أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-7-2016
1099
التاريخ: 2023-04-15
1243
التاريخ: 5-6-2022
1918
التاريخ: 22-7-2016
2733
|
الخوف عبارة عن تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال وهو أيضاً ينتظم من علم وحال وعمل.
أمّا العلم: فهو العلم بالسبب المفضي إلى المكروه، كمن جنى على ملك ثم وقع في يده وهو يخاف القتل ويجوز العفو والإفلات، ولكن يكون تألم قلبه بالخوف بحسب قوة علمه بالأسباب المفضية إلى قتله، وهو تفاحش جنايته وكون الملك في نفسه غضوباً منتقماً، وكون هذا الجاني عاطلاً عن كل حسنة تمحو أثر جنايته عند الملك، فالعلم بتظاهر هذه الأسباب سبب لقوة الخوف وشدة تألم القلب، ولسبب ضعف هذه الأسباب يضعف الخوف.
فهذا العلم سبب لاحتراق القلب وتألمه وخوفه وهو الحال، وهذا الحال يثمر فعلاً بالاستعداد والتهيؤ لما يصلح للعفو.
والخوف من الله تارة يكون بمعرفة الله تعالى ومعرفة صفاته، وتارة يكون بكثرة الجناية من العبد بمقارفة المعاصي، وتارة يكون بهما جميعاً وبحسب معرفته بعيوب نفسه ومعرفته بجلال الله، فأخوف الناس لربه أعرفهم بنفسه وبربه (1)، ولذلك قال (صلى الله عليه وآله): أنا أخوفكم لله (2)، ولذا قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
ثم إذا كملت تلك المعرفة وأورثت حال الخوف واحتراق القلب افضى أثر الحرقة من القلب على القلب وعلى البدن وعلى الجوارح وعلى الصفات:
أمّا في البدن فبالنحول والصفار والبكاء ونحو ذلك.
وأمّا في الجوارح فبكفّها عن المعاصي وتقييدها بالطاعات تلافياً لما فرط واستعداداً للمستقبل، ولذلك قيل: ليس الخائف من يبكي ويمسح عينيه بل من يترك ما يخاف بأن يعاقب عليه (3).
وأمّا الصفات فهو أن يقمع الشهوات بالخوف ويؤدب الجوارح ويكدر اللذات، فتصير المعاصي المحبوبة عنده مكروهة، كما يصير العسل مكروهاً عند من يشتهيه إذا عرف أن فيه سماً، فتحترق الشهوات بالخوف وتتأدب الجوارح ويحصل في القلب الذبول والخشوع والذلة والاستكانة، ويفارقه الكبر والحقد والحسد، بل يصير مستوعب الهمة بخوفه والنظر في خطر عاقبته فلا يتفرق لغيره ولا يكون له شغل إلا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة والضنة بالأنفاس واللحظات ومؤاخذة النفس في الخطرات والخطوات والكلمات، فيكون ظاهره وباطنه مشغولاً بما هو خائف منه لا متسع فيه لغيره.
هذا حال من غلبه الخوف واستولى عليه، وأقل درجات الخوف مما يظهر أثره في الأعمال الامتناع من المحظورات (4) ويسمى الكف الحاصل من المحظورات ورعاً، فإن زادت قوته وكف عما يتطرق إليه إمكان التحريم فيسمى ذلك تقوى، إذ التقوى أن يترك ما يريبه (5) إلى ما لا يريبه، وقد يحمله على أن يترك ما لا بأس به مخافة ما به بأس وهو الصدق في التقوى، فإذا انضم إليه التجرد للخدمة فصار لا يبني ما لا يسكنه ولا يجمع ما لا يأكله ولا يلتفت إلى دنيا يعلم أنها تفارقه ولا يصرف إلى غير الله تعالى نفساً من أنفاسه فهو الصدق وصاحبه جدير بأن يسمى صديقاً.
ويدخل في الصدق التقوى، وفي التقوى الورع، وفي الورع العفة، فإنها عبارة عن الامتناع عن مقتضى الشهوات خاصة، فإذا الخوف يؤثر في الجوارح بالكف والإقدام (6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه)).
روضة الواعظين، الفتّال النيسابوري:1/20، مجلس في معرفة الله، باب الكلام في النظر وما يؤدي إليه.
(2) المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني:7/270، كتاب الخوف والرجاء، بيان حقيقة الخوف.
(3) انظر: مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 2/ 132؛ إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 136، كتاب الخوف والرجاء، بيان حقيقة الخوف.
(4) الحظر: هو خلاف الإباحة. المحظور: المحرم
لسان العرب، ابن منظور: 4/ 202، مادة "حظر".
(5) الريب: الشك. والريب: ما رابك من أمر، والاسم الريبة بالكسر، وهي التهمة والشك. الصحاح، الجوهري: 1/141، مادة "ريب".
(6) انظر: الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 160 ــ 161، الباب الثالث في الرجاء والخوف، الفصل الأول حال من غلب عليه الخوف؛ المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 7/ 269 ــ 271، كتاب الخوف والرجاء، بيان درجات الخوف واختلافه في القوة والضعف؛ إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 136 ــ 137، كتاب الخوف والرجاء، بيان حقيقة الخوف.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|