أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-9-2016
3038
التاريخ: 2024-08-03
428
التاريخ: 2024-08-03
414
التاريخ: 26-3-2022
2048
|
قد يستدل على حجية القرعة بالكتاب العزيز تارة وبالسنّة الشريفة ثانية وبسيرة العقلاء ثالثة.
اما الاجماع فهو وان ادعي إلاّ ان ثبوته بنحو يكشف عن موافقة المعصوم عليهالسلام قابل للتأمّل بعد احتمال الاستناد إلى المدارك الثلاثة المتقدّمة.
وعليه فالمهمّ هو المدارك الثلاثة المتقدّمة.
امّا الكتاب الكريم فقد استدل منه بآيتين :
الاولى : قوله تعالى : {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 139 - 141] .
وقد ورد ان يونس لما لم يجبه قومه إلاّ بالتكذيب والرد دعا عليهم بالعذاب وأوعدهم بنزوله عليهم وخرج من بينهم الى ساحل البحر وإذا بسفينة مشحونة فركب فيها ولم تتمكن السفينة من مواصلة سيرها اما لاعتراض الحوت لها وعدم اندفاعه الا بالقاء واحد لها لتلتقمه أو لزيادة وزنها الذي تحتاج معه الى القاء أحد الركّاب منها. ثمّ تمّ الاتفاق على الاقتراع وخرجت القرعة باسم يونس وكان بذلك من المدحضين ، أي المغلوبين. وذلك ممّا يدلّل على حجيّة القرعة.
وقد يعترض على الاستدلال المذكور بالاعتراضين التاليين :
أ ـ ان الآية الكريمة تنقل قصّة وقعت في زمن غابر اشتملت على الاقتراع ، وذلك لا يدلّ على امضاء ما وقع فيها من أحداث حتى في تلك الشريعة فضلا عن شريعتنا.
وفيه : ان الآية الكريمة صريحة في اشتراك يونس ـ الذي هو نبي معصوم ـ في عملية المساهمة. مضافا الى ان السكوت عن تأنيب الفعل يستفاد منه الامضاء.
ب ـ ان الحكم المذكور لعلّه خاص بالشريعة السابقة ولا دليل على امضائه في شريعتنا.
وفيه : مضافا الى دلالة السكوت المتقدّمة يمكن التمسّك باستصحاب حكم الشريعة السابقة وعدم نسخه.
اذن الاعتراضان المذكوران غير تامّين.
الثانية : قوله تعالى : {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: 44] فانّه ورد في الأخبار ان «حنة» و «اشياع» كانتا اختين تزوجت الاولى بعمران أحد زعماء بني اسرائيل ولم تنجب أولادا فدعت الله سبحانه ان يرزقها مولودا فاستجاب دعاءها وأوحى سبحانه إلى عمران انّه سيهبه ولدا يشفي المرضى الذين لا يمكن علاجهم ويحيي الموتى بإذن الله. وحينما حملت حنة ظنّت انّه ذلك المولود فنذرته محرّرا لخدمة بيت المقدس. وحينما وضعته انثى {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى ... وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} [آل عمران: 36] وحينما حملتها إلى بيت المقدس أخذ علماء بني إسرائيل بالتنافس في الفوز بتربيتها لكونها من اسرة آل عمران المعروفة واتفقوا على الاقتراع وألقوا أقلامهم ـ أي السهام أو الأقلام التي كانوا يكتبون بها الكتاب المقدّس ـ في النهر وغطس جميعها الا قلم زكريا فإنّه طفا ، وذلك ممّا يدل على حجيّة القرعة.
والاعتراضان السابقان يردان هنا أيضا. والجواب هو الجواب.
والصحيح في الاعتراض على الآيتين الكريمتين ان يقال : انهما لا تدلاّن على حجيّة القرعة بمعنى كونها المرجع المتعين من قبل الشرع المقدّس بحيث لا يمكن الحياد عنه إلى غيره عند تمشكل الأمر بل لعل ذلك من باب تسالم الخصوم على الرجوع لها والأخذ بمضمونها نظير ما إذا تمّ الاتفاق على الأخذ بحكم شريف العشيرة أو ما يشبه ذلك. ان هذا محتمل في الآيتين ، ومعه لا يمكن التمسّك بهما لإثبات حجية القرعة وكونها المرجع الشرعي المتعيّن عند تمشكل الأمر.
وممّا يؤكد ما أشرنا إليه من الاعتراض ان الآية الكريمة عبّرت بالادحاض حيث قالت (فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) ، ومثل هذا التعبير لا يتناسب والأخذ بوظيفة شرعية عينت من قبل الشرع للسير على طبقها عند تمشكل الأمر بخلاف ما إذا فرضنا ان الأخذ بها كان من باب تباني الخصوم عليها فان مثله لا حزازة فيه.
هذا مضافا الى انها حتى لو دلّت على حجّية القرعة وتعينها من قبل الشارع كمرجع عند تمشكل الأمر فهي خاصة بموردها وليس لها اطلاق تدل بواسطته على مرجعية القرعة في غير موردها.
وعليه فالاستدلال بالآيتين الكريمتين على المطلوب غير ممكن.
واما السنّة الشريفة فيمكن ان يدعى بلا مبالغة تواتر الأخبار الدالّة على حجيّة القرعة، بيد ان تواترها معنوي لا لفظي.
ويمكن تصنيفها إلى أخبار عامّة وأخبار خاصّة.
اما الأخبار العامّة فيمكن ان نمثّل لها بصحيحة محمّد بن حكيم : «سألت أبا الحسن عليه السلام عن شيء فقال لي : كلّ مجهول ففيه القرعة. قلت له : ان القرعة تخطئ وتصيب. قال : كل ما حكم الله به فليس بمخطئ» [١].
ودلالتها على العموم واضحة فانه وان لم يحدّد فيها المقصود من كلمة «شيء» ومن المحتمل اختصاصه بمورد معين الا ان ذلك لا يمنع من استفادة العموم منها فان العبرة بعموم الجواب ولا يضر بذلك اختصاص السؤال بمورد معين.
واما ما ورد على لسان الفقهاء من ان القرعة لكل أمر مشكل أو مشتبه فليس عليه رواية صحيحة. أجل في دعائم الإسلام قال : عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام : انّهم أوجبوا الحكم بالقرعة فيما اشكل [2].
ولكن الرواية المذكورة ضعيفة السند ولا أقل من جهة الإرسال.
واما صحيحة محمّد بن حكيم فقد عبّر عنها في كلمات الاعلام بالرواية الذي هو مصطلح عادة للرواية الضعيفة ، إلاّ انّه يمكن تصحيحها ، فانّها بطريق الشيخ الطوسي وان كانت ضعيفة ب «علي بن عثمان» لعدم ورود توثيق في حقّه إلاّ انّها بطريق الشيخ الصدوق صحيحة.
أجل يمكن التأمّل في محمّد بن حكيم نفسه باعتبار ان الشيخ والنجاشي وان ذكراه ولكنّهما لم يوثقاه.
الا انّه يمكن توثيقه من خلال ما نقله الكشي بطريق صحيح عن حماد : «كان أبو الحسن عليه السلام يأمر محمّد بن حكيم ان يجالس أهل المدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وان يكلّمهم ويخاصمهم حتى كلّمهم في صاحب القبر فكان إذا انصرف إليه قال له : ما قلت لهم وما قالوا لك ويرضى بذلك منه» [3] فإنّه ليس من المناسب للإمام عليه السلام ان يأمر شخصا بتمثيل المذهب الجعفري والتحدّث عن لسانه الا إذا كان له وثوق كامل به.
واما الأخبار الخاصة فهي كثيرة تذكر كمثال لذلك صحيحة ابراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام «رجل قال : أوّل مملوك أملكه فهو حر فورث ثلاثة قال: يقرع بينهم فمن أصابه القرعة اعتق. قال : والقرعة سنّة» [4].
هذا وبالامكان عدّها من الاخبار العامة بقرينة التعبير في الذيل : «والقرعة سنة».
واما السيرة العقلائية فلا اشكال في انعقادها على العمل بالقرعة في الامور المشكلة والأمثلة في حياتنا الاجتماعية اليوم كثيرة فيقرع بين الطلاب في المدارس إذا زاد عددهم عن الحدّ المقرّر للقبول وبين من تقدّم بطلب الحج إذا زاد العدد ، وهكذا في أمثلة اخرى.
وهذه السيرة حيث لا نحتمل حدوثها جديدا ولم يرد عنها ردع بل ورد ما يدل على الامضاء ـ من قبيل جملة «والقرعة سنة» في الصحيحة السابقة ـ فتكون حجّة.
______________
[١] وسائل الشيعة باب ١٣ من أبواب كيفية الحكم حديث ١١.
[2] مستدرك الوسائل باب ١١ من أبواب كيفية الحكم حديث ١.
[3] رجال الكشي رقم ٣١٥.
[4] وسائل الشيعة باب ١٣ من أبواب كيفية الحكم حديث ٢.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|