أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1821
التاريخ: 1-07-2015
1696
التاريخ: 1-07-2015
1700
التاريخ: 2-7-2019
1792
|
القوى الجسمانية إنّما تؤثّر بمشاركة الوضع:
قال : ( ويشترط في
صدق التأثير على المقارن الوضع ).
أقول : يشترط في صدق
التأثير ـ أعني صدق كون الشيء علّة ـ على المقارن ـ أعني الصور المقارنة للمادّة
والأعراض المقارنة لها ـ الوضع الخاصّ بينه وبين ما يؤثّر هو فيه ، أعني النسبة
الواقعة بينهما.
وذلك لأنّ القوى
الجسمانيّة ـ أعني الصور والأعراض المؤثّرة ـ إنّما تؤثّر بواسطة الوضع على معنى
أنّها تؤثّر في محلّها أوّلا ، ثمّ فيما يجاور محلّها بواسطة تأثيرها في محلّها ،
ثمّ فيما يجاور ذلك المجاور بواسطة المجاور وهكذا إنّما تؤثّر في البعيد بواسطة
تأثيرها في القريب ، فإنّ النار لا تسخّن كلّ شيء بل مادّتها أوّلا ثمّ ما يجاورها
وهذا الحكم بيّن لا يحتاج إلى برهان.
تناهي آثار القوى
الجسمانيّة.
قال : ( والتناهي بحسب المدّة والعدّة والشدّة التي باعتبارها يصدق التناهي وعدمه
الخاصّ على المؤثّر بالنظر إلى آثاره ).
أقول : قوله : « والتناهي » عطف على « الوضع » باعتبار الاستلزام اللازم للاشتراط
، بمعنى أنّ التأثير مستلزم في المقارن ـ أعني الصور والأعراض
ـ لتناهي آثاره ؛ لأنّه لا يمكن وجود قوّة جسمانيّة تقوى على ما لا يتناهى.
بيان ذلك : أنّ التناهي وعدمه الخاصّ به ـ أعني عدم الملكة وهو عدم التناهي عمّا
من شأنه أن يكون متناهيا ـ إنّما يعرضان بالذات للكمّ (1) إمّا المتّصل القارّ كتناهي
المقدار ولا تناهيه ، أو غير القارّ كتناهي الزمان ولا تناهيه ، أو المنفصل كتناهي
العدد ولا تناهيه. ويعرضان لغيره بواسطته كالجسم ذي المقدار والعلل ذوات العدد ، فإذا
وصف مؤثّر بالتناهي أو اللاتناهي ، كان بالنظر إلى آثاره ، ولا بدّ أن يعتبر عدد الآثار
ـ وهو التناهي أو اللاتناهي بحسب العدّة ـ أو زمانها بحسب الزيادة ـ وهو التناهي بحسب
المدّة ـ أو بحسب القوّة من جهة قلّة الزمان ، وهو التناهي بحسب الشدّة.
وبالجملة ، فأصناف
القوى ثلاثة :
الأوّل : قوى يفرض
صدور عمل واحد منها في أزمنة مختلفة كرماة تقطع سهامهم مسافة محدودة في أزمنة
مختلفة ، ولا شكّ أنّ الذي زمانه أقلّ أشدّ قوّة من الذي زمانه أكثر ، فيكون
التأثير على وجه الشدّة باعتبار قلّة الزمان ، ولكنّ اللاتناهي بحسب الشدّة ـ كما
قيل (2) ـ ظاهر البطلان ؛ إذ لا بدّ فيه من كون الحركة الصادرة عنها ـ مثلا ـ في
زمان لم يوجد مثلها في زمان أقلّ منه ، لكن كلّ زمان قابل للقسمة ، فالحركة
الواقعة في نصف ذلك الزمان مع اتّحاد المسافة تكون أسرع ، فمصدرها يكون أشدّ ، فلا
يكون المصدر الأوّل غير متناه في الشدّة والمقدّر خلافه ؛ ولهذا لم يشتغل
بالاحتجاج عليه ، وأقام الحجّة على امتناع اللاتناهي بحسب المدّة والعدّة.
الثاني : قوى يفرض
صدور عمل ما منها على الاتّصال في أزمنة مختلفة كرماة تختلف أزمنة حركات سهامهم في
الهواء ، وهاهنا تكون التي زمانها أكثر أقوى من التي زمانها أقلّ ، فلو كان هنا
عدم تناه لكان باعتبار الزمان ، وهذه قوّة بحسب المدّة.
الثالث : قوى يفرض
صدور أعمال متوالية منها مختلفة بالعدد كرماة يختلف عدد رميهم ، ولا محالة تكون
التي يصدر عنها عدد أكثر أقوى من التي يصدر عنها عدد أقلّ ، وهاهنا يكون عدم
التناهي بحسب العدد ، وهذه قوّة بحسب العدّة.
فقد ظهر من هذا أنّ
التناهي وعدمه الخاصّ به إنّما صدقا على المؤثّر بأحد الاعتبارات الثلاثة.
قال : ( لأنّ القسريّ
يختلف باختلاف القابل ، ومع اتّحاد المبدأ يتفاوت مقابله ).
أقول : لمّا مهّد
قاعدة كيفيّة عروض التناهي وعدمه في القوى شرع في الدليل على مطلوبه ، أعني وجوب
تناهي تأثير القوى الجسمانيّة.
وتقريره : أنّ القوى
الجسمانيّة إمّا أن تكون قسريّة أو طبيعيّة ، وكلاهما يستحيل صدور ما لا يتناهى
عنهما.
أمّا الأولى : فلأنّ
صدور ما لا يتناهى بحسب الشدّة بسببها من الحركات محال ؛ لما مرّ.
وأمّا بحسب العدّة
والمدّة : فلأنّ التأثير القسريّ يختلف باختلاف القابل المقسور ، بمعنى أنّ كلّ ما
كان أكبر كان تحريك القاسر له أضعف ؛ لكون معاوقته وممانعته أكثر وأقوى ، فحينئذ
لو فرضنا جسما متناهيا يحرّك جسما آخر متناهيا من مبدأ مفروض حركات لا تتناهى بحسب
المدّة والعدّة ، ثمّ حرّك بتلك القوّة جسما أصغر من ذلك الجسم من ذلك المبدأ ،
فإنّ تحريكه للأصغر أكثر من تحريكه للأكبر ؛ لقلّة المعاوقة (3) هنا.
ولمّا كان المبدأ
واحدا كان التفاوت في الطرف الآخر الذي هو مقابل المبدأ ، فيلزم تناهي حركة الأكبر
، ويلزم منه تناهي حركة الأصغر ؛ لأنّها إنّما تزيد على حركة الأكبر بقدر زيادة
مقداره على مقداره ، فيلزم تناهي ما فرض عدم تناهيه ، وهذا خلف.
قال العلاّمة ; : «
وهاهنا سؤال صعب ، وهو أنّ التفاوت في التحريكين جاز أن يكون بحسب الشدّة (4).
وأجاب المصنّف عن هذا
السؤال في شرحه للإشارات : بأنّ المراد بالقوّة هنا هي التي لا نهاية لها بحسب
المدّة والعدّة لا الشدّة (5).
وفيه نظر ؛ لأنّ أخذ
القوّة بحسب الاعتبارين لا ينافي وقوع التفاوت بالاعتبار الثالث ». (6)
قال : ( والطبيعي (7)
يختلف باختلاف الفاعل ؛ لتساوي الصغير والكبير في القبول ، فإذا تحرّكا مع اتّحاد
المبدأ ، عرض التناهي ).
أقول : هذا بيان
استحالة القسم الثاني (8) ، وهو أن تكون القوّة المؤثّرة فيما لا يتناهى طبيعيّة.
وتقريره : أنّ
التأثير الطبيعي يختلف باختلاف الفاعل ، بمعنى أنّه كلّما كان الجسم أعظم مقدارا
كانت الطبيعة أقوى تأثيرا ؛ لأنّ القوى الجسمانيّة إنّما تختلف باختلاف محالّها
بالصغر والكبر ؛ لكونها متجزّئة بتجزئتها.
وأمّا قبول الحركة
فالصغير والكبير متساويان فيه ؛ لأنّ ذلك للجسميّة ، وهي فيهما على السويّة، فإذا
فرضنا حركة الصغير والكبير بالطبع من مبدأ معيّن لزم التفاوت في الجانب الآخر؛
ضرورة أنّ الجزء لا يقوى على ما يقوى عليه الكلّ فتنقطع حركة الصغير ، فيلزم منه
انتهاء حركة الكبير ؛ لأنّ نسبة الأثر إلى الآخر كنسبة المؤثّر إلى الآخر ، وهذه
نسبة متناه إلى متناه فكذا الأولى ، فيعرض التناهي مع فرض عدم التناهي ، وهو باطل
؛ فعدم التناهي باطل ، وهو المطلوب.
ولا يخفى أنّ هذا
البحث لا توجّه له عند من قال باستناد الممكنات إلى الله تعالى ، وأنّه لا مؤثّر
في الوجود إلاّ الله ، خلافا للفلاسفة حيث يثبتون التأثير للقوى الجسمانيّة.
__________________
(1) أي العرض الذي يقبل لذاته
القسمة إلى أجزاء قارّة أو غير قارّة أو غير متلاقية ، والأولى كالسطح يسمّى كمّا متصلا
قارّا ، والثاني كالزمان يسمّى كمّا متصلا غير قارّ ، والثالث كالعدد يسمّى كمّا منفصلا.
( منه ; ).
(2) هذا القول للعلاّمة في « كشف المراد » : 125 ، وراجع « شرح تجريد العقائد » : 130.
(3) أي الممانعة بحسب الطبيعة. ( منه ; ).
(4) هذا الاعتراض أورده
الفخر الرازي على ابن سينا كما في « شرح الإشارات والتنبيهات».
(5) « شرح الإشارات
والتنبيهات » 3 : 196.
(6) « كشف المراد » :
126.
(7) معطوف على قوله
المتقدّم : « لأنّ القسريّ ».
(8) انظر : « شرح
الإشارات والتنبيهات » 3 : 199 وما بعدها ، وقد قرّر المحقّق الطوسي هذا البرهان
بعد بيان تمهيد ثلاث مقدّمات أتى بها ابن سينا.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|