أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-23
470
التاريخ: 28-6-2022
2205
التاريخ: 10-1-2022
5396
التاريخ: 27-6-2016
2241
|
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96].
معنى الحب
الحب هو انجذاب القلب نحو الآخر بسبب كمال يراه المحب في المحبوب.
حب الله
بما أن الله تعالى هو الكمال المطلق، فان الانجذاب القلبي الأول ينبغي ان يكون إليه (عز وعلا)، وبما ان الكمالات والنّعم كلّها من الله تعالى، فان الملتفت اليها يشتد انجذاباً نحوه سبحانه، وهذا ما أرشد اليه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بقوله: (أوحى الله إلى نجيّه موسى بن عمران: يا موسى، أحببني وحببني إلى خلقي. قال (عليه السلام): يا رب، إني أحبك، فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال: أذكر لهم نعمائي عليهم، وبلائي عندهم؛ فإنّهم لا يذكرون؛ إذ لا يعرفون منّي إلاّ كل خير)(1).
وحب، الله الحقيقي بسبب معرفة كمالاته لا يزول من قبل المحب الحقيقي مهما حصل، بل قد يصل الى درجة عبر عنها الإمام زين العابدين (عليه السلام): (إلهي لئن إدخلتني النار لأخبرن أهلها إني أحبك)(2).
قال الشاعر:
يقولون لي: بالله هل أنت عاشق؟
فقلت: وهل يوما خلوت من العشق
شربت بكأسِ الحب في المهدِ شربةً
حلاوتُها حتّى القيامةِ في حلقي
بل إن الحب الحقيقي لله تعالى يبقى ويبقى دون ان ينفد، وبتعبير الشاعر:
شربتُ الحب كاساً بعد كأسٍ
فما نفدَ الشراب ولا رويت
حب الأولياء
بما ان الحب هو الانجذاب نحو الكمال، وبما ان اولياء الله تعالى هم مظهر للكمالات الإلهية، فالعارف بكمالاتهم ينجذب إليهم، وبما اره أكمل اولياء الله تعالى هو محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)، فالحب الأول بعد الله (عز وجل)، ينبغي ان يكون له، والى هذا أشار الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (لا يكون العبد مومناً حتى اكون أحب إليه من نفسه ومن ولده وماله وأهله)(3).
وبما أن عترة النبي الطاهرة هم أكمل الناس بعد الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله)، فإن الانجذاب إليهم وحبّهم هو التالي بعد حب الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله)، وهذا ما أشار اليه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، ويكون عترتي أحب إليه من عترته)(4).
ومن جميل ما ورد في قصص المحبّين للعترة الطاهرة أنه أتى قوم الى الإمام الباقر (عليه السلام)، من خراسان، فنظر الى رجل منهم قد تشققت رجلاه، فقال له: ما هذا؟ فقال: بعد المسافة يا بن رسول الله، ووالله ما جاءني من حيث جئت الا محبتكم اهل البيت (عليهم السلام).
قال: (نعم، ما أحبنا عبد إلا حشره الله معنا، وهل الدين إلا الحب؟ قال (عز وجل): {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31](5).
حب المؤمنين
وفي سياق معنى الحب الذي هو الانجذاب نحو الكمال يأتي حب اهل الإيمان الذي هو حب لكمالاتهم التي هي مظهر الكمالات الإلهية، وبالتالي يكون حبهم هو في الله تعالى، من هنا لازم هذا الحب الإيمان، كما في الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): قال رسول الله لأصحابه: (اي عُرى الإيمان أوثق)؟ فقالوا: الله ورسوله اعلم، وقال بعضهم: الصلاة، وقال بعضهم الزكاة، وقال بعضهم: الصيام، وقال بعضهم: الحج والعمرة، وقال بعضهم: الجهاد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لكل ما قلتم فضل، وليس به، ولكن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، وتولي اولياء الله، والتبري من اعداء الله)(6).
وفي حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام)، يستدل به على الدين من خلال حب الإخوان، فعن سماعة بن مهران: قال لي أبو عبد الله: (يا سماعة، كيف حبك لإخوانك)؟ قلت: جعلت فداك، والله اني احبهم واودهم، قال: (يا سماعة، إذا رأيت الرجل شديد الحب لإخوانه، فهكذا هو في دينه)(7).
وفي الإطار نفسه ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ما التقى مؤمنان قط الا كان أفضلهما أشد حبا لأخيه)(8).
وعن ثواب الأحبّاء في الله ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ايضاً: (ان المتحابين في الله يوم القيامة على منابر من نور، قد أضاء نور وجوههم ونور أجسادهم، ونور منابرهم كل شيء حتى يعرفوا، فيُقال: هؤلاء المتحابّون في الله)(9).
وفي حديث عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، قال: (ان حول العرش منابر من نور، عليها قوم لباسهم ووجوههم نور، ليسوا بأنبياء، يغبطهم الانبياء والشهداء)، قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال (صلى الله عليه وآله): (هم المتحابون في الله، والمتجالسون في الله، والمتزاورون في الله)(10).
حب الناس
كما ان منطلق الحب هو الكمال الذي في المحبوب، فان منطلق البغض يجب ان يكون العداء لهذا الكمال، وباعتبار عداء الكمال، فإن المسار الطبيعي ان لا يحصل ادنى انجذاب لمن يحمل هذا العداء، وبالتالي لا يجوز ان يقابل عدو الكمال بما هو تجلّ للحب اعني المودة، لذا قال الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22].
إذاً المؤمن بين صنفين من الناس: صنف يودّهم في الله؛ لأجل كمالهم الإيماني، وصنف لا يودّهم؛ لأجل عداوتهم لله وأهل الإيمان.
وقد يوجد صنف ثالث من الناس لا يعادون الله ورسوله وسائر اوليائه والمؤمنين، لكنّهم ليسوا من اهل الديانة والإيمان، فما هو الموقف من حب هؤلاء والتعاًمل معهم؟
لقد حدد الإمام علي (عليه السلام)، النظرة الإسلامية الإنسانية الى هؤلاء بقوله: (إما اخ لك في الدين، وإنا نظير لك في الخلق)(11)، فهم محترمون من حيث كونهم من الذين انعم الله عليهم بالوجود الإنساني. وهم من خلال وجودهم كانوا عيالا لله تعالى، أحب (عز وجل)، ان يتعامل معهم على أساس النفع لهم بما يعود إلى جهة كمالهم، فغي الحديث: (الخلق كلهم عيال الله، فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله)(12).
وبما ان الحب هو انجذاب القلب بسبب كمال يراه المحب في المحبوب، فان الكمالات الإنسانية التي تكون في الإنسان من غير اهل الإيمان تجذب القلب، وبالتالي الثناء عليه والإحسان إليه، ولهذا شواهد من السيرة النبوية وأحاديث اهل البيت (عليهم السلام)، ففي سيرة النبي (صلى الله عليه وآله)، ان ابنة حاتم الطائي لمّا وصلت الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أسيرة قالت: أي محمّد، مات الوالد، وغاب الوافد، فإن رأيت ان تخلّي عني، ولا تشمت بي الأعداء، او احياء العرب، فإني ابنة سيّد قوم، وان ابي كان يحب مكارم الأخلاق، وكان يطعم الجائع، ويفكّ العاني(13)، ويكسو العاري، وما اتاه طالب حاجة الا وردّه بها، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (يا جارية، هذه صفات المؤمنين حقا، لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه، ثم قال ـ صلى الله عليه وآله ـ: أطلقوها كرامة لأبيها، فقالت: انا ومن معي، فقال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، أطلقوا من معها كرامة لها)(14).
وما يشهد لذلك ايضا ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): (أن مومنا كان في مملكة جبّار فولع به، فهرب منه الى دار الشرك، فنزل برجل من اهل الشرك، فأظله، وارفقه، وأضافه، فلما حضره الموت أوحى الله ـ عز وجل ـ إليه: وعزتي وجلالي لو كان لك في جنتي مسكن لأسكنتُك فيها، ولكنها محرمة على من مات بي مشركا، ولكن يا نار، هيديه ولا تؤذيه، ويؤتى برزقه طرفي النهار)(15).
ان ما مر يؤكد أن الاصل في نظرة الإسلام إلى الإنسان هو الإيجابية المنطلقة من كونه من عيال الله، والإيجابية المنطلقة من الكمالات الإنسانية التي فيه، والتي ينجذب اليها قلب العارف بها، وهذه النظرة الإيجابية تساعد المؤمن الواعي ان ينطلق منها ليعزز الكمالات الإنسانية والإيمانيّة في المجتمع الإنساني؛ ليكون لائقاً ان يكون خليفة الله في الأرض.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الطوسي، محمّد، الآمالي، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية، ط1، قم، دار الثقافة، 1414هـ، ص484.
2ـ ابن الحسين، الإمام علي، الصحيفة السجادية، تحقيق محمد الباقر البهبوديّ، ط1، قم، نمونه، 1411هـ، ص 485.
3ـ الطوسي، محمد، الآمالي، ص 416.
4ـ المجلسي، محمد باقر، روضة المتقين، (لا، ط)، إيران، مؤسسة الثقافة الإسلامية، (لا، ت)، ج8، ص647.
5ـ القاضي النعمان، ابو حنيفة، دعائم الإسلام، تحقيق آصف بن علي أصغر فيضي، القاهرة، دار المعارف، 1383هـ، ج١، ص 71.
6ـ الكليني، محمد، الكافي، تحقيق علي أكبر الغفاري، ط4، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1365هـ، ج2، ص126.
7ـ القاضي النعمان، شرح الأخبار، تحقيق محمد حسين الجلالي، ط2، قم، مؤسسة النشر الاسلامي، 1414هـ، ج3، ص 436.
8ـ الكليني، محمد، الكافي، ج2، ص127.
9ـ المصدر السابق، ص 125.
10ـ البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، (لا، ط)، قم، (لا، ن)، 1409هـ، ج 16، ص219.
11ـ ابن ابي طالب، الامام علي، نهج البلاغة، ج3، ص 84.
12ـ الحر العاملي، محمد حسن، وسائل الشيعة، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)، لإحياء التراث، ط2، قم، 1414هـ. ج16، ص345.
13ـ اي الأسير.
14ـ الحائري، محمد مهدي، شجرة طوبى، ط5، النجف الأشرف، منشورات المكتبة الحيدرية، 1385، ج2، ص 400.
15ـ الكليني، محمد، الكافي، ج2، ص 189.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|