أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-08-2015
2210
التاريخ: 12-1-2017
1553
التاريخ: 1-07-2015
1765
التاريخ: 1-08-2015
1779
|
قال : ( والسكون حفظ النسب ، فهو ضدّ ).
أقول : اختلف الناس في تحقيق ماهيّة السكون
، وأنّها هل هي وجوديّة أو عدميّة؟
والمتكلّمون (1) على الأوّل ، فجعلوه عبارة
عن حصول الجسم في حيّز واحد أكثر من زمان واحد.
وبعبارة أخرى : كون الشيء في الآن الثاني
في المكان الأوّل بعد الاستقرار زمانا يمكن فيه الحركة.
والحكماء (2) على الثاني ، فقالوا : إنّه
عدم الحركة عمّا من شأنه أن يتحرّك.
والمصنّف ; اختار قول المتكلّمين ، وهو
أنّه وجوديّ ، وأنّ مقابلته للحركة تقابل الضدّية ، لا تقابل العدم والملكة ،
وجعله عبارة عن حفظ النسب بين الأجسام الثابتة على حالها.
قال : ( يقابل الحركتين ).
أقول : قال العلاّمة :
يمكن أن يفهم من هذا الكلام معنيان :
أحدهما : أنّه إشارة إلى الصحيح من الخلاف
الواقع بين الأوائل أنّ المقابل للحركة هو السكون في مبدأ الحركة لا نهايتها ، أو
أنّ السكون مقابل للحركة من مكان السكون.
والحقّ هو الأخير ؛ لأنّ السكون ليس عدم
الحركة خاصّة ، وإلاّ لكان المتحرّك إلى جهة ، ساكنا في غير تلك الجهة ، بل هو عدم
كلّ حركة ممكنة في ذلك المكان.
واحتجّ الأوّلون بأنّ السكون في النهاية
كمال للحركة ، وكمال الشيء لا يقابله.
والجواب : أنّ السكون ليس كمالا للحركة ،
بل للمتحرّك.
الثاني : أنّ السكون ضدّ يقابل الحركة
المستقيمة والمستديرة معا ؛ وذلك لأنّه لمّا بيّن أنّ السكون عبارة عن حفظ النسب ،
وكان حفظ النسب إنّما يتمّ ببقاء الجسم في مكانه على وصفه (3) ، وجب أن يكون
السكون مقابلا للحركة المستقيمة والمستديرة معا ؛ لانتفاء حفظ النسب فيهما (4).
ولا يخفى أنّ الظاهر هو الأخير ، وإلاّ كان
الصحيح أن يقول : « كلّ حركة » لا «الحركتين».
ويمكن أن يكون المراد الحركة الأينيّة
وغيرها.
قال : ( وفي غير الأين حفظ النوع ).
أقول : لمّا بيّن أنّ السكون عبارة عن حفظ
النسب ، وكان ذلك إنّما يتحقّق في السكون في المكان والأين لا كلّ سكون ، فوجب
عليه أن يفسّر السكون في غير الأين من المقولات الأربع ، فجعله عبارة عن حفظ النوع
في المقولة التي تقع عنها الحركة ، وذلك بأن تقف في الكمّ من غير نموّ وذبول
وتخلخل وتكاثف ، وفي الكيف من غير اشتداد وضعف ، وفي الوضع من غير تبدّل إلى وضع
آخر.
وينبغي حمل النوع على مطلق الكلّي ؛ لئلاّ
يرد أنّ الحركة قد تكون من صنف إلى صنف أو من فرد إلى فرد ، فيكون النوع محفوظا
ولا سكون.
قال : ( ويتضادّ لتضادّ ما فيه ).
أقول : قد يعرض السكون التضادّ كما تعرض
الحركة ؛ فإنّ السكون في المكان الأعلى يضادّ السكون في المكان الأسفل ، فعلّة
تضادّه ليست تضادّ الساكن ولا المسكن ولا الزمان ... ولا تعلّق له بالمبدأ
والمنتهى ، فوجب أن تكون علّة تضادّه هو تضادّ ما فيه من المقولة التي يقع فيها
السكون ؛ فإنّ سكون الجسم في الحرارة يضادّ سكونه في البرودة ؛ لتضادّ الحرارة
والبرودة اللتين يقع فيهما السكون.
قال : ( ومن الكون طبيعيّ وقسريّ وإراديّ
).
أقول : الكون يريد به هنا الجنس الشامل
للحركة والسكون ـ كما اصطلح عليه المتكلّمون (5) ـ وهو ينقسم إلى أقسام ثلاثة ؛
وذلك لأنّه عبارة عن حصول الجسم في الحيّز ، وذلك الحصول قد بيّنّا أنّه لا يجوز
استناده إلى ذات الجسم ، فلا بدّ من قوّة استند إليها ، وتلك القوّة إمّا أن تكون
مستفادة من الخارج وهي القسريّة ، أو لا وهي الطبيعيّة إن لم تقارن الشعور ،
والإراديّة إن قارنته.
قال : ( فطبيعيّ الحركة إنّما يحصل عند
مقارنة أمر غير طبيعيّ ).
أقول : الطبيعة أمر ثابت والحركة غير ثابتة
، فلا تستند إليها لذاتها ، بل لا بدّ من اقتران الطبيعة بأمر غير طبيعي ، ويفتقر
في الردّ إليه إلى الانتقال ، فيكون ذلك الانتقال طبيعيّا ، أمّا في الأين فكالحجر
المرميّ إلى فوق ، وتتبعها الحركة في الوضع ، وأمّا في الكيف فكالماء المسخّن ،
وأمّا في الكمّ فكالذابل بالمرض.
قال : ( لردّ الجسم إليه فيقف ).
أقول : غاية الحركة الطبيعيّة إنّما هي
حصول الحالة الملائمة للطبيعة التي فرضنا زوالها حتّى اقتضت الطبيعة الحركة وردّ
الجسم إليها بعد عدمها عنه ، لا الهرب عن الحالة غير الطبيعيّة.
نعم ، كلّ طريق غير طبيعي مهروب عنه.
وعلى كلّ تقدير فإذا حصلت الحالة الطبيعيّة
وقف الجسم وعدمت الحركة الطبيعيّة ؛ لزوال الشرط ، وهو مقارنة الحالة غير
الطبيعيّة.
قال : ( فلا تكون دوريّة ).
أقول : هذا نتيجة ما تقدّم ؛ فإنّ الحركة
الطبيعيّة يطلب بها استرداد الحالة الطبيعيّة بعد زوالها بالهرب عن حالة غير
طبيعيّة وطلب حالة طبيعيّة ، والحركة الدوريّة يطلب بها ما يهرب عنه فلا تكون
طبيعيّة ، وهو ظاهر ؛ لأنّ كلّ نقطة يفرض كونها مطلوبة بالحركة ، فهي مهروب عنها
بتلك الحركة ، ومن المحال أن يكون المطلوب بالطبع مهروبا عنه بالطبع.
قال : ( وقسريّتها تستند إلى قوّة مستفادة
قابلة للضعف ).
أقول : الحركة القسريّة إمّا أن تكون في
ملازم المتحرّك أو مع مقارنه ، والأوّل لا إشكال فيه ، والبحث في الثاني.
والمشهور أنّ المحرّك كما يفيد المقسور
حركة كذلك يفيد قوّة فاعلة لتلك الحركة قابلة للضعف بسبب الأمور الخارجيّة
والطبيعيّة المقاومة ، وكلّما ضعفت القوّة القسريّة بسبب المصادمات ، قويت الطبيعة
إلى أن تفنى تلك القوّة بالكلّية ، فتفيد الطبيعة الحركة الطبيعيّة.
والمراد من ضعف القوّة ضعف أثرها بالمصادمة
، فلا يرد أنّ القوّة المستفادة من القاسر باقية لا تشتدّ ولا تضعف ، مع إمكان
القول بقبول الضعف ، فتبطل القوّة القسريّة بالكلّيّة.
قال : ( وطبيعيّ السكون يستند إلى الطبيعة
مطلقا ).
أقول : السكون ، منه طبيعيّ ، كاستقرار
الأرض في المركز ، ومنه قسريّ ، كالحجر الواقف في الهواء قسرا ، ومنه إراديّ ،
كسكون الحيوان بإرادته في مكان ما.
والطبيعيّ من السكون ما يستند إلى الطبيعة
مطلقا ، بخلاف الحركة الطبيعيّة ؛ فإنّها المستندة إلى الطبيعة لا مطلقا ، بل عند
مقارنة أمر غير ملائم ، كما مرّ.
قال : ( وتعرض البساطة ومقابلها للحركة خاصّة ).
أقول : من الحركات ما هو بسيط ، كحركة
الحجر إلى أسفل ، ومنها ما هو مركّب ، كحركة النملة على الرحى إذا اختلفا في
المقصد ؛ فإنّ حركة كلّ واحدة من النملة والرحى وإن كانت بسيطة لكن إذا نظر إلى
حركة النملة الذاتيّة وحركتها بالعرض باعتبار حصولها في محلّ متحرّك ، حصل لها
تركيب.
ثمّ إن كانت إحدى الحركتين مساوية للأخرى
حدث للنملة حالة كالسكون بالنسبة إلى الأمور الثابتة. وإن فضلت إحداهما على الأخرى
حصل لها حركة بقدر فضل إحداهما على الأخرى.
قال : ( ولا يعلّل الجنس ولا أنواعه بما
يقتضي الدور ).
أقول : الظاهر أنّ المراد هو الردّ على أبي
هاشم (6) وأتباعه حيث قال ـ كما حكي ـ : إنّ جنس الأنواع الأربعة ـ وهو الحصول في
الحيّز ـ معلّل بمعنى فسّرته طائفة بالكائنيّة ، فالمعنى لا يعلّل الجنس ـ أي
الحصول في الحيّز ـ ولا أنواعه ـ أي الحركة والسكون ـ بالكائنيّة ؛ لأنّ الكائنيّة
معلّلة بالكون الذي هو حصول الجوهر في الحيّز ، فلو علّل الحصول بها لزم الدور.
__________________
(1) « الفرق بين الفرق » : 138 ؛ « أصول الدين »
: 40 ـ 46 ؛ « التوحيد » : 76 ؛ « الفصل في الملل والأهواء والنحل » 5 : 175 ـ 179
؛ « المطالب العالية » 4 : 283 ـ 292؛ « المحصّل » : 237 ـ 239 ؛ « تلخيص المحصّل
» : 149 ـ 150 ؛ « مناهج اليقين» : 60 ؛ « نهاية المرام » 3 : 342 ـ 347 ؛ « شرح المواقف
» 6 : 172 ؛ « شرح المقاصد» 2 : 457 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 305.
(2) « الشفاء »
الطبيعيّات 1 : 108 ـ 111 ؛ « النجاة » : 107 ؛ « التحصيل » : 429 ـ 431 ؛ « المعتبر
في الحكمة » 2 : 30 و 40 ؛ « المباحث المشرقيّة » 1 : 712 ـ 713 ؛ « نهاية المرام
» 3 : 345 ـ 346 ؛ « مناهج اليقين » : 60.
(3) في المصدر : « وضعه » بدل « وصفه ».
(4) « كشف المراد » : 271.
(5) « شرح الأصول الخمسة » : 96 ؛ « أصول الدين » : 40 ؛ « الأربعين
في أصول الدين » : 21 ؛ « نهاية المرام » 3 : 319 ـ 322 ؛ « مناهج اليقين » : 53 ؛
« شرح المواقف » 6 : 165 وما بعدها ؛ « شرح المقاصد » 2 : 392 وما بعدها ؛ « إرشاد
الطالبين» : 72 ـ 74 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 306 و 389 ؛ « شوارق الإلهام » :
458.
(6) نقله عنه في « التوحيد » : 76 ؛ « نقد المحصّل » : 148 ؛ « مناهج
اليقين » : 53 ـ 57 ؛ « نهاية المرام »
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|