أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-6-2022
5832
التاريخ: 4-7-2022
3986
التاريخ: 20-7-2022
4263
التاريخ: 7-8-2022
1840
|
هناك عوامل عديدة ساهمت في تطور علم العقاب ومنها(1) ما يأتي:
1-الجهود التي بذلها رجال الكنيسة الكاثوليكية، واعتبارهم ان المجرم شخص عادي كغيره من افراد المجتمع، ولكنه شخص مذنب تجب عليه التوبة، وسبيل التوبة في نظرهم يتطلب انعزال المذنب عن المجتمع لكي يناجي الله تعالى في عزلته، وتقديم يد العون والمساعدة اليه حتى تقبل توبته، ومن هنا نشأت فكرة (السجن الانفرادي) للمجرمين والاهتمام بتهذيبهم وتأهيلهم (2)، وبذلك كانت فكرة التوبة اساسا للنظم الخاصة بتهذيب المحكوم عليهم وتعليمهم، ويتضح بذلك أن فكرة التوبة الدينية كانت نواة لنظام عقابي جديد مختلف عن الأنظمة السابقة عليه، حيث لم تكن المعاملة التي يخضع لها المجرم في السجن هي قسوة فحسب، وإنما كانت في جوهرها تهذبا وتعلما بما يكفل التأهيل.
2- ازدهار الأفكار الديمقراطية وتأثيرها الفعال في تغيير النظرة الى المجرم ليس على اعتباره مواطنا من الدرجة الثانية، بل أضحت النظرة اليه باعتباره مواطنا عاديا مساويا في حقوقه مع الأخرين، الا انه اخطأ و عليه أن يتحمل وزر خطاه، وذلك بعزله عن المجتمع لفترة محددة يصار فيها الى الاهتمام به حتى يؤهل ويصلح نفسه ويعود الى الحضيرة الاجتماعية عضوا نافعا. وقد مهد ذلك لنشوء فكرة (واجب الجماعة قبل المحكوم عليه بجوانبها الثلاثة. فالدولة اذ ترصد المال للأنفاق على السجون، وتبذل الجهد لتأهيل نزلائها اداء لألتزام فرضته عليها وظيفتها في مكافحة الاجرام، ومن ناحية ثانية فان موظفي السجون لا يجوز لهم أن ينظروا الى المحكوم عليهم نظرة استعلاء، وانما يجب أن يسعوا الى خلق علاقات من التعاون تربطهم بهم وكسب ثقتهم فيهم واستغلال ذلك في سبيل ادراك أغراض التنفيذ العقابي. ومن ناحية ثالثة فأن الرأي العام يجب أن يدرك واجب المجتمع قبل المحكوم عليهم فيساهم في تأهيلهم عن طريق عدم وضع العقبات في طريقهم بعد الإفراج عنهم، بل ان عليه ان يتقبلهم ويمد المعونة اليهم تمكينا لهم من شق طريقهم الجديد.
3- زيادة الامكانيات المالية للدولة: أن عملية الإصلاح والتأهيل تحتاج الى مبالغ كبيرة يتم رصدها من أجل الاهتمام بالجوانب النفسية والصحية والتربوية للمجرم، حيث تعج المؤسسات العقابية في الوقت الحاضر بأنواع كثيرة من المختصين في مختلف فروع المعرفة العلمية من طبيب اختصاصي الى خبير اجتماعي ومدرب صناعي، اضافة الى وجود المربين في كثير من المؤسسات العلاجية خاصة التي تعود الى الجانحين الأحداث وكل هؤلاء يحتاجون الى رواتب ومخصصات كانت الدولة عاجزة عن دفعها للمختصين، وكانت العقوبات البدنية هي السائدة قديما، حيث أن تنفيذها لا يحتاج الى مقدار كبير من الأموال. أما العقوبات السالبة للحرية فأنها تكلف الدولة في الوقت الحاضر مبالغ كثيرة من عملتها الوطنية. وقد ساعدت الزيادة في الدخل القومي للدول على الاهتمام بالمجرمين واصلاحهم وضرورة مساعدتهم من أجل اعادتهم الى المجتمع اعضاء صالحين مطيعين للقانون.
4- التقدم العلمي في مجال علم الاجرام والعلوم النفسية والاجتماعية: كان لهذا التقدم الدور الكبير في تطور الدراسات العقابية، حيث أن تطور علم الاجرام واهتمامه بدراسة العوامل الداخلية الفردية والخارجية (البيئية) أدى الى ضرورة توجيه العناية الى المجرم وأخذ شخصيته بنظر الاعتبار عند تنفيذ العقوبة، أي أن ذلك مهد لتوجيه المعاملة العقابية الى مواجهة هذه العوامل في شخص كل محكوم عليه سعيا الى الحد من تأثيرها او القضاء عليه، وكانت تلك الدراسات هي السبيل الى تقسيم المجرمين الى فئات تبعا لغلبة بعض العوامل الاجرامية على ما عداها، وكانت بذلك الأساس الذي قام عليه تصنيف المحكوم عليهم في مؤسسات الاصلاح الاجتماعي.
كما كان لتطور علم النفس أهمية كبيرة في الاهتمام بالجوانب النفسية عند علاج المجرمين، حيث اضاف الى المعاملة العقابية أساليب جديدة في علاج الشخصية الاجرامية، وكذلك فان التقدم الذي أحرزه علم الاجتماع في تحديد العلاقة بين الانسان والعوامل الخارجية، والتطور الذي أصاب علم التربية وفنونها كانا من أهم المصادر التي امدت الأبحاث المخصصة للمعاملة العقابية بالأصول الحديثة التي قامت عليها، حيث أضحي لتطور علم الاجتماع دور كبير في التركيز على الرعاية الاجتماعية للنزيل سواء داخل المؤسسة العلاجية (كإقرار نظام الإجازات للنزلاء وضرورة المقابلة والزيارات بين النزيل واقربائه ومعارفه) او خارج المؤسسة الإصلاحية وذلك عن طريق الرعاية اللاحقة بعد الافراج عن النزلاء.
وفضلا عن ذلك فقد ساعد التطور العلمي في مجال القانون الجنائي على ادخال أنظمة جديدة في مجال المعاملة العقابية (كنظام الافراج الشرطي، وايقاف التنفيذ، والاختبار القضائي) وكذلك الاعتراف بالتدابير الاحترازية والاقرار لها بدورها في مكافحة الجريمة، واتجاه قوانين عديدة الى الاعتراف بالتدابير غير المحددة بالنسبة الفئات من المجرمين، ويعد اتجاه القانون الجنائي الى الاهتمام بشخصية المجرم والحرص على جعل التدبير الذي يفرض عليه ملتنا مع عناصر هذه الشخصية، من العوامل الأساسية التي عززت اتجاه الأبحاث العقابية الى الاهتمام بالشخصية الاجرامية في مرحلة التنفيذ، واعتبار التفريد التنفيذي محور دراساتها، وقد بدا الطابع الشخصي لقانون العقوبات الحديث واضحا في اعترافه للقاضي بسلطة تقديرية واسعة، كما بدا واضحا لقانون الاجراءات الجزائية (اصول المحاكمات الجزائية) في اتجاهه الى الاعتراف بضرورة الفحص السابق على الحكم تمكينا للقاضي من الإلمام بظروف المحكوم عليه والعلم بعناصر شخصيته ليكون ذلك اساسا للتدبير الذي يراد فرضه عليه (3).
______________
1- ينظر في تفصيل ذلك: د. محمود نجيب حسني- علم العقاب۔ دار النهضة العربية. القاهرة. 1967 ص15- 18.
2- د. علي عبد القادر القهوجي علم الإجرام والعقاب- الدار الجامعية للطباعة والنشر- بيروت۔ 1984 ص170.
3- د. محمود نجيب حسني- علم العقاب۔ دار النهضة العربية. القاهرة. 1967 ، ص18. 19.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|