أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-12-2021
1988
التاريخ: 19-12-2016
2313
التاريخ: 31-12-2021
2340
التاريخ: 19-4-2016
4986
|
قال الإمام علي (عليه السلام): (السرور يبسط النفس، ويثير النشاط) (1).
وقال (عليه السلام) أيضاً: (ما أودع أحد قلباً سروراً، إلا خلق الله من ذلك السرور لطفاً) (2).
لو راقب الواحد منا نفسه حينما يكون مسروراً، فماذا يشعر؟
بلا ترديد إنه يشعر بانبساط في نفسه، وبإنشراح في صدره، وبإنفتاح في آفاقه، ويتحفز في نشاطه، وتنعكس آثار ذلك النشاط على جسمه وعلى أعماله. ويحدث خلاف ذلك فيما إذا لم يكن مسروراً.
وحيث أن الأمر كذلك، فبماذا يكافئ الناس، المرء حينما يعمل على إدخال السرور إلى قلوبهم، وما يستتبع ذلك من بسط أنفسهم وإثارة النشاط فيهم؟ أليسوا يكافئونه بالمودة والمحبة؟
أجل! إن الناس لا يقدمون إلا الحب والود لمن يسرهم، ويبسط نفوسهم، ويثير النشاط فيهم. لأنه ـ والحال هذه ـ يكون كالوردة التي تقدم لمشاهدها جمالها وألوانها وعطرها، وليس للمشاهد إلا أن يقدم لها إنجذابه وحبه ووده. أليس كذلك؟
والآن هل يريد كل واحد منا أن يصبح وردة بين الناس؟
لا شك في تلك الإرادة. ولذا ليس على الواحد منا إلا أن يسر قلوب الناس. لأن إدخال السرور عليهم من المفاتيح السحرية التي تفتح قلوبهم له، وتجعلهم يودونه ويحبونه. وإذا ما أدخل المرء السرور إلى قلوب الناس، فلن ينبثق من هذا السرور إلا اللطف والود والحب من قبلهم.
ومن أهم الأمور التي تجعل الآخرين مسرورين وسعداء، أن يجدوا من يتحدث لهم في الأمور التي يحبونها وتسرهم وتلذ لهم (*).
وهنا سؤال: هل هناك حدود يلتزمها المرء حينما يتحدث للآخرين في الأمور التي تسرهم وتلذ لهم؟ أم أن له أن يتكلم فيما يسرهم ويلذ لهم كيفما كان ذلك الكلام وبصورة مطلقة؟
بديهة أن المطلوب من المرء ـ لكي يسر به الناس ـ أن يتحدث لهم في المشروع مما يسرهم ويلذ لهم، وليس في أي حديث. بعبارة أخرى: ليس المطلوب من المرء لكي يسر الناس ويسرون به، أن يتنازل عن رسالة الحق في حياته، ويدوس على القيم والمبادئ، فيتكلم فيما يطيب لهم ويرضي شهواتهم وغرائزهم حتى او كان ذلك على حساب الالتزام بقيمة الحق، إذ (لا يطاع الله من حيث يعصى).
وفي مجال إحقاق الحق والدعوة إليه يمكن للمرء في البدء أن ينطلق من الطرف الآخر من القضايا التي يحبها ويرغب إليها، بحيث لا يحلل حراماً، ولا يحرم حلالاً، ثم يعرج بأسلوب فني على ما يريد تبيانه من الحق له، ودعوته إليه. لأنه حينما يتكلم فيما يسر الطرف الآخر، يكون قد قطع مرحلة من مراحل دخوله إلى قلبه، وبالتالي كسبه، والتأثير فيه.
يقول الإمام علي (عليه السلام) ؟: (سرور المؤمن بطاعة ربه، وحزنه على ذنبه) (3).
ومع الحديث مع الطرف الآخر بما يسره ويطيب له من أهم الأمور التي تجعله يسر بالمحدث، فإن هناك قسماً من الناس ينتظرون من غيرهم أن يحبونهم، ولكن أفراد ذلك القسم حينما يتحدثون، ينصب حديثهم على أنفسهم وقراباتهم وعلى الأمور التي تسرهم ويحبونها هم ويميلون إليها، دون أن يحدثوا الطرف الآخر بما يحب، وبما يسره ويلد له ويطيب، الأمر الذي يجعله يشعر بالضجر منهم، وضعف الميل إليهم، والبرود في حبه لهم. ومن هنا فالتحدث فيما يسر الشخص الآخر ويلذ له، من الأمور اللطيفة التي تساعد في الدخول الى قلبه.
في مقال له عن (الطبيعة الإنسانية) كتب أحد أساتذة الأدب: (عندما كنت في الثامنة من عمري، اعتدت أن أمضي عطلة نهاية الأسبوع في ضيافة عمتي. وذات مساء حضر لزيارة عمتي رجل في منتصف العمر، لم أكن رأيته من قبل، وكنت في ذلك الحين شغوفاً بالقوارب، فما أن علم الزائر بذلك، حتى صب حديثه معي عن القوارب، وكل ما يتصل بها).
(وقد ترك حديثه في نفسي أحسن الأثر وأبقاه. فلما انصرف، سألت عمتي: من هو؟، وما سبب اهتمامه بالقوارب؟، فأنبأتني عمتي أنه محام، وأنه لم يهو القوارب في يوم من الأيام! فسألتها: لماذا ـ إذن ـ صب حديثه كله عن القوارب؟ فقالت: لأنه رجل لطيف الشمائل، رأى أنك مهتم بالقوارب، فتكلم عن الشيء الذي عرف أنه يهمك أكثر من سواه).
وهكذا فإذا جمع المجلس المرء مع شخص، أو جماعة، وكانوا يتحدثون في موضوع خير يميلون إليه، ويرغبون فيه، فلا يزدر فيهم ذلك الميل والرغبة، بل ليشجعهم على ذلك، وإن استطاع أن يشاركهم فلا بأس بذلك، شريطة أن يكون الحديث في الحدود المشروعة، وسيجد أنهم يسرون به، ويحبونه، وينجذبون إليه كما ينجذب النحل إلى رحيق الأزهار.
وحيث أن إدخال السرور على الناس وسيلة مؤثرة في مجال كسب ودهم وحبهم، فإن من الخليق بالمرء لكي يكون محبوباً، أن يتوسل بكل ما من شأنه إدخال السرور إلى قلوبهم، ومن ذلك: استعمال المداعبة والمفاكهة والمطايبة (**). فبديهة أن الناس تنجذب إلى المرء الدعب الفكه المطايب، وتحبه.
والآن فلكي يسر الناس بالمرء، ويصبح محبوباً بينهم، ليكن حكيماً في أن يدخل السرور إلى قلوبهم، وأن يتحدث فيما يسرهم ويلذ لهم ويطيب وأن يعلل طبعه ومعاملته بشيء من الدعابة والمطايبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الغرر والدرر.
(2) المصدر السابق.
(*) ومن الأمور الأخرى التي تدخل السرور الى قلوب الآخرين: بث روح الايجاب فيهم، وتشجيعهم فيما يقومون به من أعمال خيرة، وامتداح اجاداتهم، وحسن البشر، وطلاقة الوجه، والابتسام.
(3) المصدر السابق.
(**) ومن الأمور التي تدخل السرور الى قلب الشخص الآخر: طرائف الحكم، والنوادر والفكاهات والطرائف، والمزح المعقول، وعموم المداعبات والمطايبات المعقولة والمشروعة.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|