أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-4-2022
2621
التاريخ: 29-1-2018
2247
التاريخ: 14-11-2016
2387
التاريخ: 24-11-2019
2403
|
كما هو معروف قديماً قالوا (لولا المربي ما عرفت ربي) والتزام المربي نفسه وتكامله في مجالات التربية الحسنة، والسير وفق مناهج العلم والدين والأخلاق، خير دافع ومحفز للأبناء أن يحذوا حذوه وأن يسيروا على أقواله وأفعاله، كما أن للأسرة أثراً فعالاً في تكوين السلوك الشخصي للطفل، فمنها يتعلم اللغة والأعراف الخلقية، والعادات الاجتماعية، والمنهج العلمي الذي يسير عليه في حياته... ولقد نقلت الأسرة إلى أبنائها حضارات الأمم السابقة، وعاداتها وتقاليدها.
يقول بعض علماء التربية: إن الآباء لو رحلوا من الأرض إلى كوكب آخر، وتركوا أبناءهم، ثم عادوا إليهم بعد عشرين عاماً لوجدوهم قطعاً من البهائم والحيوانات، التي لا تفهم ولا تعي أي شيء... حيث أن الطفل يتعلم من أسرته النضج العائلي والتقاليد الدينية، وغير ذلك من الأعراف التي تشكل الحياة الاجتماعية في الأرض(1).
ومما لاشك فيه أن سلوكيات الأب والأم داخل الأسرة، له انعكاسات على عقلية الطفل المستقبلية وبلورتها فإن كانت حسنة أعطت نتيجة حسنة، وإن كانت سيئة أعطت نتيجة سيئة.
لذلك من الضرورة بمكان أن لا نستهين بتصرفاتنا أمام الأولاد، وخصوصاً السباب والشتم البذيء عند نشوب الخلافات بين الزوجين، ينبغي أن لا نعيش حالة التناقض والازدواجية السلوكية داخل الأسرة، وخصوصاً على الأقل أمام الأولاد، حتى لا نصبح مصداقاً واقعياً لقوله تعالى {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44].
يقول بعض الشعراء:
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء وأنت أحوج للدوا وتعالج المرضى وأنت سقيم
وجاء التأكيد في تعاليم الإسلام الحنيف أن يكون الإنسان المؤمن داعية ليس بلسانه إنما بسلوكياته وتصرفاته ولا سيما داخل الأسرة.
يقول الإمام علي (عليه السلام):
«إنكم إلى اكتساب الأدب أحوج منكم إلى اكتساب الفضة والذهب»(2).
وحتى تعرف قيمة الأدب والسلوك الحسن المنعكس على سلوكيات الأولاد، فحينما ترى على ولد سلوكاً وتصرفاً خاطئ تقول أنه غير مربى، وليس له قدوة حسنة داخل أسرته حتى يتخلق ويتعلم الأدب، وعندما ترى من آخر تصرفاً وسلوكاً حسناً يعجبك ويشد انتباهك تقول في قرارة نفسك أنها من التربية الأسرية، وتثني عليه وعلى والديه.
وفي نهاية المطاف يجب أن نتنبه إلى نكتة مهمة، وهي أنه ليس باستطاعة كل أسرة أن تقوم بالتربية الصحيحة، وليس بإمكان حجر كل أب أو أم أن يصبح أحسن مدرسة للطفل، فالشرط الأساسي هو أن يكون جو الأسرة نزيهاً وعفيفاً وخالياً من الفساد والإجرام والخيانة وارتكاب الخطأ، بل يشترط أن يكون الوالدان حائزين على صفات وملكات فاضلة. فالوالدان المنحرفان لا يستطيعان أن يربيان في أحضانهما أطفالاً صالحين فإن (فاقد الشيء لا يعطيه).
ولقد قال الشاعر:
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
لقد أدى إسراف المدنية الحديثة في الجوانب المادية والشهوات الحيوانية إلى إضعاف الجوانب المعنوية والروحية. فإن كثيراً من الأسر فقدت معنوياتها على أثر التلوث بأنواع الجرائم والذنوب، وأنتجوا في النهاية أولاداً مجرمين ومنحطين، فاسدين ومنحرفين !!.
وفي كثير من الأسر لا يواجه الطفل إلا أساليب فاسدة وبعيدة عن الأخلاق، ولا يتجلى أمام ناظريه الثاقبين إلا أمثولة السلوك الأهوج والإهمال والكسل.
من المؤسف أن هذه الحقيقة غير قابلة للإنكار، وأن عدداً كبيراً من حوادث السقوط والانهيار في المجتمع ينبع من هذه النقطة. وإذا لم يقدر طفل أن يظهر بصورة إنسان كامل في مثال هذه الأسر المنحطة، وسببت إرادته المهملة التائهة نوعاً من الفوضى والاضطراب في المجتمع، فيجب أن نقول: أن أسرة واحدة قد قصرت في أداء واجبها الطبيعي.
لقد كتب الدكتور (آدفرين) بهذا الصدد: «إن مسألة التربية في الأسرة تصطدم بهذه النقطة، وهي أن الوالدين يجب أن يكونا غنيين بالعواطف الجياشة والأفكار المثالية، حتى تشع هذه الصفات منهما إلى الخارج، وتنير الطريق لطفلهما وتحثه على السير في الطريق الصحيح.
لقد أصبحت الأسرة جواً مخزياً للتربية بصورة عامة، لأن الآباء والأمهات في العصر الحديث قد تجاوزوا الحد المقرر في السذاجة أو العصبية، أو الضعف، أو الشدة وربما يعلم أكثرهم بعض العيوب لأطفالهم. فما أكثر الأطفال الذين يجدون صوراً مختلفة عن سوء الأخلاق، والفساد والمشاكسة، والسكر في البيت والأسرة، والكثيرون منهم إن لم يجدوا مثل هذه القضايا في البيت فلا بد وأنهم تعلموها من أصدقائهم. فيمكن القول بلا مبالغة أن كثيراً من الآباء والأمهات في العصر الحديث يجهلون تربية أطفالهم مهما كانت الطبقة التي ينحدرون عنها. والمدارس أيضاً لا تستطيع بعد أن تؤدي واجبها، لأن الأساتذة لا يختلف سلوكهم عن سلوك الأبوين كثيرا... "
والخلاصة أنه ليس بإمكان المدرسة ولا الأسرة أن تعلم الطفل أسلوب الحياة الأمثل. ولهذا السبب فإننا نجد في وجوه الشباب مرآة صافية قد انطبعت عليها صورة عدم كفاءة القائمين على تربيتهم
إن التناسل في اكثر الشعوب تحضراً آخذ في التناقص، كما أنه لا ينجب إلا نسلاً وضيعاً... قد أتلفت النساء أنفسهن اختيارا بشرب الخمر والتدخين، كما أنهن يعرضن أنفسهن لخطر (الريجيم) رغبة منهن في نحافة أجسامهن، وعلاوة على ذلك فإنهن يرفضن الحمل... ويعزى هذا النقص إلى تعليمهن وأنانيتهن...»(3).
ويضيف بعضهم عن أهمية الأسرة بقوله:
ليست لأية تنظيمات اجتماعية تأثير في بناء الطفل مثلما يؤثر البيت، لأن فيه يوضع الحجر الأساس للأخلاق، وفي بيت (حسن) ومتماسك تتهيأ وسائل الكمال بنحو أسرع، ويعان الطفل على التقدم خطوة خطوة في طريق الاعتماد على النفس، والجدارة والرغبة بالعمل وتحمل المسؤولية والتفاهم.
وفي بيت (رديء) يمنع من التقدم نحو الكمال، ويشعر الطفل أن لا أحد يريده، ولهذا السبب ربما لا يتحرك في حياته بثقة واطمئنان، أو يتخوف من كثرة ما يتعرض له من تهديد، ويخشى كل شيء بحيث يخجل من الحياة بعد فترة، أو يتعامل معه الأبوان بشكل لا يمكن الطفل في أي حين من التقدم.
إذن: القدوة والمربي الحسن طريق النجاح الأسري، والتربوي، والعلمي والعملي لحياة المراهق الأسري في هذا القرن، وأن يكون صالحاً ومثمراً يسير فحو حياة أفضل إن شاء الله تعالى، وإلا فلا جيل ولا تربية صالحة ولا حياة مثالية ولا سعادة دائمة.
________________________________________
(1) راجع النظام التربوي في الاسلام ص80.
(2) نهج البلاغة ص43.
(3) راجع الطفل بين الوراثة والتربية ج٢ ص٢٤٤.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|