أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
2017
التاريخ: 1-07-2015
1904
التاريخ: 1-07-2015
1605
التاريخ: 1-07-2015
1655
|
قال : ( ويقال للأوّل : التناقض ، ويتحقّق في القضايا بشرائط ثمانية ).
أقول : تقابل السلب والإيجاب إن أخذ في المفردات ، كقولنا : « زيد
» « لا زيد » فهو تقابل العدم والملكة.
وإن أخذ في القضايا ، سمّي تناقضا ، كقولنا : « زيد كاتب »
« زيد ليس بكاتب ».
وقد يقال : تقابل الإيجاب والسلب يسمّى بالتناقض ، سواء كان
بين المفردات أو بين القضايا. ولكن لمّا لم يتعلّق غرض يعتدّ به بالتناقض بين
المفردات ، خصّصوا نظرهم بالتناقض بين القضايا (1).
وتحقّق التناقض في المفردات لا يتوقّف على شرط ؛ فإنّ كلّ
مفهوم دخل عليه حرف السلب يكون نقيضا للآخر من غير اشتراط بشرط ، بخلاف التناقض في
القضايا ؛ فإنّه إنّما يتحقّق بثمانية شرائط :
الأوّل
: وحدة الموضوع فيهما ، فلو قلنا : « زيد كاتب » «
عمرو ليس بكاتب » لم يتناقضا وصدقا معا.
الثاني
: وحدة المحمول ، فقولنا : « زيد كاتب » « زيد ليس
بنجّار » لم يتناقضا ، وصدقا معا.
الثالث
: وحدة الزمان ، فلو قلنا : « زيد موجود الآن » «
زيد ليس بموجود أمس » أمكن صدقهما.
الرابع
: وحدة المكان ، فلو قلنا : « زيد موجود في الدار
» « زيد ليس بموجود في السوق » أمكن صدقهما.
الخامس
: وحدة الإضافة ، فلو قلنا : « زيد أب لخالد » «
زيد ليس بأب لعمرو » أمكن صدقهما.
السادس
: وحدة الكلّ أو الجزء ، فلو قلنا : « الزنجي أسود
» أي بعضه ، « الزنجي ليس بأسود » أي ليس كلّه ، كذلك أمكن صدقهما.
السابع
: وحدة الشرط ، فلو قلنا : « الأسود قابض للبصر »
أي بشرط السواد ، و « الأسود ليس بقابض للبصر » أي لا بشرط السواد ، أمكن صدقهما.
الثامن : وحدة القوّة أو الفعل ، فلو قلنا : « الخمر مسكر بالقوّة »
« الخمر ليس بمسكر بالفعل» لم يتناقضا ، وصدقا معا.
قال : (
هذا في القضايا الشخصيّة ، أمّا المحصورة فبشرط تاسع وهو الاختلاف فيه ؛ فإنّ
الكلّيّة ضدّ ، والجزئيّتان صادقتان ).
أقول : اعلم أنّ القضيّة إمّا شخصيّة أو مسوّرة أو مهملة ؛ وذلك
لأنّ الموضوع إن كان شخصيّا كزيد ، سمّيت القضيّة شخصيّة ، وإن كان كلّيّا صدق على
كثيرين فإمّا أن يتعرّض للكلّيّة والجزئيّة فيه أو لا. والأوّل هو القضيّة
المسوّرة ، كقولنا : « كلّ إنسان حيوان » و « بعض الحيوان إنسان » و « لا شيء من
الإنسان بحجر » و « بعض الإنسان ليس بكاتب ». والثاني هو المهملة ، كقولنا : «
الإنسان ضاحك » وهذه في قوّة الجزئيّة ، فالبحث عن الجزئية يغني عن البحث عنها.
إذا عرفت هذا ، فنقول : الشرائط الثمانيّة كافية في القضيّة
الشخصيّة. فأمّا المحصورة فلا بدّ فيها من شرط تاسع وهو الاختلاف بالكمّ ؛ فإنّ
الكلّيّتين متضادّتان لا تصدقان ، ويمكن كذبهما ، كقولنا : « كلّ حيوان إنسان » و
« لا شيء من الحيوان بإنسان ». والجزئيّتان قد تصدقان ، كقولنا : « بعض الحيوان
إنسان » و « بعض الحيوان ليس بإنسان ».
أمّا الكلّيّة والجزئيّة فلا يمكن صدقهما البتّة ولا كذبهما
، كقولنا : « كلّ إنسان حيوان » و «بعض الإنسان ليس بحيوان » فهما المتناقضان.
قال: (
وفي الموجّهات عاشر ، وهو الاختلاف في الجهة أيضا بحيث لا يمكن اجتماعهما صدقا
وكذبا ).
أقول: المراد أنّه لا بدّ في القضايا الموجّهة من الاختلاف بالجهة
بحيث لا يمكن صدقهما معا ولا كذبهما.
والمراد بالجهة كيفيّة النسبة من الضرورة والدوام والإمكان
والإطلاق؛ فإنّهما لو لم يختلفا في الجهة ، أمكن صدقهما أو كذبهما كالممكنتين؛
فإنّهما تصدقان مع الشرائط التسعة ، كقولنا : «بعض الإنسان كاتب بالإمكان » و « لا
شيء من الإنسان بكاتب بالإمكان » وكالضروريّتين؛ فإنّهما تكذبان ، كقولنا : « بعض
الإنسان كاتب بالضرورة » و « لا شيء من الإنسان بكاتب بالضرورة » وليس مطلق
الاختلاف في الجهة كافيا في التناقض ما لم يكن اختلافا لا يمكن اجتماعهما معه ؛
فإنّ الممكنة والمطلقة المتخالفتين كمّا وكيفا لا تتناقضان.
وكذا المطلقة والدائمة في المادّة المذكورة.
ولكن لا يخفى أنّه إذا اعتبر في قضيّة جهة من الجهات
كالضرورة والدوام والإمكان والإطلاق فلا بدّ أن يعتبر في نقيضها رفع تلك الجهة الشخصيّة
، فعلى هذا يتحقّق التناقض فيما ذكر إذا لوحظ في النفي الجهة الشخصيّة التي توجّه
إليها الإثبات.
فالأولى أن يقال : إنّه يشترط في القضايا الموجّهة اتّحاد
الجهة في حصول التناقض ، بمعنى أنّه إذا توجّه النفي ـ بعد تحقّق الوحدات الثمان ـ
إلى ما توجّه إليه الإثبات ، لا يتحقّق التناقض إلاّ بوحدة الجهة الشخصيّة حقيقة
أو حكما ، كما إذا كان الإثبات على وجه الضرورة المستلزمة للإمكان ، وكان النفي
متوجّها إلى الإمكان ونحو ذلك.
ويشهد على ذلك أنّ العلماء يحكمون بانتفاء التناقض باختلاف
الجهة التقييديّة الراجعة إلى اختلاف جهة النسبة في نحو الحكم بصحّة الصلاة في
الدار المغصوبة وعصيان المصلّي ، بواسطة أنّ الصلاة من جهة الماهيّة مطلوبة ومن
جهة التشخّص غصب مبغوضة ؛ فإنّ ذلك راجع إلى القول بأنّ الصلاة مطلوبة بالضرورة
بالذات ما دامت صلاة أو في وقت معيّن أو في وقت ما على سبيل الضروريّة المطلقة أو
الضروريّة الوقتيّة أو الضروريّة المنتشرة ، وإلى القول بأنّ الصلاة مبغوضة
ومحرّمة ما دامت مع التشخّص الغصبي بالضرورة أو بالدوام على سبيل المشروطة العامّة
أو العرفيّة العامّة ، فبسبب اختلاف الجهة ارتفع التناقض.
فلا بدّ من اشتراط وحدة الجهة الشخصيّة في تحقّق التناقض
مضافا إلى الوحدات الثمان حتّى تكون الشرائط تسع وحدات مع الاختلاف في الكمّ
والكيف.
قال : (
وإذا قيّد العدم بالملكة في القضايا سمّيت معدولة ، وهي تقابل الوجوديّة صدقا لا
كذبا ؛ لإمكان عدم الموضوع ، فيصدق مقابلاهما ).
أقول : لمّا ذكر حكما من أحكام التناقض ، شرع في بيان حكم من أحكام
تقابل العدم والملكة ، وهو أنّ العدم إذا اعتبر في القضايا ، سمّيت القضيّة معدولة
، وهي ما تأخّر فيها حرف السلب عن الربط ، كقولنا : « زيد هو ليس بكاتب ». ومثله
ما كان محمولها مفهوما عدميّا وعبّر عنه بلفظ محصّل ، كقولنا : « زيد أعمى » أو «
جاهل ».
وهي تقابل الوجوديّة التي هي عبارة عن الموجبة المحصّلة
صدقا كقولنا : « زيد كاتب » و «زيد لا كاتب » ؛ لامتناع صدق الكتابة وعدمها على
موضوع واحد في وقت واحد من جهة واحدة ، لا كذبا ، فيجوز كذبهما معا عند عدم
الموضوع ؛ إذ الموجبة إنّما تصدق عند وجود الموضوع ، وإذا كذبتا حينئذ صدق مقابل
كلّ واحدة منها ، فيصدق مقابل الموجبة المعدولة ، وهي السالبة المعدولة ، كقولنا :
« زيد ليس بلا كاتب » مقابل الموجبة ، وهي السالبة المحصّلة، كقولنا : « زيد ليس
بكاتب » ؛ لإمكان صدق السلب في الصورتين عن الموضوع المعدوم.
قال : (
وقد يستلزم الموضوع أحد الضدّين بعينه أو لا بعينه ، أو لا يستلزم شيئا منهما عند
الخلوّ أو الاتّصاف بالوسط ).
أقول : هذه أحكام التضادّ ، وهي أربعة :
الأوّل : أنّ أحد الضدّين بعينه قد يكون لازما للموضوع كبياض
الثلج ، وقد لا يكون لازما ، فإمّا أن يكون أحدهما لا بعينه لازما للموضوع كالصحّة
والمرض للبدن ، أو لا يكون. وعلى الثاني فإمّا أن يخلو عنهما معا كالفلك الخالي من
الحرارة والبرودة ، والشفّاف الخالي عن السواد والبياض ، أو يتّصف بالوسط كالفاتر
المتوسّط بين الحارّ والبارد.
قال : ( ولا يعقل للواحد ضدّان ).
أقول : هذا حكم ثان للتضادّ ، وهو أنّه لا يعرض بالنسبة إلى
شيء واحد إلاّ تضادّ الواحد ، فلا يضادّ الواحد الاثنين ؛ لأنّ الواحد إذا ضادّ
اثنين فإمّا بجهة واحدة أو بجهتين ، فإن كان بجهة واحدة فهو المطلوب ، وهو أنّ ضدّ
الواحد واحد ، وهو ذلك القدر المشترك بينهما. وإن كان بجهتين كان ذلك وجوها من
التضادّ لا وجها واحدا وليس البحث فيه.
قال : ( وهو منفيّ عن الأجناس ).
أقول : هذا حكم ثالث للتضادّ ، وهو أنّه منفيّ عن الأجناس
فلا تضادّ بينها ؛ للاستقراء المفيد لانحصار التضادّ بين الأنواع الأخيرة المندرجة
تحت جنس واحد قريب كالسواد والبياض المندرجين تحت اللون الذي هو جنسهما القريب.
ولا ينتقض بالخير والشرّ ؛ لأنّهما ليسا جنسين لما تحتهما ؛
لأنّا قد نعقل ما يطلق عليه الخير والشرّ مع الذهول عن كونه خيرا وشرّا ، ولا
ضدّين من حيث ذاتيهما ، بل تقابلهما من حيث الكماليّة والنقص.
قال : ( ومشروط في الأنواع باتّحاد الجنس ).
أقول : هذا حكم رابع للتضادّ العارض للأنواع ، وهو اندراج
تلك الأنواع تحت جنس واحد أخير كالسواد والبياض المذكورين.
ولا ينتقض بالشجاعة والتهوّر ؛ لأنّ تقابلهما من حيث
الفضيلة والرذيلة العارضتين ؛ لمثل ما مرّ.
قال : ( وجعل الجنس والفصل واحدا ).
أقول : الجنس والفصل في الخارج شيء واحد ؛ فإنّه لا يعقل
حيوانيّة مطلقة موجودة بانفرادها انضمّت إليها الناطقيّة فصارت إنسانا ، بل
الحيوانيّة في الخارج هي الناطقيّة ، فوجودهما واحد...
والذي يخطر لنا أنّ الغرض بذكرها هاهنا الجواب عن إشكال
يورد على اشتراط دخول الضدّين تحت جنس واحد.
وتقريره : أنّ كلّ واحد من الضدّين قد اشتمل على جنس وفصل ،
والجنس لا يقع به تضادّ ، لأنّه واحد فيهما ، فإن وقع تضادّ فإنّما يقع بالفصول ،
لكنّ الفصل لا يجب اندراجه تحت جنس واحد ، وإلاّ لزم التسلسل ، فلا تضادّ حقيقيّ
في النوعين ، بل في الفصلين اللّذين لا يجب دخولهما تحت جنس واحد ، فلا وجه
لاشتراط اندراج الأنواع المتضادّة تحت جنس واحد.
وتقرير الجواب : أنّ الفصل والجنس واحد في الأعيان ، وإنّما
يتميّزان في العقل ، فجعلهما واحدا هو جعل النوع ، فكان التضادّ عارضا في الحقيقة
للأنواع لا للفصول الاعتباريّة ؛ لأنّ التضادّ إنّما هو في الوجود لا في الأمور
الاعتباريّة.
فهذا ما فهمته من هذا الكلام. ولعلّ غيري يفهم منه غير ذلك.
والإيراد بأنّ التضادّ كثيرا ما يكون بين الأمور
الاعتباريّة كمفهومي الجنسيّة والفصليّة ، فإنّهما متضادّان مع أنّهما من ثواني
المعقولات. ولو سلّم أنّ التضادّ لا يكون إلاّ بين الأمور الموجودة في الأعيان ،
فلا شكّ أنّ وجود النوع في الأعيان إنّما هو بمعنى أنّ في الأعيان أمرا يطابقه ،
وكلّ من الجنس والفصل أيضا موجود بهذا المعنى في الأعيان (2) غير وارد بعد اعتبار
الوجود في التضادّ ، كما مرّ.
ووجود النوع ليس بالمعنى المذكور ؛ لأنّ الحقّ وجود الكلّيّ
الطبيعيّ حقيقة بسبب وجود أشخاصه ؛ لما مرّ.
وأمّا الأجزاء العقليّة فهي اعتباريّة سيّما عند المصنّف.
__________________
(1)
نسبه القوشجي في « شرح عقائد التجريد » إلى بعض المحقّقين ، والظاهر أنّه الشريف
الجرجاني في حاشيته على الشمسية. انظر في ذلك « شروح الشمسية » 2 : 117 ـ 118.
(2) ذكره القوشجي في « شرح عقائد التجريد » : 112.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|