أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-8-2022
1698
التاريخ: 3-6-2020
1971
التاريخ: 20-9-2016
1586
التاريخ: 8-7-2022
2145
|
ورد في حديث الشفعة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قضى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بالشفعة بين الشركاء ... وقال : لا ضرر ولا ضرار.
ان في هذا الحديث احتمالين، فيحتمل ان الجملة الثانية قد صدرت من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) مستقلة عن الجملة الاولى؛ احداهما في مجلس و الاخرى في مجلس ثان، إلّا ان الناقل- و هو عاقبة بن خالد قد جمع- بين الروايتين المستقلّتين في مقام النقل.
و يحتمل انهما صدرتا من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في مجلس واحد، بنحو تكون الثانية قد ذكرها (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)- أو تبرع بها الإمام الصادق (عليه السلام)- لتكون مكملة للثانية و مبينة للحكمة بالشفعة بين الشركاء.
ويصطلح على الأوّل: الجمع بين الروايتين في مقام النقل، و على الثاني: الجمع بين المرويين.
وقد وقع البحث بين الاعلام في ان الجمع بين الفقرتين المذكورتين هل هو من النحو الأول أو من النحو الثاني.
والسبب في طرح هذا البحث: انّ أحد الاحتمالات في المقصود من قاعدة لا ضرر هو افادة النهي عن ارتكاب الضرر و بيان تحريمه في التشريع الإسلامي.
وشيخ الشريعة الاصفهاني من روّاد هذا الاحتمال و مؤيديه، إلّا انّ الذي يقف أمام هذا الاحتمال هو ان قاعدة لا ضرر إذا كان يقصد بها إفادة النهي التحريمي فلما ذا ذكرت في ذيل حديث الشفعة و في ذيل حديث المنع من فضل الماء؟
ان ذكرها ذيل حديث الشفعة لا وجه له باعتبار ان الشفعة بين الشركاء حكم وضعي و لا معنى لتعليله بما يدلّ على الحكم التكليفي، فلا معنى لأن يقال: الشفعة ثابتة بين الشركاء لأنّه يحرم الاضرار. ان هذا لا ربط له بهذا حتى يذكر كتعليل له.
وهذا بخلاف ما إذا لم يكن المقصود من قاعدة لا ضرر إفادة النهي التكليفي، بل إفادة معنى آخر كالمعنى الذي ذكره الشيخ الأعظم في الرسائل، و هو: نفي كل حكم يستلزم ثبوته الضرر بالمكلّف؛ فكل حكم من هذا القبيل منتف في التشريع الإسلامي و ليس بثابت، انّه بناء على هذا تكون المناسبة واضحة، فكأنه يراد ان يقال: إذا باع أحد الشريكين حصته فالشفعة ثابتة للشريك الثاني و له الحق في أخذ حصة الشريك بالشفعة؛ إذ لو لم يكن له هذا الحق و كان بيع الشريك لازما يلزم تضرّر الشريك الثاني، و لزوم بيع الشريك ما دام يلزم منه الضرر على الشريك الثاني منفي.
هذا بالنسبة إلى حديث الشفعة.
و امّا بالنسبة إلى حديث المنع من فضل الماء فالوجه في عدم صحة ذكر قاعدة نفي الضرر في ذيله هو: ان المنع من فضل الماء ليس محرما بل هو مكروه، فمن كانت له بئر و فضل من مائها شيء فمن حقه منع الآخرين من الاستفادة من ذلك الماء، لكن ذلك مكروه.
و ما دام مكروها فلا معنى لأن يعلّل بحرمة الاضرار. أجل لو كان المنع من فضل الماء محرما لكان تعليله بحرمة الاضرار وجيها، إلّا انه لمّا كان مكروها فلا معنى لتعليله بقاعدة نفي الضرر بناء على كون المقصود منها افادة تحريم الاضرار.
ان اشكال عدم المناسبة بين التعليل و الحكم المعلل يتم في حديث الشفعة و المنع من فضل الماء و لا يتمّ و ارم في الحديث الناقل لقصة سمرة لأنّه قد حكم (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بقوله: اذهب فاقلعها بها إليه فانّه لا ضرر و لا ضرار. انّ المناسبة واضحة، فالنبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) جوّز قلع النخلة، لأنّ دخول سمرة إليها يوجب اضرار الأنصاري، و الاضرار محرم (١).
وبالجملة ان إشكال عدم المناسبة بين التعليل و الحكم المعلل- بناء على إرادة التحريم التكليفي من قاعدة لا ضرر- يختص بحديث الشفعة و المنع من فضل الماء دون حديث قصة سمرة.
ومن هنا حاول شيخ الشريعة التغلب على هذه المشكلة بدعوى ان فقرة لا ضرر المذكورة في حديث الشفعة و المنع من فضل الماء لم تذكر كتتمة للفقرة الاولى ليرد إشكال عدم المناسبة، و إنّما ذكرها عاقبة بن خالد من باب نقل روايتين احداهما مستقلة عن الاخرى.
قال (قدّس سرّه) في رسالته التي ألّفها لبحث قاعدة لا ضرر ما نصه: «ان الراجع في نظري القاصر إرادة النهي التكليفي من حديث الضرر، و كنت استظهر منه عند البحث عنه في أوقات مختلفة إرادة التحريم التكليفي فقط، إلّا انه يثبّطني من الجزم به حديث الشفعة و حديث النهي عن منع فضل الماء، حيث ان اللفظ واحد و لا مجال لإرادة ما عدا الحكم الوضعي في حديث الشفعة و لا التحريم في النهي عن منع فضل الماء، بناء على ما اشتهر عند الفريقين من حمل النهي على التنزيه فكنت اتشبّث ببعض الامور في دفع الإشكال إلى ان استرحت في هذه الأواخر و تبيّن عندي انّ حديث الشفعة و الناهي عن منع الفضل لم يكونا حال صدورهما من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) مذيلين بحديث الضرر و ان الجمع بينهما و بينه جمع من الراوي بين روايتين صادرتين عنه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في وقتين مختلفين ...» (٢). ثم أخذ في بيان اثبات الدعوى المذكورة.
وإذا كانت رسالة لا ضرر لشيخ الشريعة تعدّ من الرسائل الجيدة في هذا المجال فذلك ليس إلّا من جهة تحقيقه الذي قام به لإثبات دعوى كون الفقرتين روايتين مستقلتين جمعتا في رواية واحدة في مقام النقل.
وأيّده في هذه الفكرة جمع من الأعلام منهم الشيخ النائيني و الشيخ الاصفهاني، و لكن لبيانات أخرى.
وحاصل ما ذكره شيخ الشريعة: انّ قضية «لا ضرر» الصادرة من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قد صدرت كقضاء مستقل، إلّا انّ عاقبة بن خالد قد ألحقها بقضية الشفعة. و الناظر إلى حديث عاقبة يتخيّل انّ ذلك الالحاق هو من باب كون قضية لا ضرر علّة للحكم بثبوت الشفعة، والحال أنّ الأمر ليس كذلك بل هو قضاء مستقل.
والدليل على ذلك: ان أحمد بن حنبل في مسنده الكبير روى عن عبادة بن الصامت مجموعة من الأقضية المستقلة للنبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، و ذكر من جملتها قضية الشفعة من دون أن تكون مذيّلة بحديث لا ضرر، و هكذا ذكر من جملتها قضية المنع عن فضل الماء من دون ان يكون مذيلا بقضيّة لا ضرر، و إنّما ذكر عبادة قضيّة لا ضرر بشكل مستقل عن قضيّة الشفعة و قضيّة فضل الماء.
ولأجل ان يتّضح المطلب ننقل رواية عبادة؛ قال: «ان من قضاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): انّ المعدن جبار و البئر جبار و العجماء جرحها جبار (3)، و قضى في الركاز الخمس، و قضى انّ ثمر النخل لمن ابّرها إلّا ان يشترط المبتاع، و قضى ان مال المملوك لمن باعه إلّا انّ يشترط المبتاع، و قضى ان الولد للفراش و للعاهر الحجر، و قضى بالشفعة بين الشركاء في الأرضين و الدور، و قضى لحمل ابن مالك الهذلي بميراثه عن امرأته التي قتلتها الاخرى [إلى ان قال] و قضى ان لا ضرر و لا ضرار، و قضى انّه ليس لعرق ظالم حق، و قضى بين أهل المدينة في النخل لا يمنع نقع البئر، و قضى بين أهل البادية انّه لا يمنع فضل ماء ليمنع فضل الكلأ ...».
انّنا نجد بوضوح في هذه الرواية انّ قضية لا ضرر ذكرت كقضاء مستقل.
هذا في روايات العامّة.
ولو رجعنا إلى روايات الشيعة لوجدنا انّ عاقبة بن خالد ينقل مقدارا كبيرا من تلك الأقضية التي نقلها عبادة، و لكن لم ينقلها علماؤنا مجموعة في رواية واحدة بل فرقت على الأبواب المختلفة (4).
و إذا قارنا بين ما هو المنقول بطرقنا من تلك الأقضية المستقلة و ما هو المنقول في رواية عبادة لوجدنا تشابها كبيرا، الأمر الذي يوجب الوثوق بانّ قضية لا ضرر المذكورة في رواية عاقبة بعد الحكم بالشفعة ذكرت كقضاء مستقل.
و بكلمة اخرى: يحصل وثوق بأنّ ما صدر من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في قضية الشفعة قد صدر غير مذيّل بقضية لا ضرر، و إنّما عاقبة قد جمع بينهما من باب الجمع بين الروايتين المستقلّتين.
هذا بالنسبة إلى حديث الشفعة.
وهكذا يقال بالنسبة إلى حديث المنع من فضل الماء.
وأضاف شيخ الشريعة قائلا: انّ احتمال كون عبادة قد فصل بين قضية الشفعة و قضية لا ضرر- بعد ما كانت الاولى مذيّلة بالثانية، فصل نتيجة لتصرّف شخصي منه- احتمال بعيد جدا، خصوصا بعد استقراء رواياته و ثبوت ضبطه و اتقانه، بل قيل: انّه من أجلّاء الشيعة.
وعن الكشّي عن الفضل بن شاذان: انّه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، كحذيفة و خزيمة بن ثابت و ابن التيّهان، و هو ممّن شهد العقبة الاولى و الثانية و بدرا و احدا و الخندق و المشاهد كلّها مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).
هذا توضيح ما أفاده (قدّس سرّه).
وخوفا من الاطالة نترك المناقشة إلى مستوى أعلى من البحث إلّا انّه بشكل مختصر نقول: انّ ما أفاده (قدّس سرّه) لا يتم إلّا بناء على انّ جملة لا ضرر الصادرة من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قد صدرت مرة واحدة لا أكثر، امّا إذا افترضنا انّها صدرت مرّتين؛ مرة كقضاء مستقل نقله عبادة، و أخرى كتعليل للحكم بالشفعة و فضل الماء فلا يتم ما ذكره. و واضح انّ احتمال التعدّد موجود، و معه تبطل القرينة المذكورة.
وإذا قيل دفاعا عن شيخ الشريعة بانّ من يقارن بين الأقضية التي نقلها عبادة و الأقضية التي نقلها عاقبة يجد تشابها تاما، إلّا من ناحية تذييل قضية الشفعة و فضل الماء بقضية لا ضرر، و هذا يورث الاطمئنان بأنّهما بصدد نقل شيء واحد صادر من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) و ليسا بصدد نقل شيئين صدرا منه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)؛ و حيث انّ عبادة من أجلّاء الأصحاب و لا يحتمل وجود مصلحة له تدعوه إلى حذف قضية لا ضرر من الذيلية فيثبت انّ قضية لا ضرر الصادرة من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قضية واحدة.
و مثل هذا البيان لا ينفع في ردّه احتمال تعدد الصادر من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).
و الوجه في ذلك: انّ لنا اطمئنانا بكون عاقبة ناظرا في نقله إلى نقل نفس ما ينقله عبادة، و لا يقصد عاقبة نقل أشياء اخر غير ما ينقله عبادة، و حيث انّ عبادة دقيق في نقله و لا نحتمل وجود مصلحة له في الفصل فيثبت انّ قضية لا ضرر حينما صدرت من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) صدرت مستقلة أيضا.
ويرده: ان قضية لا ضرر في نقل عاقبة لو كانت قضية مستقلة فما معنى اقحامها بين قوله: «قضى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بالشفعة بين الشركاء في الأرضين و المساكن»، و قوله «إذا أرفت ...»؟ ان هاتين الجملتين مرتبطتان بمسألة الشفعة، و اقحام شيء مستقل بينهما أمر غير مناسب.
و جمعا بين تصديق عاقبة و تصديق عبادة يمكن ان نفترض انّ عبادة قد سمع مرتين من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قضية لا ضرر؛ سمعها مرة كقضاء مستقل، و سمعها اخرى في ذيل قضية الشفعة، و نقل القضاء المستقل في روايته السابقة و تساهل عن نقلها ثانية كذيل لقضية الشفعة من باب أنّ إسقاطه لا يغيّر في المعنى شيئا، إذ هو إسقاط للتعليل لا أكثر؛ و قد شجّعه على ذلك ذكره لقضية لا ضرر بعد ذلك كقضاء مستقل.
هذا كله لو سلّمنا بوثاقة عبادة و صحّة الرواية من ناحيته و من ناحية بقية أ فراد السند، و إلّا فالمجال للمناقشة واسع، إذ يقال: سلّمنا بوثاقة عبادة و جلالته، و لكن ذلك لا يلزم منه وثاقة جميع أ فراد السند غير عبادة.
ومع عدم ثبوت صحّة الرواية سندا كيف تجعل قرينة على التصرّف في رواية عاقبة بن خالد؟
نكات اخرى :
ذكر الميرزا في رسالته بعض النكات الاخرى لإثبات انّ قضية لا ضرر قضية مستقلة لا ربط لها بسابقها، و وافقه السيد الخوئي على بعضها و أشار لها في مصباح الاصول (5)، نذكر منها:
١- انّ قاعدة لا ضرر لا ربط لها بمسألة الشفعة، فانّ قاعدة لا ضرر تنفي كل حكم يتولّد منه الضرر.
و في المقام نقول: انّ الضرر امّا ان ينشأ من بيع الشريك حصته لشخص ثالث أو ينشأ من لزوم ذلك البيع لا من نفسه؛ و على الأوّل يلزم بطلان البيع و انتفاؤه لا الحكم بصحته و ثبوت حق الشفعة للشريك.
و على الثاني يلزم انتفاء لزوم البيع و كونه مشتملا على الخيار بحيث يحقّ للشريك الأوّل فسخ البيع و رجوع الحصة المباعة إلى ملك الشريك البائع.
و على كلا التقديرين لا معنى لثبوت الشفعة للشريك بنحو ينقلها إلى ملك نفسه. ان هذا حكم لا يستفاد من قضية لا ضرر كما أوضحنا.
أجل، لو قلنا بأنّ حديث لا ضرر يدلّ على لزوم جبران الضرر الوارد على الشخص لأمكن أن يقال بانّ الاستشهاد بقضية لا ضرر هو من باب إفادة انّ الضرر الوارد على الشريك لا بدّ من جبره، و ذلك لا يكون إلّا بتشريع حق الشفعة.
و لكن يرد ذلك أنّ حديث نفي الضرر حديث نفي لا حديث إثبات فهو وارد لبيان انتفاء كل حكم يلزم منه الضرر لا اثبات كل حكم ينجبر به الضرر.
هذه حصيلة النكتة الاولى.
ويردها : ان ثبوت حقّ الشفعة لو لم يمكنّا استفادته من حديث لا ضرر فهذا لا يعني رفع اليد عن ظهور حديث عاقبة في كون قاعدة لا ضرر ذكرت فيه كذيل و تعليل، بل ينبغي ان نقول: انّ وجه التعليل قد خفي علينا و لا نعرفه لا انّه لا يوجد وجه للتعليل و بالتالي ننكر كونه ذيلا.
هذا مضافا إلى إمكان ان يقال: انّ ذكر قضية لا ضرر كتعليل يدل على انّ المقصود منها- قضية لا ضرر- أوسع ممّا نفهمه، فنحن كنّا نفهم منها انّها واردة لبيان النفي لا اثبات و تشريع ما يجبر به الضرر، و من المناسب انّ نرفع اليد عن هذا الفهم، و نقول: انّ المقصود منها الأعم من النفي و اثبات التشريع الجابر بقرينة ذكرها ذيلا و تعليلا.
على انّ بالامكان استفادة ثبوت حق الشفعة من قاعدة لا ضرر بتقريب: انّ الشريك إذا أراد بيع حصته فالمجتمع و الفطرة و العقلاء يحكمون بأحقيّة الشريك الآخر بالحصة فيما إذا استعدّ لأخذها بالثمن
الذي يطلبه بائعها، فانّ غرض البائع ليس إلّا تحصيل الثمن و المفروض انّ الشريك الآخر يبذله، و بيع الحصة لغيره دونه ادخال للشريك عليه دون أي مسوّغ.
انّ هذا الحق ثابت للشريك، فإذا لم يشرّع له حق الشفعة لزم سلب حقه، و سلب الحق نحو من أنحاء الضرر.
انّ الضرر لا يختص بالنقص في المال أو البدن، بل يعمّ عدم منح صاحب الحق حقه.
أجل هناك بعض الحقوق الاجتماعية لم يمضها الشارع فعدم منحها لا يعدّ ضررا، من قبيل عدم تزويج بنت العمّ لابن عمّها.
أما مثل حق الشفعة فهو حق اجتماعي و عقلائي و قد أمضاه الشارع، و سلب مثله و عدم منحه يعدّ ضررا.
و بهذا يتّضح انّ الضرر اللازم في المقام ليس هو في البيع نفسه و لا في لزومه، بل في عدم إعمال حق الشريك الذي تولّد بسبب بيع الشريك الآخر.
٢- وهذه النكتة ناظرة إلى حديث فضل الماء، و حاصلها انّ قضية لا ضرر لا يمكن أن تكون ذيلا و علّة للحكم بالمنع عن فضل الماء، لأن الشخص الذي له بئر و فضل قسم من مائها له الحق في منع الآخرين من الاستفادة من مائها لأنّها ملكه و حقه، غايته ان منعه الآخرين مكروه و مرجوح لا انّه محرّم، و مع كون المنع جائزا و مرجوحا فلا معنى لتعليله بقضية لا ضرر التي تدل على حكم لزومي.
ان التعليل بقضية لا ضرر يدل على انّ منع الآخرين من الاستفادة من فاضل الماء محرم، و الحال ان المنع مكروه، و تعليل المنع المكروه بما يدل على التحريم غير وجيه، و عليه فيتعين ان تكون قضية لا ضرر مستقلة.
وتحقيق الحال في هذه النكتة يرتبط بتحقيق الحال في مسألة المنع عن فضل الماء و هل ذلك- المنع من الفاضل- حق لصاحب البئر أو لا.
ان المعروف انّ من حفر بئرا أو عينا فهو مالك لها، سواء كان ذلك الحفر في أرض مباحة أو في التي هي ملكه، إلّا انّ بالامكان أن يقال: انّه لا يملكها أو بالأحرى يملكها في حدود حاجته، ولا بدّ له من فسح المجال أمام الآخرين بالمقدار الزائد عن حاجته.
والمستند في ذلك باختصار: ان دليل الملكيّة، امّا قاعدة من حاز ملك، أو السيرة العقلائية على انّ من حفر بئرا أو استخرج معدنا فهو ملك له، أو هو الاجماع التعبّدي.
امّا قاعدة من حاز ملك فهي مردودة، باعتبار انّها ليست مدلولا لدليل لفظي ليتمسك باطلاقه و إنّما مستندها السيرة العقلائية؛ و عليه فيلزم الرجوع إلى السيرة.
والسيرة مدفوعة بأن القدر المتيقن منها الحكم بملك الحائز فيما إذا كانت الحيازة للطير أو للسمك أو للأرض أو لغير ذلك مما هو في حدود حاجة الحائز، اما إذا حاز مقدارا أكبر من حاجته فلا يحرز التعامل معه معاملة المالك.
وعلى تقدير ثبوت مثل هذه السيرة على اطلاقها فهي لا تكون حجة إلّا مع الامضاء الشرعي، و هو غير ثابت لاحتمال الردع بمثل رواية عاقبة و غيرها التي نهي فيها عن فضل الماء ليمنع من فضل الكلأ.
وإذا قيل بأنّ هذه الرواية لم تثبت حجيتها لضعف سندها.
أجبنا : انّ الرواية و انّ كانت ضعيفة السند إلّا انّه يحتمل صدورها واقعا، و مع ثبوت الاحتمال المذكور فلا نجزم بعدم الردع و بالتالي لا يجزم بالامضاء.
واما الاجماع التعبّدي فهو مدفوع بمخالفة الشيخ الطوسي، حيث ذكر في المبسوط: كل موضع قلنا: انّه يملك البئر فانّه أحق بمائها بقدر حاجته لشربه و شرب ماشيته و سقي زرعه، فإذا فضل بعد ذلك شيء وجب عليه بذله بلا عوض لمن احتاج إليه لشربه و شرب ماشيته من السابلة و غيرهم، و ليس له منع الماء الفاضل من حاجته حتى لا يتمكن غيره من رعي الكلأ الذي يقرب ذلك الماء (6).
وعليه فلا إشكال في التعليل بقاعدة لا ضرر من هذه الناحية.
_____________
(١) و لكن سيأتي إن شاء اللّه التأمل في ذلك أيضا.
(٢) قاعدة لا ضرر: ١٨- ١٩.
(3) الجبار هو الهدر الذي لا يغرم. و العجماء هي البهيمة.
(4) ففي الفقيه بسنده إلى عاقبة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: من قضاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) انّ المعدن جبار و البئر جبار و العجماء جبار. و في الكافي و التهذيب عن عاقبة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قضى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) انّ ثمر النخل للذي أبّرها إلّا أن يشترط المبتاع.
(5) مصباح الأصول ٢: ٥٢١.
(6) المبسوط ٣: ٢٨١.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|