أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
1966
التاريخ: 29-12-2022
1527
التاريخ: 23-8-2016
2036
التاريخ: 2024-01-06
1278
|
ينبغي للعبد أن يراقب نفسه عند الخوف في الأعمال، ويلاحظها بالعين الكالئة، فإنها إن تركت طغت فأفسدت وفسدت، ثم يراقب الله في كل حركة وسكون، وذلك بأن يعلم بأن الله مطلع عليه وعلى ضمائره خبير بسرائره، رقيب على أعمال عباده، قائم على كل نفس بما كسبت، وأن سر القلب في حقه مكشوف كما أن ظاهر البشرة للخلق مكشوف، بل أشد من ذلك، قال الله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14]. وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. وقال النبي (صلى الله عليه وآله): الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (1).
وفي الحديث القدسي: إنما يسكن جنات عدن الذين إذا هموا بالمعاصي ذكروا عظمتي فراقبوني، والذين انحنت أصلابهم من خشيتي، وعزتي وجلالي إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى أهل الجوع والعطش من مخافتي صرفت عنهم العذاب (2).
وحكي أنّ زليخا (3) لما خلت بيوسف قامت فغطت وجه صنمها، فقال يوسف: ما لك تستحين من مراقبة جماد ولا أستحي من مراقبة الملك الجبار (4).
والمراقبة تحصل من معرفة الله، والعلم بأنه تعالى مطلع على الضمائر عالم بما في السرائر، بمرأى منهم وبمسمع، وهم بمرأى منه ومسمع.
والموقنون بهذه المعرفة مراقبتهم على درجتين:
أحدهما: مراقبة المقربين، وهي مراقبة التعظيم والجلال، وهي أن يصير القلب مستغرقاً بملاحظة ذلك الجلال ومنكسراً تحت الهيبة، فلا يبقى فيه متسع للالتفات إلى الغير، وهذا هو الذي صار همه هماً واحداً وكفاه الله سائر الهموم.
ثانياً: مراقبة الورعين من أصحاب اليقين، وهم قوم غلب يقين اطلاع الله على ظواهرهم وبواطنهم ولكن لم يدهشهم ملاحظة الجمال والجلال بل بقيت قلوبهم على حد الاعتدال متسعة للتلفت الى الأحوال والأعمال والمراقبة فيها، وغلب عليهم الحياء من الله فلا يقدمون ولا يحجمون (5) إلا بعد التثبت، ويمتنعون عن كل ما يفتضحون به في القيامة، فإنهم يرون الله مطلعاً عليهم، فلا يحتاجون إلى انتظار القيامة.
فإن العبد لا يخلو إما أن يكون في طاعة أو معصية أو مباح. فمراقبته في الطاعة بالإخلاص والإكمال ومراعاة الأدب وحراستها عن الآفات، ومراقبته في المعصية بالتوبة والندم والإقلاع والحياء والاشتغال بالتكفير، ومراقبته في المباح بمراعاة الأدب، بأن يقعد مستقبل القبلة وينام على اليد اليمنى مستقبلاً الى غير ذلك، فكل ذلك داخل في المراقبة. وبشهود المنعم في النعمة وبالشكر عليها، وبالصبر على البلاء، فإن لكل واحد منها حدوداً لابد من مراعاتها بدوام المراقبة {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: 1] (6).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 11/ 203، بيان أحوال العارفين.
(2) المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني:8/ 156، كتاب المراقبة والمحاسبة، المرابطة الثانية المراقبة.
(3) زليخا: هي زليخا، وقيل: زلخا، وقيل: راعيل، وقيل: فكة بنت ملك المغرب هيموس، وقيل: رعاييل، وقيل: بوش، وأمها أخت الملك الريان بن الوليد صاحب مصر. (زوجة قطفير، وقيل: أطفير، وقيل: هو طيفار بن رجيب وزير ملك مصر، وكان يلقب بالعزيز، وهي تعرف بامرأة العزيز. تزوجها (النبي يوسف عليه السلام) وكانت قد تقدم بها السن، فطلبت منه أن يسأل الله أن يرد عليها شبابها وصباها، فطلب يوسف (عليه السلام) ذلك من الله سبحانه، فرد الله عليها شبابها وجمالها. أنجبت له ولدين: أفرايم ومنشا.
أعلام القرآن، عبد الحسين الشبستري: 401 ــ 402، زليخا.
(4) انظر: مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 236، باب محاسبة النفس.
(5) الإحجام: ضد الإقدام. أحجم عن الأمر: كف أو نكص هيبة.
لسان العرب، ابن منظور: 12/ 116، مادة "حجم".
(6) انظر: المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 8/ 156 ــ 162، كتاب المراقبة والمحاسبة، بيان حقيقة المراقبة ودرجاتها؛ الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 306 ــ 307، الفصل الثاني مراقبة العبد لنفسه؛ جامع السعادات، النراقي: 3/ 97 ــ 100، فصل مقامات مرابطة العقل للنفس؛ إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 346 ــ 351، كتاب المراقبة والمحاسبة، بيان حقيقة المراقبة ودرجاتها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|