أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-03-2015
4012
التاريخ: 6-4-2016
2937
التاريخ: 5-4-2016
3537
التاريخ: 7-4-2016
2888
|
هنالك جملة من الافتراءات ألحقها بعض كتّاب التاريخ بالحسن ( عليه السّلام ) ، ومن هذه الافتراءات : دعوى أنّ الإمام الحسن ( عليه السّلام ) « كان عثمانيا بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة » ، قالوا : « وربما غلا في عثمانيّته ، حتى قال لأبيه ذات يوم ما لا يحبّ ، فقد روى الرواة : أنّ عليّا مرّ بابنه الحسن وهو يتوضّأ ، فقال له :
أسبغ الوضوء يا حسن ! فأجابه الحسن بهذه الكلمة المرة : « لقد قتلتم بالأمس رجلا كان يسبغ الوضوء » فلم يزد على أن قال : لقد أطال اللّه حزنك على عثمان » ، وفي نصّ آخر للبلاذري : « لقد قتلت رجلا كان يسبغ الوضوء »[1].
وفي قصّة أخرى يزعمون : « أنّ الحسن بن علي قال لعليّ : يا أمير المؤمنين ! إنّي لا أستطيع أن اكلّمك ، وبكى ، فقال عليّ : تكلّم ، ولا تحنّ حنين المرأة ، فقال : إنّ الناس حصروا عثمان ، فأمرتك أن تعتزلهم وتلحق بمكة ، حتى تؤوب إلى العرب عوازب أحلامها ، فأبيت ، ثم قتله الناس ، فأمرتك أن تعتزل الناس - إلى أن قال - : ثم أمرتك اليوم أن لا تقدم العراق فإنّي أخاف عليك أن تقتل بمضيعة . . . »[2].
وثمة روايات أخرى تفيد هذا المعنى[3] ، ونرى بأنّ المتتبّع لهذه الروايات بعين الفحص والتمحيص يجد الارباك باديا عليها فضلا عن عدم جمعها لشرائط القبول والحجية فلا يمكن الاعتماد على مثل هذه النصوص ، على أن بعض الباحثين قال : المشهور أن هذه المحاورة قد جرت بين أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) والحسن البصري حينما مرّ عليه بالبصرة وهو يتوضّأ[4].
ونحتمل قويّا أنّ لأيدي الوضّاعين دورا كبيرا في خلق مثل هذه الروايات ، ومن الملاحظات عليها :
أوّلا : كيف يمكن أن نجمع بين ما قيل هنا وبين قولهم الآنف الذكر : إنّ أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) أرسل الإمام الحسن وأخاه ( عليهما السّلام ) للدفاع عن عثمان ، وإنّه لمّا علم بمصيره جاء كالواله الحزين ، ولطم الحسن المخضّب بالدماء ، ودفع في صدر الحسين ( عليه السّلام ) بتخيّل أنّهما قد قصّرا في أداء مهمتهما . . . الخ ؟ ! .
ثانيا : إن المتتبّع لجميع مواقف الإمام الحسن ( عليه السّلام ) يجده باستمرار وبمزيد من الإصرار يشدّ أزر أبيه ، ويدافع عن حقّه ، ويهتمّ في دفع حجج خصومه ، وقد خاض غمرات الحروب في الجمل وفي صفّين ، معرّضا نفسه للأخطار الجسام في سبيل الدفاع عنه ( عليه السّلام ) وعن قضيّته ، حتى لقد قال الإمام ( عليه السّلام ) : « أملكوا عني هذا الغلام لا يهدّني » .
وبالنسبة لدفاعه عن قضية أهل البيت ( عليهم السّلام ) وحقّهم في الخلافة فإنّنا لا نستطيع استقصاء جميع مواقفه وأقواله في هذا المجال ، ونكتفي بذكر نماذج منها لأجل التدليل على دفاعه عن مواقف أبيه ( عليه السّلام ) :
أ - قد جاء عنه ( عليه السّلام ) أنّه قال : « إنّ أبا بكر وعمر عمدا إلى هذا الأمر ، وهو لنا كلّه ، فأخذاه دوننا ، وجعلا لنا فيه سهما كسهم الجدّة ، أما واللّه لتهمّنهما أنفسهما يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا »[5].
ب - ومن خطبة له ( عليه السّلام ) : « ولولا محمد ( صلّى اللّه عليه وآله ) وأوصياؤه كنتم حيارى لا تعرفون فرضا من الفرائض . . . الخ » قال هذا بعد أن عدّد الفرائض ، وكان منها الولاية لأهل البيت ( عليه السّلام )[6].
ج - وقال ( عليه السّلام ) : فإنّ طاعتنا مفروضة ، إذ كانت بطاعة اللّه عزّ وجلّ ورسوله مقرونة ، قال اللّه عزّ وجل : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ . . .[7] .
ثالثا : إنّ تطهير اللّه سبحانه وتعالى للإمام الحسن ( عليه السّلام ) كما نصت على ذلك آية التطهير ونصوص النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) في حقّه ، ثم ما عرف عنه ( عليه السّلام ) من أخلاق فاضلة وسجايا كريمة ليكذّب كلّ ما ينسب إليه ( عليه السّلام ) من أمور وكلمات تتنافى مع أبسط قواعد الأدب الإسلامي الرفيع والخلق الإنساني الفاضل ، ولا سيّما مع أبيه الذي يعرف هو قبل غيره قول النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) فيه :
« إنّه مع الحقّ ، والحقّ معه ، يدور معه حيث دار »[8] « 4 » ، فكيف إذا كان ذلك الذي ينسب إليه ممّا يأباه حتى الرعاع من الناس ، فضلا عن خامس أصحاب الكساء ، وأشبه الناس برسول اللّه خلقا وخلقا وهديا وسلوكا ومنطقا ؟ ! .
رابعا : هل يعقل أن يكون الإمام الحسن ( عليه السّلام ) - الذي عاش في كنف جدّه النبيّ المصطفى ( صلّى اللّه عليه وآله ) وأبيه عليّ المرتضى ( عليه السّلام ) ، والذي كان بحرا من العلم لا ينزف ، وقد أجاب منذ طفولته على الأسئلة التي أحالها إليه جدّه ، ثم أبوه بعد ذلك - أنّه لم يكن يحسن إسباغ الوضوء ؟ .
خامسا : إذا كان عثمانيا بالمعنى الدقيق للكلمة فمعنى ذلك قبوله لجميع تصرّفات عثمان وأعماله التي خالفت كتاب اللّه وسنّة نبيّه ، وذلك ممّا لا يحتمل في حقّه ( عليه السّلام ) وهو الذي يذكر في تعريفه للسياسة : « أنّ من جملة مراعاة حقوق الأحياء أن تخلص لولي الأمر ما أخلص لامّته ، وأن ترفع عقيرتك في وجهه إذا حاد عن الطريق السويّ » ، ومن الواضح أنّ عثمان وعمّاله قد كانوا من أجلى مصاديق كلمته هذه ، كما قرّره أولئك الذين زعموا أنّ الإمام الحسن ( عليه السّلام ) كان عثمانيا .
سادسا : وأمّا بخصوص الرواية التي تدّعي بأنّه أشار على أبيه بترك المدينة فلم يكن ذلك بالرأي السديد إطلاقا ، فإنّ طلحة والزبير وغيرهما من الطامعين والمستأثرين كانوا ينتظرون فرصة كهذه ، ثم إنّ الناس في تلك الظروف الحرجة لم يسمحوا لعليّ ( عليه السّلام ) بترك المدينة ، وهم الذين بقوا يلاحقونه أيّاما من مكان لمكان حتى بايعوه .
[1] الفتنة الكبرى قسم : علي وبنوه 176 ، وأنساب الأشراف : 3 / 12 بتحقيق المحمودي .
[2] أنساب الأشراف : 2 / 216 - 217 ، وتاريخ الطبري : 3 / 474 .
[3] راجع سيرة الأئمة الاثني عشر : 1 / 542 - 544 وغير ذلك .
[4] أنساب الأشراف ، بتحقيق المحمودي ترجمة الإمام الحسن : 12 الطبعة الأولى ، دار التعارف - بيروت .
[5] أمالي المفيد : 49 .
[6] ينابيع المودة : 48 وعن الأمالي للطوسي : 56 .
[7] ينابيع المودة : 21 .
[8] كشف الغمة للأربلي : 1 / 143 - 148 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|