أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-11-2016
2066
التاريخ: 24-11-2016
2115
التاريخ: 12-2-2022
1354
التاريخ: 24-11-2016
3571
|
من أسباب الشعور بالتعاسة، هو الكآبة.. وهي حالة نفسية قد يكون لها سبب خارجي، ولكنها غالباً ما تأتي نتيجة للسأم، والتظاهر بالضجر، والإرهاق، والانهيار.
يقول ديل كارنيجي:
«إنها حقيقة معروفة أن وضعنا العاطفي يساهم في تسبب الإرهاق أكثر من أي جهد جسدي.
وقد نشر جوزيف إ. بارماك وهو دكتور في الفلسفة في (أرشيف علم النفس) تقريراً عن بعض تجاربه يظهر فيه كيف أن السأم ينشئ الإرهاق والكآبة.
فقد أخضع الدكتور بارماك مجموعة من الطلاب لسلسلة من التجارب التي يعلم أنها لا تثيرهم. فما كانت النتيجة؟ شعر الطلاب بالتعب والنعاس، واشتكوا من الصداع وتوتر في العيون، كما شعروا بالضيق. وفي بعض الحالات، كانوا يشعرون بتلبك في المعدة، فهل كل ذلك خيال؟.
كلا، أجريت فحوصات على أولئك الطلاب، فظهر أن ضغط الدم واستهلاك الأوكسجين ينقص حين يشعر الإنسان بالضجر، وأن الجسد يعود إلى طبيعته بسرعة حالما يشعر الإنسان بالسعادة والاهتمام ومحبة العمل الذي يقوم به!».
ويضيف كارنيجي: «من النادر أن نتعب عندما نقوم بشيء مثير ومفرح. فمثلاً، قمت مرة بقضاء عطلتي في جبال روكي الكندية حول بحيرة لويس. أمضيت عدة أيام أصطاد سمك الترويت هناك على طريقتي الخاصة، سالكاً طريقاً مليئة بالأعشاب والشجيرات التي هي أطول مني، كما كنت أتعثر بالأخشاب وأنا أشق طريقي عبر الأشجار المقطوعة، ومع ذلك وبعد ثمان ساعات، لم أكن أشعر بالتعب. لماذا ؟ لأنني أحببت ذلك العمل، وشعرت بروح السعادة والتفوق وتحقيق الذات: إذ اصطدت ست سمكات كبيرات.
لكن لنفترض أن الصيد سبب لي السأم، فكيف تظن سيكون شعوري؟ كنت سأصاب بالإرهاق بسب هذا العمل الشاق على علو سبعة آلاف قدم».
ويضيف: «وحتى أثناء ممارسة مثل هذه النشاطات المرهقة كتسلق الجبال، يمكن أن يرهقك الشعور بالسأم أكثر من العمل الشاق الذي تقوم به. فمثلاً، أخبرني كينغمان، رئيس بنك توفير المزارعين والصناعيين في مينابوليس، عن حادثة تعتبر مثالاً رائعاً عن ذلك. فغي شهر تموز سنة ١٩٤٣، طلبت الحكومة الكندية من نادي الباين الكندي أختيار مرشدين لتدريب أعضاء برينس أون وايلز على تسلق الجبال، وكان كينغمان من بين المرشدين الذين وقع الاختيار عليهم لتدريب أولئك الجنود.
وقد أخبرني كيف أنه هو والمرشدين الآخرين - وهم رجال تتراوح أعمارهم بين الثانية والأربعين والخمسين - أخذوا أولئك الشبان إلى مرتفعات عبر حقول ثلجية وجليدية وإلى صخور تعلو أربعين قدماً، حيث كان عليهم التسلق بواسطة الحبال ومواطئ أقدام. تسلقوا قمة ميشيل وفايس برازيد منت وغيرها في وادي ليتل يوهو في جبال الروكي. وبعد خمسة عشرة ساعة من تسلق الجبال، شعر أولئك الشبان ببعض الإرهاق بعدما أنجزوا تدريب ستة أسابيع في يوم واحد.
فهل سبب إرهاقهم استخدام عضلاتهم التي لم يصلها التدريب العسكري؟ إن أي رجل أخضع للتدريب العسكري سيسخر من هذا السؤال! كلا، إن إزهاقهم ناتج عن السأم من تسلق الجبال. كانوا مرهقين لدرجة أنهم استغرقوا في النوم من دون انتظار العشاء.
لكن المرشدين - وأعمارهم تبلغ ثلاثة أضعاف عمر الجنود - هل كانوا متعبين ؟ أجل، لكن غير مرهقين. فتناولوا العشاء وجلسوا عدة ساعات يتحدثون عن تجارب يومهم. لم يشعروا بالإرهاق لأن عملهم كان يبعث فيهم الإثارة.
عندما كان الدكتور إدوار ثورندايك من جامعة كولومبيا، يجري تجارباً عن الإرهاق، كان يبقي الشبان يقظين أسبوعاً تقريباً وذلك بإبقائهم منهمكين بأعمال مثيرة. وبعد التدقيق، قال الدكتور ثورندايك: «إن السأم هو السبب الحقيقي الوحيد لتقليل العمل».
فإن كنت عاملاً ذهنياً، من النادر أن تجعلك كمية العمل الذي تقوم به سبب تعبك. وربما تتعب من كمية الأعمال التي لم تقم بها. تذكر ذلك اليوم في الأسبوع الماضي حين كنت تقاطع باستمرار فلم تجب حينها على الرسائل، وتخلفت عن مواعيدك وواجهتك متاعب هنا وهناك، كل شيء يسير خطأ في ذلك اليوم. لم تنجز شيئاً، وقد عدت إلى المنزل مرهقاً ومصاباً بصداع مؤلم، وكنت تشعر بالنعاس حقاً.
في اليوم التالي سارت الأمور بهدوء في المكتب، أنجزت أضعاف ما كنت تنجزه يومياً، كما عدت إلى المنزل نشيطاً ومنتعشاً كزهرة الكاردينيا الناصعة البياض. حتماً أنك مررت بهذه التجربة!.
وكذلك أنا مررت بمثلها.
ما هو الدرس الذي نتعلمه من ذلك؟.
والجواب: إن سبب إرهاقنا وكآبتنا ليس العمل بل هو القلق والاستياء والكبت.
يقول الكابتن آندي: «إن الشعوب المحظوظة هي تلك التي عليها القيام بأعمال تتمتع بالقيام بها». إن مثل هذه الشعوب هي محظوظة، لأنها تتمتع بمزيد من الطاقة ومن السعادة، وبأقل من القلق والإرهاق، فحيث يكمن مصدر الإثارة توجد الطاقة.
فما معنى ذلك؟ وماذا يمكنك فعله؟.
إليك ما فعلته إحدى السكرتيرات وهي تعمل لدى شركة نفط في تولساغ بولاية أوكلاهوما، كان عليها القيام بعمل مضجر لعدة أيام من كل شهر، مما كان يبعث في نفسها السأم والضجر والكآبة، إذ كان عليها إملاء طلبات مطبوعة لعقود الشركة وتجهيز الأرقام والإحصائيات. هذه الأمور كانت مملة جداً، فقررت أن تجعلها مثيرة، كيف؟ أخذت تقوم بمنافسة يومية مع نفسها. فكانت تعد العقود التي تنجزها كل يوم وتحاول أن تنجز المزيد منها في اليوم التالي فما كانت النتيجة؟.
استطاعت أن تنجز أعداداً كبيرة وبسرعة أكثر من أية كاتبة في الشركة. وما هي المكافاة التي حصلت عليها؟ المدح والثناء؟ كلا... الترقية؟ كلا... زيادة في دخلها؟ كلا... بل الفرح الذي جنبها الإرهاق الناتج عن الضجر. وولد لديها الحافز العقلي حيث بذلت اقصى ما تستطيع لتجعل من العمل الممل عملاً مثيراً.
فكانت لديها طاقة أكثر من سائر الموظفين، وكذلك أكثر اندفاعاً وسعادة في أوقات فراغها.
هنا قصة ثانية عن كاتبة أخرى وجدت أن من المستحسن التصرف وكأن العمل أمر مثير للسعادة، بعد أن كانت تشعر بالعداء نحوه، اسمها الآنسة إيللينوا هنا قصتها كما كتبتها:
«هناك أربع زميلات في مكتبي، وعلى كل منا استلام رسائل من عدة موظفين لطباعتها. وفي ذات يوم انهمكنا في العمل جداً، وحين ألح مساعد المدير على إعادة طبع رسالة طويلة، ثرت غيظاً. وحاولت أن أقنعه أن باستطاعتي تصحيح الرسالة من دون إعادة طبعها، فأجابني أنه إذا لم أطبعها ثانية، فإنه يستطيع ايجاد من يفعل ذلك عوضاً عني! مما أثار غيظي، لكن حين بدأت في إعادة طبع هذه الرسالة، خطر ببالي أن هناك الكثيرات ممن ينتظرن فرصة للعمل.
ثم إني أتقاضى راتباً للقيام بهذا العمل، فبدأت أشعر بالتحسن، وفجأة بدأت أهتم بعملي وكأنني أستمتع بذلك في الواقع - رغم أنني أكرهه تماماً - ، ثم اكتشفت شيئاً مهماً: إذا قمت بعملي وكأنني أتمتع به فإنني فعلاً أستطيع أن أتمتع به حقيقة.
واكشفت أيضاً أنني أستطيع أن أنجز عملي بسرعة عندما أتمتع به، وبالتالي ليست هنا ضرورة لأعمل في وقت فراغ.
ولقد اكسبني اسلوبي الجديد هذا مركز الكاتبة الجيدة، وعندما طلب مدير إحدى الفروع سكرتيرة خاصة، طلب مني أن أتولى هذا المنصب لأنني - كما قال - أرغب في القيام بعمل إضافي من دون تذمر! إن تغيير أسلوب التفكير هو اكتشاف بالغ الأهمية بالنسبة لي. إذ فعل بي فعل السحر!».
لقد استخدمت هذه الآنسة قاعدة أن نتصرف (وكأننا) سعداء .
فإن تصرفت (وكأنك) متمتع بعملك، فإن هذا التصرف سيجعلك تتمتع به في الواقع. كما أنه سيقلل من إرهاقك وتوترك وقلقك.
وإليكم مثال آخر:
«منذ سنوات اتخذ رجل اسمه هارلن هوارد قراراً غير حياته كلياً. فقد قرر أن يجعل من عمله الممل عملاً مثيراً - من المؤكد أن عمله ممل فهو غسل الأطباق وتنظيف الآلات الحاسبة وغسل آلات البوظة في غرفة الغذاء في المدرسة، بينما يكون الصبية الآخرين يلعبون الكرة -. كان هارلن هوارد يكره عمله لكن بما أن عليه القيام به، قرر أن يدرس طرق تحضير البوظة، فدرس ذلك وصار من ألمع الطلاب في هذه المادة. وأصبح مهتماً جداً في كيمياء الغذاء حتى أنه دخل الجامعة وتخصص في علم الغذاء. وعندما قدمت شركة نيويورك للكاكاو جائزة مقدارها مئة دولار لأفضل بحث عن منافع الكاكاو والشوكولا، فإن هارلن هوارد هو الذي فاز بها.
وعندما وجد صعوبة في إيجاد عمل له، أنشأ مختبراً خاصاً في الطابق السفلي من منزله، وبعد ذلك بقليل، صدر قانون جديد: إحصاء عدد البكتيريا في الحليب. وسرعان ما بدأ هارلن هوارد بإحصاء عدد البكتيريا لأربعة عشرة شركة تنتج الحليب، حتى توجب عليه الاستعانة بمساعدين.
بعد خمس وعشرين سنة أصبح هذا الرجل أحد البارزين في اختصاصه، بينما كان يتمرق أصدقاؤه الذين كان يبيعهم البوظة، ويلعنون الحكومة بسب البطالة ولأنهم لم تتح لهم فرصة العمل. وربما لم تسنح الفرصة أمامه أيضاً لو لم يقرر أن يجعل من عمله الممل عملاً مثيراً».
ويضيف كارنيجي:
«أخبرني محلل الأخبار كيف استطاع أن يجعل من عمله الممل عملاً مثيراً. فعندما كان في سن الثانية والعشرين، عبر المحيط الأطلسي على متن سفينة لنقل المواشي، حيث كان يطعم ويسقي الحيوانات، وبعد القيام بجولة حول إنكلترا، وصل إلى باريس جائعاً ومفلساً. فرهن آلة التصوير مقابل خمسة دولارات لوضع إعلان في صحيفة نيويورك هيرالد للحصول على عمل في بيع الآلات البصرية. تلك الآلات القديمة التي تمكنك من رؤية صورتين متشابهتين، وحين ننظر خلالها، تحدث أعجوبة. إذ تحول هاتان العدستان الصورتان إلى صورة واحدة نتيجة وجود مسافة ثالثة بينهما.
بدأ الرجل يبيع هذه الآلات وهو يقرع الأبواب في باريس، مع أنه لم يكن يجيد اللغة الفرنسية. لكنه استطاع أن يجني خمسة آلاف دولار عمولة في السنة الأولى، فكان ذلك أكبر دخل يحصل عليه بائع متجول في فرنسا، وهذه التجربة طورت بداخله حافزاً للنجاح كأي طالب متخرج من جامعة هارفرد. فبعد هذه التجربة، شعر أنه باستطاعته بيع سجل الكونغرس للنساء الفرنسيات.
لقد أعطته هذه التجربة تفهماً دقيقاً للحياة الفرنسية، وكان ذلك مهماً جداً في تحليل الأحداث الأوروبية في الإذاعة.
فكيف كان يتدبر أمره ليصبح بائعاً خبيراً رغم عدم معرفته باللغة الفرنسية ؟.
حسناً، كان يطلب من مستخدمه كتابة العبارات التي سيستخدمها في عملية البيع، ومن ثم يحفظها غيباً. وحين يقرع أحد الأبواب، تجيب ربة المنزل عليه، فيبدأ في إعادة ما درسه من عبارات بلهجة رهيبة ومضحكة. ثم يعرض الصور أمامها، وحين تسأله سؤالاً، يهز كتفه ويقول: أنا لا أعرف الفرنسية.
ثم يخلع قبعته ويشير إلى نسخة من الأحاديث التي كتبها بلغة فرنسية جيدة، ألصقها داخل قبعته، فتضحك ربة المنزل، ويضحك هو معها. لقد اعترف الرجل أن هذا العمل لم يكن سهلاً، وأن سبب نجاحه يعود إلى تصميمه على جعل عمله ممتعاً. فكان كل صباح يقف أمام المرآة ويتحدث إلى نفسه قائلا: عليك أن تفعل ذلك إذا أردت أن تعيش. وطالما أن عليك القيام بذلك لم لا تتمتع به؟، لم لا تتخيل أنك ممثل، وكلما قرعت باباً، تمثل على خشبة المسرح وأمام الجمهور؟ وقبل أي شيء إن ما تفعله هو مثير تماماً كأي شيء يمثل على المسرح فلم لا تضع كل حماسك واندفاعك لأدائه؟.
وكانت هذه الأحاديث اليومية البسيطة قد ساعدته في تحويل مهامه التي كان يكرهها، إلى مغامرة يحبها ويجني منها أرباحاً طائلة.
وعندما سئل إن كانت لديه أي نصيحة يود تقديمها للشبان الذين يتوقون للنجاح، قال:
«نعم، تحدثوا مع أنفسكم كل صباح. نحن نتحدث كثيراً عن أهمية التمارين البدنية التي توقظنا من النعاس. لكننا نحتاج أكثر إلى بعض التمارين الروحية والعقلية في كل صباح كي نندفع إلى العمل. فتحدث مع نفسك صباح كل يوم».
فهل التحدث مع نفسك كل يوم أمر سخيف وطفولي؟ كلا، بل العكس هو الصحيح لأن ذلك هو أساس علم النفس «إن حياتنا هي ما تصوره أفكارنا».
فمن خلال التحدث إلى نفسك كل ساعة من اليوم، يمكنك أن توجه نفسك للتفكير بأفكار الشجاعة والسعادة والقوة والطمأنينة. ومن خلال التفكير بالأفكار الصحيحة، يمكنك أن تجعل أي عمل أقل ضجراً. إن رئيسك يريدك أن تهتم بعملك حتى يكسب المزيد من المال. لكن أنس ما يريده رئيسك.
فكر فقط ما الذي سيعود به عليك الاهتمام بعملك. تذكر أنه سيضاعف السعادة التي تكسبها من الحياة، لأنك تمضي نصف ساعات اليقظة في عملك، وإن لم تجد السعادة في عملك، لن تجدها في أي مكان. تذكر أن اهتمامك في عملك يزيل عنك القلق، وعلى المدى البعيد ربما يوفر لك الترقية وزيادة في الدخل.
وحتى إن لم يحقق لك ذلك، فأنه يقلل من الإرهاق ويساعدك في التمتع بأوقات فراغك.
وهذا بحدّ ذاته أمرٌ يستحق كل اهتمام.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|