تغير المناخ واحتمال زعزعة الاستقرار الإقليمي في منطقة القطب الشمالي |
936
01:12 صباحاً
التاريخ: 15-8-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 12/11/2022
1053
التاريخ: 24-5-2021
1992
التاريخ: 13-8-2022
734
التاريخ: 17/11/2022
1144
|
تغير المناخ واحتمال زعزعة الاستقرار الإقليمي في منطقة القطب الشمالي
يجري دائما تذكير الجغرافيين بأن التغيرات الحاصلة في البيئة الطبيعية يمكن أن يكون لها آثار اجتماعية وسياسية واقتصادية عميقة. فالزيادات الملحوظة في معدل درجات حرارة الهواء والمحيطات حول العالم، وذوبان الجليد والثلوج على نطاق واسع وارتفاع منسوب مياه البحار عالمية، تشكل أدلة لا شك فيها على تغير المناخ العالمي (2007 IPCC). ويتوقع كثيرون أن تغير المناخ سيكون له تأثير سلبي، ولاسيما في تلك المناطق من العالم التي يكافح فيها السكان للعيش على أراض هامشية. ولا تقل أهمية عنها تلك المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة، والمناطق غير المستغلة في أقصى الشمال، والتي تستقطب حالية اهتماما كبيرة؛ لأن تغير المناخ يعد بإطلاق طاقاتها غير المستغلة من قبل.
إن منطقة القطب الشمالي معروفة منذ زمن طويل باعتبارها مستودعا مه لأنواع الوقود الأحفوري. لكن، وباستثناء منحدر ألاسكا الشمالي ومشاريع التنمية البرية والبحرية في منطقة القطب الشمالي التابعة لروسيا والنرويج، تبقى المنطقة متخلفة إلى حد كبير بسبب عامل التكلفة المرتبط بموقعها وبيئتها القاسية. أما من الناحية التاريخية، فإن الممر الشمالي الغربي كان ذا فائدة قليلة؛ لأنه كان محاطة بالجليد معظم أوقات السنة. ولكن ارتفاع درجة حرارة الأرض يمكن أن يسهم في فتح القارة القطبية الشمالية أمام مزيد من عمليات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، والاستفادة من خطوط النقل الجديدة مع استمرار انحسار مساحات الجليد البحري. وربما لن يحدث هذا السيناريو إلا وسط جدل كبير - إن لم يكن نزاعة - بين عديد من الدول؛ إذ إن لكل من كندا وروسيا والدنمارك والنرويج والولايات المتحدة الأمريكية مصلحة كبيرة، إن لم تكن مطالب سيادية، بأجزاء من المنطقة المذكورة. فإذا استمرت التوجهات الحالية، يمكن أن يؤدي تغير المناخ والمصالح المتنافسة إلى تحويل حدود القارة القطبية الشمالية إلى واحدة من أكثر المناطق إثارة للخلاف في العالم (2007 Goodman).
ويتناول هذا الفصل أحدث نماذج الجليد البحري في منطقة القطب الشمالي، ويدرس تأثير اتجاه ارتفاع درجة حرارة الأرض المتواصل في أقصى الشمال، حيث إنه يتعلق بمسألة إمكانية الملاحة عبر ممر الشمال الغربي، واستخراج مخزونات المعادن والنفط الكامنة تحت المحيط المتجمد الشمالي، والاستقرار الإقليمي. وأبدأ هذا الفصل بنظرة عامة جغرافية على منطقة القطب الشمالي، ومناقشة الخلفية التاريخية للممر الشمالي الغربي، وذكر بعض الجوانب ذات الصلة من اتفاقية قانون البحار. وأصف تغير المناخ الجاري بشكل عام، وأطرح القضايا الاستراتيجية والعسكرية التي قد تثار بين كندا وروسيا والولايات المتحدة والدنمارك والنرويج.
نظرة جغرافية عامة على منطقة القطب الشمالي:
قد يختار المرء عموما تعريف منطقة القطب الشمالي بأنها تلك المنطقة من سطح الأرض الواقعة شمالي الدائرة القطبية الشمالية (أو خط العرض 66.5 درجة شمالا)، وهو الشال الموازي الذي لا تشرق عليه الشمس في منتصف الشتاء أو لا تغرب في منتصف الصيف. وهناك تعريف أوسع وأكثر فائدة، ويشمل غالبا الأرض الموجودة شالي حدود خط العرض الذي لا تنمو بعده الأشجار العادية، وشالي المحيطات المتأثرة بالكتل المائية في منطقة القطب الشمالي (2000 Thomas and Goudie). ويغطي المحيط المتجمد الشمالي 13,960,100 ميل مربع؛ وهو عبر تاريخه مغطى بالجليد معظم أوقات السنة (2007 National Geographic الشكل 6-1). وتوجد خمس دول (روسيا وكندا والولايات المتحدة والنرويج والدنمارك) لها أراض و/ أو جزر و/ أو أن أجزاء من جرفها القاري تمتد شمال الدائرة القطبية. وبسبب اتساع أراضي الاتحاد السوفيتي السابق وروسيا حاليا، والممتدة شمالي الدائرة القطبية الشمالية، فقد استمر تطوير حقول المعادن مثل النيكل في منطقة نوریلسك) والوقود الأحفوري في هذه الأرض المثيرة للخلاف. وخلال القرون الأربعة الماضية، وبغض النظر عن عدد قليل من البعثات، لم يكن لدول أقصى الشمال مصالح كبيرة في المحيط المتجمد الشمالي. ولكن مؤخرا، أدى الاحتباس الحراري إلى تقليص نطاق مساحة الجليد البحري وساكته في منطقة القطب الشمالي. وأثار هذا الاحتباس اهتماما كبيرا في ثلاثة مجالات محددة:
أولا: منطقة القطب الشمالي عموما، والممر الشمالي الغربي بخاصة، يمكن أن تصبح مفتوحة للملاحة الدولية، وهو سيناريو سيختصر آلاف الأميال من المسارات البحرية بين أوروبا وآسيا، في حين سيثير مخاوف بيئية وأمنية لعدد من الدول ولاسيما كندا.
ثانيا: ربما تصبح مكامن النفط والغاز التي كانت تعتبر من الثروات التي لا يمكن استخراجها متاحة للاستخراج. وتقدر هيئة المسح الجيولوجي في الولايات المتحدة أن أكثر من 22٪ من احتياطيات النفط والغاز غير المستغلة حول العالم موجودة في شمال الدائرة القطبية (2008 USGS). ويقدر البعض أن أكثر من 10 مليارات طن متري من الهيدروكربون مدفونة تحت قاع المحيط المتجمد الشمالي (2007 Geotimes).
ثالثا: تمتلك الدول المجاورة حالية الحافز لإرسال بعثات علمية سعيا للحصول على الأدلة اللازمة لتبرير قيامها بتوسيع مناطقها الاقتصادية الساحلية إلى أكثر من 200 ميل بحري.
وليس مفاجئا أن قاع المحيط المتجمد الشمالي لم يتم مسحه جيدة، نظرا لموقعه البعيد والظروف البيئية القاسية وفائدته المحدودة في الماضي. ولكن حاليا، تقوم جميع الدول الساحلية بعمليات المسح الهيدروغرافية والجيوفيزيائية من أجل رسم الحدود الخارجية لجروفها القارية بصورة أفضل (2008 IBRU). ونلاحظ بشكل خاص الجهود الروسية للمطالبة بملكية حيد لومونوسوف Lomonosov (انظر الشكل 6-2). وكانت لجنة حدود الجرف القاري التابعة للأمم المتحدة قد رفضت طلب روسيا سابقا في عام 2002، ولكن الاستكشافات العلمية الروسية ازدادت رغم ذلك أملا في الحصول على أدلة مقنعة لعرضها على اللجنة مرة ثانية عام 2009 (2007 Geotimes).
إن حيد لومونوسوف هو إحدى المزايا الطبيعية المميزة للمنطقة القطبية الشمالية التي تمتد على مساحة تزيد على 1800 کیلومتر وترتفع نحو 3700 متر فوق قعر المحيط المتجمد الشمالي (2005 Rozell). اكتشفته البعثات السوفيتية إلى خطوط العرض العليا في عام 1948 وأسمته تيمنا بميخائيل لومونوسوف. ويقسم هذا الحيد المحيطي حوض المحيط المتجمد الشمالي إلى جزأين رئيسيين: هما حوضا أوراسيا واميراسيا Amerasia (2003 ,.Jakobsson et al). وفي صيف عام 2007، أطلقت الدنمارك بعثة دام عملها مدة شهر بهدف إثبات أن الحيد الموجود تحت الماء كان في يوم من الأيام ملتصقة بجرينلاند أرض دنماركية)، مما يجعله امتدادا جيولوجية لأراضيها (2007 Olsen). وفي الآونة الأخيرة، وفي محاولة ملحوظة لدحض النتائج الروسية، تعاون علماء من كندا والدنمارك الإجراء دراسة مشتركة في محاولة لإثبات أن الحيد هو امتداد للقارة الأمريكية الشمالية (2007 Boswell). وسوف تتواصل المطالبات بالحيد المغمور بالمياه ويبقى مثار خلاف إذا صحت توقعات وزير الموارد الطبيعية الروسي بأن حيد لومونوسوف يمكن أن ينتج ما يصل إلى 5 مليارات طن متري من الوقود المكافئ (2007 Energy Daily).
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|