العمليات الخاصة باستخدام أسلوب التحليل العاملي

التحليل العاملي أسلوب إحصائي يستخدم في تناول بيانات متعددة ارتبطت فيما بينها بدرجات مختلفة من الارتباط لتخلص في صورة تصنيفات مستقلة على أسس نوعية للتصنيف، ويتولى الباحث فحص هذه الأسس التصنيفية واشتقاق ما بينها من خصائص مشتركة وفقا للإطار النظري والمنطق العلمي الذي بدأ به، إذا فالاستخدام المباشر للتحليل العاملي يتجه نحو فحص العلاقات الارتباطية بين عدد من المتغيرات واستخلاص الأسس التصنيفية العامة بينها ، وعندما قام الجغرافيون بتطبيق هذا الأسلوب في مجال جغرافية المدن ، فقد استخدموا الوحدات المساحية داخل المدن بدلا من عدد الأشخاص والخصائص الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية للسكان، وخصائص المسكن للوحدات المساحية بدلا من المزايا الشخصية .

تتم معالجة البيانات التي يقوم الباحث بجمعها بوساطة الحاسب الآلي وفق البرنامج المعد لهذه الغاية، وقد طبق الباحث في دراسته أسلوب التحليل العاملي ، والذي يعد الأكثر شيوعا وتطبيقا في مجال جغرافية المدن ، ويوضح نموذج العمليات الخاصة بالتحليل العاملي، ويمكن تحديد الخطوات التي يتم بوساطتها أسلوب التحليل العاملي كالتالي:

1- بعد الحصول على البيانات ، تحول معطياتها الخاصة بالخصائص الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية وخصائص المسكن إلى نسب مئوية ، من أجل الخروج بمصفوفة معلومات (Data Matrix) تتكون من (ن * ك) حيث تشير (ن) إلى

عدد المتغيرات الداخلة في الدراسة، وتكون بشكل أفقي، وتشير (ك) إلى عدد البلديات ، وتكون بشكل عمودي ، ومن خلال عرض لخطوات التحليل العاملي سوف يعرض نموذج من عمليات الحاسب الآلي التي ظهرت في الدراسة من أجل توضيح العمليات الخاصة بهذا الأسلوب الإحصائي.

2- يستخدم الباحث فيه نموذج ارتباط المصفوفة Correlation Matrix والذي يتضح منه نتائج معاملات الارتباط البسيطة وقيم دلالاتها المعنوية إلى وجود ارتباطات عالية بين المتغيرات المتمثلة بإبعاد الجودة الثمانية من جهة وارتفاع درجة الدلالة المعنوية لتلك الارتباطات كافة من جهة أخرى ، مما يؤكد ذلك الأهمية النسبية لتلك المتغيرات بشكل عام في خلق دالة العلاقة ، يتم إدخال مصفوفة المعلومات (ن*ك) في الحاسب الآلـي مـن أجـل معالجـة المعلومـات وتحليلـهـا وفـق البرنامج المحدد والمشار إليه سابقاً ، من أجل استخراج مصفوفة معاملات الارتباط (Correlation Matrix) بين كل زوج مـن المتغيرات ، وتعـد هـاتـان الخطوتـان المدخلتان (Input) في العمليات الخاصة بأسلوب التحليل العاملي.

3- واستخدم الباحث أحد أشكال التحليل العاملي المناسبة لأهداف دراسته ، وقد تم اعتماد أسلوب المكونات الرئيسية ( The Principal Component Analysis) ، في هذه الدراسة ، لما يتميز به من دقة وقدرة على تفسير التباين ، وتلخيص المصفوفة الارتباطية بأقل عدد من العوامل.

4- تعد أول مخرجات الحاسب الآلي مصفوفة تشبعات العوامل الرئيسية ( Initial Factor Loading Matrix) ، والتي تتم قبل عملية التدوير، ويمكن اعتبار أيـة خلية من خلايـا هـذه المصفوفة على أنها تمثـل معـامـل ارتباط بين المتغير واحد المركبات الرئيسة أو العوامل ، ويطلق على معامل الارتباط في هـذه المصفوفة (تشبعات العوامل (Factor Loading)، وتتراوح قيمة معاملات الارتباط في هذه المصفوفة ما بين (+1) أو ( 1) أي مـا بين الارتباط الإيجابي التام والارتبـاط السلبي التام.

5- باستخدام أسلوب التدوير المتعامد (Orthognal Rotation) الذي تم تطبيقه في هذه الدراسة ، نحصل على مصفوفة العوامل المدورة ( Rotated Factor Matrix)، حيث تنتظم العـوام (م) فيها بشكل أفقي، والمتغيرات (ن) بشكل عمودي ، ونحصل على مصفوفة (م * ن) ، وسمي بالمتعامد كون أن الزاوية بين المحـاور قائمة تصل إلى (590) عند تكرار عملية التدوير وهـو إجـراء إحصائي لتقليـل عـدد العوامـل والتشبعات في دورات تحـديث للعوامل ، حيث إن العوامل المشتقة هي مستقلة ولا ترتبط مع بعضها البعض ، وقد وضع أساس هذا الأسلوب الرياضي كايزر (Kaiser) عام 1958م لـ (25.Taylor, 1977, p)، وتتميز عمليات أسلوب التدوير سواء ذات الشكل المائل أو المتعامد بالعمل على الكشف عن تركزات العوامل وتسهيل العمليات الخاصة بهذا الأسلوب ، وذلك من أجل تحديد العوامل الرئيسة والحصول على عوامل ذات دلالة لا تتغير عند إجراء أي تحليل باستخدام الأسلوبين الإحصائيين الشائعين ، وقد اعتمد الباحث في دراسته أسلوب التدوير المتعامد (Orthogonat Rotation) ، ويظهر نموذج لمصفوفة تشبعات العوام الرئيسة بعد التدوير ، وفي هذه المرحلة نحصل كذلك على مصفوفة معاملات الارتباط بين العوامل (Factor Correlation Matrix).

6- في المرحلة الأخيرة من مخرجات الحاسب الآلي نحصل على مصفوفة الدرجات العاملية للعوامل المدورة ( Factor Scores Matrix for the Rotated Factor) ، وبترتيب (م * لك)، حيث تمثل (م) وفي هذه المصفوفة عدد الأبعاد أو العوامل ، وتوجد على المحور الأفقي ، و تمثل (ك) البلديات ، وتوجد على المحور العمودي ، وكل خلية من خلايا هذه المصفوفة تمثل ما يعرف بالدرجات العاملية (Factor Scores) ، والتي تبين مقدار الدرجة العاملية لكل حي والتي ترتبط مع العوامل أو الأبعاد التي يمكن على أساسها رسم هذه الدرجات وتمثيلها على خرائط وإنتاج خرائط منفصلة لكل عامل من العوامل التي يتم استنتاجها ، ويبين مخرجات المرحلة الأخيرة من هذا الأسلوب والمتمثل في مصفوفة الدرجات العاملية ، بعد الحصول على هذه المصفوفة تأتي مرحلة التمثيل الكارتوجرافي للدرجات العاملية (Factor Score Maps) وذلك لبيان النمط الخاص بكل عامل من العوامل وكيفية توزيعه في المدينة ، وذلك على خريطة منفصلة ، وتعتبر مرحلة تحليل وتفسير العوامل وبيان الأنماط السائدة لكل عامل وأماكن تركزها المرحلة الأخيرة في هذه الدراسة، كما أن العوامل الخمسة المشتقة فسرت مجتمعة %100 من التباين في المتغيرات الأصلية ، وهي نسبة عالية توضح أن الغالبية العظمى من المعلومات التي دخلت التحليل ضمنت في عملية التفسير.

7- وباستخدام طريقة مصفوفة درجة العوامل الأهمية النسبية لمتغيرات العامل الرئيسي ) Variance Degree يتبين أن هناك عامل واحد تتخلله كافة فإن . هذا العامل قد احتوى على المتغيرات كافة ( Carvin) متغيرات أبعاد الجودة التي طرحها ، وذلك بحسب درجة الأهمية لكل منها مجتمعة لتشكل الأهمية المعنوية في اشتراك كافة أبعاد الجودة في دارسة نموذج تصميم المنتج كأحد الدوال المنتخبة لدارسة أبعاد الجودة التي اقترحها (Carvin) في دارسة نموذج تصميم المنتج السلعي ، حيث يلاحظ بأن قيم الاشتراكيات المتحققة عند تلك الأبعاد جاءت متسلسلة من حيث الأولوية أيضا بحسب درجة الأهمية النسبية للأبعاد ، تبين أن العامل الأول يعد من أهم العوامل المشتقة من حيث نسب التفسير حيث فسر ما نسبته (65.8%) من المعلومات التي اشتملت عليها المتغيرات وفسر العامل الثاني (20.3%) وفسر العامل الثالث (9.4%) وفسر الرابع (4.0%) وفسر العامل الخامس (0.5%) ، وهي نتيجة تفسير تعتبر عالية وتحقق الشروط الأنفة الذكر، وبالرجوع إلى قيم الاشتراكيات أمكن التعرف على مساهمة كل متغير في البيانات المكثفة حول كل عامل، أما قيم التشبعات فتوضح مدى التصاق المتغيرات بالعوامل المشتقة.

8- ومن أهم مخرجات التحليل العاملي والتي عن طريقها يمكن تفسير المعلومات عن الظاهرة المدروسة ما يسمى بالاشتراكيات Communalities وهي عبارة عن مجموع إسهام المتغيرات في العوامل المشتقة، وتعرف رياضية بأنها مجموع مربعات تشبعات المتغيرات بالعامل المشتق، والتي تدل علي مدي فاعلية المتغيرات لتحديد العوامل المشتقة، فكلما زادت قيمة الاشتراكيات دل ذلك علي عظم وزن المتغير في المجال العاملي والعكس ، أما تشبعات العامل Factor loading فهي القيم التي تمثل مقادير الارتباطات بین المتغيرات الأصلية والعوامل المشتقة، وهي بهذا تمثل الأسس التي تحدد تبعية المتغير للعوامل المشتقة. فكلما كبرت قيمة التشبع كان ذلك بمثابة دلالة على قرب التصاق المتغير بعامله ، أما قيم الجذور الكامنة Eigen Values فهي قيم مربعات تشبعات كل متغير على كل عامل على حده ، ويتحدد عدد العوامل المشتقة على أساس قيم الجذور الكامنة والتي تزيد عن واحد صحيح والتي تسمى بنقطة التوقف ، أو أن يكون التباين المفسر بالعامل لا يقل عن %10.0 ، وأخيرا هناك درجات العامل فهي درجات معيارية تقيس مدى ارتباط الحالات المدروسة بالعوامل التابعة لها، مجموع مربعات تشبعات العامل Eigen Value : وهي القيم التي تمثل مقدار ما يشتمل عليه كل عامل من مجموع تباين مصفوفة البيانات وتوزيع الدرجات المعيارية للعوامل المشتقة والذي من خلاله يمكن انتاج خارطة توضح توزيع العامل المكاني على البلديات ، و تركز الدرجات المعيارية للعامل الأول على بلديات المدينة حيث تم اتباع طريقة الانحراف المعياري و التوزيع.

- يلاحظ أن العامل الأول هو أهم العوامل المشتقة من حيث نسب التفسير والتي بلغت (65.8%) حيث تشير إلى خصائص المسكن وقد ارتبط (35) متغير. ومن خلال مراجعة المتغيرات تبين أن أعلى تركز لدرجات هذا العامل المعيارية في كل حي من أحياء المدينة.

- أما العامل الثاني فقد التصق به (16) متغيرة فسرت مجتمعة ما نسبته (%20.3) حيث تشير إلى خصائص العامل الأسري.

- أما العامل الثالث فقد التصق به (25) متغيرا فسرت مجتمعة ما نسبته (9.4%) وتشير إلى خصائص العامل الاقتصادي ، ولقد ظهر أعلى تركز لدرجات هذا العامل المعيارية في كل من بلديات العقيق ، واحد ، والبيداء ، والحرم على التوالي.

- أما العامل الرابع فقد التصق به (9) متغيرات فسرت مجتمعة ما نسبته (74.0) وتشير إلى خصائص عامل الخدمات ، ولقد ظهر أعلى تركز الدرجات هذا العامل المعيارية في كل من بلديات الحرم ، والبيداء ، وقباء على التوالي.

- أما العامل الخامس فقد التصق به (10) متغيرات فسرت مجتمعة ما نسبته (%0.5) وتشير إلى خصائص المستوى التعليمي، ولقد ظهر أعلى تركز لدرجات هذا العامل المعيارية في كل من بلديات قباء ، والعقيق، والعوالي على التوالي.

وبتطبيق نتائج التحليل العاملي للتركيب الداخلي : فقد أمكن استخلاص وتحديد خمس عوامل Dimension Factor رئيسة تمثل60.8% من مجموع التباين الكلي في مصفوفة المتغيرات ويمكن تسميتها بعامل خصائص المسكن ، العامل الأسري ، العامل الاقتصادي ، عامل الخدمات، عامل المستوي التعليمي ، ويلاحظ أن العوامل المستخلصة من الدراسة تفسر نسبة مختلفة من التباين الكلي فقد بلغ مجموع التباين الذي فسره عامل خصائص المسكن والعامل الأسري مجتمعين

31.3 % أي ما يمثل نحو 51.5 % من اجمالي التباين الكلي للعوامل الخمسة مما يوضح أهمية هذين العاملين في التركيب التنموي بالمنطقة ، في حين يقل تأثير باقي العوامل المتمثلة في العامل الاقتصادي ، والخدمات ، والمستوي التعليمي ، كما يتضح من دراسة درجة الارتباط بين العوامل الخمسة أن هناك ارتباط قوي بين العامل الأول وهو خصائص المسكن وبين العامل الثاني وهو التركيب الأسري مقدار (0.39) ، وهذا يوضح دور التركيب الأسري في تحديد خصائص المسكن المختلفة كالاتساع وعدد الغرف ، كما توجد علاقة بين العامل الثاني وهو تركيب الاسرة والعامل الثالث وهو العامل الاقتصادي بمقدار (0.35) وهو ما يبرز دور الخصائص البشرية علي العمليات الاقتصادية المختلفة ، ومن أجل إظهار تركيب العوامل الخمس علي أحياء المدينة سيتم مناقشة ذلك الأثر وتفسيره وتحليله وبيان الامتداد المكاني له تبعا لكل عامل علي حدي.