البيروني

العالم العربي أبو الريحان البيروني (973م – 1048). هو عالم عربي اشتهر كثيراً في مجال الرياضيات والفلك. إضافة إلى العلوم الأخرى. حيث قال عنه العالم السوفياتي⁽¹⁾ كاري تيازوف في سنة 1950: "إن الشيء المميز جداً هو انه على الرغم من بعد عصر البيروني عن عصرنا الحاضر. فإن طرائق بحثه العلمي تتفق أساساً مع الطرائق العصرية". فقد لاحظ البيروني ان حركة الدوران الفلكية تجري تماماً في ضمن اتفاق مع هذه الحركة.

ومع ذلك تبدو هذه مستحيلة لجملة من الأسباب الأخرى . وهذا هو السبب الذي جعل (حركة دوران الأرض) تثير الكل ، ذلك ان المشاهير من الفلكيين القدامى والمعاصرين قد درسوا هذه الحركة، وحاولوا ان ينكروا حركة دوران الأرض. إننا لا نؤمن بالقول فحسب بل بالعمل فعلاً، وإننا فوق هؤلاء الباحثين (بالنسبة لحل هذه المعضلة)..

يعلق العلامة " يولفاكوف" الباحث في حياة البيروني ونشاطه على موقف البيروني من نظرية مركزية الشمس للعالم في كتابه المعنون (حياة البيروني وعمله) متسائلا:

هل كان البيروني قريباً من الحقيقة؟

نعم كرياضي دون ريب. لقد تقبل البيروني من الوجهة الحسابية النظرية دوران الاجسام السماوية حول الشمس. وكذلك الفترة اليومية لدوران الأرض أيضا. وما خلا ذلك فقد عرف صحة تصميم عدد من الآلات الفلكية ولا سيما الاسطرلاب. الذي كان يستند إلى مبدأ الدوران . فقد سرعة دوران النقاط على امتداد خط الاستواء على الأرض بدقة ظاهرة (القانون المسعودي).

الشكل (1) : الاسطرلاب

أداة تستخدم في قياس أوضاع الأجرام السماوية تتكون من دائرة أو مقطع من دائرة معلم بدرجات وبه ذراع متحرك يدور على محور في مركز الدائرة، وعندما تكون نقطة الصفر في الدائرة باتجاه الأفق، يمكن قياس ارتفاع أو زاوية سمت أي كائن فضائي بالنظر على طول الذراع. وتتلخص وظيفة الأسطرلاب في أنه يستخدم في قياس ارتفاع الأجرام السماوية وبالتالي يمكن تحديد خط العرض الذي يقف عليه المراقب والتوقيت الذي يقوم فيه بعملية المراقبة. فقياس ارتفاع النجم الشمالي يعطي خط عرض وارتفاع الشمس وكذا الوقت. كما أنه آلة دقيقة تصور عليها حركة النجوم في السماء حول القطب السماوي. وتستخدم هذه الآلة لحل مشكلات فلكية عديدة، كما تستخدم في الملاحة وفي مجالات المساحة، وتستخدم - إضافة إلى ذلك ـ في تحديد الوقت بدقة ليلاً ونهاراً. ووجه الاسطرلاب يحتوي على خريطة القبة السماوية، كما يحتوي على أداة تشير إلى الجزء المنظور من القبة السماوية في وقت معين. وقد رسمت القبة المنظورة على وجه الاسطرلاب المسطح بطريقة حسابية دقيقة، وهي الطريقة ذاتها التي استخدمت في رسم خريطة العالم (الكرة الأرضية) على مساحة مسطحة وهذه الطريقة تسمح بتحول الدوائر من أشكال كروية إلى أشكال مسطحة دون أي تغيير للقيمة الحقيقية للزاوية التي ترسم بين خطين على الشكل الكروي. وعلى هذا، فإن خط الأفق، وخطوط المدارات، وخط الاستواء، والخطوط السماوية تظل في شكل دوائر، أو في شكل أجزاء من دوائر.

ولا بد من التوضيح بأن نظرية مركزية الشمس للعالم، كانت معروفة إلى مدى معين في القرن الخامس عشر الميلادي على يد (ألغ بيك) المولود 1393م. وكان أولهم وأشهرهم من بعده هو (علي القرشجي) المتوفى سنة 1474 م.

يكمن المصير الخالد لنيكولاس كوبر نيكوس في حقيقته أنه استطاع أن يطور آراء من سبقوه من العلماء. كما تمكن بواسطة الحسابات الرياضية أن يعطي بديلاً شاملاً لنظام مركزية وأن يحدث ثورة أصيلة في العلوم. ونذكر أن الشريف الإدريسي قد كتب (الأرض مدورة كتدوير الكرة)⁽²⁾.

وكتب المسعودي مشيراً إلى كروية الأرض. (الشمس إذا غابت ؛ أقصى الصين كان طلوعها على الجزائر العامة في الأقيانوس الغربي. وإذا غابت هذه - الجزائر، كان طلوعها في أقصى الصين، وذلك نصف دائرة الأرض)⁽³⁾.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إبراهيم مأمونوف. 1977. ص166 – 167 – 173.

(2) الشريف الإدريسي: نزهة المشتاق، ج 1، ص 7.

(3) المسعودي: مروج الذهب، ج 1، ص 86.