أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-5-2018
1800
التاريخ: 12-10-2018
2339
التاريخ: 12-6-2022
1463
التاريخ: 2024-10-07
223
|
أنتم تعلمون أن إحدى وظائف الزوج والتي ينص عليها عقد الزواج الدائم، تتمثل في توفير متطلبات ومستلزمات الحياة اليومية للزوجة كالمأكل والملبس والسكن وأثاث المنزل والنفقات الأخرى الضرورية وعلى الزوج أن يتجنب المنّ على الزوجة والبخل عليها في أداء هذا الواجب الذي فرضه الله عليه. فقد جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله فسألته عن حق الزوج على المرأة فخبرها، ثم قالت: فما حقها عليه؟ قال: [يكسوها من العري ويطعمها من الجوع وإذا أذنبت غفر لها، قالت: فليس لها عليه شيء غير هذا؟ قال: لا](1).
ماذا تعني عبارة (بالمعروف وبالشكل المتعارف عليه)؟ تعني أن ينفق الرجل على زوجته ويؤمن لها المأكل والملبس على أساس من العطف والإحسان والتعامل الرؤوف ووفقاً للأسلوب المتعارف عليه بين الناس. فالإسلام يقول للرجل إياك أن تجعل زوجتك وأولادك في ضائقة وعسر ومشقة على صعيد الاحتياجات والمتطلبات الاعتيادية المتعارف عليها.
عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: 7]
قال: [إذا أنفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة وإلا فرق بينهما](2).
وقال الإمام الباقر والإمام جعفر الصادق - سلام الله عليهما - في حديث مضمونه: (إن من يسعى قدر استطاعته للتوسعة على عياله والإنفاق على أسرته بعيداً عن الاسراف والتبذير فإن الله يحبه أكثر ويتقبل أعماله)(3).
ولكن رغم هذه الوصايا الصريحة والواضحة فلا يزال هناك من يقترّ على عياله وزوجته وأولاده ويضيّق ويبخل عليهم بمتطلبات المعيشة وبالمأكل والملبس والعلاج والدواء ويعيش حاضره بظلمة وعسر وكآبة خوفاً من الوقوع في العسر والفقر والفاقة في المستقبل. إن هذا النهج وهذا الأسلوب هو من أسوأ الأساليب المذمومة ويؤدي إلى أقبح العيوب والنقائص، فالبخل هو كالشريط الذي يجتذب إليه جميع القبائح والمساوئ ويثير سخط الزوجة والأولاد والأقرباء البعيدين والقريبين.
الرسالة:... برأيي إن الغرور والتكبر والبخل من أسوأ الصفات في الرجل وعليكم أن تنصحوا مثل هؤلاء الرجال لأنه يصيبهم الغرور إلى درجة أنهم يمتنعون حتى عن رد السلام على زوجاتهم وأولادهم. إن زوجي لا يظهر أدنى قدر من المحبة تجاه أولاده مما أذى إلى ضياع الأسرة، فهو لم يقبّل أحداً من اولاده حتى الآن ويقول: إذا قبّلت أولادي فإنهم سيصبحون وقحين ويقول أيضا: الولد عندما يكبر، يجب أن ينصرف ويبحث عن عمل ويجدّ ويسعى ويحصل على لقمة العيش، فقد كنت أنا يتيماً، وعلى هؤلاء أن يتصوروا أنهم ليس لديهم أب...
والأسوأ من ذلك كله هو أن هذا الرجل لا يهتم حتى بزوجته. فحتى لو كانت زوجته على فراش الموت يرفض أن يأتي لها بطبيب أو يشتري لها الدواء لا تتصوروا أنه لا يملك المال، كلا! إنه على قدر كبير من الثراء ولكنه شديد البخل، لا يريد أن ينفق من أمواله ويقول: إذا أصبحت في المستقبل مقعداً ولم يكن عندي أي مدخول أو إيراد، فماذا أفعل؟! إن زوجي يعدّ حتى الفاكهة الموجودة في الثلاجة ويقول: كل واحد منكم يريد أن يأكل فاكهة عليه أن يستأذن مني. وهو يحتفظ بالفاكهة لفترة طويلة حتى تفسد وتتلف...
أرجو المعذرة إذا كنت قد أخذت من وقتكم ولكن رجائي منكم أن تنصحوا هذا السيد - الذي هو أحد أقاربي - لكي يكفّ عن بخله وغروره...
ما أقبح هذا البخل الذي يجعل صاحبه يبخل حتى في رد السلام والتحية!
ما أسوأ هذا البخل الذي يمنع صاحبه حتى من تقبيل أولاده وإظهار المحبة تجاههم وإهداء البسمة لهم!
إن أسلوب التفكير الضعيف وضحالة المنطق والفقر الروحي والنفسي تترتب عليه مثل هذه النتائج القبيحة والبخل هو الغطاء الذي يخفي تحته هذا الضعف النفسي وهذا الفقر المعنوي والروحي. فالقلب الذي يغفل عن ذكر الله ويغض النظر عن رحمة الله الواسعة ولطفه الذي لا حدود له ويرفض أن يأنس مع الله ويكون في جواره وقربه، فإن مثل هذا القلب يبتلى بمثل هذه الآفات القبيحة التي تجلب لصاحبها الذلّ والهوان.
إن الذي يبتعد عن الماء يخشى من العطش والجفاف والفقر في المستقبل وترتعد فرائصه ويحرم نفسه وأهله مما أنعم الله عليه. خشية أن يصاب بالفقر في المستقبل. وقال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (عجبت للبخيل الذي استعجل الفقر الذي منه هرب، وفاته الغنى الذي إياه طلب، يعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء)(4).
البخل هو نتيجة الغفلة عن ذكر الله ونتيجة الابتعاد عن الباري سبحانه وتعالى ونتيجة لسوء الظن بقدرة الله اللامتناهية ونتيجة لعدم المعرفة بثروة الله التي لا حدود لها ورحمته وكرمه اللذين لا نهاية لهما. الإمام جعفر الصادق عليه السلام يقول: «حسب البخيل من بخله سوء الظن بربه من أيقن بالخلف جاد بالعطية»(5).
أي أن القلب الذي يعرف الله ويؤمن بأنه سبحانه وتعالى لا يخلف وعده ويسدد خطى عباده الذين يعملون ويسعون بهمم عالية وبجدارة وتدبير ويوصل لهم رزقهم ويضمنه لهم بمقدار سعيهم وعملهم. مثل هذا القلب لا يخشى الفقر أبداً ولا يحزن أو يحمل هماً لغده ولا يجعل حياته الحالية المشرقة مرة ومظلمة بهذا الشكل على نفسه وعلى عياله. ولكن هل تتصورين يا أختنا الكريمة أن بالإمكان بمجرد تقديم النصح، اجتثاث جذور هذه الصفة القبيحة؟ وهل تعتقدين أن هذه الصفة الضارة والمؤذية التي تمتد جذورها كالشوك في كيان هذا الرجل ووجوده، بالإمكان إزالتها واجتثاثها بهذه السهولة من أعماق قلبه وإحراقها.
على زوجك أن يشعر أولاً بقبح تصرفاته وأخلاقه ويطلع على وجود هذه الصفة في داخله ويصدق ذلك وبعدها يصمم على إنقاذ نفسه منها ويبدأ بواسطة مقص الإرادة والعزيمة وترويض النفس، بقص الأغصان الظاهرة والبارزة المتفرعة عن هذه الشوكة غصناً بعد آخر وتقليعها من أعماقه ويتخلص منها وبعد ذلك عليه أن لا يقوم بأي عمل يصب في خانة هذه الصفة غير المحببة وغير المطلوبة، عليه أن يمتنع عن التكلم بما يرغب التكلم به وعليه أن يمتنع - كما كان يفعل من قبل - عن عدّ الفاكهة الموجودة في الثلاجة ويكلف أحد أولاده بتقسيم الفاكهة وتوزيعها على سائر أولاده وأهله وعياله... بل عليه وخلافاً لرغبته شراء سلة مليئة بالفاكهة ليقدمها بنفسه هدية لأبناء الجيران وعليه أن يصدق وعد الله بإعطاء الأجر والثواب على أعمال الخير وتوسيع الرزق على أفراد الأسرة... وبمثل هذه الأعمال والأفكار النظيفة يقتلع من وجوده وكيانه جذور القبائح والمساوئ لأن الله تعالى يقول في القرآن الكريم: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] لنسأل الله تعالى تخضعاً ولنرجُه بذلةٍ أن يبعدنا عن البخل والجشع والكبر والحسد وأن يمنن علينا بالفهم والبصيرة والقدرة على الجود والكرم والبذل والعطاء في سبيله.
وفقك الله
________________________________
(1) وسائل الشيعة ، ج ٢١ ، باب وجوب نفقة الزوجة الدائمة ، ص ٥١١.
(2) وسائل الشيعة ، ج ٢١ ، باب نفقة الزوجة ، ص ٥١٢.
(3) بحار الأنوار ، ج ٧٨ ص ١٣٦ .
(4) بحار الأنوار ، ج78 ، ص94 باب16 ح107.
(5) الاختصاص للمفيد ، ص ٢٣٤.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|