المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



التعايش السلمي والتعارف والتعاون  
  
1711   08:06 صباحاً   التاريخ: 2-7-2022
المؤلف : أمل الموسوي
الكتاب أو المصدر : الدين هو الحب والحب هو الدين
الجزء والصفحة : ص75 ـ 78
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-7-2022 2194
التاريخ: 6-12-2018 2118
التاريخ: 19-11-2019 3661
التاريخ: 2023-04-19 1165

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: 13]، إن من رحمة الله بعباده أن جعل ميزان التفاضل بينهم على أساس التقوى وإن أقربهم إلى الله هو أشدهم حبا لصاحبه كما ذكرت الأحاديث.. كل ذلك كي يصلوا إلى شاطئ الأمان وإلى تحصيل سعادة الدارين.. وهذا عين ما يتوخاه كل شخص عندما تسأله عن أهداف مساعيه ومثابرته وكده ونصبه فيجيبك هو لتحصيل السعادة.. إذن السعادة التي نطلبها قد بين الله لنا معالمها وأوضح لنا سبيل الوصول إليها عن طريق الحب في الله والتقوى والإخلاص والوفاء الخ، وبناء على ذلك فالشخص مخلوق ليس بمفرده، بل خلقه في بيئة ومجتمع وجعل فيه غريزة التآلف والاجتماع ولا يستطيع أن يحقق ذاته أو ينجز عملا يقوم وجوده إلا بمعونة غيره لأنه ضعيف وفقير ومحتاج في خلقته وهو غني وقوي بأهله ووطنه ومجتمعه فإذا أراد أن يعيش الأنانية فهو كالقطرة الي تنفعل وتتنجس بالنجاسة أي تنتهي الفائدة منها بمفردها.. أما الماء الكر الذي هو متكون من مجموعة قطرات يسند بعضها بعضاً ويكون مطهراً ومعتصماً لا ينفعل بالنجاسة.. وهو شبيه بحال المتحابين في الله المتعاونين المتألفين يكونون أقرب إلى الله ومعتصمين عن ارتكاب الذنوب والمعاصي وينتصرون على كل مشكلة تواجههم مهما كبرت وإن حصل منهم ذنب عند الغفلة فلا يؤثر فيهم لما يتحلون به من تسامح وتآلف ومحبة، فالحب في الله يجعل من الشخصين المتحابين منسجمين حتى ولو كانوا يعيشون في كوخ واحد وفي سجادة واحدة وغرفة واحدة.. وأما الأنانية والحقد والبغض يجعل من الملوك يعيشون التناحر والعداء بالرغم من ان كل واحد قابع في دولته ومملكته فلا تسعهما الأرض مهما رحبت، لذلك حث الله تعالى إلى المحبة والألفة حيث قال: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال: 46]، فإن النزاع والعداوة فيه ذهاب للقوة وكل خير يطمح إليه.

إذاً ما المانع من وجود مراجع تقليد متعددين يعملون في طريق هدف واحد حيث لا يتعادى مقلديهم بل يسود بينهم الحب والاحرام لأنهم أخوة في الدين، حيث كان المراجع السلف يعيشون حالة التعايش والتآلف والمحبة بحيث لو أن أحدا جاء وأعطى حقوقه المالية الكبيرة اشتباها إلى المرجع الذي لم يقلده ويأتي إلى مرجعه معتذرا عن غفلته فيكون جوابه لا عليك قد أبرأت ذمتك ويعطيه الوصل بالمبلغ الذي سلمه، إن التباغض والعداوة تؤدي إلى الحروب وشاهد على ذلك أن الحجاج بن يوسف الثقفي وحسب ما ينقل التاريخ أن أسباب تسلطه عشرين عاما كان بسبب أنانية أشخاص ثلاثة قد أهانوا شخصا رابعاً أراد أن يعطيهم رأيه في حل المشاكل الي كانت، فنهروه تكبراً عليه واستصغاراً لشأنه فجاء إلى الحجاج وقال له أنا وعشيرتي بخدمتك في القضاء على أهل الكوفة وهجموا عليهم وتسلطوا ووسعوا سيطرتهم وعانى المسلمون أشد العذاب في عهده نساء ورجالاً فسفك الدماء وأهلك الحرث والنسل، وهكذا كان معنى {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال: 46]، أي يتمكن العدو منكم وتضعف قوتكم وتذب إمكاناتكم..

إن التناحر والأنانية ليس فقط تؤدي إلى الفشل والخسران بل تؤدي كذلك إلى فقدان الإيمان كما قلنا وخسارة الملكات النورانية الإيمانية، وتؤدي إلى بطلان الأعمال والابتعاد عن ساحة العبودية والسقوط في وحل الذنوب والمعاصي والعياذ بالله.

وعلى العكس فإن التحابب والتوادد في الله يعين الإنسان على صفاء القلب ونورانيته والصعود في مدارج الكمال حيث ورد في الحديث (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وهو بذلك ينتصر على النفس والشيطان ويفوز بسعادة الدارين.

فيما يلي آيات تدل على الابتعاد عن أوامر الله تعالى من صلة الأرحام والتوادد والتراحم وإتباع أهل البيت (عليه السلام)، وقد أدت الحال بهم إلى بطلان العمل: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا * إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد: 22 - 33]




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.