أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-9-2019
2112
التاريخ: 26-8-2019
3470
التاريخ: 9/9/2022
1239
التاريخ: 4/9/2022
1466
|
التغيرات المناخية:
وتبقى بعد ذلك مسألة هامة في دراسة أشكال الارض الصحراوية تتعلق بالتغيرات المناخية وتأثيراتها وآثارها الباقية. فهناك عدد عديد من الادلة والشواهد التي توضح، بما لا يدع مجالا للشك في أن تكوين ونمو الغطاءات الجليدية فوق الكتل القارية أثناء الزمن الرابع كان له تأثيرات بيئة على مناخات مختلف جهات العالم. فلقد أدى نمو الجليد وتغطيته ليابس العروض العليا والوسطى التي تزحزح النطاقات المناخية الرئيسية صوب دائرة الاستواء. ونجم عن ذلك إمكانية اقتحام الرياح الغربية وما يصاحبها من أعاصير ممطرة لصحاري النطاقات المدارية، ومنه، على سبيل المثال صحاري شمالي افريقيا. كما كان نطاق الامطار الاستوائية والمدارية يتسع تزدادا رقعته فيعم جنوب الصحراء. وتبعا لذلك يشيع سقوط المطر فوق جميع أرجاء الصحراء. ولقد كان ذلك الحال أبان الفترات الجليدية. أما أثناء الفترات الدفيئة (غير الجليدية) فقد كانت الاوضاع تعود الى سيرتها الاولى، فتتراجع النطاقات المناخية متخذة مواقعها الحالية. ولقد أمكن رصد آثار لهذه الذبذبات المناخية التي حدثت أثناء الزمن الرابع في كثير من جهات النطاقات الجافة (انظر جوده 1980أ، 1980ب).
ومما لاشك فيه ان فترات المطر أثناء الزمن الرابع، التي حظيت بها الصحاري المدارية الحالية، خصوصا أجزاؤها تجاه القطب كانت بمثابة عامل جيومورفولوجي على جانب عظيم من الاهمية. فكما سنرى بعد قليل، تحمل كثير من الاشكال الارضية طابع فعل المياه، وتبعا لذلك فقد تشكلت أبان عصر كانت فيه كمية الامطار السنوية الساقطة كبيرة، وكان الجريان المائي السطحي أعظم بكثير منه في عصرنا الحالي.
وخير مثال لعمل الماء الجاري في الصحاري اثناء عصر البلايوستوسيني المطير تلك الاودية الكبرى التي تشق صحاري شمال افريقيا وشبه جزيرة العرب، والتي تحمل كل الاشكل الجيومورفولوجية التي نراها في اودية الانهار العظمى الحالية. ويجمع الباحثون في وقتنا الحالي على ان تلك الاودية هي من عمل الماء الجاري والينابيع (بيل Pell 1941، وبوديل Buedel 1965، وجودة 1972، وغيرهم كثير) أثناء فترات المطر الغزير التي تحللت عصر البلايوستوسين.
وهناك من الشواهد البيدولوجية، والاركيولوجية، والمورفولوجية ما يشير الى كثيرة المطر حتى في داخلية الصحراء الليبية، ومنها أيضا قيعان بحيرات جافة في واحات الكفرة والجدرة واقليم فزان (جودة 1975) وكانت تلك الامطار كافية لانماء غطاء غني من الحشائش، كانت ترعاها حيوانات السفانا. وفي هذا المقام ينبغي لنا أن نشير الى أنه لا يشترط بالضرورة أن يسبب ازدياد التساقط دائما حدة في عمليات التعرية، بل لقد يكون العكس هو الحال في بعض الاحايين. ذلك أن كمية صغيرة من المطر الفجائي تأخذ شكل وابل انقلابي شديد قصير محدود الامد، قد ينشئ سيولا عنيفة قصيرة العمر، تجري مسرعة متدفقة فوق سطح يخلو من النبات أو يحوي غطاء فقيرا من الاعشاب. مثل هذه الفيضانات الفجائية القصيرة الاجل قد تجلب كميات هائلة من الرواسب الى منطقة الارساب، كما قد تحدث فعلا تحاتيا مؤثرا. أما حيث تكثر الامطار وتتوزع فصليا توزيعا منتظما، فإنها تناسب حينئذ نمو غطاء نباتي كثيف، الذي يعمل بدور على اعاقة الجريان السطحي، وعلى فقدان كميات كبيرة من المياه عن طريق التبخر والنتح والتسرب. وتسبب هذه الاحوال، التي تعتبر مثالية للمناطق المعتدلة الرطبة في وقتنا الحاضر، ركودا في عمليات التعرية.
وأنه ليبدو ممكنا، أن تكون الصحاري في وقتنا الحاضر، حتى أشدها جفافا، ما تزال نشيطة حية من وجهة النظر الجيومورفولوجي، وهذا ما تمكن كل من بلومي Blueme وبارث Barth من اثباته (1973) في صحاري غرب الولايات المتحدة الامريكية، وشبه الجزيرة العربية، وجودة (1975) في الصحراء الليبية، هذا على الرغم من حلول الجفاف الحالي بتلك الصحاري في أعقاب انتهاء العصر الجليدي. هنا وأن دراسة الصحاري تؤكد ان المشكلة الكبرى التي تواجه الجيومورفولوجيين هي مشكلة التفريق والتمييز بين مؤثرات كل من العمليات الجيومورفولوجية الحالية والسالفة في الاشكال الارضية الحاضرة.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثاني والعشرين من سلسلة كتاب العميد
|
|
|