أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-08-2015
1432
التاريخ: 1-07-2015
1763
التاريخ: 1-07-2015
5937
التاريخ: 12-2-2018
1808
|
(إن) ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻘﺪ ﺣﻜﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻓﻴﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻨﻌﻮﺍ ﺍﻟﻨﺴﺦ، ﻭﻫﻢ ﺛﻼﺙ ﻓﺮﻕ: ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻋﻘﻼ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﻌﻪ ﺳﻤﻌﺎ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﺎﺯﻩ ﻭﻣﻨﻊ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ ﻧﺒﻮﺓ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ. ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺒﻴﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻨﺴﺦ.
ﻭﺍﻟﻨﺴﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺩﻟﻴﻞ ﺷﺮﻋﻲ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺍﻷﻭﻝ ﺯﺍﺋﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻟﻮﻻﻩ ﻟﻜﺎﻥ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻊ ﺗﺮﺍﺧﻴﻪ ﻋﻨﻪ.
ﻭﺫﻛﺮﻧﺎ " ﺍﻟﻤﺜﻞ " ﺩﻭﻥ " ﺍﻟﻌﻴﻦ " ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻧﻬﺎﻩ ﻋﻦ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﺇﻣﺎ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺪﺍﺀ ﺃﻭ ﻓﻴﻪ ﻭﺟﻪ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻘﺒﺢ. ﻭﺧﺼﺼﻨﺎ ﺃﺩﻟﺔ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺑﺬﻟﻚ ﻷﻥ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﻞ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﺃﻭ ﻓﻘﺪ ﺍﻵﻟﺔ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻧﺴﺦ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺰﻳﻼ ﻟﻮﺟﻮﺏ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﺧﺘﺺ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺑﺄﺩﻟﺔ ﺍﻟﺸﺮﻉ. ﻭﺷﺮﻃﻨﺎ ﺍﻟﺘﺮﺍﺧﻲ ﻷﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺍﻝ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻧﺎﺳﺦ.
ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﻗﻮﻟﻪ {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] ﻻ ﻳﻘﺎﻝ " ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻴﻞ " ﻧﺎﺳﺦ ﻟﺼﻮﻡ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺰﻣﻮﺍ ﺍﻟﺴﺒﺖ ﺇﻟﻰ ﻭﻗﺖ ﻛﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﺎﺳﺨﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺇﻥ ﺳﻘﻂ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻓﻴﻪ، ﻭﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﺛﻢ ﺩﻝ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﻘﻮﻁ ﻟﺰﻭﻣﻪ ﺳﻤﻲ ﺫﻟﻚ ﻧﺴﺨﺎ ﻟﻠﺘﺮﺍﺧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻨﺎﻩ. ﻓﺈﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻓﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯﻩ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ ﻓﻬﻮ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺩﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﻨﺴﺦ، ﻷﻥ ﻣﺎ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﻫﺬﺍ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻗﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺦ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺁﺧﺮ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻟﺰﻳﺪ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻟﻌﻤﺮﻭ ﻭﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻟﻌﻤﺮﻭ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻟﺰﻳﺪ. ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﺘﻨﻊ ﻓﻠﻮ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻟﻤﻦ ﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻌﻮﺍﻗﺐ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﻨﺴﺦ ﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﺗﻐﻴﺮ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻴﻪ، ﻛﻤﺎ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ. ﻭﺃﻱ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻓﻌﻠﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻭﻗﺖ ﻛﺬﺍ ﻭﺍﺗﺮﻛﻮﺍ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻓﻌﻠﻮﺍ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﺛﻢ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻐﻴﺮﺕ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻴﻪ، ﻭﻫﻞ ﺗﺠﻮﻳﺰ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺇﻻ ﻛﺘﺠﻮﻳﺰ ﺍﻵﺧﺮ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺪﺍﺀ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﺍﺀ، ﻷﻥ ﺍﻟﺒﺪﺍﺀ ﻣﺎ ﺟﻤﻊ ﺷﺮﻭﻃﺎ ﺃﺭﺑﻌﺔ: ﺃﺣﺪﻫﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻭﺛﺎﻧﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺍﺣﺪﺍ، ﻭﺛﺎﻟﺜﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﺣﺪﺍ، ﻭﺭﺍﺑﻌﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻭﺍﺣﺪﺍ. ﻭﺍﻟﻨﺴﺦ ﺑﺨﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ، ﻷﻥ ﺇﻣﺴﺎﻙ ﺍﻟﺴﺒﺖ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﺗﻨﺎﻭﻟﻪ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺇﻣﺴﺎﻛﻪ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﺗﻐﺎﻳﺮ ﺍﻟﻔﻌﻼﻥ ﻟﻢ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﺒﺪﺍﺀ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻗﺘﻴﻦ ﻣﺘﻐﺎﻳﺮﻳﻦ. ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﺍﺀﺍ ﻟﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻣﺎﺗﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺑﻌﺪ ﺇﺣﻴﺎﺋﻬﻢ ﻭﺇﻏﻨﺎﺅﻫﻢ ﺑﻌﺪ ﻓﻘﺮﻫﻢ ﻭﺻﺤﺘﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺿﻬﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺪﺍﺀﺍ، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﺘﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻴﻪ ﻓﺎﻟﻨﺴﺦ ﻣﺜﻠﻪ. ﻭﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺷﺮﺍﺋﻊ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﺍﺀ، ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺷﺮﻉ ﺁﺩﻡ ﺟﻮﺍﺯ ﺗﺰﻭﻳﺞ ﺍﻷﺧﺖ ﻣﻦ ﺍﻷﺥ ﻭﻓﻲ ﺷﺮﻉ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺇﺑﺎﺣﺔ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺍﻟﺨﺘﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻜﺒﺮ ﻭﻓﻲ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺧﺘﻴﻦ، ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﺸﺮﻉ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ " ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺸﺊ ﺣﺴﻨﺎ ﻗﺒﻴﺤﺎ " ﻟﻴﺲ ﺑﺼﺤﻴﺢ، ﻷﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﻭﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺜﻠﻴﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﻰ. ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﺎﺯ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻋﻘﻼ ﻭﻣﻨﻊ ﻣﻨﻪ ﺳﻤﻌﺎ ﻓﺎﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﻴﻦ:
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ - ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ : ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻭﺃﻥ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻗﺎﻝ ﺷﺮﻳﻌﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺴﺦ ، ﻓﺈﻥ ﺭﺟﻌﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻧﻘﻠﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺧﺒﺮ ﺍﻵﺣﺎﺩ ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻓﻴﻪ ﺧﺒﺮ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﺇﻥ ﺍﺩﻋﻮﺍ ﺍﻟﺘﻮﺍﺗﺮ ﻓﺎﻟﺘﻮﺍﺗﺮ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﻊ ﺍﺧﺘﻼﻃﻨﺎ ﺑﻬﻢ ﺃﻥ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﻟﻤﺎ ﻧﻘﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻥ ﺷﺮﻳﻌﺘﻪ ﻻ ﺗﻨﺴﺦ ﻋﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻖ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻻ ﻳﺪﻓﻌﻮﻥ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻥ ﺷﺮﻋﻪ ﻻ ﻳﻨﺴﺦ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺧﺎﻟﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﺻﺪﻕ ﻗﻮﻟﻪ. ﻋﻠﻰ ﺇﻧﻪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﺃﻥ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﻤﻮﺳﻰ، ﻷﻧﻬﻢ ﺍﻧﻘﺮﺿﻮﺍ ﻭﻗﺘﻠﻬﻢ ﺑﺨﺖ ﻧﺼﺮ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﻻ ﻧﻔﺮ ﻻ ﻳﻘﻄﻊ ﺑﻨﻘﻠﻬﻢ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻭﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻜﺬﺏ. ﻭﻟﻮ ﺳﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻗﺎﻝ ﺷﺮﻳﻌﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺴﺦ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺸﺮﻭﻃﺎ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺃﻭ ﻳﻨﺴﺨﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﺒﺘﺖ ﻧﺒﻮﺗﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻊ ﺗﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻭﺛﺒﻮﺕ ﻧﺒﻮﺗﻪ ﻓﻬﻲ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻧﺴﺨﻬﺎ.
ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ - ﺃﻥ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻮﺓ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﺛﺒﺘﺖ ﻧﺒﻮﺗﻪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﻄﻼﻥ ﺩﻋﻮﺍﻫﻢ ﺃﻥ ﻣﻮﺳﻰ ﻗﺎﻝ ﺷﺮﻋﻲ ﻻ ﻳﻨﺴﺦ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻟﻤﺎ ﺛﺒﺘﺖ ﻧﺒﻮﺓ ﻣﻦ ﻳﻨﺴﺨﻬﺎ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻟﻢ ﺻﺮﺗﻢ ﺑﺄﻥ ﺗﺪﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻮﺓ ﻧﺒﻴﻜﻢ ﻓﻴﻌﻠﻤﻮﺍ ﺑﻄﻼﻥ ﺩﻋﻮﺍﻧﺎ ﻓﺄﻭﻟﻰ ﻣﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺩﻟﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺧﺒﺮﻧﺎ ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺑﻄﻼﻥ ﺩﻋﻮﺍﻛﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﻧﺒﻮﺓ ﻧﺒﻴﻜﻢ.
ﻗﻠﻨﺎ: ﻧﺤﻦ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺬﻟﻚ، ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﺰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻳﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻻﺷﺘﺒﺎﻩ، ﻷﻧﻪ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺗﺤﺪﻱ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺎﺭﺿﻮﻩ، ﻭﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺠﺰﺍ ﻭﺩﺍﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ، ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺒﺮ، ﻷﻥ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻛﻼﻡ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻ ﺗﺪﺧﻠﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺯ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻈﺎﻫﺮﻩ ﺗﺮﻛﻪ. ﻭﺍﻟﺨﺒﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻮﻧﻪ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻪ، ﻭﺻﺤﺘﻪ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺗﺮ ﻓﻴﻪ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺳﻼﻑ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ. ﺛﻢ ﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﻓﻬﻮ ﻛﻼﻡ ﺗﺪﺧﻠﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺯ ﻭﺍﻟﺨﺼﻮﺹ ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻭﺍﻟﻌﺪﻭﻝ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮﻩ. ﻓﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﺰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻭﻟﻰ، ﻷﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺼﺤﺘﻪ ﺑﻄﻼﻥ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺻﺤﺔ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺧﺒﺮﻫﻢ.
ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﺎﺯ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻋﻘﻼ ﻭﺷﺮﻋﺎ ﻭﻣﻨﻊ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ ﻧﺒﻮﺓ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﺎﻟﻮﺟﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻧﺒﻮﺓ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻟﺒﻄﻞ ﻗﻮﻟﻪ، ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺛﺒﻮﺗﻪ ﻃﺮﻳﻘﺎﻥ: ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻧﺒﻮﺗﻪ، ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﺒﺎﻗﻲ ﻣﻌﺠﺰﺍﺗﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ. ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺑﻴﺎﻥ ﺧﻤﺴﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ:
ﺃﺣﺪﻫﺎ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﻤﻜﺔ ﻭﺍﺩﻋﺎﺅﻩ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ، ﻭﺛﺎﻧﻴﻬﺎ ﺗﺤﺪﻳﻪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﺩﻋﺎﺅﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺧﺼﻪ ﺑﻪ، ﻭﺛﺎﻟﺜﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺎﺭﺿﻮﻩ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ، ﻭﺭﺍﺑﻌﻬﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺎﺭﺿﻮﻩ ﻟﻠﻌﺠﺰ، ﻭﺧﺎﻣﺴﻬﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﺘﻌﺬﺭ ﺧﺮﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ. ﻓﺈﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺫﻟﻚ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻌﺠﺰ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺠﺰﺍ ﺧﺎﺭﻗﺎ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﺑﻔﺼﺎﺣﺘﻪ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻌﺎﺭﺿﻮﻩ ﺃﻭ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺻﺮﻓﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺭﺿﺘﻪ ﻭﻟﻮﻻ ﺍﻟﺼﺮﻑ ﻟﻌﺎﺭﺿﻮﺍ، ﻭﺃﻱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﺛﺒﺖ ﺛﺒﺘﺖ ﺻﺤﺔ ﻧﺒﻮﺗﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﺼﺪﻕ ﻛﺬﺍﺑﺎ ﻭﻻ ﻳﺨﺮﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻟﺒﻄﻞ.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|