخضوع وإجلال : أنا طاووس يا ابن رسول اللّه ، ما هذا الجزع والفزع ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن عاصون جانون ؟ أبوك الحسين بن عليّ وامّك فاطمة الزهراء وجدّك رسول اللّه .
فأجابه الإمام ( عليه السّلام ) : « هيهات هيهات يا طاووس ، دع عنك حديث أبي وأمي وجدّي ، خلق اللّه الجنة لمن أطاعه وأحسن ولو كان عبدا حبشيا ، وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيّدا قرشيا ، أما سمعت قوله تعالى : فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ ؟ واللّه لا ينفعك غدا إلّا ما تقدّمه من عمل صالح »[12].
دعاؤه في يوم عرفة :
وكان الإمام ( عليه السّلام ) في عرفات يقوم بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن الكريم ، وكان يدعو بدعاء جليل وهو من غرر أدعية أئمّة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، وفيما يلي بعض المقتطفات منه :
« الحمد للّه ربّ العالمين ، اللهمّ لك الحمد بديع السماوات والأرض[13] ذا الجلال والإكرام ، ربّ الأرباب ، وإله كلّ مألوه ، وخالق كلّ مخلوق ، ووارث كلّ شيء ليس كمثله شيء ، ولا يعزب[14] عنه علم شيء ، وهو بكلّ شيء محيط ، وهو على كلّ شيء رقيب .
أنت اللّه لا اله إلّا أنت الأحد المتوحّد الفرد ، وأنت اللّه لا اله إلّا أنت الكريم المتكرّم العظيم المتعظّم الكبير المتكبّر ، وأنت اللّه لا اله إلّا أنت العليّ المتعال الشديد المحال[15].
أنت الذي قصرت الأوهام عن ذاتيتك ، وعجزت الأفهام عن كيفيتك ، ولم تدرك الأبصار موضع أينيّتك ، أنت الذي لا تحدّ فتكون محدودا ، ولم تمثل فتكون موجودا ، ولم تلد فتكون مولودا .
لك الحمد حمدا يدوم بدوامك ، ولك الحمد حمدا خالدا بنعمتك ، ولك الحمد حمدا يوازي صنعك ، ولك الحمد حمدا يزيد على رضاك ، ولك الحمد حمدا مع حمد كلّ حامد .
ربّ صلّ على محمد وآله صلاة زاكية لا تكون صلاة أزكى منها ، وصلّ عليه صلاة نامية لا تكون صلاة أنمى منها ، وصلّ عليه صلاة راضية لا تكون صلاة فوقها . . . ربّ صلّ على أطائب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك ، وجعلتهم خزنة علمك وحفظة دينك ، وخلفاءك في أرضك ، وحججك على عبادك ، وطهّرتهم من الرجس والدنس تطهيرا بإرادتك ، وجعلتهم الوسيلة إليك والمسلك إلى جنّتك .
اللهمّ إنّك أيّدت دينك في كلّ أوان بإمام أقمته علما لعبادك ومنارا في بلادك ، بعد أن وصلت حبله بحبلك ، وجعلته الذريعة إلى رضوانك ، وافترضت طاعته ، وحذّرت معصيته ، وأمرت بامتثال أوامره والانتهاء عند نهيه ، وألّا يتقدّمه متقدّم ولا يتأخّر عنه متأخّر ، فهو عصمة اللائذين ، وكهف المؤمنين ، وعروة المتمسّكين ، وبهاء العالمين .
وانزع من قلبي حبّ دنيا دنية تنهى عمّا عندك ، وتصدّ عن ابتغاء الوسيلة إليك ، وتذهل عن التقرّب منك ، وزيّن لي التفرّد بمناجاتك بالليل والنهار ، وهب لي عصمة تدنيني من خشيتك ، وتقطعني عن ركوب محارمك ، وتفكّني من أسر العظائم ، وهب لي التطهير من دنس العصيان ، وأذهب عنّي درن الخطايا ، وسربلني[16] بسربال عافيتك .
ولا تكلني إلى حولي وقوّتي دون حولك وقوّتك ، ولا تخزني يوم تبعثني للقائك ، ولا تفضحني بين يدي أوليائك ، ولا تنسني ذكرك ، ولا تذهب عنّي شكرك . . . واجعل رغبتي إليك فوق رغبة الراغبين ، وحمدي إيّاك فوق حمد الحامدين ، ولا تخذلني عند فاقتي إليك .
اجعل هيبتي في وعيدك ، وحذري من إعذارك وإنذارك ، ورهبتي عند تلاوة آياتك ، واعمر ليلي بإيقاظي فيه لعبادتك ، وتفرّدي بالتهجّد لك ، وتجرّدي بسكوني إليك وإنزال حوائجي بك ومنازلتي إيّاك[17] في فكاك رقبتي من نارك ، وإجارتي ممّا فيه أهلها من عذابك ، ولا تذرني في طغياني عامها[18] ولا في غمرتي[19] ساهيا حتى حين ، ولا تجعلني عظة لمن اتّعظ ، ولا نكالا لمن اعتبر ، ولا فتنة لمن نظر ، ولا تمكر بي فيمن تمكر به ، ولا تستبدل بي غيري . . . واجعل قلبي واثقا بما عندك ، وهمّي مستغرقا لما هو لك ، واستعملني بما تستعمل به خالصتك ، وأشرب قلبي عند ذهول العقول طاعتك . . . وصن وجهي عن الطلب إلى أحد من العالمين ، وذبّني عن التماس ما عند الفاسقين ولا تجعلني للظالمين ظهيرا ولا لهم على محو كتابك يدا ونصيرا . . . »[20].
دعاؤه يوم عيد الأضحى :
كان الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) يستقبل يوم عيد الأضحى بالابتهال إلى اللّه والتضرّع إليه ، طالبا منه أن يتفضّل عليه بقبول مناسكه وسائر طاعاته وعباداته ، وأن يمنحه المغفرة والرضوان ، ومن دعائه في هذا اليوم المبارك :
« اللهمّ هذا يوم مبارك ميمون والمسلمون فيه مجتمعون .
اللهمّ إليك تعمّدت بحاجتي ، وبك أنزلت اليوم فقري وفاقتي ومسكنتي ، وإنّي بمغفرتك ورحمتك أوثق منّي بعملي ، ولمغفرتك ورحمتك أوسع من ذنوبي ، فصلّ على محمد وآل محمد ، وتولّ قضاء كلّ حاجة هي لي بقدرتك عليها ، وبتيسير ذلك عليك ، وبفقري إليك ، وفناك عنّي ، فإنّي لم أصب خيرا قطّ إلّا منك ، ولم يصرف عنّي سوءا قط أحد غيرك ، ولا أرجو لأمر آخرتي ودنياي سواك .
اللهمّ فصلّ على محمد وآل محمد ، ولا تخيّب اليوم ذلك من رجائي ، يا من لا يحفيه سائل[21] ولا ينقصه نائل ، فإنّي لم آتك ثقة منّي بعمل صالح قدّمته ، ولا شفاعة مخلوق رجوته إلّا شفاعة محمد وأهل بيته صلواتك عليه وعليهم وسلامك ، أتيتك مقرّا بالجرم والإساءة إلى نفسي ، أتيتك أرجو عظيم عفوك الذي عفوت به عن الخاطئين ثمّ لم يمنعك طول عكوفهم[22] على عظيم الجرم أن عدت[23] عليهم بالرحمة والمغفرة .
اللهمّ إنّ هذا المقام[24] « 4 » لخلفائك[25] « 5 » وأصفيائك ومواضع امنائك[26] في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها[27] وأنت المقدّر لذلك ، لا يغالب أمرك ، ولا يجاوز المحتوم من تدبيرك ، كيف شئت وأنّى شئت . . . »[28].
[1] وسائل الشيعة : 8 / 5 .
[2] فروع الكافي : 4 / 252 .
[3] من لا يحضره الفقيه : 2 / 208 ح 2168 .
[4] بحار الأنوار : 99 / 386 مع اختلاف في اللفظ .
[5] الفصول المهمة : 189 .
[6] حياة الإمام زين العابدين : 227 .
[7] نهاية الإرب : 21 / 326 .
[8] المؤمنون ( 23 ) : 101 .
[9] الأنبياء ( 21 ) : 28 .
[10] الأعراف ( 7 ) : 56 .
[11] بحار الأنوار : 46 / 101 .
[12] مناقب آل أبي طالب : 4 / 163 ، 164 ، وبحار الأنوار : 46 / 81 .
[13] بديع السماوات والأرض : مخترعها لا عن مثال سابق ، أو أنّ السماوات والأرض بديعة ، أي عديمة النظير .
[14] لا يعزب : لا يغيب .
[15] المحال : الأخذ .
[16] سربلني : قمّصني ، والسربال : القميص .
[17] منازلتي ايّاك : أي مراجعتي .
[18] عامها : العمة في البصيرة كالعمى في البصر .
[19] ولا في غمرتي : أي إغمائي وغفلتي ، ناظرا إلى قوله سبحانه : فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ . المؤمنون ( 23 ) : 54 .
[20] الصحيفة الكاملة السجادية : الدعاء 47 .
[21] لا يحفيه سائل : أي لا يستقصيه في السؤال ، إذ كلما سأله شيئا فما بقي عنده فهو أكثر منه بكثير ، بل لا نسبة بينهما ، لنهاية أحدهما ولا نهاية الآخر .
[22] عكوفهم : إقامتهم ومواظبتهم .
[23] أن عدت : أي عن أن عدت ، وحذف مثله قياسي ، و « أن » مصدرية يعني العود .
[24] إنّ هذا المقام : أي مقام صلاة الجمعة أو العيد .
[25] لخلفائك : أي الأئمة المعصومين ( عليهم السّلام ) ، يعني هم المستحقّون لذلك ، وأن يكون أزمّته بأيديهم ، فامّا يجعلونه لأنفسهم كما في زمن حضورهم وبلد شهادتهم وأمنهم من الضرر ، أو يأذنون لمن يرونه أهلا له عموما أو خصوصا ، كما في زمن غيبتهم أو تقيّتهم ، وفي غير بلد حضورهم .
[26] ومواضع امنائك : نصب عطف على « هذا المقام » ، و « لخلفائك » متعلق بهذا « المقام » ، أو خبر له .
[27] قد ابتزوها : الابتزاز والبزّ : السلب والنزع وأخذ الشيء بجفاء وقهر ، والعائد للدرجة أو للمواضع أو للمقام باعتبار اكتساب تأنيث الدرجة .
[28] الدعاء : 48 من الصحيفة الكاملة السجاديّة .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|