ما هي المعلومات وما فرقها عن المعرفة؟ 

إن عملية إنتاج المعرفة الإنسانية تتم بواسطة أسلوبين:

الأول: الاستنباط الذي يمكن الإنسان من استنباط المعرفة بالاعتماد على مفردات منطقية مسبقة مثلا لا يمكن الوصول إلى تلك المدينة إلا عبر البحر إذ لا توجد خطوط جوية أو برية هذا المثال البسيط يوضح معنى الاستدلال وطريقته في إنتاج المعرفة، وقد سيطر هذا الأسلوب في إنتاج المعرفة على مناهج التفكير منذ فلاسفة الإغريق اليونانيين، وقد طور فلاسفة المسلمين المناهج اليونانية وأدخلوا الجانب التجريبي (الاستقراء).

الثاني: الاستقراء أي أن إنتاج المعرفة يقوم على الاستقراء، أي على التجربة الملموسة وعلى استقراء النتيجة من عدد كبير من المشاهدات المحسوسة التي يمكن للإنسان قياسها ودراستها واحصائها فالاستقراء هو الأسلوب التجريبي الملموس والمحسوس والقائم على تحصيل العلوم من خلال التجربة والممارسة ولذا فإن الاستقراء يعتمد على العلوم الطبيعية والاجتماعية وعلى مفاهيم الإحصاء التي تتحدث عن الاحتمالات، والاستقراء يتطور مع تطور التجارب الإنسانية في مختلف العلوم. ومنذ أن ركزت المناهج العلمية على الجانب الاستقرائي في إنتاج المعرفة دون إغفال جانب الاستنباط بطبيعة الحال فإن عملية إنتاج المعرفة تطورت بصورة متلاحقة وخلفت العصر الحديث والذي يعرف بعصر المعرفة.

فعصر المعلومات هو عصر وجود وسائل تكنولوجيا المعلومات كالكمبيوتر والأقمار الصناعية والهواتف النقالة وغيرها إلا أن هذه جميعها لا تكون عصر معرفة دون وجود الإنسان الحر والمتمكن من إرادته والمستمر في إبداعه، ولذا فإن إضافة الإنسان المحترف والمتمرس والواعي العصر المعلومات هو الذي يخلق عصر المعرفة.

والمؤكد أن أهمية الجانب المعرفي يكمن في أن أكثر من نصف الإنتاج في الدول المتقدمة يعتمد على الاقتصاد المعرفي، ذلك الاقتصاد القائم على العامل الإنساني المتداخل والمسيطر والمستخدم لتكنولوجيا المعلومات.

وهناك فرق رئيس بين الذي يشغل هذا الاقتصاد المعرفي والفرد الذي اعتمد عليه الاقتصاد الصناعي باعتباره اقتصاد يعتمد على رأس المال وعنصر العمل.

أما الاقتصاد المعرفي فيعتمد على أصحاب المهارات (وليس أصحاب الأموال) وأصحاب العقول العلمية.

وهؤلاء ليسوا عمالة أو موظفين، إنما هم يشتغلون في المعرفة ومع استمرار التطور فإن كثيرا من المشتغلين في المعرفة والمعرفة سيسلكون الشركات التي يديرونها worker knowledge أو أنهم سيتحولون المستشارين غير مرتبطين بشركة واحدة فقط.