أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
976
التاريخ: 3-08-2015
883
التاريخ: 3-08-2015
4367
التاريخ: 21-4-2018
826
|
[الحيلة] هي إراءة الغير لغيره أمرا في الظاهر على وجه لا يكون عليه مع إخفاء وجه الالتباس فيه. نحو أن يري صاحب الحيلة ويخيّل إلى الناظر أنّه ذبح حيوانا بخفّة حركاته ولا يذبحه في الحقيقة، ثمّ يري من بعد أنّه أحياه. وهذا الجنس من الحيل هو السحر عند المحققين، ومعجزات الأنبياء عليهم السلام ليست من هذا الجنس، بل جميع ما أتوا به كانت على ما أتوا به ولم يكن فيها تلبيس وتمويه. وهذا ظاهر فيما لا يدخل جنسه تحت مقدور العباد، كقلب العصا ثعبانا، وفلق البحر بحيث يصير كلّ فرق كالطود العظيم، وإحياء ميّت متقادم العهد وبقائه حيّا حتّى يولد له، وإبراء الأكمه حتّى يصير مبصرا، إذا لا يتصوّر في مثل هذه الامور حيلة وتلبيس. ولهذا ذكر شيوخ أهل العدل أنّ العقلاء يعلمون باضطرار أنّ هذه الامور ليس فيها وجه حيلة، وكذا ليس في القرآن في مثل بلاغته وفصاحته وجه حيلة.
قالوا: هذا أيضا ممّا يعلم ضرورة وإن علم كونه معجزا
استدلالا وعلى هذا قال تعالى في قوم فرعون وما عاينوه من معجزات موسى عليه السلام
وإنكارهم لها ظاهرا: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا
وَعُلُوًّا} [النمل: 14].
فإن قيل: ما
أنكرتم أن يكون في الحشائش والعقاقير والأدوية ما إذا شربه الإنسان صار فصيحا
بليغا، بحيث يتمكّن من مثل فصاحة القرآن وأن يكون فيها ما إذا مسّ به ميّت، صار
حيّا.
قلنا: إن كان في الوجود مثل ذلك لم يخل من أحد أمرين:
إمّا أن يكون للناس طريق إلى معرفة ذلك الدواء أو لا يكون لهم طريق إلى معرفة ذلك
فإن كان لهم طريق إلى معرفته، وجب أن يمكن الظفر به والاطّلاع عليه. وإذا اطّلعوا
عليه، وجب أن يعارضوا به من ظهر عليه وتمسّك به. وإن لم يكن لهم طريق إلى معرفته ولم
يمكنهم الظفر به، وجب أن يكون الظفر به والاطّلاع عليه معجزا، لأنّه يعلم أنّه لم
يطّلع عليه إلّا بأن أطلعه اللّه تعالى عليه. وذلك خارق عادة من جهته تعالى،
مطابقا لدعوى المدّعي، إذ التقدير أنّه تعالى لم يطلع عليه أحدا سوى المدّعي
للنبوة، فيعلم بذلك صدقه في دعواه. ثمّ يعلم بعد ذلك بخبره أنّ ذلك ليس من جهته،
بل من قبله تعالى، كالقرآن الذي أنزله عليه.
وكذلك هذا في الدواء الذي أورده السائل وجوّزه في إحياء
الموتى.
واعلم أنّ للسحر والحيل وجوها، مهما فتّش عنها من اعتنى
لها وقف على تلك الوجوه، ولهذا يصحّ في ذلك التعلّم والتتلمذ، ولا يختصّ به أحد
دون غيره، أى كلّ واحد متمكّن من تعلّمه، وإذا تعلّمه أمكنه أن يفعل مثل فعل غيره
ممّن يعلم ذلك. ومعجزات الأنبياء عليهم السلام بخلاف ذلك، لأنّ أعداءهم المعتنون
بإبطال أمرهم الساعون في كشف عوارهم إن كانت لهم عوار، يجدّون ويجتهدون في التفتيش
عنها ويعتنون بالوقوف والاطّلاع على وجوهها، فلا يقفون فيها على وجه حيلة.
ولهذا أقر سحرة فرعون على ما قصّه اللّه تعالى، وهم أعلم
أهل الأرض بالسحر: بأن ما جاء به موسى عليه السلام ليس بسحر، فآمنوا وقالوا
لفرعون: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا
جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}
[الأعراف: 126] وما ذكره الطاعنون في المعجزات في مقابلتها، فانّما هي امور يسيرة
يتمكّن منه بالمواطاة والحيل، وما يفعله المشعبذون في كلّ زمان فهو أعجب منها.
ذكر ابن زكريا المتطبّب ما ينقل عن زرادشت من صبّ الصفر
المذاب على صدره، ومن خدم سدنة بيت الأوثان أنّه كان منحنيا على سيف وقد خرج من
ظهره لا يسيل منه دم بل ماء أصفر، وكان يخبرهم بأمور.
قال: ورأيت رجلا كان يتكلّم من إبطه، ورأيت آخر لم يأكل
خمسة وعشرين يوما، وهو مع ذلك قويّ خصيف البدن.
وأي نسبة لأمثال هذه التخيّلات والمحالات إلى قلب العصا
ثعبانا وفلق البحر، وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، وفصاحة القرآن وبلاغته،
وانفجار الماء الكثير من الحجر الصغير أو من بين الأصابع حتى يشرب منه الخلق
الكثير.
أمّا ما ذكره ابن زكريّا عن زرادشت، فانّه تمكّن من طلي
الطلق على بدنه، وهو دواء يمنع من الإحراق، وقد كان في زماننا من يدخل التنور
المسجور بالغضا.
وأمّا إراءة السيف نافذا في البطن، فشعبذة معروفة. يقال
إنّه يكون مجوّفا يدخل بعضه في بعض، فيرى المشعبذ انّه يدخل جوفه. وأمّا الإمساك
عن الطعام فعادة يعتادها كثير من الناس.
وفي الصوفيّة من يعوّد نفسه الجوع أربعين يوما، ونقل أنّ
عبد اللّه بن الزبير كان يصوم صوم الوصال خمسة عشر يوما، ويقال إنّه كان من أقوى
أهل زمانه.
وأمّا التكلّم من الإبط فيتصوّر أن يكون ذلك أصواتا
مقطّعة بالإبط قريبة من الحروف ولم تكن أصواتا متميّزة كأصوات كثير من الطيور، وقد
يسمع من صرير الباب ما يشبه بعض الحروف ويقرب منها.
وفي الجملة الحاكي غير معتمد في الحكاية، فيجوز أن يخبر
أن ذلك كان كلاما خالصا، ولا يكون كذلك ويمكن أن يتعمّل ذلك الإنسان له ويصل إلى
ذلك بالتجربة والاستعمال.
ويحكى عن الحلّاج ما هو أغرب واعجب من جميع ذلك. وقد وقف
العلماء على وجوه الحيل فيها وذكروها في كتبهم.
وقد طعن ابن زكريّا في المعجزات من وجه آخر، فقال: «و قد
يوجد في طبائع الأشياء أعاجيب، وذكر حجر المغناطيس المعروف وجذبه الحديد وباغض
الخلّ، وهو حجر إذا القي في إناء خلّ، فانّه يتنكّب منه ولا ينزل إلى الخلّ، والزّمرّد،
فانّه يسيل عين الأفعى، والسمكة الرّعادة يرتعدّ صائدها ما دامت في شبكته وكان
آخذا بخيط الشبكة. فلا يمنع أيضا فيما يظهر على المدّعين للنبوة أن يقال إنّه ليس
منهم، بل ببعض الطبائع، إلّا أن يدّعي مدّع أنّه أحاط علما بجميع طبائع جواهر
العالم، وبطلان ذلك ظاهر بيّن».
وذكر أبو إسحاق بن عيّاش: «أن ابن زكريّا أخذ هذا عن ابن
الروندي، فانّه ذكر في كتاب له سمّاه الزمرد رادّا على من يحتجّ بصحّة النبوّة
بالمعجزات، فقال: «و من أين لكم أنّ الخلق يعجزون منه؟ هل شاهدتم الخلق طرّا؟ أو
أحطتم علما بمنتهى قواهم وحيلهم؟ فإن قلتم: نعم، كذبتم، لأنّكم لم تجوبوا الشرق والغرب
ولا امتحنتم الناس جميعا». ثمّ ذكر أفعال الأحجار، كحجر المغناطيس وغيره.
قال الشيخ أبو إسحاق: «فأجابه الشيخ أبو عليّ في نقضه
عليه: أن يجوز أن يكون في الطبائع ما يجذب به النجوم وما يسير به الخيال في
الهواء، ويحيى به الموتى بعد ما صاروا رميما من حيث أن على علّته هذه لا يمكنه
الفصل والمميّز بين المعتاد والممكن وبين ما ليس بمعتاد، ولا بين ما ينفذ فيه حيلة
وبين ما لا ينفذ فيه حيلة، إلّا أن يجوب البلاد شرقا وغربا يعرف قوى جميع الخلق.
فأمّا إذا سلّم أن يعلم باضطرار المعتاد وغيره وما لا ينفذ فيه حيلة وما ينفذ فيه
الحيلة لزمه النظر في المعجزات قبل أن يجوب البلاد شرقا وغربا، ولا يحتاج في معرفة
كون المعجز معجزا إلى ما ذكره من معرفة قوى الخلق وطبائع الجواهر. وعلى هذا لو
ادّعى واحد النبوّة وجعل معجزه انّه يجذب الحديد بالتراب وجذب وعلمنا أنّه ليس فيه
وجه حيلة، فأنّا نعلم بذلك صدقه قبل أن نجوب البلاد ونعرف جميع الطبائع».
وذكر أبو إسحاق: «أنّ ما يذكر في خصائص بعض هذه الأحجار
كذب، وذكر أنّ واحدا أمر فجيء بالأفاعيّ في سبد وجعل الزمرد الفائق في رأس قبصة ووجّه
به أعين الأفاعيّ، فلم تسلّ. وعلى أنّ جميع ما ذكروه يسقط بما شرطناه، في المعجز
بأن يفتّش عنه أهل البصر، ومن تقوى دواعيه إلى كشف عواره الزمان الطويل، فلا يقف
فيه على وجه حيلة. وفيما ذكروه من الحيل والسحر ما هو معتاد ظاهر لأكثر الناس،
كحجر المغناطيس أو يوقف فيه على جميع وجوهه إن لم يكن معتادا ظاهرا.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|