أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-4-2016
3744
التاريخ: 2023-10-16
1372
التاريخ: 2023-10-10
1583
التاريخ: 2-4-2017
3119
|
يعتبر التحقيق مرحلة أساسية وخطيرة في مسار المساءلة التأديبية، فعلى الرغم من كونه مرحلة تمهيدية تسبق توقيع العقوبة ولا يحمل أية قوة تنفيذية، إلا أن أهميته تكمن في البحث عن الحقيقة وجلائها وتبرئة الموظف في حال كانت التهمة الموجهة إليه مجرد كيد لتشويه سمعته، فهو وسيلة للوصول إلى الحقيقة.
من حيث المبدأ، يعتبر التحقيق بحد ذاته ضمانة رئيسية لحقوق الموظف تحول دون توقيع عقوبة بحقه اعتباطية ودون دليل يدينه، غير أن الواقع مغاير، " فبالرغم من خطورة وأهمية هذه المرحلة بالنسبة إلى الموظف والإدارة معا، فإن الكثير من قواعدها غير مكرسة بنصوص تشريعية أو تنظيمية صريحة، أو هي منصوص عليها إلا أنها تفتقد الوضوح، لذا تدخل القاضي الإداري لسد الفراغ مستندة إلى المبادئ العامة من جهة ومسترشدا بأصول المحاكمات المدنية والجزائية من جهة أخرى (1)
فلا يمكن فرض العقوبة التأديبية إلا بالاستناد إلى أخطاء مسلكية ثابتة بشكل تام ولا يكفي الاستناد إلى مجرد قناعات (2) .
لذلك تعتبر الإحالة إلى التحقيق وسيلة إجرامية مقصود بها البدء في التحقيق مع الموظف لوجود احتمال قوي بارتكابه مخالفة تأديبية (3).
وبالرغم من تشابه قرار الإحالة والقرار الإداري في ما يتعلق بالاختصاص والغاية والسبب والشكل إلا أن مجلس شورى الدولة اعتبره من الأعمال التمهيدية التي لا يمكن الطعن بها أمامه. إلا أن بعض الفقه ذهب إلى اعتبار أن قرار الإحالة يعد قرارا إداريا نهائية قابلا للطعن به استقلالا (4)
أما من حيث التطبيق فالثغرات تتضاعف، فنجد أن عملية الإحالة إلى التحقيق والتحقيق بحد ذاته يستخدمان لتخويف وترهيب الموظف والانتقام منه، بل أكثر من ذلك، مجرد تلويح الرئيس بإحالة الموظف إلى التحقيق كافية بحد ذاتها لإرعابه، لا سيما في ظل تمتع الرئيس الإداري بنفوذ وبسلطة استنسابية لإجراء التحقيق. في الحقيقة، المشكلة لا تكمن في النظام بحد ذاته أو بالقوانين بل بسوء استعمالها وتحويلها عن الغاية التي وضعت من أجلها.
الرأب هذا الصدع واصلاح الخلل، خاصة أنه قد تصاحب مرحلة التحقيق إشاعات وغبار تؤثر على سمعة الموظف، لا بد من وضع ضوابط لهذا الإجراء بحيث لا تتم الإحالة إلى التحقيق ما لم ينسب إلى الموظف خطأ محددا وشبه مؤكد، و غير مستند إلى شائعات.
أما في لبنان، فقد استقر اجتهاد مجلس شورى الدولة على أن إجراء التحقيقات هو من الأعمال الممهدة لاتخاذ التدابير التأديبية ويدخل ضمن السلطة التقديرية التي تتمتع بها السلطة التسلسلية (5). وبالتالي لا يمكن الطعن بقرار الإحالة على اعتبار أنه قرار تمهيدي لا يؤثر على الوضع الوظيفي للموظف، وهو ما سيتم بحثه بإسهاب في القسم الثاني من هذه الرسالة من الناحية التطبيقية، يعود أمر تحريك الملاحقة التأديبية ما لم يكن هنالك نص صريح مخالف إلى السلطات الإدارية التي ينتمي إليها الموظفون المخالفون، سواء كان فرض العقوبة التأديبية من اختصاصها هي، أم من اختصاص السلطة التسلسلية الأعلى منها، أم من اختصاص مجلس تأديب أو محكمة تأديبية (6).
وفي هذا الإطار، نشير إلى أن الإدارة تتمتع بسلطة استنسابية واسعة لتحريك الملاحقة التأديبية من علمها، حتى لو ثبت لها على وجه قاطع وجود خطأ مسلكي ونسبته إلى موظف معين دون رقابة من القضاء عملا بمبدأ ملامة الملاحقة "T'opportunité des poursuites "، وهذا ليس بالمستغرب، فالإدارة هي المؤتمنة بالدرجة الأولى على المصلحة العامة، وهي أدرى بشعابها، وتعرف ما خفي، وتقدر الجدوى من العقاب أو من علمه في ضوء كل حالة على حدة استنادا إلى الملف الشخصي وإضبارة كل موظف مع الأخذ بالحسبان الاعتبارات الشخصية والاجتماعية والعائلية والاقتصادية والصحية....
وبالمعنى ذاته:
« Il appartient à l'autorité compétente d'apprécier s'il convient de poursuivre ou non, et elle peut être incitée à s'abstenir, en dehors même du cas de doute quant à la réalité de la faute disciplinaire, en considérant par exemple les bons antécédents de l'agent, sa situation de famille, son état de santé... » (7)
وبعد الاطلاع على القوانين والأنظمة المرعية الإجراء والمقارنة فيما بينها، لا سيما نظام الموظفين رقم 59/112 وانشاء التفتيش المركزي رقم 59/115
والقوانين ذات الصلة، نخلص إلى القول بأن أمر تحريك الملاحقة التأديبية يعود حصر إما للرئيس المباشر أو الرئيس التسلسلي واما لهيئة التفتيش المركزي ضمن إطار الصلاحيات المنوطة بها وفي معرض ما تقوم به من تفتيشات وتحقيقات، في حين أن الهيئة العليا للتأديب لا تضع يدها على الملفات التأديبية ولا يثبت اختصاصها إلا بموجب مرسوم أو قرار إحالة من السلطة التي لها حق التعيين، أو بقرار من هيئة التفتيش المركزي وفقا للمادة 58 من نظام الموظفين التي تنص على التالي: " يحال الموظف على مجلس التأديب بمرسوم أو بقرار من السلطة التي لها حق التعيين ويحال أيضا بقرار من هيئة التفتيش المركزي".
وبالنتيجة لا تملك الهيئة صلاحية تحريك الملاحقة التأديبية من تلقاء نفسها باستثناء حالة استثنائية تدخل في إطار توسيع صلاحيات الهيئة العليا للتأديب للتعرض لوقائع (مخالفات مسلكية) أو متهمين لم يرد ذكرهم في قرار الإحالة، حيث نصت المادة 13 من القانون رقم 65/54 المعدلة بموجب القانون رقم 2000/201 تاريخ 2000/5/29
على ما يلي: "إذا تبين أثناء المحاكمة أن الموظف أو المستخدم أو المتعاقد أو الأجير أو المتعامل المجال أمام الهيئة قد ارتكب مخالفة أخرى لم تذكر في مرسوم أو قرار الإحالة أو أن لسواه من العاملين في إحدى الإدارات العامة أو المؤسسات العامة أو المصالح المستقلة أو البلديات علاقة في المخالفة موضوع الإحالة ولم يحل على الهيئة بسببها، أو أن هناك مخالفة أخرى اقترفت من أحد هؤلاء العاملين ولم يرد ذكرها في الإحالة. فللهيئة أن تطلب إلى التفتيش المركزي إجراء التحقيق اللازم في القضية أو التوسع فيه وإيداعها النتيجة. وتنظر الهيئة في القضية وتبت بها ضمن نطاق سلطتها ". أما بالنسبة لكيفية الإحالة، فتختلف بحسب المرجع الذي أحالها. بما يتعلق بالإحالة الحاصلة من قبل السلطة الإدارية المختصة، فتتم بعد قيامها بالتحقيق مع الموظف، حيث يرفع المحقق تقريره إلى رئيسه التسلسلي، وإذا تبين لهذا الأخير أن الفعل ثابت على الموظف وهو على قدر من الخطورة ويستدعي عقوبة أشد من تلك التي تدخل ضمن صلاحياته أو صلاحيات رئيسة التسلسلي، يستكمل عندها الإجراءات اللازمة لإحالة الموظف إلى الهيئة العليا للتأديب بعد توفير الضمانات اللازمة له. أما بالنسبة للإحالة التي تتم من قبل التفتيش المركزي، فبعد الانتهاء من التحقيق من قبل المفتش، ينظم الأخير تقرير إلى رئيس إدارة التفتيش المركزي بواسطة المفتش العام مقترحة العقوبة المناسبة، ثم يعرض رئيس إدارة التفتيش المركزي التقرير على هيئة التفتيش المركزي لتفرض العقوبة الملائمة باستثناء إنزال الدرجة وإنزال الرتبة والصرف والعزل التي تخرج عن صلاحياتها. وبعد فرض العقوبة يمكن للهيئة أن تحيل الموظف المسؤول إلى الهيئة العليا للتأديب بقرار مباشر منها ولون وجوب أخذ موافقة السلطة الإدارية (8) . بعد إجراء الإحالة، يبلغ قرار الإحالة إلى الهيئة العليا للتأديب ومفوض الحكومة لديها والإدارات المختصة التابع لها الموظف، والتي يتوجب عليها أن تنظم ملفا للقضية موضوع الإحالة وتودعه مفوض الحكومة مرفقا بتصريح بأنه لم يعد لديها أية وثيقة أخرى تتعلق بالقضية، وبخلاصة الملف الشخصي للموظف، وبالوثيقة المتعلقة باختيار مقام (9)
فإذا تعتبر صلاحية الإحالة إلى التحقيق ضمانة بارزة للموظف، فإذا ما أحيل هذا الأخير إلى التحقيق من قبل سلطة غير مختصة بإحالته إليه فإن هذا يؤدي إلى بطلان التحقيق، وينسحب هذا البطلان إلى القرار الصادر بتوقيع الجزاء كأثر لهذا التحقيق، حيث أن ما بني على باطل فهو باطل(10)..
_______________
1- يوسف سعد الله الخوري، القانون الإداري العام، بيروت، 2007 ص 317
2- شورى لبنان قرار رقم 144، تاريخ 15-12-2005 , على زرقط. الدولة، م ق 2011 ،ص 298 .
3- عثمان سلمان العبودي، شرح أحكام قانون انضباط موظفي الدولة و القطاع العام رقم 14 لسنة 1991، بغداد 2010 ، 2010 .
4- عبد الفتاح الحسن، التأديب في الوظيفة العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 199،ص19-147 .
5- شورى لبنان، قرار رقم 50، تاريخ 2005.10.13 ، جوزيف طربيه الدولة، م. ق. 2011 ،ص 88 .
6- يوسف سعد الله الخوري، الوظيفة العامة في التشريع والاجتهاد ، مرجع سابق، ص 306
7- René chapus, op cit, p300
8- يوسف سعد الله الخوري، الوظيفة العامة في التشريع والاجتهاد، الكتاب الثاني، بيروت، 2004 ، ص 379 – 390
9- مرسوم رقم 7236 تاريخ 8 - 5۔ 1997 نظام المجلس التأديبي العام للموظفين الهيئة العليا للتأديب) .
10- د. مازن راضي، موسوعة القضاء الاداري الموسوعة الحديثة للكتاب 2016 ، ص 306
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|