مفهوم النظم

يمكن النظر إلى الظواهر الطبيعية كالأمطار وأشكال سطح الأرض (التضاريس) مثلاً، والظواهر البشرية كاستعمالات الأراضي في المدن (سكنية، تجارية، صناعية... الخ) وشبكة النقل والمواصلات، والعلاقات فيما بينها، وخصائص تلك العلاقة (من حيث الكفاءة وغيرها) على أنها نظام System، وذلك لأن المجتمعات والأنشطة البشرية ونتاجها الحضاري تؤلف نظماً من صنع الانسان , ويمثل النظام وفق هذا التحديد شكل الظاهرة الجغرافية وسلوكها والتغيرات التي تطرأ عليها. وحتى نتمكن من التعرف إلى سلوك الظاهرة، يجب معرفة العناصر التي تتكون منها الظاهرة وخصائصها، ثم العلاقات التي تربط بين تلك العناصر وبين الخصائص، وكذلك العلاقات بين الخصائص والبيئات التي يوجد فيها النظام. وعلى هذا الأساس يتكون النظام من مجموعة من العناصر التي لها متغيرات، بحيث يربط بين هذه العناصر ومتغيراتها، وخصائصها علاقات محددة. ويشمل النظام كذلك أثر هذه العلاقات على الخصائص، أو أثر الخصائص في توجيه تلك العلاقات. وقد تكون هذه العلاقات بسيطة (باتجاه واحد) تربط بين عدة عناصر متتالية، أو قد تكون العلاقات من طراز يؤثر فيها بعض العناصر على البعض الآخر بصورة مباشرة، أو قد تكون العلاقات متعددة ومركبة تتكون من العلاقات السابقة ضمن نظام واحد.. الخ.

وقد استخدم مفهوم النظم منهجاً علمياً فمنذ زمن طويل نسبياً، كتب نيوتن عن النظام الشمسي، وكتب الاقتصاديون عن النظم الاقتصادية، وكتب علماء الأحياء عن النظم الحيوية. كذلك كتب الجغرافيون عن النظم الإقليمية (أي الأقاليم الجغرافية) مثل هربرتسون. ولعل أحدث تطبيقات النظم في الجغرافيا تلك المستخدمة في مجال علم أشكال سطح الأرض (الجيومورفولوجيا). إذ ساعدت النظم على دراسة أشكال الأرض والعمليات التي أسهمت في تكوينها عبر الزمن. كذلك استخدمت النظم في الدراسات الجغرافية البشرية. فمثلا ينظر إلى المدن والقرى في إقليم معين على أنها نظام ترتبط فيما بينها بعدد من العلاقات وذلك داخل النظام. إذ لا يمكن تخيل مدينة ما وكأنها محاطة بسور أو مغلقة على نفسها وليس لها علاقات مع غيرها من المدن أو الأقاليم, فحركة السكان اليومية بين مدينتي عمان والزرقاء بهدف العمل هي نوع من العلاقات، وحركة البضائع بين ميناء العقبة ومدينة عمان هي نوع آخر من العلاقات أيضاً... وهكذا.