أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-5-2017
2263
التاريخ: 30-8-2022
2133
التاريخ: 20-3-2018
3432
التاريخ: 1-8-2022
1581
|
وثمة ضمانة أخرى للمتهم منحتها بعض التشريعات وهي السماح له بمواجهة الشاهد وإبداء ملاحظاته بصدد ما أدلى به الشاهد من أقوال ، والمعروف أن الشهود من حيث موضوع شهادتهم ، أما شهود إثبات وهم أولئك الأشخاص الذين يدلون بشهادتهم عن وقائع يستدل منها على ارتكاب الجريمة وإسنادها للمتهم وإثباتها عليه ، وأما شهود نفي وهم الذين تكون شهادتهم متضمنة الوقائع التي يستدل منها على عدم ارتكاب المتهم للجريمة ونفي التهمة عنه (1) .
وقد أكدت التشريعات الجنائية على حق المتهم في مناقشة الشهود باعتباره ضمانة من ض مانات المحاكمة العادلة سواء في مرحلة التحقيق الابتدائي أو النهائي ، فقد نصت المادة (115) من قانون الإجراءات الجنائية المصري (عند الانتهاء من سماع أقوال الشاهد يجوز للخصوم إبداء ملاحظاتهم عليها .... ) ، كذلك أشارت المادة (281) الى حق الخصوم - ومنهم المتهم – (..... أن يوجهوا للشاهد الأسئلة التي يرون لزوم توجيهها ) ، وسار المشرع الجنائي اليمني على نهج المشرع المصري حيث نصت المادة (170) من قانون الإجراءات الجنائية ( عند الانتهاء من سماع أقوال الشاهد يجوز للخصوم إبداء ملاحظاتهم عليها ولهم أن يطلبوا من المحقق س ماع أقوال الشاهد عن نقطة أخرى يبينونها ) ، وكفلت المادة (333) حق المتهم في مناقشة الشهود أثناء المحاكمة ( للمتهم ولغيره من الخصوم حتى قبل قفل باب المرافعة طلب سماع من يريد من الشهود واتخاذ أي إجراء ...... ) ، وأكد المشرع الجنائي العراقي صراحة على هذا الحق للمتهم ، حيث نص قانون أصول المحاكمات الجزائية في المادة (63) ب) ( للمتهم وباقي الخصوم إبداء ملاحظاتهم على الشهادة ، ولهم أن يطلبوا إعادة سؤال الشاهد أو سماع شهود أخرين عن وقائع أخرى يذكرونها ..... ) وأكدت المادة (175) على هذه الضمانة أيضأ ( للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم أن تناقش الشاهد وتعيد مناقشته والاستيضاح منه عما أدلى به في شهادته للتثبت من الوقائع التي أوردها ) .
وتباينت المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان في موقفها من هذه الضمانة ، حيث لم يشر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 الى حق المتهم في مناقشة الشهود ، في حين ضمنت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950 في المادة (6/ 3/ د ) للمتهم ( أن يستجوب شهود الإثبات أو يطلب أن يستجوبوا وأن يدعو للاستجواب شهود النفي في الظروف نفسها التي يدعو فيها شهود الإثبات ) ، وأورد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 نص مشابها في المادة (14/ 3/هـ ) ، وكفلت الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969 هذا الحق واعتبرت المادة (2/8/و) أن من حق المتهم الحصول على الضمانات الدنيا الحق الدفاع، ومن هذه الضمانات حقه في استجواب الشهود الموجودين في المحكمة .
وحرصت المحاكم الدولية الجنائية على إعطاء هذه الضمانة للمتهم ، فقد وفر النظام الأساسي لمحكمتي يوغسلافيا ورواندا هذه الضمانة للمتهم إذ سمح له في استجواب أو طلب استجواب شهود الإثبات ، وكفل له كذلك مثول شهود النفي واستجوابهم بالشروط نفسها المتعلقة بشهود الإثبات (2) ، وأكدت القواعد الإجرائية للمحكمتين على ضرورة أن تسمع شهادة الشهود أمام هيأة المحكمة مباشرة وأخذت بالاستجواب المضاد كدليل على أن الشهادة تكون بحضور الأطراف في الدعوى ليتسنى لهم مناقشة الشاهد فيما أدلى به وخاصة في المسائل ذات الدعوي بنقاشها ، ويوضح الدفاع لبقية الأطراف أن شهادة الشاهد الذي قدم أدلة ذات علاقة بالقضايا ومن خلال الاستجواب المعاكس فيها كذب أو تزييف (3).
وأجازت قواعد الإجراءات في محكمة يوغسلافيا في القاعدة (94) الشهادات الخطية التي (7) أيام من تقديم الشهادة ، وبخلافه تعتبر شهادة الشاهد الخطية معترف بها رسميا ، أما اذا اعترضت الأطراف عليها ، فهنا يجري استدعاء الشاهد الإدلاء شهادته أمام المحكمة وللاستجواب المضاد لبقية الأطراف ، ولا يوجد في قواعد محكمة رواندا نظيرة لهذا النص وأعطى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة (1/67 /هـ ) حقا للمتهم في استجواب شهود الإثبات بنفسه أو بواسطة محامية ، كذلك كفلت المادة نفسها للمتهم الحق بطلب حضور واستجواب من يطلبهم كشهود نفي وبالشروط نفسها التي يستجوب بها شهود الإثبات ، وسمحت المادة (69/2) للشاهد بتقديم شهادته بصورة مسجلة بواسطة تكنلوجيا العرض المرئي أو السمعي بشرط أن لا تمس هذه التدابير حقوق المتهم أو تتعارض معها ، كذلك اعتمدت القواعد الإجرائية للمحكمة في القاعدة (68) الشهادات المسجلة سلفا الاعتبارات هي:
أ- فرصة استجواب الشاهد خلال تسجيل شهادته من قبل كل من المدعي العام والدفاع ، في حالة عدم مثول الشاهد أمام الدائرة الابتدائية .
ب - عدم اعتراض الشاهد الذي قدم الشهادة المسجلة سلفا عليها في حالة مثوله أمام الدائرة الابتدائية ، وإتاحة الفرصة للمدعي العام والدفاع ودائرة المحكمة الاستجواب الشاهد أثناء الإجراءات .
أما قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا فقد حرص على توفير هذه الضمانة للمتهم باعتبارها معيارا من معايير المحاكمة العادلة ، حيث نص في المادة (19/ رابعا/ هـ ) ) للمتهم الحق في محاكمة عادلة ونزيهة وفق الضمانات التالية كحد أدنى .... هـ - له الحق في طلب شهود الدفاع وشهود الإثبات ومناقشتهم ....) ، وأشارت قواعد الإجراءات وجمع الأدلة الى حق المتهم في مناقشة الشهود فقد نصت القاعدة (57/ أولا) (.... يجب السماح في كل قضية باستجواب ومناقشة الشاهد من الخصوم لدحض أقواله وإعادة استجوابه ........ )، واشترطت القاعدة (60/ أولا) أداء الشهادة مباشرة ، ولكنها أجازت للمحكمة قبول أداء شهادة الشهود بالهاتف أو بالوسائل المرئية أو بغيرها من الوسائل ، ويرجع تقدير ذلك للمحكمة ، وأرى أن قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا قد انتهج نهجة جيدة من خلال النص على حق المتهم في طلب ومناقشة الشهود وهو ما سارت عليه الأنظمة الأساسية للمحاكم الدولية الجنائية ، في حين لم يكن المشرع موفقا في مسألتين : أولهما يجب رفع كلمة (باستجواب) التي وردت في القاعدة (57/ أولا ) لأن الاستجواب يوجه للمتهم وليس للشاهد ثانيهما : حينما أجاز أداء شهادة الشهود بالهاتف أو بالوسائل المرئية أو بغيرها من الوسائل ، حيث أن عبارة ( بغيرها من الوسائل ) واسعة وغير محددة وتفسح المجال للمحكمة باتخاذ إجراء يمكن أن يهدر ضمانة المتهم في الشهادة بحجة أنها تندرج ض من هذه العبارة وهو ما تمت مشاهدته بالفعل عبر الفضائيات من خلال مجريات محاكمة المتهم صدام حسين ، حيث أن الشاهد كان يؤدي الشهادة وبينه وبين المتهم ستار ، كذلك صوت الشاهد مغير باستخدام وسائل التكنلوجيا مما يعني أن المتهم لم توفر له فرصة معرفة الشاهد ، وأرى إن هذه المعرفة لها دور كبير فمن خلالها يستطيع المتهم تفنيد شهادة الشاهد من خلال إثبات أن هنالك عداء بينه وبين الشاهد مثلا ، من جهة أخرى تعد الشهادة من الأدلة الإيحائية التي تقوم على الإقناع ، ووجود الشاهد بهذه الكيفية التي ذكرتها ربما يضيع فرصة ثمينة للمتهم من خلال الأسئلة المضادة التي تؤدي الى إحراج الشاهد وإرباكه ويمكن ملاحظة ذلك من خلال ملامح ونظرات وتقاسيم وجه الشاهد ، لذلك أقترح أن ينهج قانون المحكمة نهج النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي أشار إلى إمكانية تقديم الشهادة بصورة مسجلة بواسطة تكنلوجيا العرض المرئي أو السمعي - أي حدد طريقتين لذلك – ولكنه اشترط أن لا تمس هذه التدابير حقوق المتهم أو تتعارض معها .
يتضح مما تقدم أن قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا قد سمح للمتهم بمناقشة الشهود سواء أكانوا شهود إثبات أو نفي ، وأجاز له كذلك إجراء الاستجواب المضاد للشاهد وهو ما سارت عليه الأنظمة الأساسية للمحاكم الدولية الجنائية ، ولكنه لم يكن موفقة عندما أجاز أداء الشهادة بواسطة الهاتف أو الوسائل المرئية أو بغيرها من الوسائل ، وحبذا لو إنتهج نهج النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بتحديد طريقتين لعرض الشهادة المسجلة هما الوسائل المرئية والسمعية وأتبعها بعبارة أن لا تمس هذه التدابير حقوق المتهم أو تتعارض معها ، وعلى العموم فإن تقدير قيمة الشهادة متروك لقناعة القاضي ، وهذا الأمر أخذت به أغلب التشريعات لأن ترك التقدير لقناعة القاضي معناه الأخذ بالمفهوم السليم السلطة القاضي في تقدير الأدلة (4).
____________
1- ينظر : د. سلطان الشاوي، أصول التحقيق الإجرامي ، طه، المكتبة القانونية، بغداد ،2006 ، ص 95 .
2- ينظر: المادة (4/21/ه) من النظام الأساسي لمحكمة يوغسلافيا ، المادة (4/20/هـ ) من النظام الأساسي المحكمة رواندا .
3- ينظر: القاعدة (90) من قواعد محكمة يوغسلافيا ، القاعدة (90) من قواعد محكمة رواندا .
4- ينظر : د .فاضل زيدان محمد ، سلطة القاضي الجنائي في تقدير الادلة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان، الأردن ، 2006، ص 278 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|