أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-08-2015
1218
التاريخ: 22-11-2016
667
التاريخ: 28-2-2018
1426
التاريخ: 28-2-2018
650
|
إن فكرة الرجعة التي تحدثت عنها بعض الآيات القرآنية والأحاديث المروية عن أهل بيت الرسالة مما يشنع بها على الشيعة ، فكأن من قال بها رأى رأيا يوجب الخروج عن الدين ، غير أن هؤلاء نسوا أو تناسوا أن أول من أبدى نظرية الرجعة هو الخليفة عمر بن الخطاب ، فقد أعلن عندما شاعت رحلة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) بأنه ما مات وليعودن فيقطعن أيدي وأرجل أقوام . . .
عن أبي هريرة
قال : لما توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قام عمر بن الخطاب ، فقال : إن
رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) توفي ، وإن رسول
الله (صلى الله عليه وآله ) والله ما مات ، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن
عمران ، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ، والله
ليرجعن رسول الله (صلى الله عليه وآله ) كما رجع موسى ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم
زعموا أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مات ( 1 ) ! ! .
ولا يخفى
أن كلام الخليفة لو كان كلاما حقيقيا لا بد أن يحمل على أن النبي ما مات موتا لا
رجوع فيه وإنما يرجع فيقوم بما أخبر عنه الخليفة ، ولو أراد من نفي موته أنه ما
زال حيا فهو خلاف رأي جميع الصحابة الذين اتفقوا على موته ( صلى الله عليه وآله )
، ولم يكن موت النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمرا يدركه جميع الناس ولا يدركه
الخليفة.
إن الرجعة
بمعنى عود جماعة قليلة إلى الحياة الدنيوية قبل يوم القيامة ثم موتهم وحشرهم مجددا
يوم القيامة ليس شيئا يضاد أصول الإسلام ، وليس فيه إنكار لأي حكم ضروري ، وليس
القول برجعتهم إلى الدنيا يلغي بعثهم يوم القيامة ، وكيف لا يكون كذلك وقد أخبر
سبحانه عن رجوع جماعة إلى الحياة الدنيوية ، نظير :
1 - إحياء
جماعة من بني إسرائيل ( 2 ) .
2 - إحياء
قتيل بني إسرائيل ( 3 ) .
3 - موت
ألوف من الناس وبعثهم من جديد ( 4 ) .
4 - بعث
عزير بعد مائة عام من موته ( 5 ) .
5 - إحياء
الموتى على يد عيسى ( عليه السلام ) ( 6 ) .
فلو كان
الاعتقاد برجوع بعض الناس إلى الدنيا قبل القيامة أمرا محالا ، فما معنى هذه
الآيات الصريحة في رجوع جماعة إليها ؟ ولو كان الرجوع إلى الدنيا على وجه الإطلاق
تناسخا فكيف تفسر هذه الآيات ؟ إن الاعتقاد بالذكر الحكيم يجرنا إلى القول بأنه
ليس كل رجوع إلى الدنيا تناسخا ، وإنما التناسخ الباطل عبارة عن رجوع الإنسان إلى
الدنيا عن طريق النطفة والمرور بمراحل التكون البشري من جديد ليصير إنسانا مرة
أخرى ، وأين هذا من الرجعة وعود الروح إلى البدن الكامل من جميع الجهات من دون أن
يكون فيها رجوع من القوة إلى الفعلية ، أو دخول روح في بدن آخر ، إنسانا كان أو
حيوانا ؟ !
اتفقت
الشيعة على بطلان التناسخ وامتناعه ، وقد كتبوا فيه مقالات ورسائل يقف عليها من
كان له إلمام بكتبهم وعقائدهم ، وقد ذكروا أن للتناسخ أنواعا وأقساما ، غير أن
الرجوع إلى الدنيا من خلال دخول الروح إلى البدن الذي فارقه عند الموت لا يعد
تناسخا ، وإنما هو إحياء للموتى، الذي كان معجزة من معاجز المسيح .
كل ذلك
يدل على أنه ليس أمام القول بالرجعة عراقيل وموانع ، وإنما هو أمر ممكن لو دل عليه
الدليل القطعي نأخذ به وإلا فنتركه في سنبله ، والحال أن بعض الآيات والروايات تدل
على أنه سيتحقق الرجوع إلى هذه الدنيا قبل يوم القيامة لبعض الناس على وجه الإجمال
، وأما من هم ؟ وفي أي وقت يرجعون ؟ ولأي غرض يعودون إلى الدنيا ؟ فليس هنا مقام
بيانها ، إنما نكتفي ببيان بعض الآيات الدالة على وقوعه قبل البعث ، وإليك الآيات
.
قال
سبحانه : {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ
الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ * وَيَوْمَ
نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ}
[النمل: 82، 83] .
لا يشك من
أمعن النظر في سياق الآيات وما ذكره المفسرون حولها ، في أن الآية الأولى تتعلق
بالحوادث التي تقع قبل يوم القيامة ، وعليه تكون الآية الثانية مكملة لها ، وتدل
على حشر فوج من كل جماعة قبل يوم القيامة ، والحال أن الحشر في يوم القيامة يتعلق
بالجميع لا بالبعض ، يقول سبحانه : {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى
الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا } [الكهف:
47] أفبعد هذا التصريح
يمكن تفسير الآية السابقة بيوم البعث والقيامة ؟ وهذه الآية تعرب عن الرجعة التي
تعتقد بها الشيعة في حق جماعة خاصة ، وأما خصوصياتها فلم يحدث عنها القرآن الكريم
، وجاء التفصيل في السنة .
وقد سأل
المأمون العباسي الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن الرجعة ، فأجابه بقوله : "
إنها حق قد كانت في الأمم السالفة ونطق بها القرآن وقد قال رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل
والقذة بالقذة " ( 7 ) .
وأما من
هم الراجعون ؟ وما هو الهدف من إحيائهم ؟ فيرجع فيه إلى الكتب المؤلفة في هذا
الموضوع ، وإجمال الجواب عن الأول : أن الراجعين لفيف من المؤمنين ولفيف من
الظالمين .
وقال
المفيد ناقلا عن أئمة أهل البيت : إنما يرجع إلى الدنيا عند قيام القائم من محض
الإيمان محضا أو محض الكفر محضا ، وأما ما سوى هذين فلا رجوع لهم إلى يوم المآب ( 8
) .
وقال أيضا
في المسائل السروية : والرجعة عندنا تختص بمن محض الإيمان ، ومحض الكفر دون ما سوى
هذين الفريقين ( 9 ) .
وإجمال
الجواب عن الثاني ما ذكره السيد المرتضى ، قال : إن الله تعالى يعيد عند ظهور
المهدي - عجل الله تعالى فرجه الشريف - قوما ممن كان تقدم موته من شيعته ليفوزوا
بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته ، ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم .
ملاحظات جديرة بالانتباه :
1 - إن
الرجعة وإن كانت من مسلمات عقائد الشيعة ، ولكن التشيع ليس منوطا بالاعتقاد بها ،
فمن أنكرها فقد أنكر عقيدة مسلمة بين أكثر الشيعة ، ولكن لم يكن ركنا من أركان
التشيع ، ولأجل ذلك نرى أن جماعة من الشيعة أولوا الأخبار الواردة في الرجعة إلى
رجوع الدولة إلى شيعتهم وأخذهم بمجاري الأمور دون رجوع أعيان الأشخاص ، والباعث
لهم على هذا التأويل هو عجزهم عن تصحيح القول بها نظرا واستدلالا ، ولكن المحققين
من الإمامية ، أخذوا بظواهرها وبينوا عدم لزوم استحالة عقلية على القول بها لعموم
قدرة الله على كل مقدور ، وأجابوا عن الشبه الواردة عليها ، وإلى هذا الاختلاف
يشير الشيخ المفيد بقوله : واتفقت الإمامية على رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا
قبل يوم القيامة وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف .
ويشير إلى
الاختلاف تلميذه الجليل الشريف المرتضى في المسائل التي وردت عليه من الري ومنها
حول حقيقة الرجعة ، فأجاب : بأن الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية أن الله تعالى
يعيد عند ظهور المهدي قوما ممن كان تقدم موته من شيعته ، وقوما من أعدائه ، وأن
قوما من الشيعة تأولوا الرجعة على أن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي إلى شيعتهم
، من دون رجوع الأشخاص ، وإحياء الأموات ( 10 ) .
2 - كيف
يجتمع إعادة الظالمين مع قوله سبحانه : {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا
أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: 95] فإن هذه الآية تنفي رجوعهم بتاتا ، وحشر
لفيف من الظالمين يخالفها .
والإجابة
عن السؤال واضحة ، فإن الآية مختصة بالظالمين الذين أهلكوا في هذه الدنيا ورأوا
جزاء عملهم فيها ، فالآية تحكم بأنهم لا يرجعون ، وأما الظالمون الذين رحلوا عن
الدنيا بلا مؤاخذة فترجع طائفة منهم ليروا جزاء عملهم فيها ثم يردون إلى أشد
العذاب في الآخرة ، فالآية تنفي رجوع طائفة من الظالمين الذين ماتوا حتف الأنف .
3 - إن
الظاهر من قوله تعالى : {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ
رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ
هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:
99، 100] هو نفي
الرجوع إلى الدنيا بعد مجيء الموت لأي أحد .
والإجابة
عنها واضحة ، فإن الآية كسائر السنن الإلهية الواردة في حق الإنسان ، فهي تفيد أن
الموت بطبعه ليس بعده رجوع ، وهذا لا ينافي رجوع البعض استثناء ولمصالح عليا ، كما
مرت الآيات الواردة في هذا المضمار .
أضف إلى
ذلك أن عود بعض الظالمين إلى الدنيا - على القول بالرجعة - إنما هو لأجل عقابهم
والانتقام منهم ، وأين هذا من طلب هؤلاء الكفار الرجوع لأجل تصحيح عملهم والقيام
بما تركوه من الصالحات ، ورد هذا الفرع من الرجوع لا يكون دليلا على نفي النوع
الأول منه.
_______________
( 1
) السيرة النبوية لابن هشام 4 : 305 .
( 2
) البقرة : 55 - 56 .
( 3 ) البقرة :
72 - 73 .
( 4 ) البقرة :
243 .
( 5 ) البقرة :
259 .
( 6 ) آل عمران
: 49 .
( 7
) بحار الأنوار 53 : 59 ، ح 45 .
( 8 ) الشيخ المفيد
، تصحيح الاعتقاد : 40 .
( 9 ) المصدر نفسه
.
(10)
بحار الأنوار 53 : 138 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|