أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-03-2015
1961
التاريخ: 2-03-2015
3164
التاريخ: 2-03-2015
1006
التاريخ: 2-03-2015
1429
|
طلب العلم في البصرة على أئمتها، قرأ على أبي عمرو بن العلاء، وعلى عيسى بن عمر الثقفي، لكنه لم يقارب أحدا من تلامذتهم فلم ينبه, وعاش بالبصرة غير معروف(1), وكان أول كوفي ألف في العربية، وكتابه "الفيصل" عرضه -فيما ذكروا- على أصحاب النحو بالبصرة فلم يلتفتوا إليه, ولا جسر على إظهاره لما سمع كلامهم، أما هو فيزعم أن الخليل طلب الكتاب فأطلعه عليه، "فكل ما في كتاب سيبويه: قال الكوفي كذا, فإنما عنى الرؤاسي هذا". وزعم جماعة من البصريين أن الكوفي الذي يذكره الأخفش في آخر المسائل, ويرد عليه الرؤاسي(2).
ص41
ويعد من قراء الكوفيين, وسترى من أسماء كتبه الموضوعات التي عني بها:
كتاب التصغير، الإفراد والجمع، الوقف والابتداء، معاني القرآن.
ولما رجع إلى الكوفة وجد فيها عمه معاذ بن مسلم الهراء "187" مرجع الناس في العربية, وعني بالصرف ومسائله خاصة، وتبعه في هذه العناية من قرأ عليه من الكوفيين، حتى قيل: إنهم فاقوا البصريين فيها، ومن هنا عدهم بعض العلماء واضعي علم الصرف.
وتخرج بالرؤاسي تلميذاه المشهوران: الكسائي والفراء.
أما الكسائي فأنت تعرف أنه أعجمي الأصل وأحد القراء السبعة وإمام الكوفيين في العربية، أخذ عن يونس أحد أئمة البصرة وجلس في حلقة الخليل، ثم خرج إلى بوادي نجد والحجاز وتهامة يأخذ عن الأعراب "فأنفد خمس عشرة قنينة حبر في الكتابة عن العرب سوى ما حفظ, فقدم البصرة فوجد الخليل قد مات وفي موضعه يونس, فجرت بينهما مسائل أقر له فيها يونس وصدره في موضعه"(3).
ثم انتقل إلى بغداد, فعاش في قصر الرشيد مؤدبا للأمين والمأمون، ونال الحظوة وأقبلت عليه الدنيا: يخدمه وليا العهد، ويعنى به ويعوده الرشيد نفسه. ولما خرج الرشيد إلى الري
ص42
اصطحب معه الكسائي ومحمد بن الحسن الشيباني, فاتفق أن ماتا سنة 189 في يوم واحد, فقال الرشيد: "دفنت الفقه والنحو في يوم واحد"(4).
وأما الفراء فقد قرأ بالبصرة على يونس بن حبيب ثم قرأ على الرؤاسي, ثم لازم الكسائي في بغداد, والذي حثه على الخروج إلى بغداد شيخه الرؤاسي.
ولندع الفراء نفسه يحدثنا بأول أمره ببغداد قال:
قال لي الرؤاسي: "قد خرج الكسائي "إلى بغداد" وأنت أسن منه" فجئت إلى بغداد فرأيت الكسائي فسألته عن مسائل من مسائل الرؤاسي، فأجابني بخلاف ما عندي، فغمزت قوما من علماء الكوفيين كانوا معي، فقال: "ما لك قد أنكرت؟ لعلك من أهل الكوفة؟ " فقلت: "نعم" فقال: "الرؤاسي يقول كذا وكذا وليس صوابا، وسمعت العرب تقول كذا وكذا, حتى أتى على مسائلي فلزمته".
والطريف تشاد البصريين والكوفيين في قراءة الفراء على يونس بن حبيب البصري أستاذ سيبويه تشادا على غير المنتظر، فالكوفيون يزعمون أنه استكثر عنه والبصريون يدفعون ذلك. ثم كان الفراء "زائد العصبية على سيبويه وكتابه تحت رأسه" .
صنف "معاني القرآن" الذي قال فيه مادحه: "لم يعمل أحد قبله مثله, ولا أحسب أن أحدا يزيد عليه"(5).
ص43
وكتبه التي تركها تدور حول مسائل من اللغة والنوادر والصرف والنحو والقرآن. أما كتابه الكبير في النحو المسمى بـ "الحدود" فقد ذكروا أنه يشتمل على ستة وأربعين حدا في الإعراب. ويعنينا منه هنا قصته فهي تدل على بدع عجيب عرف به بعض النحاة وأثر في سير هذا العلم أثرا سيئا، ذلك هو الإغراب والتعقيد، قالوا:
كان السبب في إملائه الحدود أن جماعة من أصحاب الكسائي صاروا إليه وسألوه أن يملي عليهم أبيات النحو ففعل، فلما كان المجلس الثالث قال بعضهم لبعض: "إن دام هذا على هذا, علم النحو الصبيان! والوجه أن يُقعد عنه" فقعدوا فغضب وقال: "سألوني القعود فلما قعدت تأخروا، والله لأملين النحو ما اجتمع اثنان" فأملى ذلك ست عشرة سنة.
وأنا حائر في التوفيق بين نزعة التسهيل والتبسيط هذه التي في القصة, وقولهم في ترجمته: "كان يتفلسف في تأليفاته ومصنفاته، يعني: يسلك في ألفاظه كلام الفلاسفة"(7).
وتكفينا هذه الإلماعة عن رجال المدرستين(8), محاولين تتبع الخلاف ومعرفة طبيعته.
ص44
______________
(1) انظر معجم البلدان 18/ 123, وأخذ عن زهير الفرقبي "155" الذي تتلمذ على ميمون الأقرن أحد أصحاب أبي الأسود, إنباه الرواة 3/ 18، 19.
(2) بغية الوعاة, وذكره أبو الطيب اللغوي في عداد من أخذ عن أبي عمرو فقال: "عالم أهل الكوفة، وليس بنظير لهؤلاء الذين ذكرنا ولا قريب منهم.... أخبرنا أبو حاتم قال: كان بالكوفة نحوي يقال له: أبو جعفر الرؤاسي، وهو مطروح العلم ليس بشيء" مراتب النحويين ص24.
(3) بغية الوعاة.
(5) بغية الوعاة.
(6) الفهرست ص96.
(7) المصدر السابق ص99.
(8) نشر "مراتب النحويين" لأبي الطيب اللغوي المتوفى سنة 351، وجاء فيه -بعد أن سرد تراجم أعيان البصريين ثم الكوفيين- قوله:
"والذين ذكرنا من الكوفيين فهم أئمتهم في وقتهم، وقد بينا منزلتهم عند أهل البصرة, فأما الذين ذكرنا من علماء البصرة فرؤساء علماء معظمون غير مدافعين في المصرين جميعا، ولم يكن بالكوفة ولا في مصر من الأمصار مثل أصغرهم في العلم بالعربية، ولو كان لافتخروا به، وباهوا بمكانه أهل البلدان، وأفرطوا في إعظامه كما فعلوا بحمزة الزيات, يتخذونه إماما معظما مقدما وليس يحكى عنه شيء من العربية ولا النحو، وإنما هو صاحب قراءة، وأما عند البصريين فلا قدر له" ص26.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|