أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-3-2017
2604
التاريخ: 27-5-2018
2288
التاريخ: 23-10-2017
2560
التاريخ: 23-4-2018
2380
|
المتغيرات الجغرافية ذات الصلة بالفقر
لقد شهد العقد الأخير من القرن المنصرم العديد من المؤتمرات والاجتماعات الدولية التي تهتم بمشكلة الفقر وخرائط الجوع الدولية، إذ يعد مؤتمر الأمم المتحدة المعروف بقمة الأرض الذي عقد في ريودي جانيرو عام 1992 من أهم المؤتمرات التي ركزت على التحديات البيئية وأثرها في انتشار الفقر(1). وفقاً لتقدير عالمي، فإن 27.7% من سكان الحضر في العالم النامي يعيشون تحت خط الفقر الرسمي، في حين بلغ عدد السكان الحضر الذين يسكنون الأحياء الفقيرة من العالم النامي حوالي 828 مليون نسمة لعام 2010(2)، ويتسع التفاوت بين قارات العالم بشكل كبير، فالنسبة تبلغ في أفريقيا جنوب الصحراء 41.6%، وفي قارة آسيا 23%، وفي أمريكا اللاتينية 26.5%، وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 34.2%. وفي عام 1990 بلغ سكان الحضر الذين يعيشون في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية 600 مليون نسمة، وهؤلاء يعيشون في منازل وأحياء تعرض الحياة والصحة للخطر بسبب عدم كفاية الخدمات والصرف الصحي وإزالة القمامة والرعاية الصحية (3).
ويذهب الكثير من الباحثين إلى أن العوامل الجغرافية تعد من أهم العوامل التي تحدد الطبيعية الاقتصادية للدول والأقاليم، ويمكن إيجاز تلك العوامل بما يأتي:
1- الموقع الجغرافي: من خلال ملاحظة خارطة الفقر في العالم يتضح أن المناطق الداخلية من الدول هي الأشد فقراً، على العكس من المناطق البحرية والساحلية، وهو أمر يعود إلى إسهام المواقع الساحلية في توفير فرص عمل متعددة في الصيد والشحن والتفريغ والإعلان والنقل وغيرها، ومن ثم إمكانية العمل بالتجارة، كما أن النقل البحري يعد أرخص أنواع النقل وأسهلها من الناحية الميكانيكية وأكثرها أماناً، واقدرها على حمل كميات كبيرة من البضائع والسلع. كما أن السكن في المناطق الساحلية يفتح مجالات وآفاق متعددة للعمل والكسب من خلال الاحتكاك الثقافي والحضاري مع أجناس وقوميات مختلفة، الأمر الذي يساهم في اكتساب الخبرة والقدرة على الأعمال ذات المردودات المالية. ودائما ما تكون المناطق القريبة من الطرق والممرات الملاحية المائية أكثر غنى وأكثر كثافة سكانية من المناطق الداخلية. إن أفضل مؤشر للفقر هو إجمالي الناتج القومي للفرد (GNP)، أي القيمة الإجمالية للناتج الاقتصادي للبلد مقسومة على عدد سكان ذلك البلد. ومن خلال التوزيع العالمي لإجمالي الناتج القومي للفرد تكشف التفاوت الهائل بين الأمم الغنية والأمم الفقيرة، (الجدول9)، إذ يلاحظ أن 67.2% من إجمالي الناتج القومي في العالم مسؤولية المناطق المعتدلة، الأمر الذي يشير إلى أن أغلب الدول الغنية تقع ضمن هذا النطاق، في حين أن الغالبية العظمى من البلدان الأكثر فقراً تقع بين المدارين الجغرافيين المنطقة الواقعة بين مدار السرطان ومدار الجدي.(4) إن المناخ المداري وانعدام فرص التجارة البحرية أضرا جدا بالأمم الفقيرة.
2- لا تمتاز جميع أصقاع العالم بنفس إمكانات التنمية الاقتصادية، فبعض المناطق، ونتيجة تركيبها الجيولوجي وبنية الأرض، تمتلك إمكانات اقتصادية ناتجة عن توفر الثروات المعدنية. كما أن استواء السطح ونوعية التربة تسهم بشكل أو بآخر في درجة استغلال الموارد، بينما صعوبة الانتقال في المناطق الوعرة وقلة سمك التربة يساهم في عرقلة استغلال الموارد الطبيعية .
2- يسهم المناخ بشكل مباشر أو غير مباشر في الواقع الاقتصادي للدول والأقاليم من خلال تأثيره على الإنتاج الزراعي والإمكانية الإنتاجية للفرد، فضلاً عن اختلاف فرص الاصابة بالأمراض وتباينها، فسكان المناطق المدارية أكثر استعداداً للإصابة بالأمراض من سكان العروض المعتدلة، كما ترتبط الأمراض مع البيئة فأمراض البيئة المائية تختلف عن أمراض البيئة الصحراوية أو المدارية، كما تختلف الأمراض بحسب المستويات الاقتصادية، فالأمراض التي تصيب الأغنياء تختلف عن مثيلاتها التي تصيب الفقراء، ومنها أمراض الأميبيا والبلهارسيا والكوليرا والبري بري والكساح وفقر الدم والملاريا والسحايا والزحار(5)، وتواجه المناطق الصحراوية أعباء أكثر مما تواجهها المناطق المعتدلة ومنها قلة المياه ورداءة التربة والبعد عن المناطق الساحلية وارتفاع درجات الحرارة.
4- تؤدي الكوارث الطبيعية إلى ظهور حالات الفقر بشكل كبير ومفاجئ، إذ تسهم حالات الزلازل والبراكين وانهيارات التربة في فقدان الناس لمساكنهم وحيواناتهم وأموالهم، ومن ثم تبدأ عملية النزوح الاجباري وما يرافق ذلك من صعوبات. وينطبق الأمر على النزاعات والحروب والصراعات المسلحة التي تسهم في زيادة أعداد المشردين والمعوقين والعاطلين عن العمل، فضلاً عن الأرامل والأيتام. وتشهد الساحة العالمية اليوم الكثير من مناطق الصراعات والنزاعات والاضطرابات المؤدية إلى حدوث هكذا حالات.
5- تعد المتغيرات الجغرافية الحديثة وما يواجه البشرية من تحديات من الأسباب المهمة التي عمقت مشكلة الفقر في العالم، وأضافت أفواجاً جديدة من الفقراء. ومن تلك التحديات التغيرات البيئية والتصحر وأزمة المياه والتلوث بأشكاله المتعددة والفيضانات، وما ينجم عن ذلك من تداعيات خطيرة. كما يسهم استنزاف الموارد وسوء إدارتها في تعقيد المشكلة، الأمر الذي يتطلب تنمية مستدامة شاملة تأخذ على عاتقها حماية مصالح الأجيال القادمة.
6- يعد النمو السكاني غير المتوازن من الأسباب الرئيسة لبروز ظاهرة الفقر، فعندما تفوق معدلات النمو السكاني معدلات النمو في الموارد الطبيعية تحدث فجوة بين السكان والموارد المتاحة، ويعد النمو السكاني المطرد من أبرز الظواهر الديموغرافية المميزة للعصر الحديث وأهم تحديات البشرية، إذ يزداد السكان بمعدل يزيد على معدل التزايد في النمو الاقتصادي، كما أن ارتفاع معدلات النمو السكاني يؤدي إلى انخفاض معدلات الدخل الفردي الذي يؤدي إلى انتشار ظاهرة الفقر، ويشكل الحجم السكاني المرتفع عبئاً مرهقاً لمرافق التنمية المختلفة، لأنه يؤدي إلى انخفاض معدل النمو السنوي لنصيب الفرد من الناتج الوطني الإجمالي، فضلاً عن ارتفاع معدل أعباء الإعالة. الأمر الذي يستدعي وقفة جدية ومعالجة موضوعية من خلال تنظيم الأسر بما يتفق مع الموارد المتاحة. كما يسهم سوء توزيع الثروة وسوء التنظيم وانعدام العدالة في توزيع الدخول ومشاريع التنمية في ظهور طبقات جديدة من الفقراء.
7- تؤدي العوامل السياسية دوراً مهماً في تكريس مشكلة الفقر. فالعقوبات الاقتصادية التي تفرض على بعض الدول لمختلف الأسباب تؤدي إلى ازدياد أعداد الفقراء والمحرومين بين الشعوب، كما أن غزو الدول واحتلالها سعياً وراء السيطرة على المواقع الاستراتيجية في العالم، كلها أمور أدت إلى تفاقم مشكلة الفقر، وحولت شعوباً كانت في الأصل غنية إلى حالة من الفقر الشديد.، كما أن للعامل السياسي دوراً آخر يتضح من خلال سوء توزيع الثروات والسياسات الاقتصادية الخاطئة لبعض الأنظمة، وسياسات التفرقة والتمييز العنصري والفساد والجريمة. ومن العوامل الخارجية التي تؤدي إلى تعميق الفقر تدهور شروط التجارة الدولية، وعبء الديون، والحروب ونقص التعاون الإقليمي والدولي، والأزمات المالية العالمية.
8- إن ضعف السياسات التنموية المحلية وانتشار الفساد وضعف الوعي والقدرات المحلية والشراكة، كل ذلك وغيره، يعتبر من العوامل التي توفر بيئة جيدة لانتشار الفقر وتناميه. أما على المستوى الشخصي، فإن قلة فرص العمل، وانخفاض الحد الأدنى للأجور تحت خط الفقر، لاسيما لفئة الشباب، وسوء توزيع الموارد، عوامل تسهم في بروز ظاهرة الفقر.
9- فشل بعض الحكومات في وضع سياسات اقتصادية واجتماعية فاعلة لصالح الطبقات الفقيرة، كما أن للتميز العنصري والعرقي في بعضها وما ينجم عنها من سوء توزيع الدخل دوراً في تنامي . مشكلة الفقر، إذ يؤدي تركز الثروات في أيدي فئة قليلة من المجتمع إلى تفشي ظاهرة الفقر(*).
ومن الناحية الاقتصادية تقوم العولمة على ترسيخ التبعية الاقتصادية من خلال ربط اقتصاديات الدول النامية بالاقتصاد العالمي، وزيادة حرية حركة رأس المال والبضائع والسلع بين دول العالم، بمعنى آخر، تقوم العولمة على نشوء نظام اقتصادي فوق المستوى القومي، الأمر الذي يخيم بآثاره الضارة على الدول النامية تحديدا(6)، إذ يؤدي إلى تركز الثروات لدى أشخاص ودول وجهات معينة.
وفي ضوء ما تقدم فإن الإحصاءات تشير إلى أن الشركات متعددة الجنسيات تملك 90% من امتيازات التقنية والإنتاج والتسويق، وأن الدول الصناعية تملك 97% من الامتيازات العالمية كافة، وأن أكثر من 80% من أرباح إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان النامية يذهب إلى 20 دولة غنية، كما أن ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم تعادل الناتج المحلي 48 دولة فقيرة في العالم، في حين أن ثروة 200 شخص من أغنياء العالم تتجاوز دخل أكثر من 40% من سكان العالم(7).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)Barbara Huddleston and Others, (2006), Food and agriculture organization of the United Nations, Rome.
(2) تقرير الإنمائية الالفية لعام 2010، ص86.
(3) عبد الله عطوي، جغرافية المدن، مصدر سابق، ص283.
(4) جيفري ساكس وآخرون، جغرافية الغنى والفقر، ترجمة عمر حمود، مراجعة عدنان الحموي، مجلة العلوم، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، 2002.
(5) فيليب عطية، أمراض الفقر، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، العدد (161)، الكويت، 1992، ص26.
(*) تحث الشريعة الإسلامية على العدالة في توزيع موارد الدولة وعدم تركزها بأيدي الأغنياء لما في ذلك من اخطار اقتصادية، إذ قال تعالى في كتابه الكريم، { ما أفاء الله على رسوله، من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمسكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما الكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) - الحشر – الآية - 7.
(6) محمد صفوت قابل، الدول النامية والعولمة، القاهرة، الدار الجامعية، 2004، ص20.
(7) المعرفة/ الجزيرة :
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/79901EC5-C0B2 A14451E0B9C.htm.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|