أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
1390
التاريخ: 13-4-2017
1023
التاريخ: 3-08-2015
1955
التاريخ: 11-3-2019
1086
|
[الشبهة]:
اعلم أن بعض علمائنا كالصدوق محمد بن
بابويه، و أستاذه محمد بن الحسن بن الوليد ذهبا إلى جواز السهو على النبي صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم و قالا: ليس سهو النبي صلّى اللّه عليه و آله وسلّم كسهونا، لأن سهوه من اللّه عز و جل أسهاه
ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ معبودا دونه، و سهونا من الشيطان و ليس للشيطان على
النبي و الأئمة عليهم السّلام سلطان. واستندا في ذلك إلى بعض الأخبار الشاذة
الموافقة للعامة، وإن رويت بطرق عديدة و هي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم سلم في ركعتين فسأله من خلفه يا رسول اللّه أحدث في الصلاة شيء، قال: وما
ذاك، قالوا إنما صليت ركعتين، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أكذلك يا ذا
اليدين و كان يدعى ذا الشمالين، فقال نعم فبنى على صلاته فأتم الصلاة أربعا. وقال
الصادق عليه السّلام إن اللّه تعالى هو الذي أنساه رحمة للأمة، ألا ترى لو أن رجلا
صنع هذا لعيّر و نحوه غيره. وفي بعضها أنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صلى الظهر
خمس ركعات ثم انفتل فقال له بعض القوم يا رسول اللّه هل زيد في الصلاة شيء، قال و
ما ذاك، قالوا صليت بنا خمس ركعات، فاستقبل القبلة و كبر و هو جالس ثم سجد سجدتين.
وفي بعضها انه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نام عن الصبح و اللّه عز و جل أنامه
حتى طلعت الشمس عليه وكان ذاك رحمة من ربك للناس. وفي بعضها أن أمير المؤمنين
عليه السّلام صلّى بالناس على غير طهر و كانت الظهر ثم دخل، فخرج مناديه إن أمير
المؤمنين عليه السّلام صلّى على غير طهر فأعيدوا و ليبلغ الشاهد الغائب. وفي بعضها
أن الباقر عليه السّلام اغتسل من الجنابة فقيل قد بقيت لمعة من ظهرك لم
يصبها الماء، فقال له ما كان عليك لو سكت
ثم مسح تلك اللمعة بيده.
وروى الكليني أن أول كتاب كتب في الأرض أن
اللّه عرض على آدم ذريته، فلما نظر إلى داود وعرف قصر عمره قال: قد وهبت له من
عمري أربعين سنة، فقال اللّه تعالى لجبرائيل و ميكائيل اكتبوا عليه كتابا فإنه
ينسى هذا أقصى ما استدلا به.
الرد على شبهة جواز السهو على
النبي :
هذه الأخبار مع مخالفتها لإجماع الشيعة
المحقة بل ضرورة المذهب و شذوذها وموافقتها لمذاهب العامة الذين أمرنا بخلافهم يقع
الكلام فيها من وجوه:
الأول: مخالفتها للآيات القرآنية كقوله
تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم:
3، 4]. وقوله
تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
[الحشر: 7] . و قوله
تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} [الأعلى: 6]. وقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ
(4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5] ، وقوله
تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] . و نحو ذلك.
الثاني: إنها مخالفة للأخبار الصحيحة
المعتضدة بإجماع الإمامية الدالة على نفي السهو و الشك و النسيان عنهم عليه
السّلام. ففي الفقيه عن الرضا عليه السّلام قال: للإمام علامات يكون أعلم الناس و
أحكم و أحلم الناس و أعبد الناس و يكون مطهرا و يرى من خلفه كما يرى من بين يديه
و لا يحتلم و تنام عيناه و لا ينام قلبه. وفي الكافي عن الصادق عليه السّلام في
جنود العقل و الجهل قال عليه السّلام: فكان مما أعطى اللّه العقل من الخمسة و
السبعين جندا الخير و جعل ضده الشر إلى أن قال و العلم وضده الجهل، والتسليم و
ضده الشك، والتذكر و ضده السهو، و الحفظ و ضده النسيان، ثم قال عليه السّلام لا
تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد امتحن
اللّه قلبه للإيمان.
و في الكافي عن أمير المؤمنين عليه السّلام
يذكر حاله مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مما قال: ودعا اللّه أن
يعطيني علمه و فهمه فما نسيت آية من كتاب اللّه و لا علما أملاه علي و كتبته منذ دعا
اللّه لي بما دعا، وما ترك شيئا مما علمه اللّه من حلال و لا حرام، ولا أمر و لا
نهي كان أو يكون ، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه و
حفظته فلم أنس حرفا واحدا إلى أن قال فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لست
أتخوف عليك النسيان و الجهل.
وفي التهذيب عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه
عليه السّلام قال: قلت له هل سجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سجدتي السهو،
قال: لا ولا يسجدهما فقيه.
وفي الحديث المشهور بين الطرفين قوله صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم صلوا كما رأيتموني أصلي خذوا عني مناسككم.
وفي الكافي عن الرضا عليه السّلام في وصف
الإمام عليه السّلام: عالم لا يجهل، راع لا ينكل، إلى أن قال إن الأنبياء و الأئمة
عليهم السّلام يوفقهم اللّه و يأتيهم من مخزون علمه و حكمته ما لا يؤتيه غيرهم. وفي
اخبار كثيرة عنهم عليهم السّلام إن الإمام عليه السّلام إذا شاء أن يعلم علم. وفي
الكافي عن الباقر عليه السّلام قال: واللّه لا يكون عالم جاهلا أبدا، عالما بشيء
جاهلا بشيء. ثم قال عليه السّلام اللّه
أعز و أجل و أكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه و أرضه. وعن الصادق
عليه السّلام في حديث قال: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان مسددا
موفقا مؤيدا بروح القدس لا يزل و لا يخطئ في شيء مما يسوس به الخلق. وعن أبي جعفر
عليه السّلام قال: للإمام عليه السّلام عشر علامات، يولد مطهرا مختونا إلى أن قال
و لا يجنب و تنام عينه و لا ينام قلبه، ولا يتثاءب و لا يتمطى و يرى من خلفه كما
يرى من أمامه. وعن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا كثر عليك السهو فامض في صلواتك
فإنه يوشك أن يدعك إنما هو من الشيطان و نحوه غيره من الأخبار. وفي العيون عن
الرضا عليه السّلام في علامات الإمام عليه السّلام قال: إن الإمام مؤيد بروح القدس
و بينه و بين اللّه تعالى عمود من نور يرى فيه أعمال العباد و كلما احتاج إليه
لدلالة اطلع عليها، والإمام يولد و يلد و يصح و يمرض و يأكل و يشرب و يبول و يتغوط
و ينكح و ينام ولا ينسى و لا يسهو. و عنه عليه السّلام قال ما يتقلب جناح طائر في
الهواء إلا و عندنا منه علم.
الأدلة العقلية على رد شبهة السهو على النبي :
السهو على النبي مخالف للأدلة العقلية
المعتضدة بالنقلية و هي:
الاول: انه لو جاز شيء من ذلك عليهم لزم
التنفر عنهم وعدم قبول أقوالهم وافعالهم وهو نقض للغرض .
الثاني: إنا مأمورون باتباع النبي صلّى
اللّه عليه و آله وسلّم و الإمام عليه السّلام و ترك الاعتراض عليهم، فلو جاز
الخطأ و السهو و النسيان لوجب متابعتهم و كنا مأمورين به، و الأمر باتباع الخطأ
قبيح لا يصدر من الحكيم، والنقض بالراوي و الشاهد و المفتي مع عدم عموم حكمهم
مردود بأنهم ليسوا بحاكمين و إنما هم ناقلون و لا يشترط العصمة في الناقل إجماعا.
الثالث: إن من وجه احتياج الخلق إلى النبي
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الإمام عليه السّلام هو جواز الخطأ على الأمة، فلو
جاز عليهما لاحتاج إلى نبي و إمام لاشتراك العلة و لزوم الترجيح بلا مرجح والدور
أو التسلسل.
الرابع: إنه حافظ للشرع فلو جاز عليه الخطأ
و السهو و النسيان لأدى إلى التضليل والإغراء بالجهل و التبديل، وصار احتمال
النسخ مساويا لاحتمال السهو، واحتمال الصحة مقاوما لاحتمال الفساد، وهو نقيض الغرض
المطلوب من العصمة.
الخامس: إنه لو جاز السهو عليه لم يوثق بشيء
من أقواله و لا أفعاله أصلا و هو نقض للغرض من نصبه.
السادس: إنه لو جاز السهو و النسيان على
المعصوم لجاز تركه للواجبات و فعله للمحرمات سهوا، لأن فعل الواجب عبادة و ترك
المحرم عبادة، وإذا جاز السهو في ترك بعضها جاز في ترك الجميع فلا تصدق العصمة
التي تستلزم انتفاء المعاصي مطلقا.
السابع: إنه لو جاز السهو و النسيان و
الخطأ على المعصوم في العبادة دون التبليغ لجازت جميع المعاصي و الكفر عليه قبل
كونه نبيا أو إماما، واللازم باطل بالأدلة العقلية و النقلية، فكذا الملزوم و بيان
الملازمة عدم الاحتياج إلى العصمة في الموضعين كما ادعيتموه، لأن الضرورة إلى
استحالة الخطأ و السهو و النسيان إن كانت مخصوصة بالتبليغ فلا تبليغ في الحالة
السابقة و هو واضح بل ذاك أولى بالجواز مع ظهور بطلانه فكذا هنا.
الثامن: إنه لو جاز الخطأ و السهو على
المعصوم لزم إفحامه لأن للرعية أن لا تتبعه إلا فيما علمت صوابه، ولا يعلم صوابه
إلا منه فيدور.
التاسع: إنه لو جاز ذلك لم يحصل العلم
بقوله إن هذا الفعل سهو أو غير سهو لجواز السهو على ذلك القول أيضا لأنه خارج عن
التبليغ، ألا ترى أنه على قولهم قد نفى السهو عن نفسه لما قال له ذو اليدين أقصرت
الصلاة أم نسيت يا رسول اللّه، فقال كل ذلك لم يكن و ذلك على زعمكم غير مطابق
للواقع.
العاشر: إنه لو جاز عليه السهو و النسيان
في غير التبليغ لجاز منه الكذب سهوا في غير التبليغ أيضا، فلا يوثق بشيء من
أقواله في غيره و بطلانه قطعي.
الحادي عشر: إنه لو جاز ذلك لما أمكن
الاحتجاج بشيء من أفعاله و أقواله لاحتمالها السهو و النسيان و ذلك باطل قطعا.
الثاني عشر: إنه لو جاز عليه ذاك لما قبلت
شهادته وحده فضلا عن دعواه لنفسه ولجاز التوقف في تصديقه و ذلك باطل إجماعا نصا و
فتوى.
الثالث عشر: إنه لو جاز ذلك عليه لأمكن
وقوع اتلاف مال الغير منه و غصبه نسيانا، ونسيانه للحق الذي في ذمته، وإذا ادعاه
أصحاب الحقوق بذلك احتاجوا إلى نبي آخرو إمام آخر يحكم عليهما فيدور أو يتسلسل.
الرابع عشر: إن الأمر بالمعروف و النهي عن
المنكر عبادة واجبة بالضرورة من الدين، و أحق الناس بها النبي و الإمام عليه
السّلام، و ليس ذلك من قسم التبليغ لاختصاصها بالآحاد و الجزئيات و ظهور كون
التبليغ بقواعد كلية للأحكام الشرعية، لكن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر باليد
من ضرب و غيره خارج عن التبليغ قطعا، وحينئذ يجوز عليهما السهو و النسيان و الخطأ
و الغلط فيأمران بالمنكر و ينهيان عن المعروف و لا يخفى فساده.
الخامس عشر: إنه لو جاز عليه السهو و
النسيان في غير التبليغ كما يزعم الخصم لجاز عليه تعدي حدود اللّه سهوا، وإذا صدر
منه ذلك كان ظالما لقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ
نَفْسَهُ} [الطلاق: 1] ، { وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
[البقرة: 229] .
والظالم لا ينال النبوة و الإمامة لقوله
تعالى: { لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } [البقرة: 124] .
السادس عشر: إنه يلزم من ذلك حط منزلته من
القلوب و سقوط محله من النفوس كما يشهد الوجدان بذلك.
السابع عشر: إنه يلزم احتياجه إلى رعيته.
الثامن عشر: عدم كون فعله و قوله حجة مطلقا
و اشتباه التبليغ بغيره غالبا.
التاسع عشر: إمكان وقوع المعصية و فعل
المحرم و ترك الواجب سهوا و هو باطل. ومما يدل على بطلان ما ادعاه الخصم زيادة على
ما ذكر ما رواه في الكافي عن الصادق عليه السّلام أن اللّه جعل في النبي خمسة
أرواح، روح الحياة فيه دب و درج، وروح القوة فيه نهض و جاهد، و روح الشهوة فيه
أكل و شرب و أتى النساء من الحلال، وروح الإيمان فيه آمن و عدل، وروح القدس فيه
حمل النبوة، فإذا قبض النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انتقل روح القدس فصار
إلى الإمام عليه السّلام و روح القدس لا ينام و لا يغفل و لا يلهو و لا يزهو، والأربعة
الأرواح تنام و تغفل و تلهو و تزهو. ونحوه عن جابر عن الباقر عليه السّلام قال فيه
إن هذه الأربعة الأرواح يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو و لا تلعب، ولا
يخفى أن النسيان من جملة الحدثان المنفي عنها و الأخبار في ذلك كثيرة يقف عليها
المتتبع.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|