العوامل الجغرافية التي أثرت في حملة كيب الشمالية  - التضاريس

اعتبرت السيطرة على الأراضي المرتفعة ضرورة استراتيجية وتكتيكية Deighton) (2003 Stephenson ;1985؛ لأن السيطرة على الأراضي المرتفعة تتيح مراقبة تحركات العدو واستخدام النيران ضده بصورة فعالة من مسافات طويلة. كما تتيح هذه الظروف متسع من الوقت للرد على تحركات العدو، أو لإعاقة قدرته على القيام باستطلاع فعال. وجرى التشديد على هذين الأمرين الضروريين کليهما خلال الحروب الدفاعية، وتم اعتبارهما من الأمور المعهودة خلال الحرب بين إنجلترا والبوير. ونظرا لقبول هذه المبادئ،

خاضت قوات البوير أول معركتين (أي بلمونت وجراسبان) من التلال المطلة على السكة الحديدية المتجهة إلى کیمبرلي. إلا أن الخبرة في الميدان خلال هاتين المعركتين أجبرت المدافعين البوير على إعادة النظر في الخطة المعروفة وإيجاد الخطط الجديدة، التي كانت أكثر ملاءمة لظروفهم التكتيكية المحددة. ومن بين أمور أخرى، تعلموا أن يكونوا أكثر ابتكارا في استخدام المزايا المتنوعة للأراضي المرتفعة والأنهار لأغراض استراتيجية وتكتيكية.

وكالأراضي المرتفعة، تعتبر الأنهار عادة موقعة دفاعية جيدة. يفرز النهر مجموعة من اعتبارات التخطيط التكتيكي الصعبة لأي جيش (2005 Galgano). ومن وجهة نظر تكتيكية، تعتبر خصائص الأنهار كالطول والعمق والضفاف والحجم ومعدل التصريف والسرعة وعدد التعرجات وحجمها، من الجوانب المهمة التي يجب أن تأخذها في الاعتبار أي قوة مهاجمة (1998 Van den Berg 1997; Collins 1998; Winters). علاوة على ذلك، يوفر النهر كميات كبيرة من مياه الشرب للمدافعين، في حين يمنع المهاجمين عنها. وفي الظروف القاحلة أو شبه القاحلة، كتلك التي تشهدها جنوب أفريقيا، يمكن أن يشكل هذا مزية حاسمة.

جرت كل معركة من المعارك الأربع خلال حملة كيب الشمالية التي شنها میثوين، على أرض مسطحة نسبيا، يراوح ارتفاعها ما بين 1100-1200 متر (3600-4000 قدم) عن سطح البحر، تتخللها تلال من الصخور البركانية (الديابيز) يراوح ارتفاعها بين 74-133 متر (240-450 قدم) فوق الأراضي السهلية المحيطة (1997 ;1988 CDSM)، وعلى السهول المغطاة بشكل طبيعي بالأعشاب الطويلة، وتتخللها بقع تحتوي على الأشجار الشوكية وكثيبات التال المعزولة [كومة من الرمال وغيرها التي شكلتها النمل] (انظر الشكل 9-1). كما أن حفر خنزير الأرض (آكل النمل) والشجيرات الشوكية تعقد الحركة في الليل أكثر مما يبدو للوهلة الأولى (1979 Pakenham). وقد اضطر میثوين إلى عبور نهرين خلال حملته للاستيلاء على كيمبرلي، ونهر أورانج هو أكبر هذين النهرين، ومع ذلك لم يكن له دور خلال الحملة، لأن الجسور كانت بأيدي البريطانيين. ولكن السكة الحديدية عبرت نهرا آخر، هو نهر مودر، بعد بضعة أمتار من نقطة التقائه مع نهر رايت، مما أجبر میثوين على التعامل مع كليهما. ونظرة لتقنية الوقت، شكل هذان النهران عقبة صعبة أمام قوة میثوين رغم أنهما كانا صغيرين نوعا ما.