أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-08-2015
1874
التاريخ: 4-12-2018
1295
التاريخ: 1-7-2019
1697
التاريخ: 9-2-2018
24768
|
قال : ( ومنها القدرة ، وتفارق الطبيعة والمزاج بمقارنة الشعور والمغايرة في التابع ).
أقول : ...
أشار بقوله : « ومنها » إلى كونها من الكيفيّات النفسانيّة ؛ لأنّها صفة قائمة
بذوات الأنفس.
واعلم أنّ
الجسم ـ من حيث هو ـ غير مؤثّر ، وإلاّ لتساوت الأجسام في ذلك ، وإنّما يؤثّر
باعتبار صفة قائمة به ، فالصفة المؤثّرة إمّا أن تؤثّر مع الشعور أو بدونه ، وعلى
كلا التقديرين إمّا أن يتشابه التأثير أو يختلف ، فالأقسام أربعة :
أحدها :
الصفة المقترنة بالشعور المتّفقة في التأثير ، وهي القوّة الفلكيّة.
الثانية :
المقترنة بالشعور المختلفة في التأثير ، وهي القوّة الحيوانيّة ، أعني القدرة التي
يأتي البحث عن أحكامها.
الثالثة :
الصفة المؤثّرة غير المقترنة بالقصد والشعور المتّحدة في التأثير ، وهي الطبيعة.
الرابعة :
الصفة المؤثّرة غير المقترنة بالشعور المختلفة في التأثير ، وتسمّى النفس
النباتيّة.
إذا عرفت
هذا ، فنقول : القدرة صفة مؤثّرة على وفق الإرادة في الأفعال المتعدّدة ، وهي
مغايرة للطبيعة والمزاج.
أمّا
الأوّل : فلوجوب اقترانها بالشعور ، بخلاف الطبيعة.
وأمّا
الثاني : فلأنّ المزاج كيفيّة متوسّطة بين الحرارة والبرودة ، فتكون من جنسهما
فتكون تابعة ، أعني تأثيره من جنس تأثيرهما.
وأمّا
القدرة فإنّ تأثيرها مضادّ لتأثيرهما.
وإلى هذا
أشار بقوله : « والمغايرة في التابع » ففي الكلام لفّ ونشر مرتّب مع احتياج قوله :
« في التابع » إلى التكلّف ، كما لا يخفى.
قال : (
مصحّحة للفعل بالنسبة ).
أقول :
القدرة صفة تقتضي صحّة الفعل من الفاعل لا إيجابه ؛ فإنّ القادر هو الذي يصحّ منه
الفعل والترك معا فلو اقتضت الإيجاب لزم المحال ، وهو اجتماع الضدّين في الوجود.
ومعنى
قوله : « بالنسبة » أي باعتبار نسبة الفعل إلى الفاعل ، وذلك لأنّ الفعل صحيح في
نفسه لا يجوز أن يكون للقدرة مدخل في صحّته الذاتيّة ؛ لأنّ الإمكان للممكن واجب ،
أمّا نسبته إلى الفاعل فجاز أن تكون معلّلة بالقدرة.
هذا هو
الذي فهمناه من قوله : « بالنسبة ».
قال : (
وتعلّقها بالطرفين على السواء ).
أقول :
المشهور (1) من مذهب الحكماء والمعتزلة والإماميّة أنّ القدرة متعلّقة بالضدّين.
وقالت
الأشاعرة (2) : إنّما تتعلّق بطرف واحد ؛ لأنّ القدرة عندهم مع الفعل لا قبله ،
فلا تتعلّق بالضدّين ، وإلاّ يلزم اجتماعهما ؛ لوجوب مقارنتهما لتلك القدرة
المتعلّقة بهما. وفيه نظر ؛ لأنّ القدرة هي مبدأ الأفعال المختلفة بحيث متى انضمّت
إليها إرادة أحد الضدّين حصل ذلك الضدّ ، ومتى انضمّت إليها إرادة الضدّ الآخر حصل
ذلك الآخر ، ولا شكّ أنّ نسبتها إلى الضدّين على السواء ، وإلاّ لم يكن بين القادر
والموجب فرق.
قال : (
وتتقدّم الفعل ؛ لتكليف الكافر ، وللتنافي ، وللزوم أحد المحالين لولاه ).
أقول :
المراد أنّ القدرة قبل الفعل ، كما عن الحكماء والمعتزلة (3).
وقالت
الأشاعرة (4) : إنّها مقارنة للفعل.
والضرورة
قاضية ببطلان هذا المذهب ؛ فإنّ القاعد يمكنه القيام قطعا.
والأشاعرة
بنوا مقالتهم على أصل لهم ... وهو أنّ العرض لا يبقى.
ثمّ إنّ
المعتزلة استدلّوا على مقالتهم بوجوه ثلاثة (5) :
الأوّل :
أنّ القدرة لو لم تتقدّم الفعل قبح تكليف الكافر ، والتالي باطل بالإجماع ،
فالمقدّم مثله.
بيان
الملازمة : أنّ التكليف بما لا يطاق قبيح ، فلو لم يكن الكافر متمكّنا من الإيمان
حال كفره ، لزم التكليف بما لا يطاق وهو غير واقع ؛ لقوله تعالى {لَا يُكَلِّفُ
اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
الثاني :
أنّه لو لم تكن القدرة قبل الفعل لزم التنافي.
وبيان
الملازمة : أنّ القدرة محتاج إليها لإخراج الفعل من العدم إلى الوجود ، وكونها مع
الفعل لا قبله يلزمه أن يستغنى عنها ؛ لأنّه حال وجود الفعل صار الفعل موجودا فلا
حاجة إليها ، مع أنّ الفعل إنّما يخرج بالقدرة.
وإلى هذا
أشار بقوله : « وللتنافي ».
الثالث :
أنّه لو لم تكن القدرة متقدّمة لزم إمّا حدوث قدرة الله تعالى ، أو قدم الفعل
والعالم ؛ ضرورة عدم انفكاك أحدهما عن الآخر.
والقسمان
محالان ؛ لأنّ قدرة الله عين ذاته تعالى ، وحدوثها يستلزم حدوث الواجب ، وهو محال
بالبديهة. وعلى تقدير الزيادة يلزم نقيض الواجب ، وهو أيضا محال مناف لوجوب الوجود
، وكذا قدم العالم ... فالمقدّم باطل.
وإلى هذا
أشار بقوله : « وللزوم أحد المحالين لولاه » أي لو لا التقدّم.
قال : (
ولا يتّحد وقوع المقدور مع تعدّد القادر ).
أقول :
المراد أنّه لا يمكن وقوع المقدور الواحد بقادرين مستقلّين ... من امتناع اجتماع
علّتين مستقلّتين في معلول واحد شخصيّ.
والدليل
عليه أنّه لو وقع بهما لزم استغناؤه بكلّ واحد منهما حال حاجته إليه ، وهو باطل
بالضرورة.
ويمكن
تعلّق القادرين بمقدور واحد بأن يكون ذلك الشيء مقدورا لكلّ واحد منهما وإن لم يقع
إلاّ بأحدهما ؛ ولهذا قال : « ولا يتّحد وقوع المقدور » ولم يقل : ولا يتّحد
المقدور.
ومن زعم
أنّ القدرة قد تكون كاسبة لا مؤثّرة (6) ، فقد جوّز اجتماع قدرتين : كاسبة ومؤثّرة
على مقدور واحد بكون الكاسبة متعلّقة من غير تأثير.
وهو باطل
؛ لما سبق.
قال : (
ولا استبعاد في تماثلها ).
أقول :
ذهب قوم من المعتزلة (7) إلى أنّ أفراد القدرة مختلفة. وهو مبنيّ على أصل لهم ،
وهو: أنّه لا تجتمع قدرتان لقادر واحد على مقدور واحد ، وإلاّ لأمكن اتّصاف ذاتين
بهما ، فيجتمع على المقدور الواحد قادران ، وهو محال ؛ لما مرّ.
وإذا ثبت
امتناع اجتماع قدرتين على مقدور [ واحد ] (8) ثبت اختلاف القدرة ، بمعنى أنّ قدرة
شخص على مقدور يمتنع أن تكون متماثلة لقدرة الآخر ؛ لأنّ التماثل في المتعلّق
يستلزم اتّحاد المتعلّق ؛ لاتّحاد الاقتضاء.
ونحن لمّا
جوّزنا تعلّق القادرين بمقدور واحد اندفع هذا الدليل ، وحينئذ يجوز وقوع التماثل
فيها كغيرها من الأعراض ؛ لأنّ حال القدرتين كحال القادرين ، فيجوز تعلّقهما
بمقدور واحد شخصيّ تبادلا لا تناولا ، فإذا وقع بإحداهما امتنع أن يقع بالأخرى ؛
لما سبق.
قال : (
وتقابل العجز تقابل الملكة والعدم ).
أقول :
هذا إشارة إلى بيان ما هو الحقّ فيما اختلفوا فيه من أنّ التقابل بين القدرة
والعجز تقابل التضادّ أو تقابل العدم والملكة ؛ إذ العجز عند الأوائل وبعض
المعتزلة (9) ـ على ما حكي ـ عدم القدرة عمّا من شأنه أن يكون قادرا ، فهو عدم
ملكة القدرة.
وذهب
الأشعريّة وجمهور المعتزلة (10) ـ على ما حكي ـ إلى أنّه معنى يضادّ القدرة ؛ لأنّه
ليس جعل العجز عدما للقدرة أولى من العكس.
وهو خطأ ؛
لأنّه لا يلزم من عدم الأولويّة عندهم عدمها في نفس الأمر ، ولا من عدمها في نفس
الأمر ثبوت معنى وجوديّ للعجز ، بل الحقّ ـ كما اختاره المصنّف ; ـ أنّه عرض عدميّ
مقابل القدرة.
أمّا كونه
عرضا : فللتفرقة الضروريّة بين الزمن والممنوع من القيام.
وأمّا
كونه عدميّا فلأنّ المعقول من القدرة هو التمكّن أو ما هو علّة له ، ومن العجز
عدمه.
قال : (
وتغاير الخلق لتضادّ أحكامهما ، والفعل ).
أقول :
الخلق ملكة نفسانيّة تصدر بها عن النفس أفعال بسهولة من غير سابقة فكر ورويّة ،
فهو مغاير للقدرة ؛ لتضادّ أحكامها ؛ لأنّ القدرة تساوي نسبتها إلى الضدّين ،
والخلق ليس كذلك ؛ لتعلّقه بالوجود خاصّة ، وتضادّ الحكم يقتضي تضادّ منشئه. وكذا
الخلق يغاير الفعل ؛ لأنّ الفعل متعلّقه ، مع أنّه قد يصدر على وجه التكلّف من دون
سهولة ، وقد يكون على خلاف مقتضى الخلق ، كالغضب من الحليم الخليق في غير موضعه.
ولا يخفى
أنّ هذه العبارة لا تخلو من إيراد ؛ فإنّ قوله : « والفعل » عطف على قوله : «الخلق»
نظرا إلى الظاهر ، فيصير المعنى أنّ القدرة تغاير الفعل ، لا أنّ الخلق يغايره.
وفي بعض
النسخ هكذا « ويضادّ الخلق القدرة لتضادّ أحكامهما ، والفعل » وعلى هذا لا يرد ما
ذكر ، ولكن يرد أنّ تضادّ العرضين مستلزم لتغاير محلّيهما.
والظاهر
جواز اجتماعهما في محلّ واحد بالقياس إلى فعل واحد.
اللهمّ
إلاّ أن يكتفى في التضادّ بمجرّد امتناع الاجتماع في الصدق ، أو كون ذلك هو المراد
، فافهم.
__________________
(1) انظر : « نقد المحصّل » : 167 ؛ « شرح الأصول الخمسة » : 397 وما بعدها
وفيه نسب هذا القول إلى الثانية من فرقتي الأشاعرة ، ونقله في « شرح المواقف » 6 :
102 و « شرح المقاصد » عن أكثر المعتزلة ؛ « نهاية المرام » 2 : 261 ـ 267 ؛ « نهج
الحقّ وكشف الصدق » : 131 ؛ « إرشاد الطالبين » : 96.
(2) « المحصّل » : 254 ـ 255 ؛ « المباحث المشرقيّة » 1 : 506 ـ 507 ؛
« شرح المواقف » 6 : 102 ـ 106 ؛ « شرح المقاصد » 2 : 357 ـ 360 ؛ « شرح تجريد العقائد»:
273 ـ 274.
(3) « الشفاء » الإلهيّات : 176 وما بعدها ؛ « شرح الأصول الخمسة » :
396 وما بعدها ، والإماميّة قالت : إنّ القدرة متقدّمة على الفعل ، كما في « نهاية
المرام » 2 : 248 ؛ « مناهج اليقين » : 79 ؛ « نهج الحقّ وكشف الصدق » : 1290 ؛ « إرشاد
الطالبين » : 95.
(4) « المباحث المشرقيّة » 1 : 505 ـ 506 ؛ « المحصّل » : 353 ؛ « شرح
المواقف » 6: 88 وما بعدها ؛ « شرح المقاصد » 2 : 354 ؛ « شرح تجريد العقائد » :
374.
(5) لمزيد الاطّلاع حول أدلّة المعتزلة انظر : « شرح الأصول الخمسة »
: 396 ؛ « المحصّل » : 253 ـ 254 ؛ « نهاية المرام » 2 : 250 ـ 255 ؛ « نهج الحقّ وكشف
الصدق» : 129 ـ 130 ؛ « شرح المواقف » 6 : 93 ـ 98 ؛ « شرح المقاصد » 2 : 355 ـ
357 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 274 ـ 275.
(6) زعمه الأشعري وأصحابه ، على ما في « شرح المواقف » 6 : 84 ـ 86 ؛
« شرح المقاصد » 2 : 358 ـ 360 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 275.
(7) انظر : « مناهج اليقين » 82 ـ 83 ؛ « شرح المواقف » 6 : 119 ـ
120 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 276 ؛ « شوارق الإلهام » : 446.
(8) الزيادة أضفناها من « كشف المراد ».
(9) نقل عن أبي هاشم والأصمّ في « شرح المواقف » 6 : 106 ، وعن أبي هاشم
في « شرح المقاصد » 2 : 361 و « شرح تجريد العقائد » : 276.
(10) نقل عن الأشاعرة فقط في « المحصّل » : 255 ، وعنهم وعن جمهور المعتزلة
في « شرح المواقف » 6 : 106 ، وعن بعض المعتزلة في « شرح الأصول الخمسة » : 430 ، وعن
الأشاعرة وأبي عليّ وأبي هاشم في أحد أقواله في « مناهج اليقين » : 85.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|