عندما تريدون تربية أبنائكم فعليكم أن تنموا فيهم العادات الجميلة والمحببة |
1521
09:23 صباحاً
التاريخ: 2-3-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-13
196
التاريخ: 5-6-2017
2458
التاريخ: 2024-09-15
212
التاريخ: 1-4-2018
2348
|
كيف تتصرفون مع أبنائكم الصغار؟ أنتم الذين تحرصون على تقدم أبنائكم وتشعرون بالمسؤولية حيال مستقبلهم وتعربون عن قلقكم إزاء ذلك، كيف تقومون بتربيتهم؟ وكيف تعاملونهم لكي يصبحوا قادرين ومستعدين للدخول في خضم الحياة المستقبلية بعزة وشموخ؟... هل تعلمون بأن أفضل فترة يكون فيها الشخص مستعداً لتقبل واستيعاب التوجيهات التربوية هي فترة سني الطفولة، حتى سن السابعة؟ هل تعرفون أن نجاح أبنائكم والنجاحات التي يحققونها في حياتهم المستقبلية هي رهن بالصفات والعادات التي يكتسبونها ولا سيما خلال فترة الطفولة؟ إذا أرادت زوجتك أن تصف أسلوبك وطريقتك في تربية أبنائك فماذا يمكن أن تكتب حول ذلك؟ هل ما ستكتبه سيكون مختلفاً عما جاء في رسالتك هذه؟ ما هي أوجه الاختلاف بين الرسالتين؟
الرسالة:... ماذا أقول؟ زوجتي تتمتع بالكثير من الصفات والخصال الجيدة فهي ربة بيت ونظيفة ونشطة وواعية وعاقلة وتحب الضيوف وتكرمهم... لها ذوق جيد ولكن فيها عيب واحد وهو عيب كبير جداً لأنها عصبية المزاج إلى أبعد الحدود فهي تثور وتفقد أعصبها لأدنى تصرف من قبل الأطفال وبالتالي فهي تنهال عليهم بالضرب... وعندها أنبهها إلى ذلك وأمنعها من ضربهم تقول لي: إذا لم نقف بوجه الأطفال الآن وهم في سن الثالثة والرابعة فإنهم سوف يتعودون على التصرفات السيئة وعندها سأفقد السيطرة عليهم... فزوجتي تعتقد بأن الضرب والتهديد والعنف هو السبيل الوحيد لتربية الأطفال وتقول: «إن الضرب منشؤه من الجنة، فهي ترى بأن الطفل يجب دائماً أن نقول له افعل كذا ولا تفعل كذا ويجب حسب رأيها استخدام العنف والشدة مع الأطفال لجعلهم يلتزمون الصمت والهدوء ويجب منعهم من اللعب والحركة وممارسة نشاطاتهم الجسمية...
توضيح ورد: أيها الأخ الكريم! استنتجت من رسالتك بأنك أيضاً إنسان منصف وعاقل وواع، لأنك أشرت إلى الصفات الجيدة في زوجتك قبل أن تنتقد تصرفاتها حيال الأطفال والأسلوب الذي تتبعه في تربيتهم وهذا دليل على إنصافك وسلامة تفكيرك.
ليتنا كنا جميعاً مثلك نذكر الجوانب والتصرفات والصفات الإيجابية في الشخص الذي ننتقده ونقدر فيه تلك الصفات الحسنة والجيدة. أما فيما يتعلق بوجهات نظر زوجتك وأسلوبها في تربية أطفالها فيجب أن أقول:
أ - إن زوجتك على حق عندما تقول: يجب أن لا نجعل الطفل يتعود على التصرفات الشائنة غير الصحيحة وبالتالي يجب أن يمنع من هذه التصرفات. لأن الطفل إذا قام بعمل ما مرة ومرتين ولم يمنع من القيام به فإنه يكرره وتكون النتيجة أن هذا العمل أو التصرف يترسخ في وجوده ويتأصل في كيانه ويتعود عليه ويصبح هو الأساس في تصرفاته وخلقه ومتقبله. فالإنسان - صغيرا كان أم كبير السن - يسير في إطار التصرفات والممارسات التي تعود عليها بسهولة أكثر ورغبة أكثر أيضاً. حيث إن أعضاء جسمه وذهنه وروحه وفكره تبدي كلها مرونة أكثر واستجابة أكبر للتصرفات التي كررها في حياته وهذا هو معنى التعود. لذلك يجب على كل منا أن يراقب نفسه ويجب على الأم أن تراقب التصرفات والممارسات الأولى التي يقوم بها طفلها وعليها أن تمنعه من تكرار التصرفات غير الصحيحة والخاطئة، لكي لا تتأصل في وجوده عادة الشرّ والسوء. وعلى العكس من ذلك عليها أن تشجعه على أعمال وصفات الخير لكي يتعود على الخير والصلاح. فالإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في وصية لابنه الحسن عليه السلام يقول: «إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته»(1).
حيث إن قلب الطفل تربة خصبة للصفات الحسنة الجيدة أي يتعود على الأعمال والتصرفات الحسنة ومن الممكن أيضاً أن تجعل قلب هذا الطفل منبتاً للحشائش الضارة والأشواك الجارحة المؤذية، أي تجعله يتعود على أعمال السوء والشر، والمهم هنا هو دور المربي، وما إذا كان يسمح للطفل باكتساب الصفات الحسنة أو يجعله يكتسب الصفات السيئة ويتعود على الممارسات والتصرفات القبيحة. التصرفات والعادات الجميلة تجعل خلق الإنسان وطباعه جميلة، أما التصرفات والعادات السيئة فإنها تجعل وجود الإنسان كله في نهاية الأمر سيئاً. فالإسلام يأمرنا على لسان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام أن نعوّد أنفسنا على الأعمال والتصرفات الحسنة والجميلة ومكارم الأخلاق وتحمل الصعوبات ومشاكل الحياة والسعي والعمل والإيثار والحِلم عند الغضب، يقول علي عليه السلام: «عودوا أنفسكم على التصرفات الحسنة ومكارم الأخلاق وتحمل المشاق والسعي والعمل والإيثار والحلم»(2). وعلينا أن نتجنب القيام بأي تصرف أو عمل لا نرغب به أو لا نستطيع الاستمرار فيه حتى لو كان قيامنا بذلك التصرف قد تم للمرة الأولى. لأن الإنسان يتعود على تصرف ما بمجرد أن يقوم به ويمارسه للمرة الأولى.
عن حبّة العرني قال: أتي أمير المؤمنين عليه السلام بخوان فالوذج فوضع بين يديه ونظر إلى صفائه وحسنه فوجى بإصبعه فيه حتى بلغ أسفله ثم سلَّها ولم يأخذ منه شيئاً وتلمظ اصبعه وقال: إن الحلال طيب وما هو بحرام ولكني أكره أن أعود نفسي ما لم أعودها، ارفعوه عني فرفعوه(٣).
إذن علينا قبل كل شيء أن نمنع أنفسنا وأبناءنا عن الممارسات والتصرفات الشائنة حتى لو كنا نريد القيام بذلك التصرف أو العمل الشائن للمرة الأولى. فالإمام علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: [العادة عدو تملّك](4).
أي أن العادة هي كالعدو الذي يأسر الإنسان إلى الأبد.
ب - إنه صحيح القول بأننا يجب أن نمنع الطفل من التعود على الأعمال والتصرفات الخاطئة وغير السليمة، ولكن يجب أن لا يتم ذلك عن طريق العنف والشدة والكلام البذيء والصراخ. يجب على والدة أطفالك وعلى جميع الأمهات والمعنيات والمعنيين بتربية الأطفال أن يعلموا بأن الطفل يولد جاهلاً وضعيفاً وهو يزداد فهماً وقوة شيئاً فشيئاً ولهذا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار مستوى قوته وفهمه ودرايته وأن نقوم بتدريبه في نفس هذا المستوى وأن نطلب منه (القيام بالأعمال والتصرفات الجيدة الحسنة والامتناع عن تلك التصرفات السيئة) وذلك بكل رفق ومودة ورحمة ومداراة حيث إن فترة الاكتساب عند الطفل تمتد حتى سن السابعة.
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «لكل دين خلقه وخلق المؤمن الرفق»(5).
ج - أيتها الأخت الكريمة! إن استخدام أسلوب الشدة والعنف مع الأطفال قد تكون نتائجه الفورية مشهودة أكثر تجعل طفلك يهدأ ويصمت بصورة مؤقتة ولكن كوني على ثقة بأن هذا الأسلوب يترك آثاراً نفسية سيئة عليك وعلى طفلك وعلى جميع أطفالك وهذا ما لا تريدينه بالتأكيد. وقد أشار زوجك إلى نموذج من هذه الحالة في رسالته التالية:
الرسالة:... ومع الأسف فإن ابنتي الكبيرة البالغة من العمر أربعة عشر عاماً قد تربّت ونشأت بهذا الأسلوب. فهي فتاة عنيدة لجوجة قيلة الأدب، ترد على والدتها الصاع صاعين وقد أثر هذا الأسلوب الخاطئ في التربية، أسلوب العنف والشدة والتنازع، على أعصاب ابنتي بحيث باتت عصبية المزاج لا تطيق شيئا وقليلة النشاط والحيوية...
أما أنا فقد كنت شخصاً هادئا صبوراً أحاول أن أهدئها بالنصيحة ولكني الآن تعبت وبت أفقد أعصابي أحياناً مما يزيد الطين بلة وتتفاقم المشاكل ويزداد التوتر في داخل البيت... فكيف أتخلّص من هذه المشكلة وهذا القلق والاضطراب؟ هل بإمكانكم أن تبعثوا برسالة نصح وتوجيه الى زوجتي؟ وهل يمكنكم إرشادها هن خلال برنامج «أسس التعامل الأخلاقي ين أفراد الأسرة»؟ بإمكانكم أن تذكروا اسمي لعلها تنتبه أكثر..
أيها الأخ الكريم! يجب أن يكون دورك دور الطبيب الصبور والرؤوف الحاذق الذي يحتفظ بأسرار مرضاه، لتعالج أخلاق وتصرفات زوجتك السيئة سلوب تربوي يقوم على أساس الرفق والمودة وكن على ثقة بأن الذي يعرف كيفية استخدام هذا الأسلوب بطريقة صحيحة ويستطيع أن يستخدمه بشكل فعلي وعملي إن التوفيق والنجاح سيكون حليفه شرط أن يحافظ الطبيب على هدوئه بشكل كامل فليس صحيحاً أن يواجه الطبيب، مريضه الذي يتلوى ويصرخ من شدة الألم بالصراخ والعصبية والحدة، فالسبيل لإنقاذ المريض من هذا النوع هو أن نزيد من وعيه التربوي ونصحح مفاهيمه ومعتقداته الخاطئة وغير الصحيحة وعندما يفهم بأن السبيل الوحيد لتربية الأطفال ليس ذاك الذي يؤمن به وعندما يزداد اطلاعاً على الأساليب التربوية الصحيحة ويبدأ بتطبيقها فسوف يستعيد نجاحاته ونشاطه السابق على الصعيد التربوي. إن شاء الله.
على أمل أن نستطيع جميعاً أن نكون أشداء على الكفار رحماء فيما بيننا نعطف على الصغار ونحترم الكبار ونكرمهم ونقدر شأنهم ونطبق هذه الأساليب التربوية الصحيحة ونرافق أبناءنا في السير في طريق الصلاح والسداد، ونطلب من الله تعالى التوفيق والعون فهو خير ناصر وخير معين.
_____________________________________
(1) نهج البلاغة ص٥٢٩خطبة رقم٢٦٩، ط. الأعلمي - بيروت.
(2) ميزان الحكمة ج٧، مضمون كلام أمير المؤمنين عليه السلام.
(3) وسائل الشيعة ج١٦ باب ١٠ ح ٤.
(4) غرر الحكم ودرر لكلم.
(5) المصدر نفسه.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|